[البقرة : 51] وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ
(وإذ واعدنا) بألف ودونها (موسى أربعين ليلة) نعطيه عند انقضائها التوراة لتعملوا بها (ثم اتخذتم العجل) الذي صاغه لكم السامريُّ إلها (من بعده) أي بعد ذهابه إلى ميعادنا (وأنتم ظالمون) باتخاذه لوضعكم العبادة في غير محلها
اختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأ بعضهم: " واعدنا" بمعنى أن الله تعالى واعد موسى موافاة الطور لمناجاته، فكانت المواعدة من الله لموسى، ومن موسى لربه. وكان من حجتهم على اختيارهم قراءة "واعدنا" على "وعدنا"، أن قالوا: كل اتعاد كان بين اثنين للالتقاء والاجتماع، فكل واحد منهما مواعد صاحبه ذلك. فلذلك زعموا وجب أن يقضى لقراءة من قرأ "واعدنا " بالإختيار على قراءة من قرأ "وعدنا ".
وقرأ بعضهم: "وعدنا"، بمعنى أن الله الواعد والمنفرد بالوعد دونه. وكان من حجتهم في اختيارهم ذلك أن قالواة إنما تكون المواعدة بين البشر، فأما الله جل ثناؤه، فإنه المنفرد بالوعد والوعيد في كل خير وشر. قالوا: وبذلك جاء التنزيل في القرآن كله، فقال جل ثناؤه: "إن الله وعدكم وعد الحق" ( إبراهيم: 22) وقال: "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم" ( الأنفال: 7). قالوا: فكذلك الواجب أن يكون هو المنفرد بالوعد في قوله: "وإذ واعدنا موسى".
والصواب عندنا في ذلك من القول: أنهما قراءتان قد جاءت بهما الأمة وقرأت بهما القرأة،وليس في القراءة بإحداهما إبطال معنى الأخرى، وإن كان في إحداهما زيادة معنى على الأخرى من جهة الظاهر والتلاوة، فأما من جهة المفهوم بهما، فهما متفقتان. وذلك أن من أخبر عن شخص أنه وعد غيره اللقاء بموضع من المواضع، فمعلوم أن الموعود ذلك واعد صاحبه من لقائه بذلك المكان، مثل الذي وعده من ذلك صاحبه، إذا كان وعده ما وعده إياه من ذلك عن اتفاق منهما عليه. ومعلوم أن موسى صلوات الله عليه لم يعده ربه الطور إلا عن رضا موسى بذلك، إذ كان موسى غير مشكوك فيه أنه كان بكل ما أمر الله به راضيًا، وإلى محبته فيه مسارعاً. ومعقول أن الله تعالى لم يعد موسى ذلك، إلا وموسى إليه مستجيب. وإذ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الله عز ذكره كان وعد موسى الطور، ووعده موسى اللقاء. فكان الله عز ذكره لموسى واعدًا مواعدًا له المناجاة على الطور، وكان موسى واعدًا لربه مواعدًا له اللقاء. فبأي القراءتين من وعد و واعد قرأ القارىء، فهو للحق في ذلك من جهة التأويل واللغة مصيب، لما وصفنا من العلل قبل.
ولا معنى لقول القائل: إنما تكون المواعدة بين البشر، وأن الله بالوعد والوعيد منفرد في كل خير وشر. وذلك أن انفراد الله بالوعد والوعيد في الثواب والعقاب، والخير والشر، والنفع والضر الذي هو بيده وإليه دون سائر خلقه لا يحيل الكلام الجاري بين الناس في استعمالهم إياه عن وجوهه، ولا يغيره عن معانيه. والجاري بين الناس من الكلام المفهوم ما وصفنا: من أن كل اتعاد كان بين اثنين، فهو وعد من كل واحد منهما صاحبه، ومواعدة بينهما، وأن كل واحد منهما واعد صاحبه مواعد. وأن الوعد الذي يكون به الانفراد من الواعد دون الموعود، إنما هو ما كان بمعنى الوعد الذي هو خلاف الوعيد.
القول في تأويل قوله تعالى ذكره: "موسى".
