[البقرة : 279] فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ
(فإن لم تفعلوا) ما أمرتم به (فأذنوا) اعلموا (بحرب من الله ورسوله) لكم فيه تهديد شديد لهم ولما نزلت قالوا لا يد لنا بحربه (وإن تبتم) رجعتم عنه (فلكم رؤوس) أصول (أموالكم لا تَظلِمون) بزيادة (ولا تُظلَمون) بنقص
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "فإن لم تفعلوا"، فإن لم تذروا ما بقي من الربا.
واختلف القرأة في قراءة قوله: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله".
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة: "فأذنوا" بقصر الألف من فأذنوا، وفتح ذالها، بمعنى: كونوا على علم وإذن.
وقرأه آخرون، وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين: فآذنوا بمد الألف من قوله: فآذنوا، وكسر ذالها، بمعنى: فآذنوا غيركم: أعلموهم وأخبروهم بأنكم على حربهم.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ: "فأذنوا" بقصر ألفها وفتح ذالها، بمعنى: اعلموا ذلك واستيقنوه، وكونوا على إذن من الله عز وجل لكم بذلك.
وإنما اخترنا ذلك، لأن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينبذ إلى من أقام على شركه الذي لا يقر على المقام عليه، وأن يقتل المرتد عن الإسلام منهم بكل حال إلا أن يراجع الإسلام، آذنه المشركون بأنهم على حربه أو لم يؤذنوه. فإذ كان المأمور بذلك لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون كان مشركاً مقيماً على شركه الذي لا يقر عليه، أو يكون كان مسلماً فارتد وأذن بحرب. فاي الأمرين كان، فإنما نبذ إليه بحرب، لا أنه أمر بالإيذان بها إن عزم على ذلك. لأن الأمر إن كان إليه، فأقام على أكل الربا مستحلاً له ولم يؤذن المسلمون بالحرب، لم يلزمهم حربه. وليس ذلك حكمه في واحدة من الحالين. فقد علم أنه المأذون بالحرب، لا الآذن بها.
وعلى هذا التأويل تأوله أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا"، إلى قوله: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله": فمن كان مقيماً على الربا لا ينزع عنه، فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه.
حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا ربيعة بن كلثوم قال، حدثني أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب.
حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا ربيعة بن كلثوم قال، حدثنا أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"، أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون، فجعلهم بهرجاً أينما ثقفوا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة مثله.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"، أوعد الآكل الربا بالقتل.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: قوله: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله"، فاستيقنوا بحرب من الله ورسوله.
قال أبو جعفر: وهذه الأخبار كلها تنبئ عن أن قوله: "فأذنوا بحرب من الله"، إيذان من الله عز وجل لهم بالحرب والقتل، لا أمر لهم بإيذان غيرهم.
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: "وإن تبتم" فتركتم أكل الربا وأنبتم إلى الله عز وجل. "فلكم رؤوس أموالكم" من الديون التي لكم على الناس، دون الزيادة التي أحدثتموها على ذلك رباً منكم، كما:
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم"، والمال الذي لهم على ظهور الرجال، جعل لهم رؤوس أموالهم حين نزلت هذه الآية، فأما الربح والفضل فليس لهم، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا منه شيئاً.
حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك قال: وضع الله الربا، وجعل لهم رؤوس أموالهم.
حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم"، قال: ما كان لهم من دين، فجعل لهم أن يأخذوا رؤوس أموالهم ولا يزدادوا عليه شيئاً.
حدثني موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" الذي أسلفتم، وسقط الربا.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ذكر لنا "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم الفتح: ألا إن ربا الجاهلية موضوع كله، وأول ربا أبتدئ به ربا العباس بن عبد المطلب".
حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: إن كل ربا موضوع، وأول رباً يوضع ربا العباس".
قال أبو جعفر: يعني بقوله: "لا تظلمون" بأخذكم رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل الإرباء على غرمائكم منهم، دون أرباحها التي زدتموها على من أخذتم ذلك منه من غرمائكم، فتأخذوا منهم ما ليس لكم أخذه، أو لم يكن لكم قبل، "ولا تظلمون"، يقول: ولا الغريم الذي يعطيكم ذلك دون الربا الذي كنتم ألزمتموه من أجل الزيادة في الأجل، يبخسكم حقاً لكم عليه فيمنعكموه، لأن ما زاد على رؤوس أموالكم لم يكن حقاً لكم عليه، فيكون بمنعه إياكم ذلك ظالماً لكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن عباس يقول، وغيره من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون"، فتربون، "ولا تظلمون"، فتنقصون.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون"، قال: لا تنقصون من أموالكم، ولا تأخذون باطلاً لا يحل لكم.
قوله تعالى : "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" .
