[البقرة : 253] تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ
(تلك) مبتدأ (الرسل) صفة أو خبر (فضلنا بعضهم على بعض) بتخصيصه بمنقبة ليست بغيره (منهم من كلم اللهُ) كموسى (ورفع بعضهم) أي محمداً صلى الله عليه وسلم (درجات) على غيره بعموم الدعوة وختْم النبوة وتفضيل أمته على سائر الأمم والمعجزات المتكاثرة والخصائص العديدة (وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه) قويناه (بروح القُدُس) جبريل يسير معه حيث سار (ولو شاء الله) لهدى الناس جميعا (ما اقتتل الذين من بعدهم) بعد الرسل أي أممهم (من بعد ما جاءتهم البينات) لاختلافهم وتضليل بعضهم بعضا (ولكن اختلفوا) لمشيئته ذلك (فمنهم من آمن) ثبت على إيمانه (ومنهم من كفر) كالنصارى بعد المسيح (ولو شاء الله ما اقتتلوا) تأكيد (ولكن الله يفعل ما يريد) من توفيق من شاء وخذلان من شاء
القول في تأويل قوله تعالى: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات".
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "تلك"، الرسل الذين قص الله قصصهم في هذه السورة، كموسى بن عمران، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وشمويل، وداود، وسائر من ذكر نبأهم في هذه السورة. يقول تعالى ذكره: هؤلاء رسلي فضلت بعضهم على بعض، فكلمت بعضهم، والذي كلمته منهم موسى صلى الله عليه وسلم، ورفعت بعضهم درجات على بعض، بالكرامة ورفعة المنزلة، كما:-
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض"، قال: يقول: منهم من كلم الله، ورفع بعضهم على بعض درجات. يقول: كلم الله موسى، وأرسل محمداً إلى الناس كافة.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه.
ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك:-
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: بعثت إلى الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب، فإن العدو ليرعب مني على مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي، وقيل لي: سل تعطه، فاختبأتها شفاعة لأمتي، فهي نائلة منكم إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئاً".
القول في تأويل قوله تعالى: "وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس".
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "وآتينا عيسى ابن مريم البينات"، وآتينا عيسى ابن مريم الحجج والأدلة على نبوته: من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وما أشبه ذلك، مع الإنجيل الذي أنزلته إليه، فبينت فيه ما فرضت عليه.
ويعني تعالى ذكره بقوله: "وأيدناه"، وقويناه وأعناه، "بروح القدس"، يعني بروح الله، وهو جبريل. وقد ذكرنا اختلاف أهل العلم في معنى "بروح القدس"، والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك فيما مضى قبل، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: "ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات".
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولو أراد الله، "ما اقتتل الذين من بعدهم"، يعني: من بعد الرسل الذين وصفهم بأنه فضل بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات، وبعد عيسى ابن مريم، وقد جاءهم من الآيات بما فيه مزدجر لمن هداه الله ووفقه.
ويعني بقوله: "من بعد ما جاءتهم البينات"، يعني: من بعد ما جاءهم من آيات الله ما أبان لهم الحق وأوضح لهم السبيل.
وقد قيل إن الهاء و الميم في قوله: "من بعدهم"، من ذكر موسى وعيسى.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: "ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات"، يقول: من بعد موسى وعيسى.
حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع قوله: "ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات"، يقول: من بعد موسى وعيسى.
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولكن اختلف هؤلاء الذين من بعد الرسل، لما لم يشأ الله منهم تعالى ذكره أن لا يقتتلوا، فاقتتلوا من بعد ما جاءتهم البينات من عند ربهم بتحريم الاقتتال والاختلاف، وبعد ثبوت الحجة عليهم بوحدانية الله ورسالة رسله ووحي كتابه، فكفر بالله وبآياته بعضهم، وآمن بذلك بعضهم. فأخبر تعالى ذكره أنهم أتوا ما أتوا من الكفر والمعاصي، بعد علمهم بقيام الحجة عليهم بأنهم على خطأ، تعمداً منهم للكفر بالله وآياته.