وموسى، فيما بلغنا بالقبطية كلمتان، يعنى بهما: ماء وشجر. فمو، هو الماء، وشا هو الشجر. وإنما سمي بذلك فيما بلغنا لأن أمه لما جعلته في التابوت حين خافت عليه من فرعون وألقته في اليم، كما أوحى الله إليها، وقيل: إن اليم الذي ألقته فيه هو النيل دفعته أمواج اليم حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون، فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن، فوجدن التابوت فأخذنه. فسمي باسم المكان الذي أصيب فيه، وكان ذلك بمكان فيه ماء وشجر، فقيل: موسى، ماءوشجر. كذلك: حدثني موسى بن هرون، قال حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط بن نصر، عن السدي.
وقال أبو جعفر: وهو موسى بن عمران بن يصهربن قاهث بن لاوي بن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، فيما زعم ابن إسحق.
حدثني بذلك ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عنه.
القول في تأويل قوله: "أربعين ليلة".
ومعنى ذلك: وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة بتمامها. فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد.
وقد زعم بعض نحوي البصرة أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة، أي رأس الأربعين. ومثل ذلك بقوله: " واسأل القرية" (يوسف: 82) وبقولهم: اليوم أربعون منذ خرج فلان ، واليوم يومان. أي اليوم تمام يومين، وتمام أربعين.
قال أبو جعفر: وذلك خلاف ما جاءت به الرواية عن أهل التأويل، وخلاف ظاهر التلاوة. فأما ظاهر التلاوة، فإن الله جل ثناؤه قد أخبر أنه واعد موسى أربعين ليلة، فليس لأحد إحالة ظاهر خبره إلى باطن، بغير برهان دال على صحته.
وأما أهل التأويل فإنهم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره، وهو ما:
حدثني به المثنى بن إبراهيم، قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قوله: "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة"، قال: يعني ذا القعدة وعشرًا من ذي الحجة. وذلك حين خفف موسى أصحابه واستخلف عليهم هرون، فمكث على الطور أربعين ليلة، وأنزل عليه التوراة في الألواح وكانت الألواح من برد فقربه الرب إليه نجيًا وكلمه، وسمع صريف القلم. وبلغنا أنه لم يحدث حدثا في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور.
وحدثت عن عمار بن الحسن، حدثنا عبدالله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بنحوه.
حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحق قال: وعد الله موسى حين أهلك فرعون وقومه، ونجاه وقومه ثلاثين ليلة ثم أتمها بعشر، فتم ميقات ربه أربعين ليلة، يلقاه ربه فيها ما شاء. واستخلف موسى هرون على بني إسرائيل، وقال: إني متعجل إلى ربي، فاخلفني في قومي ولا تتبع سبيل المفسدين. فخرج موسى إلى ربه متعجلاً للقيه شوقاً إليه، وأقام هرون في بني إسرائيل ومعه السامري، يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به.
حدثني موسى بن هرون قال، حدثنا عمروبن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي، قال: انطلق موسى، واستخلف هرون على بني إسرائيل، وواعدهم ثلاثين ليلة، وأتمها الله بعشر.
القول في تأويل قوله تعالى: "ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون".
وتأويل قوله: "ثم اتخذتم العجل من بعده "‎، ثم اتخذتم في أيام مواعدة موسى العجل إلها، من بعد أن فارقكم موسى متوجهاً إلى الموعد. و الهاء في قوله: "من بعده " عائدة على ذكر موسى.
فأخبر جل ثناؤه المخالفين نبينا صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل، المكذبين، المخاطبين بهذه الآية عن فعل ابائهم وأسلافهم، وتكذيبهم رسلهم وخلافهم أنبياءهم، مع تتابع نعمه عليهم، وشيوع آلائه لديهم، معرفهم بذلك أنهم من خلاف محمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به، وجحودهم لرسالته، مع علمهم بصدقه على مثل منهاج آبائهم وأسلافهم، ومحذرهم من نزول سطوته بهم، بمقامهم على ذلك من تكذيبهم ما نزل بأوائلهم المكذبين بالرسل: من المسخ واللعن وأنواع النقمات.