الآيات الثلاث تضمنت أحكام الربا وجواز عقود المبايعات ، والوعيد لمن استحل الربا وأصر على فعله . وفي ذلك ثمان وثلاثون مسألة :
الأولى : قوله تعالى : "الذين يأكلون الربا" يأكلون يأخذون ، فعبر عن الأخذ بالأكل ، لأن الأخذ إنما يراد للأكل .والربا في اللغة الزيادة مطلقاً يقال : ربا الشيء يربو إذا زاد ومنه الحديث :
"فلا والله ما أخذنا من لقمة إلا ربا من تحتها" يعني الطعام الذي دعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة ، خرج الحديث مسلم رحمه الله . وقياس كتابته بالياء للكسرة في أوله ، وقد كتبوه في القرآن بالواو . ثم إن الشرع قد تصرف في هذا الإطلاق فقصره على بعض موارده ، فمرة أطلقه على كسب الحرام ، كما قال الله تعالى في اليهود : "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه" . ولم يرد به الربا الشرعي الذي حكم بتحريمه علينا وإنما أراد المال الحرام ، كما قال تعالى : "سماعون للكذب أكالون للسحت" . يعني به المال الحرام من الرشا ، وما استحلوه من أموال الأميين حيث قالوا : "ليس علينا في الأميين سبيل" . وعلى هذا فيدخل فيه النهي عن كل مال حرام بأي وجه اكتسب . والربا الذي عليه عرف الشرع شيئان : تحريم النساء ، والتفاضل في العقود وفي المطعومات على ما نبينه . وغالبه ما كانت العرب تفعله ، من قولها للغريم : أتقضي أم تربي ؟ فكان الغريم يزيد في عدد المال ويصبر الطالب عليه . وهذا كله محرم باتفاق الأمة .
الثانية : أكثر البيوع الممنوعة إنما تجد منعها لمعنى زيادة إما في عين مال ، وإما في منفعة لأحدهما من تأخير ونحوه . ومن البيوع ما ليس فيه معنى الزيادة ، كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها ، وكالبيع ساعة النداء يوم الجمعة ، فإن قيل لفاعلها ، آكل الربا فتجوز وتشبيه .
الثالثة : روى الأئمة واللفظ لـ مسلم عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سوءا" . وفي حديث عبادة بن الصامت :
"فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" . وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"الذهب بالذهب تبرها وعينها والفضة بالفضة تبرها وعينها والبر بالبر مدي بمدي والشعير بالشعير مدي بمدي والتمر بالتمر مدي بمدي والملح بالملح مدي بمدي فمن زاد أو ازداد فقد أربى ولا بأس يبيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يداً بيد وأما نسيئة فلا ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يداً بيد وأما نسيئه فلا" . وأجمع العلماء على القول بمقتضى هذه السنة وعليها جماعة فقهاء المسلمين إلا في البر والشعير فإن مالكا جعلها صنفاً واحداً ، فلا يجوز منهما اثنان بواحد ، وهو قول الليث و الأوزاعي و معظم علماء المدينة والشام ، وأضاف مالك إليهما السلت . وقال الليث : السلت والدخن والذرة صنف واحد ، وقاله ابن وهب .
قلت : وإذا ثبتت السنة فلا قول معها . وقال عليه السلام :
"فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" . وقوله : "البر بالبر والشعير بالشعير" دليل على أنهما نوعان مختلفان كمخالفة البر للتمر ، ولأن صفاتهما مختلفة وأسماؤهما مختلفة ، ولا اعتبار بالمنبت والمحصد إذا لم يعتبره الشعر بل فصل وبين ، وهذا مذهب الشافعي و أبي حنيفة و الثوري وأصحاب الحديث .
الرابعة : كان معاوية بن ابي سفيان يذهب إلى أن النهي والتحريم إنما ورد من النبي صلى الله عليه وسلم في الدينار المضروب والدرهم المضروب لا في التبر من الذهب والفضة بالمضروب ، ولا في المصوغ بالمضروب . وقد قيل إن ذلك إنما كان منه في المصوغ خاصة ، حتى وقع له مع عبادة ما خرجه مسلم وغيره ، قال :
غزونا وعلى الناس معاوية فغنمنا غنائم كثيرة ، فكان مما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلاً ببيعها في أعطيات الناس فتنازع الناس في ذلك فبلغ عبادة بن الصامت ذلك فقام فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عيناً بعين من زاد أو ازداد فقد أربى ، فرد الناس ما أخذوا ، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيباً فقال : ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه ! فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة ثم قال : لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية ـ أو قال وإن رغم ـ ما أبالي ألا أصحبه في جنده في ليلة سوداء . قال حماد هذا أو نحوه . قال ابن عبد البر :وقد روي أن هذه القصة إنما كانت لأبي الدرداء مع معاوية . ويحتمل أن يكون وقع ذلك لهما معه ، ولكن الحديث في العرف محفوظ لعبادة ، وهو الأصل الذي عول عليه العلماء في باب الربا . ولم يختلفوا أن فعل معاوية في ذلك غير جائز ، وغير نكير أن يكون معاوية خفي عليه ما قد علمه أبو الدرداء وعبادة فإنهما جليلان من فقهاء الصحابة وكبارهم ، وقد خفي على ابي بكر وعمر ما وجد عند غيرهم ممن هو دونهم ،فمعاوية أحرى . ويحتمل أن يكون مذهبه كمذهب ابن عباس ، فقد كان وهو بحر في العلم لا يرى الدرهم بالدرهمين بأساً حتى صرفه عن ذلك أبو سعيد . وقصة معاوية هذه مع عبادة كانت في ولاية عمر .قال قبيصة بن ذؤيب : إن عبادة أنكر شيئاً على معاوية فقال : لا أساكنك بأرض أنت بها ودخل المدينة . فقال له عمر : ما أقدمك ؟ فأخبره . فقال : ارجع إلى مكانك ، فقبح الله أرضاً لست فيها ولا أمثالك ! وكتب إلى معاوية لا إمارة لك عليه .
