[البقرة : 37] فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
(فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ) ألهمه إياها ، وفي قراءة بنصب آدم ورفع كلمات ، أي جاءه وهي {ربنا ظلمنا أنفسنا} الآية - فدعا بها (فتاب عليه) قبل توبته (إنه هو التواب) على عباده (الرحيم) بهم
قال أبو جعفر: أما تأويل قوله: "فتلقى آدم "، فقيل: إنه أخذ وقبل. وأصله التفعل من اللقاء، كما يتلقى الرجل الرجل مستقبله عندقدومه من غيبته أو سفره، فكأن ذلك كذلك في قوله "فتلقى "، كأنه استقبله فتلقاه بالقبول حين أوحي إليه أو أخبر به. فمعنى ذلك إذا: فلقى الله آدم كلمات توبة، فتلقاها آدم من ربه وأخذها عنه تائبًا، فتاب الله عليه بقيله إياها، وقبوله إياها من ربه. كما:
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد في قوله: "فتلقى آدم من ربه كلمات " الآية. قال: لقاهما هذه الآية: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" ( الأعراف: 23).
وقد قرأ بعضهم: فتلقى آدم من ربه كلمات ، فجعل الكلمات هي المتلقية آدم. وذلك، وإن كان من جهة العربية جائزًا، إذ كان كل ما تلقاه الرجل فهو له متلق، وما لقيه فقد لقيه، فصار للمتكلم أن يوجه الفعل إلى أيهما شاء، ويخرج من الفعل أيهما أحب فغير جائز عندي في القراءة إلا رفع آدم على أنه المتلقي الكلمات، لإجماع الحجة من القرأة وأهل التأويل من علماء السلف والخلف، على توجيه التلقي إلى آدم دون الكلمات. وغير جائز الاعتراض عليها فيما كانت عليه مجمعة، بقول من يجوز عليه السهو والخطأ.
واختلف أهل التأويل في أعيان الكلمات التي تلقاها آدم من ربه. فقال بعضهم بما: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا ابن عطية ، عن قيس، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه "، قال: أي رب، ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى. قال: أي رب، ألم تنفخ في من روحك؟ قال: بلى. قال: أي رب، ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: أي رب، ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قال: أرأيت إن أنا تبت وأصلحت، أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم.
قال: فهو قوله: "فتلقى آدم من ربه كلمات ".
وحدثني علي بن الحسين، قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا محمد بن مصعب، عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن كليب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، نحوه.
وحدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه "، قال: إن آدم قال لربه إذ عصاه: رب، أرأيت إن أنا تبت وأصلحت؟ فقال له ربه: إني راجعك إلى الجنة.
وحدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، قوله: " فتلقى آدم من ربه كلمات "، ذكر لنا أنه قال: يا رب، أرأيت إن أنا تبت وأصلحت؟ قال: إني إذا راجعك إلى الجنة. قال: وقال الحسن: إنهما قالا: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" (الأعراف: 23).
وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله " فتلقى آدم من ربه كلمات "، قال: إن آدم لما أصاب الخطيئة قال: يا رب، أرأيت إن تبت وأصلحت؟ فقال الله: إذا أرجعك إلى الجنة. فهي من الكلمات. ومن الكلمات أيضاً: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" ( الأعراف: 23).
وحدثني موسى بن هرون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال حدثنا أسباط، عن السدي: "فتلقى آدم من ربه كلمات "، قال: رب، ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى. قال: ونفخت في من روحك؟ قيل له: بلى. قال وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى. قال: رب هل كنت كتبت هذا علي؟ قيل له: نعم. قال: رب، إن تبت وأصلحت، هل أنت راجعي إلى الجنة؟ قيل له: نعم. قال الله تعالى: "ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى" (طه: 122).
وقال آخرون بما:حدثنا به محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن عبد العزيزبن رفيع، قال: حدثني من سمع عبيد بن عمير يقول: قال: آدم: يا رب، خطيئتي التى أخطأتها، أشيء كتبته علي قبل أن تخلقني، أوشيء ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بلى، شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبته علي فاغفره لي. قال: فهو قول الله: "فتلقى آدم من ربه كلمات".
وحدثنا ابن سنان، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع،قال: أخبرني من سمع عبيد بن عمير، بمثله.