وكان سبب اتخاذهم العجل، ما:حدثني به عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال، حدثنا سفيان بن عيينة قال، حدثنا أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما هجم فرعون على البحر هو وأصحابه، وكان فرعون على فرس أدهم ذنوب حصان، فلما هجم على البحر، هاب الحصان أن يقتحم في البحر، فتمثل له جبريل على فرس أنثى وديق، فلما رآها الحصان تقحم خلفها. قال: وعرف السامري جبريل، لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه، فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه، فيجد في بعض أصابعه لبناً، وفي الأخرى عسلاً، وفي الأخرى سمناً، فلم يزل يغذوه حتى نشأ. فلما عاينه في البحر عرفه، فقبض قبضة من أثر فرسه، قال: أخذ من تحت الحافر قبضة. قال سفيان: فكان ابن مسعود يقرؤها: "فقبضت قبضة من أثر الرسول" ( طه: 96).
قال أبو سعيد، قال عكرمة، عن ابن عباس: وألقي في زوع السامري: إنك لا تلقيها على شيء فتقول: كن كذا وكذا، إلا كان. فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر. فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر، وأغرق الله آل فرعون، قال موسى لأخيه هرون: اخلفني في قومي وأصلح. ومضى موسى لموعد ربه. قال: وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون قد تعوروه، فكأنهم تأثموا منه، فأخرجوه لتنزل النار فتأكله. فلما جمعوه، قال السامري بالقبضة التي كانت في يده هكذا، فقذفها فيه وأومأ ابن إسحق بيده هكذا وقال: كن عجلاً جسدًا له خوار. فصار عجلاً جسدًا له خوار، وكان تدخل الريح في دبره وتخرج من فيه، يسمع له صوت، فقال: هذا إلهكم وإله موسى. فعكفوا على العجل يعبدونه، فقال هرون: يا قوم، إنما فتنتم به، وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى.
حدثني موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر عن السدي: لما أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل يعني من أرض مصر أمر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا، وأمرهم أن يستعيروا الحلي من القبط. فلما نجى الله موسى ومن معه من بني إسرائيل من البحر، وغرق آل فرعون، أتى جبريل إلى موسى يذهب به إلى الله. فأقبل على فرس، فرآه السامري فأنكره وقال: إنه فرس الحياة فقال حين رآه: إن لهذا لشأناً! فأخذ من تربة الحافر حافر الفرس فانطلق موسى، واستخلف هرون على بني إسرائيل، وواعدهم ثلاثين ليلة، وأتمها الله بعشر. فقال لهم هرون: يا بني إسرائيل، إن الغنيمة لا تحل لكم، وإن حلي القبط إنما هو غنيمة، فاجمعوها جميعًا واحفروا لها حفرة فادفنوها، فإن جاء موسى فأحلها أخذتموها، وإلا كان شيئاً لم تأكلوه. فجمعوا ذلك الحلي في تلك الحفرة، وجاء السامري بتلك القبضة فقذفها، فأخرج الله من الحلي عجلاً جسدًا له خوار. وعدت بنو إسرائيل موعد موسى، فعدوا الليلة يومًا واليوم يومًا. فلما كان تمام العشرين، خرج لهم العجل. فلما رأوه قال لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى فنسي يقول ترك موسى إلهه ههنا وذهب يطلبه. فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي. فقال لهم هرون: يا بني إسرائيل إنما فتنتم به يقول: إنما ابتليتم به، يقول: بالعجل وإن ربكم الرحمن. فأقام هرون ومن معه من بني إسرائيل لا يقاتلونهم، وانطلق موسى إلى إلهه يكلمه، فلما كلمه قال له: ما أعجلك عن قومك يا موسى؟ قال: هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى. قال: فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري. فأخبره خبرهم. قال موسى: يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: رب أنت إذا أضللتهم.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق قال: كان فيما ذكر لي أن موسى قال لبني إسرائيل فيما أمره الله به: استعيروا منهم يعني من آل فرعون الأمتعة والحلي والثياب، فإني منفلكم أموالهم مع هلاكهم. فلما أذن فرعون في الناس، كان مما يحرض به على بني إسرائيل أن قال: حين ساروا لم يرضوا أن خرجوا بأنفسهم، حتى ذهبوا بأموالكم معهم.