الخامسة : روى الأئمة واللفظ لـ لدار قطني عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما من كانت له حاجة بورق فليصرفها بذهب وإن كانت له حاجة بذهب فليصرفها بورق هاء وهاء" . قال العلماء فقوله عليه السلام : "الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما" إشارة إلى جنس الأصل المضروب ، بدليل قوله : "الفضة بالفضة والذهب بالذهب" الحديث . والفضة البيضاء والسوداء والذهب الأحمر والأصفر كل ذلك لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا مثلاً بمثل سواء بسواء على كل حال ، على هذا جماعة أهل العلم على ما بينا . واختلفت الرواية عن مالك في الفلوس فألحقها بالدراهم من حيث كانت ثمناً للأشياء ، ومنع من إلحاقها مرة من حيث أنها ليست ثمناً في كل بلد وإنما يختص بها بلد دون بلد .
السادسة : لا اعتبار بما قد روي عن كثير من أصحاب مالك وبعضهم يرويه عن مالك في التاجر يحفزه الخروج وبه حاجة إلى دراهم مضروبة أو دنانير مضروبة ، فيأتي دار الضرب بفضته أو ذهبه فيقول للضراب ، خذ فضتي هذه أو ذهبي وخذ قدر عمل يدك وادفع إلي دنانير مضروبة في ذهبي أو دراهم مضروبة في فضتي هذه لأني محفوز للخروج وأخاف أن يفوتني من أخرج معه ، وأن ذلك جائز للضروة ، وأنه قد عمل به بعض الناس . وحكاه ابن العربي في قبسه عن مالك في غير التاجر ، وأن مالكا خفف في ذلك ، فيكون في الصورة قد باع فضته التي زنتها مائة وخمسة دراهم أجره بمائة وهذا محض الربا . والذي أوجب جواز ذلك أنه لو قال له : اضرب لي هذه وقاطعه على ذلك بأجرة ، فلما ضربها قبضها منه وأعطاه أجرتها ، فالذي فعل مالك اولاً هو الذي يكون آخراً ، و مالك إنما ينظر إلى المال فركب عليه حكم الحال ، واباه سائر الفقهاء . قال ابن العربي : والحجة فيه لـ مالك بينة . قال أبو عمر رحمه الله .وهذا هو عين الربا الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : "من زاد أو ازداد فقد أربى" . وقد رد ابن وهب هذ المسألة على مالك وأنكرها . وزعم الأبهري أن ذلك من باب الرفق لطلب التجارة ولئلا يفوت السوق ، وليس الربا إلا على من أراد أن يربي ممن يقصد إلى ذلك ويبتغيه . ونسي الأبهري أصله في قطع الذرائع ، وقوله فيمن باع ثوباً بنسيئة وهو لا نية له في شرائه ثم يجده في السوق يباع : إنه لا يجوز له ابتياعه منه بدون ما باعه به وإن لم يقصد إلى ذلك ولم يبتغه ، ومثله كثير ، ولو لم يكن الربا إلا على من قصده ما حرم إلا على الفقهاء . وقد قال عمر :لا يتجر في سوقنا إلا من فقه وإلا أكل الربا . وهذا بين لمن رزق الإنصاف وألهم رشده .
قلت : وقد بالغ مالك رحمه الله في منع الزيادة حتى جعل المتوهم كالمتحقق ، فمنع ديناراً ودرهماً بدينار ودرهم سداً للذريعة وحسماً للتوهمات ، إذ لولا توهم الزيادة لما تبادلا . وقد علل منع ذلك بتعذر المماثلة عند التوزيع ، فإنه يلزم منه ذهب وفضة بذهب . وأوضح من هذا منعه التفاضل المعنوي ، وذلك أن منع ديناراً من الذهب العالي وديناراً من الذهب الدون في مقابلة العالي وألغى الدون ، وهذا من دقيق نظره رحمه الله ، فدل أن تلك الرواية عنه منكرة ولا تصح . والله أعلم .
السابعة : قال الخطابي : التبر قطع الذهب والفضة قبل أن تضرب وتطبع دراهم أو دنانير ، واحدتها تبرة . والعين : المضروب من الدراهم أو الدنانير . "وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع مثقال ذهب عين بمثقال وشيء من تبر غير مضروب . وكذلك حرم التفاوت بين المضروب من الفضة وغير المضروب منها ،وذلك معنى قوله : تبرها وعينها سواء" .
الثامنة : أجمع العلماء على أن التمر بالتمر ولا يجوز إلا مثلاً بمثل . واختلفوا في بيع التمرة الواحدة بالتمرتين ، والحبة الواحدة من القمح بحبتين ، فمنعه الشافعي و أحمد و إسحاق و الثوري ،وهو قياس قول مالك وهو الصحيح ، لأن ما جرى الربا فيه بالتفاضل في كثيره دخل قليله في ذلك قياساً ونظراً . احتج من أجاز ذلك بأن مستهلك التمرة والتمرتين لا تجب عليه القيمة ،قال : لأنه لا مكيل ولا موزون فجاز فيه التفاضل .