وحدثنا ابن سنان، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، عمن سمع عبيد بن عمير يقول: قال آدم؟ فذكر نحوه.
وحدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع،قال أخبرني من سمع عبيد بن عمير، بنحوه.
وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن عبد العزيز، عن عبيد بن عمير، بمثله.
وقال آخرون بما:
حدثني به أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن شريك،قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حصين بن عبد الرحمن، عن حميد بن نبهان، عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، أنه قال: قوله: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه "، قال آدم: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك، تب علي إنك أنت التواب الرحيم.
وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو غسان، قال: أنبأناأبو زهيروحدثنا أحمد بن إسحق الأهوازي، قال: أخبرنا أبو أحمد، قال:حدثنا سفيان وقيس جميعًا عن خصيف، عن مجاهد في قوله: "فتلقى آدم من ربه كلمات "، قال قوله: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا" (الأعراف: 23)، حتى فرغ منها.
وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثني شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، كان يقول في قول الله: "فتلقى آدم من ربه كلمات " الكلمات: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين. اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، ربي إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين. اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
وحدثنا ابن وكيع، قال.: حدثنا أبي، عن النضربن عربي، عن مجاهد: " فتلقى آدم من ربه كلمات " هو قوله: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا" ( الأعراف: 23) الآية. وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد: "فتلقى آدم من ربه كلمات "، قال: أي رب، أتتوب علي إن تبت؟ قال: نعم. فتاب آدم، فتاب عليه ربه.
وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ‎"فتلقى آدم من ربه كلمات "، قال هو قوله: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" ( الأعراف: 23).
حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد: هو قوله: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" ( الأعراف: 23).
وهذه الأقوال التي حكيناها عمن حكيناها عنه، وإن كانت مختلفة الألفاظ، فإن معانيها متفقة في أن الله جل ثناؤه لقى آدم كلمات، فتلقاهن آدم من ربه فقبلهن وعمل بهن، وتاب بقيله وعمله بهن إلى الله من خطيئته، معترفاً بذنبه، متنصلاً إلى ربه من خطيئته، نادمًا على ما سلف منه من خلاف أمره، فتاب الله عليه بقبوله الكلمات التي تلقاهن منه، وندمه على سالف الذنب منه.
والذي يدل عليه كتاب الله، أن الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه، هن الكلمات التي أخبر الله عنه أنه قالها متنصلاً بقيلها إلى ربه، معترفاً بذنبه، وهو قوله: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" ( الأعراف: 23). وليس ما قاله من خالف قولنا هذا من الأقوال التي حكيناها بمدفوع قوله، ولكنه قول لا شاهد عليه من حجة يجب التسليم لها، فيجوز لنا إضافته إلى آدم، وأنه مما ثلقاه من ربه عند إنابته إليه من ذنبه. وهذا الخبر الذي أخبر الله عن آدم من قيله الذي لقاه إياه فقاله تائبًا إليه من خطيئته تعريف منه جل ذكره جميع المخاطبين بكتابه، كيفية التوبة إليه من الذنوب، وتنبيه للمخاطبين بقوله: " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم" ( البقرة: 28)، على موضع التوبة مما هم عليه من الكفر بالله، وأن خلاصهم مما هم عليه مقيمون من الضلالة، نظير خلاص أبيهم ادم من خطيئته، مع تذكيره إياهم به السالف إليهم من النعم التي خص بها أباهم آدم وغيره من آبائهم.
القول في تأويل قوله تعالى: " فتاب عليه".
قال أبو جعفر: وقوله "فتاب عليه"، يعني: على آدم. والهاء التي في "عليه " عائدة علىآدم. وقوله: "فتاب عليه "، يعني رزقه التوبة من خطيئته. والتوبة معناها الإنابة إلى الله، والأوبة الى طاعته مما يكره من معصيته.
القول في تأويل قوله تعالى: "إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا" .
قال أبو جعفر: وتأويل قوله: " إنه هو التواب الرحيم "، أن الله جل ثناؤه هو التواب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه، التارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سلف من ذنبه. وقد ذكرنا أن معنى التوبة من العبد إلى ربه، إنابته إلى طاعته، وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يسخطه من الأمور التي كان عليها مقيما مما يكرهه ربه. فكذلك توبة الله على عبده، هو أن يرزقه ذلك، ويؤوب له من غضبه عليه إلى الرضا عنه، ومن العقوبة إلى العفو والصفح عنه.