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحق عن حكيم بن جبير،عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان السامري رجلاً من أهل باجرما، وكان من قوم يعبدا البقر، وكان حب عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام في بني اسرائيل. فلما فصل هرون في بني إسرائيل، وفصل موسى إلى ربه، قال لهم هرون: أنتم قد حملتم أوزارًا من زينة القوم فرعون وأمتعة، وحليًا، فتطهروا منها فإنها نجس. وأوقد لهم نارًا فقال: اقذفوا ما كان معكم من ذلك فيها. قالوا: نعم. فجعلوا يأتون بما كان فيهم من تلك الأمتعة وذلك الحلي، فيقذفون به فيها حتى إذا تكسر الحلي فيها، ورأى السامري أثر فرس جبريل، فأخذ ترابًا من أثر حافره، ثم أقبل النار فقال لهرون: يا نبي الله، ألقي ما في يدي؟ قال: نعم. ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما به غيره من ذلك الحلي والأمتعة، فقذفه فيها وقال: كن عجلاً جسدًا له خواراً، فكان، للبلاء والفتنة. فقال: هذا إلهكم وءاله موسى. فعكفوا عليه، وأحبوه حبًا لم يحبوا مثله شيئًا قط. يقول عز وجل: "فنسي" (طه: ) أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري "أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا" (طه: 89) وكان اسم السامري موسى بن ظفر و في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل. فلما رأى هرون ما وقعوا فيه قال: "يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى" (طه 90- 91) فأقام هرون فيمن معه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على ي العجل، وتخوف هرون، إن سار بمن معه من المسلمين، أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي. وكان له هائبًا مطيعًا.
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد: لما أنجى عز وجل بني إسرائيل من فرعون، وأغرق فرعون ومن معه، قال موسى لأخيه هرون: اخلفني قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين. قال: لما خرج موسى وأمر هرون بما أمره، وخرج موسى متعجلاً مسرورًا إلى الله، قد عرف موسى أن المرء إذا نجح في حاجة سيده، كان يسره أن يتعجل إليه. قال: وكان حين خرجوا استعاروا حليًا وثيابًا من آل فرعون، فقال لهم هرون: إن هذه الثياب والحلي لا تحل لكم، فاجمعوا نارًا فألقوه فيها فأحرقوه. قال: فجمعوا نارًا. قال: وكان السامري نظر إلى أثر دابة جبريل، وكان على فرس أنثى وكان السامري في قوم موسى قال: فنظر إلى أثره فقبض منه قبضة، فيبست عليها يده. فلما ألقى قوم موسى الحلي في النار، وألقى السامري معهم القبضة، صور الله جل وعز ذلك لهم عجلاً ذهبًا، فدخلته الريح فكان له خوار. فقالوا: ما هذا فقال السامري الخبيث: "هذا إلهكم وإله موسى فنسي"، الآية إلى قوله "حتى يرجع إلينا موسى" (طه: 88- 91) قال: حتى إذا أتى موسى الموعد قال الله: "وما أعجلك عن قومك يا موسى * قال هم أولاء على أثري" فقرأحتى بلغ ‎"أفطال عليكم العهد" (طه: 84- 86).
حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج عن مجاهد في قوله: "ثم اتخذتم العجل من بعده ". قال: العجل: حسيل البقرة. قال: استعاروه من آل فرعون، فقال لهم هرون: أخرجوه فتطهروا منه وأحرقوه. وكان السامري أخذ في من أثر فرس جبريل فطرحه فيه، فانسبك، فكان له كالجوف تهوي فيه الرياح.
حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قال: إنما سمي العجل، لأنهم عجلوا فاتخذوه قبل أن يأتيهم موسى.
حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحو حديث القاسم عن الحسن.
حدثني المثنى بن إبراهيم، قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه.
تأويل قوله: " وأنتم ظالمون ".
يعني: وأنتم واضعو العبادة في غير موضعها، لأن العبادة لا تنبغي إلا لله عز وجل، وعبدتم أنتم العجل ظلمًا منكم، ووضعًا للعبادة في غير موضعها، وقد دللنا في غير هذا الموضع مما مضى من كتابنا أن أصل كل ظلم، وضع الشيء في غير موضعه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
قوله تعالى : "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون" .
فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى : "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة" قرأ أبو عمرو وعدنا بغير الف ، واختاره أبو عبيد ورجحه وأنكر "واعدنا" قال : لأن المواعدة إنما تكون البشر ، فأما الله جل وعز فإنما هو المنفرد بالوعد والوعيد . على هذا وجدنا القرآن ، كقوله عز وجل : "وعدكم وعد الحق" وقوله : "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات" وقوله : "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم" . قال مكي : وأيضاً فإن ظاهر اللفظ فيه وعد من الله تعالى لموسى ، وليس فيه وعد من موسى ، فوجب حمله على الواحد ، لظاهر النص أن الفعل مضاف إلى الله تعالى وحده ، وهي قراءة الحسن و أبي رجاء و أبي جعفر وشيبة وعيسى بن عمر ، وبه قرأ قتادة و ابن أبي إسحاق . قال أبو حاتم قراءة العامة عندنا وعدنا بغير ألف ، لأن المواعدة أكثر ما تكون بين المخلوقين والمتكافئين ، كل واحد منهما يعد صاحبه . قال الجوهري : الميعاد : المواعدة والوقت والموضع . قال مكي : المواعدة أصلها من اثنين ، وقد تأتي المفاعلة من واحد في كلام العرب ، قالوا : طارقت النعل ، وداويت العليل ، وعاقبت اللص ، والفعل من واحد . فيكون لفظ المواعدة من الله خاصة لموسى كمعنى وعدنا ، فتكون القراءتان بمعنى واحد . والاختيار "واعدنا" بالألف لأنه بمعنى وعدنا في أحد معنييه ، ولأنه لا بد لموسى من وعد أو قبول يقوم مقام الوعد فتصح المفاعلة . قال النحاس : قراءة "واعدنا" بالألف أجود وأحسن ، وهي قراءة مجاهد و الأعرج و ابن كثير و نافع و الأعمش وحمزة و الكسائي ، ليس قوله عز وجل "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات" من هذا في شيء، لأن "واعدنا موسى" إنما هو من باب الموافاة ، وليس هذا من الوعد والوعيد في شيء ، وإنما هو من قولك : موعدك يوم الجمعة ، وموعدك موضع كذا .والفصيح في هذا أن يقال : واعدته . قال أبو إسحاق الزجاج : "واعدنا" ها هنا بالألف جيد ، لأن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة ، فمن الله جل وعز وعد ، ومن موسى قبول واتباع يجري مجرى المواعدة . قال ابن عطية . ورجح أبو عبيدة وعدنا وليس بصحيح ، لأن قبول موسى لوعد الله والتزامه وارتقابه يشبه المواعدة .
الثانية : :قوله تعالى : "موسى" موسى اسم أعجمي لا ينصرف للعجمة والتعريف . والقبط على ـ ما يروى ـ يقولون للماء : مو ، وللشجر :شا . فلما وجد موسى في التابوت عند ماء وشجر ، سمي موسى . قال السدي : لما خافت عليه أمه جعلته في التابوت وألقته في اليم ـ ما أوحى الله إليها ـ فألقته في اليم بين اشجار عند بيت فرعون ، فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدنه ، فسمي باسم المكان . وذكر النقاش وغيره : ان اسم التي التقطته صابوث . قال ابن إسحاق : وموسى هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام .
الثالثة : قوله تعالى : "أربعين ليلة" أربعين نصب على المفعول الثاني ، وفي الكلام حذف ، قال الأخفش : التقدير وإذ واعدنا موسى تمام أربعين ليلة ، كما قال : "واسأل القرية" وأربعون كلها داخلة في الميعاد .