التاسعة : اعلم رحمك الله ان مسائل هذا الباب كثيرة وفروعه منتشرة ، والذي يربط لك ذلك أن تنظر إلى ما اعتبره كل واحد من العلماء في علة الربا ، فقال أبو حنيفة : علة ذلك كونه مكيلاً أو موزوناً جنساً ، فكل ما يدخله الكيل أو الوزن عنده من جنس واحد ، فإن بيع بعضه ببعض متفاضلاً أو نسيئاً لا يجوز ، فمنع بيع التراب بعضه ببعض متفاضلاً ، لأنه يدخله الكيل ، وأجاز الخبز قرصاً بقرصين ، لأنه لم يدخل عنده في الكيل الذي هو أصله ، فخرج من الجنس الذي يدخله الربا إلى ما عداه . وقال الشافعي : العلة كونه مطعوماً جنساً . هذا قوله في الجديد ، فلا يجوز عنده بيع الدقيق بالخبز ولا بيع الخبز بالخبز متفاضلاً ولا نسيئاً ، وسواء أكان الخبز خميراً أو فطيراً . ولا يجوز عنده بيضة ببيضتين ، ولا رمانة برمانتين ، ولا بطيخة ببطيختين لا يداً بيد ولا نسيئة ، لأن ذلك كله طعام مأكول . وقال في القديم : كونه مكيلاً أو موزوناً . واختلفت عبارات أصحابنا المالكية في ذلك ، وأحسن ما في ذلك كونه مدخراً للعيش غالباً جنساً ، كالحنطة والشعير والتمر والملح المنصوص عليها ، وما في معناه كالأرز والذرة والدخن والسمسم ، والقطاني كالفول والعدس واللوبياء والحمص ، وكذلك اللحوم والألبان والخلول والزيوت ، والثمار كالعنب والزبيب والزيتون ، واختلف في التين ، ويلحق بها العسل والسكر . فهذا كله يدخله الربا من جهة النساء . وجائز فيه التفاضل لقوله عليه السلام : "إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" . ولا ربا في رطب الفواكه التي لا تبقى كالتفاح والبطيخ والرمان والكمثرى والقثاء والخيار والباذنجان وغير ذلك من الخضروات . قال مالك : لا يجوز بيع البيض بالبيض متفاضلاً ، لأنه مما يدخر ، ويجوز عنده مثلاً بمثل . وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : جائز بيضة ببيضتين وأكثر ، لأنه مما لا يدخر ، وهو قول الأوزاعي .
العاشرة : اختلف النحاة في لفظ الربا فقال البصريون : هو من ذوات الواو ، لأنك تقول في تثنيته : ربوان ، قاله سيبويه . وقال الكوفيون : يكتب بالياء وتثنيته بالياء ، لأجل الكسرة التي في أوله . قال الزجاج : ما رأيت خطأ أقبح من هذا ولا أشنع ! لا يكفيهم الخطأ في الخط حتى يخطئوا في التثنية وهم يقرءون " وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس " قال محمد بن يزيد : كتب الربا في المصحف بالواو فرقاً بينه وبين الزنا ، وكان الربا أولى منه بالواو ، لأنه من ربا يربو .
الحادية عشرة : قوله تعالى : "لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" الجملة خبر الابتداء وهو الذين . والمعنى من قبورهم ، قاله ابن عباس و مجاهد و ابن جبير و قتادة و الربيع و الضحاك و السدي وابن زيد . وقال بعضهم : يجعل معه شيطان يخنقه . وقالوا كلهم : يبعث كالمجنون عقوبة له وتمقيتاً عند جميع أهل المحشر . ويقوي هذا التأويل المجمع عليه أن في قراءة ابن مسعود لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم . قال ابن عطية : وأما ألفاظ الآية فكانت تحتمل تشبيه حال القائم بحرص وجشع إلى تجارة الدنيا بقيام المجنون ، لأن الطمع والرغبة تستفزه حتى تضطرب أعضاؤه ، وهذا كما تقول لمسرع في مشيه يخلط في هيئة حركاته إما من فزع أو غيره : قد جن هذا ! وقد شبه الأعشى ناقته في نشاطها بالجنون في قوله :
وتصبح غب السرى وكأنما ألم بها من طائف الجن أولق
وقال آخر :
لعمرك بي من حب أسماء أولق
لكن ما جاءت به قراءة ابن مسعود وتظاهرت به أقوال المفسرين يضعف هذا التأويل . و يتخطبه يتفعله من خبط يخبط ، كما تقول : تملكه وتعبده . فجعل الله هذه العلامة لأكلة الربا ، وذلك أنه أرباه في بطونهم فأثقلهم ، فهم إذا خرجوا من قبورهم يقومون ويسقطون . ويقال : إنهم يبعثون يوم القيامة قد انتفخت بطونهم كالحبالى ، وكلما قاموا سقطوا والناس يمشون عليهم . وقال بعض العلماء : إنما ذلك شعار لهم يعرفون به يوم القيامة ثم العذاب من وراء ذلك ، كما أن الغال يجيء بما غل يوم القيامة بشهرة يشهر بها ثم العذاب من وراء ذلك . وقال تعالى يأكلون والمراد يكسبون الربا ويفعلونه . وإنما خص الأكل بالذكر لأنه أقوى مقاصد الإنسان في المال ، ولأنه دال على الجشع وهو أشد الحرص ، يقال :رجل جشع بين الجشع وقوم جشعون ، قاله في المجمل . فأقيم هذا البعض من توابع الكسب مقام الكسب كله ، فاللباس والسكنى والادخار والإنفاق على العيال داخل في قوله :"الذين يأكلون" .
الثانية عشرة : في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن ، وزعم أنه من فعل الطبائع ، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان لا يسل في الإنسان ولا يكون منه مس ، وقد مضى الرد عليهم فيما تقدم من هذا الكتاب . وقد روى النسائي عن ابي اليسر قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول : "اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحرق وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً وأعوذ بك أن أموت لديغا" . وروي من حديث محمد بن المثنى حدثنا أبو داود حدثنا همام عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول :
"اللهم إني أعوذ بك من الجنون والجذام والبرص وسيء الأسقام" . والمس : الجنون ، يقال : مس الرجل وألس ، فهو ممسوس ومألوس إذا كان مجنوناً ، وذلك علامة الربا في الآخرة . وروى في حديث الإسراء :
"فانطلق بي جبريل فمررت برجال كثير كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم متصدين على سابلة آل فرعون وآل فرعون يعرضون على النار بكرة وعشيا فيقبلون مثل الإبل المهيومة يتخبطون الحجارة والشجر لا يسمعون ولا يعقلون فإذا أحس بهم أصحاب تلك البطون قاموا فتميل بهم بطونهم فيصرعون ثم يقوم أحدهم فيميل به بطنه فيصرع فلا يستطيعون براحاً حتى يغشاهم آل فرعون فيطئونهم مقبلين ومدبرين فذلك عذابهم في البرزخ بين الدنيا والآخرة وآل فرعون يقولون اللهم لا تقم الساعة أبداً ، فإن الله تعالى يقول :" ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " ـ قتل ـ يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" . والمس الجنون وكذلك الأولق والألس والرود .