وأما قوله: "الرحيم "، فإنه يعني أنه المتفضل علمه مع التوبة بالرحمة .ورحمته إياه ،إقالة عثرته، وصفحه عن عقوبة جرمه.
قال أبو جعفر: وقد ذكرنا القول في تأويل قوله: "قلنا اهبطوا منها جميعا"، فيما مضى، فلا حاجة بنا إلى إعادته، إذ كان معناه في هذا الموضع، هو معناه في ذلك الموضع.
وقد حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا إسمعيل بن سالم، عن أبي صالح، في قوله: "اهبطوا منها جميعا"، قال: آدم وحواء والحية وإبليس.
القول في تأويل قوله تعالى ذكره: " فإما يأتينكم مني هدى".
قال أبو جعفر: وتأويل قوله: "فإما يأتينكم "، فإن يأتكم. و ما التي مع إن توكيد للكلام، ولدخولها مع إن أدخلت النون المشددة في "يأتينكم "، تفرقة بدخولها بين ما التي تأتي بمعنى توكيد الكلام التي تسميها أهل العربية صلة وحشوا وبين ما التي تأتي بمعنى الذي، فتؤذن بدخولها في الفعل، أن ما التي مع إن التي بمعنى الجزاء، توكيد، وليست ما التي بمعنى الذي .
وقد قال بعض نحويي أهل البصرة: إن إما، إن زيدت معها ما، وصار الفعل الذي بعده بالنون الخفيفة أو الثقيلة، وقد يكون بغير نون. وإنما حسنت فيه النون لما دخلته ما، لأن ما نفي، فهي مما ليس بواجب، وهي الحرف الذي ينفي الواجب، فحسنت فيه النون، نحو قولهم:بعين ما أرينك، حين أدخلت فيها ما حسنت النون فيما ههنا.
وقد أنكرت جماعة من أهل العربية دعوى قائل هذه المقالة: أن ما التي مع، بعين ما أرينك بمعنى الجحد، وزعموا أن ذلك بمعنى التوكيد للكلام.
وقال آخرون: بل هو حشو في الكلام، ومعناها الحذف، وإنما معنى الكلام: بعين أراك ، وغير جائز أن يجعل مع الاختلاف فيه أصلاً يقاس عليه غيره.
القول في تأويل قوله تعالى ذكره: " مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ".
قال أبو جعفر: والهدى، في هذا الموضع، البيان والرشاد. كما:
حدثنا المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا آدم العسقلاني قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله: "فإما يأتينكم مني هدى" قال: الهدى، الأنبياء والرسل والبيان. فإن كان ما قال أبو العالية في ذلك كما قال، فالخطاب بقوله: "اهبطوا"، وإن كان لآدم وزوجته، فيجب أن يكون مرادًا به آدم وزوجته وذريتهما. فيكون ذلك حينئذ نظير قوله: " فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين" (فصلت: 11)، بمعنى أتينا بما فينا من الخلق طائعين، ونظير قوله في قراءة ابن مسعود: "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا" ( البقرة: 128) فجمع قبل أن تكون ذرية، وهو في قراءتنا "وأرنا مناسكنا". وكما يقول القائل لآخر: كأنك تزوجت وولد لك، وكثرتم وعززتم ، ونحو ذلك من الكلام.
وإنما قلنا إن ذلك هو الواجب على التأويل الذي ذكرناه عن أبي العالية، لأن آدم كان هو النبي أيام حياته بعد أن أهبط إلى الأرض، والرسول من الله جل ثناؤه إلى ولده. فغير جائز أن يكون معنيًا وهو الرسول صلى الله عليه بقوله: " فإما يأتينكم مني هدى "، خطابًا له ولزوجته، فإما يأتينكم مني أنبياء ورسل إلا على ما وصفت من التأويل.