والأربعون في قول أكثر المفسرين : ذو القعدة وعشرة من ذي الحجة . وكان ذلك بعد أن جاوز البحر وسأله قومه أن يأتيهم بكتاب من عند الله ، فخرج إلى الطور في سبعين من خيار بني إسرائيل ، وصعدوا الجبل وواعدهم إلى تمام أربعين ليلة ، فعدوا ـ فيما ذكر المفسرون ـ عشرين يوما وعشرين ليلة ، وقالوا قد اخلفنا موعده . فاتخذوا العجل ، قولا لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى ، فاطمأنوا إلى قوله . ونهاهم هارون وقال : "يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى" فلم يتبع هارون ولم يطعه في ترك عبادة العجل إلا اثنا عشر ألفا فيما روي في الخبر . وتهافت في عبادته سائرهم وهم أكثر من ألفي ألف ، فلما رجع موسى ووجدهم على تلك الحال ، ألقى الألواح فرفع من جملتها ستة أجزاء وبقي جزء واحد وهو الحلال والحرام وما يحتاجون ، وأحرق العجل وذراه في البحر ، فشربوا من مائه حباً للعجل ، فظهرت على شفاههم صفرة ورمت بطونهم ، فتابوا ولم تقبل توبتهم دون أن يقتلوا أنفسهم ، فذلك قوله تعالى : "فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم" . فقاموا بالخناجر والسيوف بعضهم إلى بعض من لدن طلوع الشمس إلى ارتفاع الضحى ،فقتل بعضهم بعضاً ، لا يسأل والد عن ولده ولا ولد عن والده ، ولا أخ عن أخيه ولا أحد عن أحد ، كل من استقبله ضربه بالسيف وضربه الآخر بمثله ، حتى عج موسى إلى الله صارخاً : يا رباه ، قد فنيت بنو إسرائيل ! فرحمهم الله وجاد عليهم بفضله ، فقبل توبة من بقي وجعل من قتل في الشهداء ، على ما يأتي .
الرابعة : إن قيل : لم خص الليالي بالذكر دون الأيام ؟ قيل له : لأن الليلة اسبق من اليوم فهي قبله في الرتبة ، ولذلك وقع بها التاريخ ، فالليالي أول الشهور والأيام تبع لها .
الخامسة : قال النقاش : في هذه الآية إشارة إلى صلة الصوم ، لأنه تعالى لو ذكر الأيام لأمكن أن يعتقد أنه كان يفطر بالليل ، فلما نص على الليالي اقتضت قوة الكلام أنه عليه السلام واصل أربعين يوماً بلياليها . قال ابن عطية : سمعت أبي يقول : سمعت الشيخ الزاهد الإمام الواعظ أبا الفضل الجوهري رحمه الله يعظ الناس في الخلوة بالله والدنو منه في الصلاة ونحوه ، وأن ذلك يشغل عن كل طعام وشراب ، ويقول : اين حال موسى في القرب من الله ! ووصال ثمانين من الدهر منقوله جين سار إلى الخضر لفتاه في بعض يوم : "آتنا غداءنا" .
قلت : وبهذا استدل علماء الصوفية على الوصال ، وأن أفضله أربعون يوماً . وسيأتي الكلام في الوصال في آي الصيام من هذه السورة إن شاء الله تعالى . ويأتي في الأعراف زيادة أحكام لهذه الآية عند قوله تعالى : "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة" ، ويأتي لقصة العجل بيان في كيفيته وخواره هناك وفي طه إن شاء الله تعالى .
السادسة : قوله تعالى : "ثم اتخذتم العجل من بعده" أي اتخذتموه إلهاً من بعد موسى . وأصل اتخذتم ائتخذتم ، من الأخذ ، ووزنه افتعلتم ، سهلت الهمزة الثانية لامتناع همزتين فجاء إيتخذتم ، فاضطربت الياء في التصريف جاءت ألفاً في ياتخذه ، وواواً في موتخذ ، فبدلت بحرف جلد ثابت من جنس ما بعدها وهي التاء وأدغمت ، ثم اجتلبت ألف الوصل للنطق ، وقد يستغنى عنها إذا كان معنى الكلام التقرير، كقوله تعالى : "قل أتخذتم عند الله عهدا" فاستغنى عن ألف الوصل بألف التقرير ، قال الشاعر :
استحدث الرب عن أشياعهم خبرا أم راجع القلب من أطرابه طرب
ونحوه في القرآن : "أطلع الغيب" . "أصطفى البنات". "أستكبرت أم كنت" ومذهب أبي علي الفارسي أن اتخذتم ، من تخذ لا من اتخذ. "وأنتم ظالمون" جملة في موضع الحال . وقد تقدم معنى الظلم . والحمد لله .