الثالثة عشرة : قوله تعالى : "ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا" معناه عند جميع المتأولين في الكفار ، ولهم قيل : "فله ما سلف" ولا يقال ذلك لمؤمن عاص بل ينقض بيعه ويرد فعله وإن كان جاعلاً ، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم :
"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" . لكن قد يأخذ العصاة في الربا بطرف من وعيد هذه الآية .
الرابعة عشرة : قوله تعالى : "إنما البيع مثل الربا" أي إنما الزيادة عند حلول الأجل آخراً كمثل أصل الثمن في أول العقد ، وذلك أن العرب كانت لا تعرف رباً إلا ذلك ، فكانت إذا حل دينها قالت للغريم : إما أن تقضي وإما ان تربي ، أي تزيد في الدين . فحرم الله سبحانه ذلك ورد عليهم قولهم بقوله الحق : "وأحل الله البيع وحرم الربا" وأوضح أن الأجل إذا حل ولم يكن عنده ما يؤدي أنظر إلى الميسرة . وهذا الربا هو الذي نسخه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله يوم عرفة لما قال :
"ألا إن كل ربا موضوع وإن أول ربا أضعه ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله" . فبدأ صلى الله عليه وسلم بعمه وأخص الناس به . وهذا من سنن العدل للإمام أن يفيض العدل على نفسه وخاصته فيستفيض حينئذ في الناس .
الخامسة عشرة : قوله تعالى :"وأحل الله البيع وحرم الربا" هذا من عموم القرآن ، والألف واللام للجنس لا للعهد إذ لم يتقدم بيع مذكور يرجع إليه ، كما قال تعالى : "والعصر * إن الإنسان لفي خسر" ثم استثنى " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " . وإذا ثبت ان البيع عام فهو مخصص بما ذكرناه من الربا وغير ذلك مما نهي عنه ومنع العقد عليه ، كالخمر والميتة وحبل الحبلة وغير ذلك مما هو ثابت في السنة وإجماع الأمة النهي عنه . ونظيره "فاقتلوا المشركين" وسائر الظواهر التي تقتضي العمومات ويدخلها التخصيص ، وهذا مذهب أكثر الفقهاء . وقال بعضهم : هو من مجمل القرآن الذي فسر بالمحلل من البيع وبالمحرم فلا يمكن أن يستعمل في إحلال البيع وتحريمه إلا أن يقترن به بيان من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإن دل على إباحة البيوع في الجملة دون التفصيل . وهذا فرق ما بين العموم والمجمل . فالعموم يدل على إباحة البيوع في الجملة والتفصيل ما لم يخص بدليل . والمجمل لا يدل على إباحتها في التفصيل حتى يقترن به بيان . والأول أصح . والله أعلم .
السادسة عشرة : البيع في اللغة مصدر باع كذا بكذا ، أي دفع عوضاً وأخذ معوضاً . وهو يقتضي بائعاً وهو المالك أو من ينزل منزلته ، ومبتاعاً وهو الذي يبذل الثمن ، ومبيعاً وهو المثمون وهو الذي يبذل في مقابلته الثمن . وعلى هذا فأركان البيع أربعة : البائع والمبتاع والثمن والمثمن . ثم المعاوضة عند العرب تختلف بحسب اختلاف ما يضاف إليه ، فإن كان احد المعوضين في مقابلة الرقبة سمي بيعاً ، إن كان في مقابةل منفعة رقبة فإن كانت منفعة بضع سمي نكاحاً ، وإن كانت منفعة غيرها سمي إجارة ، وإن كان عيناً بعين فهو بيع النقد وهو الصرف ، وإن كان بدين مؤجل فهو السلم ، وسيأتي بيانه في آية الدين . وقد مضى حكم الصرف ، ويأتي حكم الإجارة في القصص وحكم المهر في النكاح في النساء كل في موضعه إن شاء الله تعالى .
السابعة عشرة : البيع قبول وإيجاب يقع باللفظ المستقبل والماضي ، فالماضي فيه حقيقة والمستقبل كناية ، ويقع بالصريح والكناية المفهوم منها نقل الملك . فسواء قال : بعتك هذه السلعة بعشرة فقال : اشتريتها ، أو قال المشتري : اشتريتها وقال البائع : بتعكها ، او قال البائع : أنا أبيعك بعشرة فقال المشتري : انا أشتري أو قد اشتريت وكذلك لو قال : خذها بعشرة أو أعطيتكها او دونكها او بورك لك فيها بعشرة او سلمتها إليك ـ وهما يريدان البيع ـ فذلك كله بيع لازم . ولو قال البائع : بعتك بعشرة ثم رجع قبل أن يقبل المشتري فقد قال : ليس له ان يرجع حتى يسمع قبول المشتري أو رده ، لأنه قد بذل ذلك من نفسه وأوجبه عليها ، وقد قال ذلك له ، لأن العقد لم يتم عليه . ولو قال البائع : كنت لاعباً ، فقد اختلفت الرواية عنه ، فقال مرة : يلزمه البيع ولا يلتفت إلى قوله . وقال مرة :ينظر إلى قيمة السلعة .