وقول أبي العالية في ذلك وإن كان وجها من التأويل قد تحتمله الآية فأقرب إلى الصواب منه عندي وأشبه بظاهر التلاوة، أن يكون تأويلها: فإما يأتينكم يا معشر من اهبط إلى الأرض من سمائي، وهو آدم وزوجته وإبليس كما قد ذكرنا قبل في تأويل الآية التي قبلها إما يأتينكم مني بيان من أمري وطاعتي، ورشاد إلى سبيلي وديني، فمن اتبعه منكم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وإن كان قد سلف منهم قبل ذلك إلي معصية وخلاف لأمري وطاعتي. يعرفهم بذلك جل ثناؤه أنه التائب على من تاب إليه من ذنوبه، والرحيم لمن أناب إليه، كما وصف نفسه بقوله: "إنه هو التواب الرحيم" ( البقرة: 37، 54):وذلك أن ظاهر الخطاب بذلك إنما هو للذين قال لهم جل ثناؤه: "اهبطوا منها جميعا"، والذين خوطبوا به هم من سمينا في قول الحجة من الصحابة والتابعين الذين قد قدمنا الرواية به عنهم، وذلك، وإن كان خطابًا من الله جل ذكره لمن اهبط حينئذ من السماء إلى الأرض، فهو سنة الله في جميع خلقه، وتعريص منه بذلك الذين أخبر عنهم في أول هذه السورة بما أخبر عنهم في قوله: "إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون" ( البقرة: 6) وفي قوله: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين" (البقرة: 28) وأن حكمه فيهم إن تابوا إليه وأنابوا واتبعوا ما أتاهم من البيان من عند الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنهم عنده في الآخرة ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأنهم إن هلكوا على كفرهم وضلالتهم قبل الإنابة والتوبة، كانوا من أهل النار المخلدين فيها.
وقوله: "فمن تبع هداي "، يعني: فمن اتبع بياني الذي آتيته على ألسن رسلي، أو مع رسلي. كما:حدثنا به المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: "فمن تبع هداي "، يعني بياني.
وقوله: "فلا خوف عليهم "، يعني فهم آمنون في أهوال القيامة من عقاب الله، غير خائفين عذابه، بما أطاعوا الله في الدنيا واتبعوا أمره وهداه وسبيله، ولا هم يحزنون يومئذ على ما خلفوا بعد وفاتهم في الدنيا. كما:
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد: "لا خوف عليهم"، يقول: لا خوف عليكم أمامكم.
وليس شيء أعظم في صدر الذي يموت مما بعد الموت. فأمنهم منه وسلاهم عن الدنيا فقال: "ولا هم يحزنون ".
قوله تعالى : "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم" .
الأولى : قوله تعالى : "فتلقى آدم من ربه كلمات" فيه ثمان مسائل تلقى قيل معناه : فهم وفطن . وقيل : قبل وأخذ ،وكان عليه السلام يتلقى الوحي ، أي يستقبله ويأخذه ويتلقفه . تقول : خرجنا نتلقى الحجيج ، أي نستقبلهم . وقيل : معنى تلقى تلقن . وهذا في المعنى صحيح ، ولكن لا يجوز أن يكون التلقي من التلقن في الأصل ، لأن أحد الحرفين إنما يقلب ياء إذا تجانسا ، مثل تظنى من تظنن ، وتقصى من تقصص . ومثله تسريت من تسررت ، وأمليت من أمللت وشبه ذلك ، ولهذا لايقال : تقبى من تقبل ، ولا تلقى من تلقن ، فأعلم . وحكى مكي أنه ألهمها فانتفع بها . وقال الحسن : قبولها تعلمه لها وعمله بها .
الثانية : واختلف أهل التأويل في الكلمات ، فقال ابن عباس و الحسن و سعيد بن جبير والضحاك و مجاهد هي قوله : "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" . وعن مجاهد أيضاً : سبحانك اللهم لا إله إلا أنت ربي ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم . وقالت طائفة : رأى مكتوباً على ساق العرش محمد رسول الله فتشفع بذلك ، فهي الكلمات . وقالت طائفة : المراد بالكلمات البكاء والحياء والدعاء . وقيل : الندم والاستغفار والحزن . قال ابن عطية : وهذا يقتضي أن آدم عليه السلام لم يقل شيئاً إلا الاستغفار المعهود . وسئل بعض السلف عما ينبغي أن يقوله المذنب ، فقال : يقول ما قاله أبواه : "ربنا ظلمنا أنفسنا" الآية . وقال موسى : "رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي" . وقال يونس : "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" . وعن ابن عباس ووهب بن منبة : أن الكلمات سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين ، سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت عملت سواء وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم . وقال محمد بن كعب هي قوله : لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، عملت سواءً وظلمت نفسي فتب علي أنك أنت التواب الرحيم . لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت الغفور الرحيم . لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني إنك ارحم الراحمين وقيل : الكلمات قوله حين عطس : الحمد لله . والكلمات : جمع كلمة ، والكلمة تقع على القليل والكثير . وقد تقدم .