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم، لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه عند انقضاء أمد المواعدة، وكانت أربعين يوماً وهي المذكورة في الأعراف في قوله تعالى: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر" قيل إنها: ذو القعدة بكماله وعشر من ذي الحجة، وكان ذلك بعد خلاصهم من فرعون وإنجائهم من البحر ، وقوله تعالى: "وإذ آتينا موسى الكتاب" يعني التوراة "والفرقان" وهو ما يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلالة "لعلكم تهتدون" وكان ذلك أيضاً بعد خروجهم من البحر كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف، ولقوله تعالى: "ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون" وقيل: الواو زائدة، والمعنى ولقد آتينا موسى الكتاب الفرقان وهذا غريب، وقيل، عطف عليه وإن كان المعنى واحداً، كما في قول الشاعر:
وقدمت الأديم لراقشيه فألفى قولها كذباً ومينا
وقال الاخر:
ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد
فالكذب هو المين، والنأي: هو البعد. وقال عنترة:
حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
فعطف الإقفار على الإقواء وهو هو .
قرأ أبو عمرو 51- "وعدنا" بغير ألف، ورجحه أبو عبيدة وأنكر واعدنا قال: لأن المواعدة إنما تكون من البشر، فأما من الله فإنما هو التفرد بالوعد على هذا وجدنا القرآن كقوله "وعدكم وعد الحق" وقوله: "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين" ومثله، قال أبو حاتم ومكي، وإنما قالوا هكذا نظراً إلى أصل المفاعلة أنها تفيد الاشتراك في أصل الفعل وتكون من كل واحد من المتواعدين ونحوهما، ولكنها قد تأتي للواحد في كلام العرب كما في قولهم: داويت العليل، وعاقبت اللص، وطارقت النعل، وذلك كثير في كلامهم. وقرأه الجمهور واعدنا قال النحاس: وهي أجود وأحسن وليس قوله: "وعد الله الذين آمنوا" من هذا في شيء، لأن واعدنا موسى إنما هو من باب الموافاة، وليس هو من الوعد والوعيد في شيء، وإنما هو من قولك: موعدك يوم الجمعة، وموعدك موضع كذا، والفصيح في هذا أن يقال: واعدته. قال الزجاج: واعدنا بالألف ها هنا جيد، لأن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة، فمن الله سبحانه وعد ومن موسى قبول. قوله: "أربعين ليلة" قال الزجاج: التقدير تمام أربعين ليلة، وهي عند أكثر المفسرين ذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وإنما خص الليالي بالذكر دون الأيام لأن الليلة أسبق من اليوم فهي قبله في الرتبة. ومعنى قوله: "ثم اتخذتم العجل" أي جعلتم العجل إلهاً من بعده: أي من بعد مضي موسى إلى الطور. وقد ذكر بعض المفسرين أنهم عدوا عشرين يوماً وعشرين ليلة. وقالوا: قد اختلف موعده فاتخذوا العجل، وهذا غير بعيد منهم، فقد كانوا يسلكون طرائق من التعنت خارجة عن قوانين العقل مخالفة لما يخاطبون به بل ويشاهدونه بأبصارهم، فلا يقال كيف تعدون الأيام والليالي على تلك الصفة، وقد صرح لهم في الوعد بأنها أربعون ليلة، وإنما سماهم ظالمين لأنهم أشركوا بالله وخالفوا موعد نبيهم عليه السلام، والجملة في موضع نصب على الحال.