فإن كان الثمن يشبه قيمتها فالبيع لازم ، وإن كان متفاوتاً كعبد بدرهم ودار بدينار علم أنه لم يرد به البيع ، وإنما كان هازلاً فلم يلزمه .
يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بتقواه, ناهياً لهم عما يقربهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه, فقال "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله" أي خافوه وراقبوه فيما تفعلون "وذروا ما بقي من الربا" أي اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال, بعد هذا الإنذار "إن كنتم مؤمنين" أي بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك, وقد ذكر زيد بن أسلم, وابن جريج ومقاتل بن حيان والسدي, أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير من ثقيف, وبني المغيرة من بني مخزوم, كان بينهم ربا في الجاهلية, فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه, طلبت ثقيف أن تأخذه منهم, فتشاورا وقالت بني المغيرة لا نؤدي الربا في الإسلام بكسب الإسلام, فكتب في ذلك عتاب بن أسيد, نائب مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية, فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" فقالوا نتوب إلى الله, ونذر ما بقي من الربا فتركوه كلهم, وهذا تهديد ووعيد أكيد, لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار قال ابن جريج: قال ابن عباس: "فأذنوا بحرب", أي استيقنوا بحرب من الله ورسوله, وتقدم من رواية ربيعة بن كلثوم, عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس, قال: يقال يوم القيامة لاكل الربا: خذ سلاحك للحرب, ثم قرأ "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" وقال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" فمن كان مقيماً على الربا لا ينزع عنه, كان حقاً على إمام المسلمين أن يستتيبه, فإن نزع وإلا ضرب عنقه, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين, حدثنا محمد بن بشار, حدثنا عبد الأعلى, حدثنا هشام بن حسان, عن الحسن وابن سيرين, أنهما قالا: والله إن هؤلاء الصيارفة لأكلة الربا, وإنهم قد أذنوا بحرب من الله ورسوله, ولو كان على الناس إمام عادل لاستتابهم, فإن تابوا وإلا وضع فيه السلاح. وقال قتادة: أوعدهم الله بالقتل كما يسمعون, وجعلهم بهرجاً أين ما أتوا, فإياكم ومخالطة هذه البيوع من الربا, فإن الله قد أوسع الحلال وأطابه, فلا يلجئنكم إلى معصيته فاقة. رواه ابن أبي حاتم, وقال الربيع بن أنس: أوعد الله آكل الربا بالقتل, رواه ابن جرير, وقال السهيلي: ولهذا قالت عائشة لأم محبة مولاة زيد بن أرقم في مسألة العينة: أخبريه أن جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم قد بطل إلا أن يتوب, فخصت الجهاد لأنه ضد قوله: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله" قال: وهذا المعنى ذكره كثير , قال: ولكن هذا إسناده إلى عائشة ضعيف.
ـ ثم قال تعالى: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون" أي بأخذ الزيادة " ولا تظلمون " أي بوضع رؤوس الأموال أيضاً, بل لكم ما بذلتم من غير زيادة عليه ولا نقص منه, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الحسين بن أشكاب, حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان, عن شبيب بن غرقدة المبارقي, عن سليمان بن عمرو بن الأحوص, عن أبيه, قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع, فقال "ألا إن كل رباً كان في الجاهلية موضوع عنكم كله, لكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون, وأول ربا موضوع ربا العباس بن عبد المطلب, موضوع كله" وكذا وجده سليمان بن الأحوص, وقال ابن مردويه: حدثنا الشافعي, حدثنا معاذ بن المثنى, أخبرنا مسدد, أخبرنا أبو الأحوص, حدثنا شبيب بن غرقدة, عن سليمان بن عمرو, عن أبيه, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع, فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" وكذا رواه من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد, عن أبي حمزة الرقاشي عن عمر وهو ابن خارجة, فذكره.
وقوله "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون" يأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء, فقال "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حل عليه الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي, ثم يندب إلى الوضع عنه, ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل, فقال: "وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون" أي وأن تتركوا رأس المال بالكلية وتضعوه عن المدين, وقد وردت الأحاديث من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
(فالحديث الأول) عن أبي أمامة أسعد بن زرارة. قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن شعيب الرجاني, حدثنا يحيى بن حكيم المقوم, حدثنا محمد بن بكر البرساني, حدثنا عبد الله بن أبي زياد, حدثني عاصم بن عبيد الله, عن أبي أمامة أسعد بن زرارة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله, فلييسر على معسر أو ليضع عنه".
(حديث آخر) عن بريدة. قال الإمام أحمد: حدثنا عفان, حدثنا عبد الوارث, حدثنا محمد بن جحادة, عن سليمان بن بريدة, عن أبيه, قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول "من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة" قال: ثم سمعته يقول: "من أنظر معسراً فله بكل يوم مثلاه صدقة" قلت: سمعتك يا رسول الله تقول "من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة". ثم سمعتك تقول "من أنظر معسراً فله بكل يوم مثلاه صدقة", قال: "له لكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين, فإذا حل الدين فأنظره, فله بكل يوم مثلاه صدقة".