الثالثة : قوله تعالى : "فتاب عليه" أي قبل توتبه ، أو وفقه للتوبة . وكان ذلك في يوم عاشوراء في يوم جمعة ، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . وتاب العبد : رجع إلى طاعة ربه . وعبد تواب : كثير الرجوع إلى الطاعة . وأصل التوبة الرجوع ، يقال : تاب وثاب وآب وأناب : رجع .
الرابعة : إن قيل : لم قال علية ولم يقل عليهما ، وحواء مشاركة له في الذنب بإجماع ، وقد قال : "ولا تقربا هذه الشجرة" و "قالا ربنا ظلمنا أنفسنا" . فالجواب : أن آدم عيه السلام لما خوطب في أول القصة بقوله : اسكن خصه بالذكر في التلقي ، فلذلك كملت القصة بذكره وحده . وأيضاً فلأن المرأة حرمة ومستورة فأراد الله الستر لها ، ولذلك لم يذكرها في المعصية في قوله : "وعصى آدم ربه فغوى" . وايضاً لما كانت المرأة تابعة للرجل في غالب الأمر لم تذكر ، كما لم يذكر فتى موسى مع موسى في قوله : "ألم أقل لك" . وقيل : إنه دل بذكر التوبة عليه أنه تاب عليها إذ أمرهما سواء ، قاله الحسن . وقيل : إنه مثل قوله تعالى : "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها" أي التجارة لأنها كانت مقصود القوم ، فأعاد الضمير عليها ولم يقل إليهما ، والمعنى متقارب . وقال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي برئيا ومن فوق الطوي رماني
وفي التنزيل : "والله ورسوله أحق أن يرضوه" فحذف إيجازاً واختصاراً .
الخامسة : قوله تعالى : "إنه هو التواب الرحيم" وصف نفسه سبحانه وتعالى بأنه التواب ، وتكرر في القرآن معرفاً ومنكراً واسماً وفعلاً . وقد يطلق على العبد أيضاً تواب ، قال الله تعالى : "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" . قال ابن العربي : ولعلمائنا في وصف الرب بأنه تواب ثلاثة أقوال ، أحدها : أنه يجوز في حق الرب سبحانه وتعالى فيدعى به كما في الكتاب والسنة ولا يتأول . وقال آخرون : هو وصف حقيقي لله سبحانه وتعالى ، وتوبة الله على العبد رجوعه من حال المعصية إلى حال الطاعة . وقال آخرون : توبة الله على العبد قبوله توبته ، وذلك يحتمل أن يرجع إلى قوله سبحانه وتعالى : قبلت توبتك ، وأن يرجع إلى خلقه الإنابة والرجوع في قلب المسيء وإجراء الطاعات على جوارحه الظاهرة .
السادسة : لا يجوز أن يقال في حق الله تعالى : تائب ، اسم فاعل من تاب يتوب ، لأنه ليس لنا أن نطلق عليه من الأسماء والصفات إلا ما أطلقه هو على نفسه أو نبيه عليه السلام أو جماعة المسلمين ، وإن كان في اللغة محتملاً جائزاً . هذا هو الصحيح في هذا الباب ، على ما بيناه في ( الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ) . قال الله تعالى : "لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار" . وقال : "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده" . وإنما قيل لله عز وجل : تواب ، لمبالغة الفعل وكثرة قبوله توبة عباده لكثرة من يتوب إليه .