51. " وإذ واعدنا " هو من المفاعلة التي تكون من الواحد كقولهم: عافاك الله، وعاقبت اللص، وطارقت النعل. وقال الزجاج : كان من الله الأمر ومن موسى القبول، فلذلك ذكر بلفظ المواعدة، وقرأ أهل البصرة (وإذ وعدنا) من الوعد " موسى " اسم عربي عرب (( ومو )) بالعبرانية الماء (( وشى )) الشجرة، سمي به لأنه أخذ من بين الماء والشجر، ثم قلبت الشين المعجمة سيناً في العربية " أربعين ليلة " أي انقضاؤها: ثلاثين من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة، وقرن التاريخ بالليل دون النهار لأن شهور العرب وضعت على سير القمر، والهلال إنما يهل بالليل وقيل: لأن الظلمة أقدم من الضوء، وخلق الليل قبل النهار، قال الله تعالى: " وآية لهم الليل نسلخ منه النهار " (37-يس) وذلك أن بني إسرائيل لما أمنوا من عدوهم ودخلوا مصر لم يكن لهم كتاب ولا شريعة ينتهون إليهما، فوعد الله موسى أن ينزل عليه التوراة فقال موسى لقومه: إني ذاهب لميقات ربكم آتيكم بكتاب فيه بيان ما تأتون وما تذرون، وواعدهم أربعين ليلة، ثلاثين من ذي القعدة وعشراً من من ذي الحجة، واستخلف عليهم أخاه هارون فلما أتى الوعد جاء جبريل على فرس يقال له فرس الحياة لا يصيب شيئاً إلا حيي ليذهب بموسى إلى ربه، فلما رآه السامري وكان رجلاً صائغاً من أهل باجرمى واسمه ميخا - وقال سعيد بن جبير : كان من أهل كرمان، وقال ابن عباس: اسمه موسى بن مظفر، وقال قتادة : كان من بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة - وكان منافقاً أظهر الإسلام، وكان من قوم يعبدون البقر، فلما رأى جبرائيل على ذلك الفرس ورأى مواضع قدم الفرس تخضر في الحال قال: إن لهذا شأناً فأخذ قبضة من تربة حافر فرس جبرائيل عليه السلام. قال عكرمة : ألقي في روعه أنه إذا ألقى في شيء غيره، وكانت بنو إسرائيل قد استعاروا حلياً كثيرة من قوم فرعون حين أرادوا الخروج من مصر بعلة عرس لهم، فأهلك الله فرعون وبقيت تلك الحلي في أيدي بني إسرائيل، فلما فصل موسى قال السامري لبني إسرائيل: إن الحلي التي استعرتموها من قزم فرعون غنيمة لا تحل لكم، فاحفروا حفرة فادفنوها فيها حتى يرجع موسى فيرى فيها رأيه.
وقال السدي : إن هارون عليه السلام أمرهم أن يلقوها في حفيرة، حتى يرجع موسى ففعلوا، / فلما اجتمعت الحلي صاغها السامري عجلاً في ثلاثة أيام ثم ألقى فيها القبضة التي أخذها من تراب فرس جبرائيل عليه السلام، فخرج عجلاً من ذهب مرصعاً بالجواهر كأحسن ما يكون، وخار خورة، وقال السدي : كان يخور ويمشي فقال السامري " هذا إلهكم وإله موسى فنسي " (88-طه) أي فتركه هاهنا وخرج يطلبه.
وكانت بنو إسرائيل قد أخلفوا الوعد فعدوا اليوم مع الليلة يومين فلما مضت عشرون يوماً ولم يرجع موسى وقعوا في الفتنة.
وقيل: كان موسى قد وعدهم ثلاثين ليلة ثم زيدت العشرة فكانت فتنتهم في تلك العشرة فلما مضت الثلاثون ولم يرجع موسى ظنوا أنه قد مات ورأوا العجل وسمعوا قول السامري عكف ثمانية آلاف رجل منهم على العجل يعبدونه وقيل: كلهم عبدوه إلا هارون وحده فذلك قوله تعالى " ثم اتخذتم العجل " أي إلهاً " من بعده " أظهر ابن كثير و حفص الذال من أخذت واتخذت والآخرون يدغمونها " وأنتم ظالمون " ضارون لأنفسكم بالمعصية واضعون العبادة في غير موضعها.
51-" وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة " لما عادوا إلى مصر بعد هلاك فرعون وعد الله موسى أن يعطيه التوراة ، وضرب له ميقاتاً ذا القعدة وعشر ذي الحجة وعبر عنها بالليالي لأنها غرر الشهور . وقرأ ابن كثير و نافع و عاصم و ابن عامر و وحمزة و الكسائي " واعدنا " لأنه تعالى وعده الوحي . ووعده موسى عليه السلام المجيء للميقات إلى الطور .
" ثم اتخذتم العجل " إلهاً أو معبوداً .
" من بعده " من بعد موسى عليه السلام ، أو مضيه .
" وأنتم ظالمون " بإشراككم .
51. And when We did appoint for Moses forty nights (of solitude), and then ye chose the calf, when he had gone from you, and were wrongdoers.
51 - And remember we appointed forty nights for Moses, and in his absence ye took the calf (for worship), and ye did grievous wrong.