(حديث آخر) عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري. قال أحمد: حدثنا حماد بن سلمة, أخبرنا أبو جعفر الخطمي, عن محمد بن كعب القرظي, أن أبا قتادة كان له دين على رجل, وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه, فجاء ذات يوم فخرج صبي, فسأله عنه, فقال: نعم هو في البيت يأكل خزيرة, فناداه, فقال: يا فلان, اخرج فقد أخبرت أنك هاهنا, فخرج إليه, فقال: ما يغيبك عني ؟ فقال إني معسر وليس عندي شيء, قال: آلله أنك معسر ؟ قال: نعم, فبكى أبو قتادة, ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من نفس عن غريمه, أو محا عنه, كان في ظل العرش يوم القيامة", ورواه مسلم في صحيحه.
(حديث آخر) عن حذيفة بن اليمان, قال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا الأخنس أحمد بن عمران, حدثنا محمد بن فضيل, حدثنا أبو مالك الأشجعي, عن ربعي بن خراش, عن حذيفة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتى الله بعبد من عبيده يوم القيامة قال: ماذا عملت في الدنيا ؟ فقال: ما عملت لك يا رب مثقال ذرة في الدنيا أرجوك بها ـ قالها ثلاث مرات ـ قال العبد عند آخرها: يا رب إنك كنت أعطيتني فضل مال, وكنت رجلاً أبايع الناس, وكان من خلقي الجواز, فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر, قال: فيقول الله عز وجل: أنا أحق من ييسر, ادخل الجنة". وقد أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه من طرق عن ربعي بن حراش, عن حذيفة, زاد مسلم وعقبة بن عامر وأبي مسعود البدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه, ولفظ البخاري: حدثنا هشام بن عمار, حدثنا يحيى بن حمزة, حدثنا الزهري عن عبد الله بن عبد الله, أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "كان تاجر يداين الناس, فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزا عنه لعل الله يتجاوز عنا, فتجاوز الله عنه".
(حديث آخر) عن سهل بن حنيف, قال الحاكم في مستدركه: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب, حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى, حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك, حدثنا عمرو بن ثابت, حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل, عن عبد الله بن سهل بن حنيف, أن سهلاً حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: "من أعان مجاهداً في سبيل الله أو غازياً أو غارماً في عسرته أو مكاتباً في رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(حديث آخر) عن عبد الله بن عمر, قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد, عن يوسف بن صهيب, عن زيد العمي عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته, فليفرج عن معسر". انفرد به أحمد.
(حديث آخر) عن أبي مسعود عقبة بن عمرو. قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون, أخبرنا أبو مالك عن ربعي بن حراش, عن حذيفة, أن رجلاً أتى به الله عز وجل, فقال: ماذا عملت في الدنيا ؟ فقال له الرجل: ما عملت مثقال ذرة من خير, فقال ثلاثاً, وقال في الثالثة: إني كنت أعطيتني فضلاً من المال في الدنيا, فكنت أبايع الناس, فكنت أيسر على الموسر , وأنظر المعسر. فقال تبارك وتعالى: نحن أولى بذلك منك, تجاوزا عن عبدي, فغفر له. قال أبو مسعود: هكذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم, وهكذا رواه مسلم من حديث أبي مالك سعد بن طارق به.
(حديث آخر) عن عمران بن حصين. قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر, أخبرنا أبو بكر, عن الأعمش, عن أبي دواد, عن عمران بن حصين قال, قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له على رجل حق فأخره, كان له بكل يوم صدقة", غريب من هذا الوجه, وقد تقدم عن بريدة نحوه.
(حديث آخر) عن أبي اليسر كعب بن عمرو. قال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو, حدثنا زائدة, عن عبد الملك بن عمير, عن ربعي, قال: حدثنا أبو اليسر, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال "من أنظر معسراً أو وضع عنه, أظله الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله". وقد أخرجه مسلم في صحيحه ومن وجه آخر من حديث عباد بن الوليد بن عبادة بن الصامت, قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا, فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومعه غلام له معه ضمامة من صحف, وعلى أبي اليسر بردة ومعافري, وعلى غلامة بردة ومعافري, فقال له أبي: يا عم, إني أرى في وجهك سفعة من غضب, قال: أجل كان لي على فلان بن فلان ـ الحرامي ـ مال, فأتيت أهله, فسلمت فقلت: أثم هو ؟ قالوا: لا , فخرج علي ابن له جفر , فقلت: أين أبوك ؟ فقال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي, فقلت: اخرج إلي فقد علمت أين أنت, فخرج, فقلت ما حملك على أن اختبأت مني ؟ قال: أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك, خشيت والله أن أحدثك فأكذبك أو أعدك فأخلفك, وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكنت والله معسراً. قال: قلت: آلله. قال: قلت: آلله ؟ قال: الله, ثم قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده, ثم قال: فإن وجدت قضاء فاقضني وإلا فأنت في حل, فأشهد بصر عيناي هاتان ـ ووضع أصبعيه على عينيه ـ وسمع أذناي هاتان, ووعاه قلبي ـ وأشار إلى نياط قلبه, رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من أنظر معسراً أو وضع عنه, أظله الله في ظله. وذكر تمام الحديث.
(حديث آخر) عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان, قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثني أبو يحيى البزاز محمد بن عبد الرحمن, حدثنا الحسن بن أسد بن سالم الكوفي, حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري, عن هشام بن زياد القرشي, عن أبيه, عن محجن مولى عثمان, عن عثمان, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أظل الله عيناً في ظله يوم لا ظل إلا ظله, من أنظر معسراً, أو ترك لغارم".