السابعة : اعلم أنه ليس لأحد قدرة على خلق التوبة ، لأن الله سبحانه وتعالى هو المنفرد بخلق الأعمال ، خلافا للمعتزلة ومن قال بقولهم . وكذلك ليس لأحد أن يقبل توبة من اسرف على نفسه ولا أن يعفو عنه . قال علماؤنا : وقد كفرت اليهود والنصارى بهذا الأصل العظيم في الدين : "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" جل وعز ، وجعلوا لمن أذنب أن يأتي الحبر أو الراهب فيعطيه شيئاً ويحط عنه ذنوبه "افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين"
الثامنة : قرأ ابن كثير : "فتلقى آدم من ربه كلمات" . والباقون برفع آدم ونصب كلمات . والقراءتان ترجعان إلى معنى ، لأن آدم إذا تلقى الكلمات فقد تلقته . وقيل : لما كانت الكلمات هي المنقذة لآدم بتوفيق الله تعالى له لقبوله إياها ودعائه بها كانت الكلمات فاعلة ، وكأن الأصل على هذه القراءة فتلقت آدم من ربه كلمات ، لكن لما بعد ما بين المؤنث وفعله حسن حذف علامة التأنيث . وهذا أصل يجري في كل القرآن والكلام إذا جاء فعل المؤنث بغير علامة ، ومنه قولهم : حضر القاضي اليوم امرأة . وقيل : إن الكلمات لما لم يكن تأنيثه حقيقياً حمل على معنى الكلم ، فذكر . وقرأ الأعمش : آدم من ربه مدغماً . وقرأ أبو نوفل بن أبي عقرب : أنه بفتح الهمزة ، على معنى لأنه ، وكسر الباقون على الاستئناف . وأدغم الهاء في الهاء أبو عمرو وعيسى وطلحة فيما حكى أبو حاتم عنهم . وقيل : لا يجوز ، لأن بينهما واواً في اللفظ لا في الخط . قال النحاس : أجاز سيبويه أن تحذف هذه الواو ، وأنشد :
له زجل كأنه صوت حاد إذا طلب الوسيقة أو زمير
فعلى هذا يجوز الإدغام ، وهو رفع بالابتداء . التواب خبره ، والجملة خبر إن ويجوز أن يكون هو توكيداً للهاء ، ويجوز أن تكون فاصلة ، على ما تقدم .
وقال سعيد بن جبير : لما أهبط آدم إلى الأرض لم يكن فيها شيء غير النسر في البر ، والحوت في البحر ، فكان النسر يأوي إلى الحوت فيبيت عنده ، فلما رأى النسر آدم قال : يا حوت ، لقد أهبط اليوم إلى الأرض شيء يمشيء على رجليه ويبطش بيديه ! فقال الحوت : لئن كنت صادقاً مالي منه في البحر منجى ، ولا لك في البر منه مخلص ! .
قيل إن هذه الكلمات مفسرة بقوله تعالى: "قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" وروي هذا عن مجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وخالد بن معدان وعطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال أبو إسحاق السبيعي عن رجل من بني تميم قال: أتيت ابن عباس فسألته ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه ؟ قال: علم شأن الحج، وقال سفيان الثوري عن عبد العزيز بن رفيع، أخبرني من سمع عبيد بن عمير ، وفي رواية قال أخبرني مجاهد عن عبيد بن عمير، أنه قال: قال آدم: يا رب خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته علي قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته من قبل نفسي ؟ قال بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك قال: فكما كتبته علي فاغفر لي، قال: فذلك قوله تعالى: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه" وقال السدي عمن حدثه عن ابن عباس فتلقى آدم من ربه كلمات، قال: قال آدم عليه السلام: يا رب ألم تخلقني بيدك ؟ قيل له: بلى، ونفخت في من روحك ؟ قيل له بلى، وعطست فقلت يرحمك الله، وسبقت رحمتك غضبك ؟ قيل له: بلى، وكتبت علي أن أعمل هذا ؟ قيل له: بلى، قال: أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة ؟ قال: نعم. وهكذا رواه العوفي وسعيد بن جبير وسعيد بن معبد عن ابن عباس بنحوه، ورواه الحاكم في مستدركه من حديث ابن جبير عن ابن عباس، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهكذا فسره السدي وعطية العوفي، وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثاً شبيهاً بهذا فقال: حدثنا علي بن الحسين بن إشكاب، حدثنا علي بن عاصم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال آدم عليه السلام: أرأيت يا رب إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة ؟ قال: نعم فذلك قوله "فتلقى آدم من ربه كلمات"" وهذا حديث غريب من هذا الوجه وفيه انقطاع، وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه". قال: إن آدم لما أصاب الخطيئة قال: أرأيت يا رب إن تبت وأصلحت ؟ قال الله إذاً أدخلك الجنة فهي الكلمات ومن الكلمات أيضاً "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه كان يقول في قول الله تعالى: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه" قال: كلمات: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم. وقوله تعالى "إنه هو التواب الرحيم" أي إنه يتوب على من تاب إليه وأناب كقوله "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده" وقوله: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية، وقوله: "ومن تاب وعمل صالحاً" وغير ذلك من الايات الدالة على أنه تعالى يغفر الذنوب، ويتوب على من يتوب، وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده، لا إله إلا هو التواب الرحيم.
37- " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ".
37. " فتلقى " تلقى والتلقي: هو قبول عن فطنة وفهم، وقيل: هو التعلم " آدم من ربه كلمات " قراءة العامة: آدم برفع الميم وكلمات بخفض التاء. قرأ ابن كثير: آدم بالنصب، كلمات برفع التاء يعني جاءت الكلمات آدم من ربه، وكانت سبب توبته. واختلفوا في تلك الكلمات قال سعيد بن جبير و مجاهد و الحسن : هي قوله " ربنا ظلمنا أنفسنا " الآية.
وقال مجاهد و محمد بن كعب القرظي : هي قوله لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت ( التواب الرحيم ). لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين وقال عبيد بن عمير : هي أن آدم قال يا رب أرأيت ما أتيت أشيء ابتدعته من تلقاء نفسي أم شيء قدرته علي قبل أن تخلقني؟ قال الله تعالى: بل شيء قدرته عليك قبل أن أخلقك. قال يارب فكما قدرته قبل أن تخلقني فاغفر لي.
وقيل: هي ثلاثة أشياء الحياء والدعاء والبكاء، قال ابن عباس بكى آدم وحواء على ما فاتهما من نعيم الجنة مائتي سنة، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوماً، ولم يقرب آدم/ حواء مائة سنة، وروى المسعودي عن يونس بن خباب وعلقمة بن مرثد قالوا: لو أن دموع أهل الأرض جمعت (لكانت) دموع داود أكثر حيث أصاب الخطيئة ولو أن دموع داود ودموع أهل الأرض جمعت لكانت دموع آدم أكثر حيث أخرجه الله من الجنة قال شهر بن حوشب : بلغني أن آدم لما (هبط) إلى الأرض مكث ثلثمائة سنة لا يرفع رأسه حياء من الله تعالى.
قوله: " فتاب عليه " فتجاوز عنه " إنه هو التواب " يقبل توبة عباده " الرحيم " بخلقه.
37-" فتلقى آدم من ربه كلمات " استقبلها بالأخذ والقبول والعمل بها حين علمها . وقرأ ابن كثير بنصب " آدم " ورفع الكلمات على أنها استقبلته وبلغته وهي قوله تعالى : " ربنا ظلمنا أنفسنا " ، وقيل : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . وعن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : يا رب ألم تخلقني بيدك ، قال : بلى ، قال : يا رب ألم تنفخ في الروح من روحك ، قال : بلى ، قال : يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك ، قال : بلى ، قال : ألم تسكني جنتك ، قال : بلى ، قال : يا رب إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة قال : نعم . وأصل الكلمة : الكلم ، وهو التأثير المدرك بإحدى الحاستين السمع والبصر كالكلام والجراحة والحركة .
" فتاب عليه " رجع عليه بالرحمة وقبول التوبة ، وإنما رتبه بالفاء على تلقي الكلمات لتضمنه معنى التوبة : وهو الإعتراف بالذنب والندم عليه والعزم على أن لا يعود إليه . واكتفى بذكر آدم لأن حواء كانت تبعاً له في الحكم ولذلك طوي ذكر النساء في أكثر القرآن والسنن .
" إنه هو التواب " الرجاع على عباده بالمغفرة ، أو الذي إعانتهم على التوبة ، وأصل التوبة : الرجوع ، فإذا وصف بها العبد كان رجوعاً عن المعصية ، وإذا وصف بها الباري تعالى أريد بها الرجوع عن العقوبة إلى المغفرة .
" الرحيم " المبالغ في الرحمة ، وفي الجمع بين الوصفين ، وعد للتائب بالإحسان مع العفو .
37. Then Adam received from his Lord words (of revelation), and He relented toward him. Lo! He is the Relenting the Merciful.
37 - Then learnt Adam from his Lord Words of inspiration, and his Lord, Turned Towards him; for he is oft Returning, Most Merciful.