(حديث آخر) عن ابن عباس. قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يزيد, حدثنا نوح بن جعونة السلمي الخراساني, عن مقاتل بن حيان, عن عطاء, عن ابن عباس, قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وهو يقول بيده: هكذا, وأومأ عبد الرحمن بيده إلى الأرض "من أنظر معسراً أو وضع عنه, وقاه الله من فيح جهنم ألا إن عمل الجنة حزن بربوة ـ ثلاثاً ـ ألا إن عمل النار سهل بسهوة, والسعيد من وقي الفتن, وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد, ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيماناً" تفرد به أحمد.
(طريق آخر) قال الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد البوراني قاضي الحديبية من ديار ربيعة, حدثنا الحسن بن علي الصدائي, حدثنا الحكم بن الجارود, حدثنا ابن أبي المتئد خال ابن عيينة, عن أبيه, عن عطاء, عن ابن عباس قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أنظر معسراً إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته".
ثم قال تعالى يعظ عباده, ويذكرهم زوال الدنيا, وفناء ما فيها من الأموال وغيرها, وإتيان الاخرة, والرجوع إليه تعالى, ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا, ومجازاته إياهم بما كسبوا من خير وشر, ويحذرهم عقوبته, فقال: "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون", وقد روي أن هذه الاية آخر آية نزلت من القرآن العظيم, فقال ابن لهيعة: حدثني عطاء بن دينار, عن سعيد بن جبير قال: آخر ما نزل من القرآن كله "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون", وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الاية تسع ليال, ثم مات يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول, رواه ابن أبي حاتم, وقد رواه ابن مردويه من حديث المسعودي عن حبيب ابن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: آخر آية نزلت "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله" وقد رواه النسائي من حديث يزيد النحوي, عن عكرمة, عن عبد الله بن عباس, قال: آخر شيء نزل من القرآن "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون", وكذا رواه الضحاك والعوفي عن ابن عباس, وروى الثوري عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس, قال: آخر آية نزلت "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله" فكان بين نزولها وموت النبي صلى الله عليه وسلم واحد وثلاثون يوماً, وقال ابن جريج: يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعدها تسع ليال وبدء يوم السبت ومات يوم الإثنين, رواه ابن جرير, ورواه ابن عطية عن أبي سعيد, قال آخر آية نزلت"واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"
قوله: 279- "فإن لم تفعلوا" يعني ما أمرتم به من الاتقاء وترك ما بقي من الربا "فأذنوا بحرب من الله ورسوله" أي فاعلموا بها، من أذن بالشيء إذا علم به، قيل: هو من الإذن بالشيء وهو الاستماع لأنه من طرق العلم. وقرأ أبو بكر عن عاصم وحمزة فأذنوا على معنى فأعلموا غيركم أنكم على حربهم. وقد دلت هذه على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر، ولا خلاف في ذلك، وتنكير الحرب للتعظيم، وزادها تعظيماً نسبتها إلى اسم الله الأعظم وإلى رسوله الذي هو أشرف خليقته. قوله: "فإن تبتم" أي من الربا "فلكم رؤوس أموالكم" تأخذونها "لا تظلمون" غراماءكم بأخذ الزيادة "ولا تظلمون" أنتم من قبلهم بالمطل والنقص، والجملة حالية أو استئنافية. وفي هذا دليل على أن أموالهم مع عدم التوبة حلال لمن أخذها من الأئمة ونحوهم ممن ينوب عنهم.
279. " فإن لم تفعلوا " أي إذا لم تذروا ما بقي من الربا " فأذنوا بحرب من الله ورسوله " قرأ حمزة و عاصم برواية أبي بكر فآذنوا بالمد على وزن آمنوا، أي فأعلموا غيركم أنكم حرب لله ورسوله، وأصله من الأذن أي أوقعوا في الآذان، وقرأ الآخرون فأذنوا مقصوراً بفتح الذال أي فاعلموا أنتم وأيقنوا بحرب من الله ورسوله، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: يقال لآكل الربا يوم القيامة خذ سلاحك للحرب، قال أهل المعاني: حرب الله: النار وحرب رسول الله: السيف.
" وإن تبتم " إن تركتم استحلال الربا ورجعتم عنه " فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون " بطلب الزيادة " ولا تظلمون " بالنقصان عن رأس المال فلما نزلت الآية قال بنو عمرو الثقفي ومن كان يعامل بالربا من غيرهم: بل نتوب إلى الله، فإنه لا يدان لنا بحرب الله ورسوله، فرضوا برأس المال، فشكا بنو المغيرة العسرة وقالوا: أخرونا إلى أن تدرك الغلات فأبوا أن يؤخروا
279-" فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " أي فاعلموا بها ، من أذن بالشيء إذا علم به ، وقرأ حمزة و عاصم في رواية ابن عياش فآذنوا أي فاعلموا بها غيركم ، من الأذن وهو الاستماع فإنه من طرق العلم ، وتنكير حرب للتعظيم وذلك يقتضي أن يقاتل المربي بعد الاستتابة حتى يفيء إلى أمر الله ، كالباغي ولا يقتضي كفره . روي : أنها لما نزلت قالت ثقيف لا أيدي لنا بحرب الله ورسوله . " وإن تبتم " من الارتباء واعتقاد حله . " فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون " بأخذ الزيادة . " ولا تظلمون " بالمطل والنقصان ، ويفهم منه أنها إن لم يتوبوا فليس لهم رأس مالهم وهو سديد على ما قلناه ، إذ المصر على التحليل مرتد وماله فيء :
279. And if ye do not, then be warned of war (against you) from Allah and His messenger. And if ye repent, then ye have your principal (without interest). Wrong not, and ye shall not be wronged,
279 - If ye do it not, take notice of war from God and his apostle: but if ye turn back, ye shall have your capital sums: deal not unjustly, and ye shall not be dealt with unjustly.