ثم قال تعالى ذكره لعباده: "ولو شاء الله ما اقتتلوا"، يقول: ولو أراد الله أن يحجزهم -بعصمته وتوفيقه إياهم- عن معصيته فلا يقتتلوا، ما اقتتلوا ولا اختلفوا، "ولكن الله يفعل ما يريد"، بأن يوفق هذا لطاعته والإيمان به فيؤمن به ويطيعه، ويخذل هذا فيكفر به ويعصيه.
قوله تعالى : " تلك الرسل " قال : (( تلك )) ولم يقل : ذلك مراعاة لتأنيث لفظ الجماعة ، وهي رفع بالإبتداء ، و(( الرسل )) نعته ، وخبر الإبتداء الجملة ، وقيل : الرسل عطف بيان ، و " فضلنا " الخبر ، وهذه آية مشكلة والأحاديث ثابتة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تخيروا بين الأنبياء " و " لا تفضلوا بين أنبياء الله " روهما الأئمة الثقات ، أي لا تقولوا : فلان خير من فلان ، ولا فلان أفضل من فلان ، يقال : خير فلان بين فلان وفلان ، وفضل ( مشدداً ) إذا قال ذلك ، وقد اختلف العلماء في تأويل هذا المعنى ، فقال قوم : إن هذا كان قبل أن يوحى إليه بالتفضيل ، وقبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم وأن القرآن ناسخ للمنع من التفضيل ، وقال ابن قتيبة : إنما أراد بقوله : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة " ، لأنه الشافع يومئذ وله لواء الحمد والحوض ، وأراد بقوله : " لا تخيروني على موسى " ، على طريق التواضع ، كما قال أبو بكر وليكم ولست بخيركم ،وكذلك معنى قوله : " لا يقل أحد أنا خير من يونس بن متى " على معنى التواضع ، وفي قوله تعالى : " ولا تكن كصاحب الحوت " [ القلم : 48 ] ، ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل منه ، لأن الله تعالى : ولا تكن مثله ، فدل على أن قوله : " لا تفضلوني عليه "، من طريق التواضع ، ويجوز أن يريد لا تفضلوني عليه في العلم فلعله أفضل عملاً مني ، ولا في البلوى والإمتحان فإنه أعظم محنة مني ، وليس ما أعطاه الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من السودد والفضل يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل بعمله بل بتفضيل الله إياه واختصاصه له ، وهذا التأويل اختاره المهلب ، ومنهم من قال : إنما نهى عن الخوض في ذلك ، لأن الخوض في ذلك ذريعة إلى الجدال وذلك يؤدي إلى أن يذكر منهم ما لا ينبغي أن يذكر ويقل احترامهم عند المماراة قال شيخنا : فلا يقال : النبي أفضل من الأنبياء كلهم ولا من فلان ولا خير ، كما هو ظاهر النهي لما يتوهم من النقص في المفضول ، لأن النهي اقتضى منع إطلاق اللفظ لا منع اعتقاد ذلك المعنى ، فإن الله تعالى أخبر بأن الرسل متفاضلون ، فلا تقول : نبينا خير من الأنبياء ، ولا من فلان النبي اجتناباً لما نهى عنه وتأدباً به وعملاً باعتقاد ما تضمنه القرآن من التفضيل ، والله بحقائق الأمور عليم .
قلت : وأحسن من هذا قول من قال : إن المنع من التفضيل إنما هو من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها ، وإنما التفضيل في زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والألطاف والمعجزات المتباينات ، وأما النبوة في نفسها فلا تتفاضل وإنما تتفاضل بأمور أخر زائدة عليها ولذلك منهم رسل وأولو عزم ، ومنهم من اتخذ خليلاً ، ومنهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ، قال الله تعالى : " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا " [ الإسراء : 55 ] ، وقال : " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض " .
قلت : وهذا قول حسن ، فإنه جمع بين الآي والأحاديث من غير نسخ ، والقول بتفضيل بعضهم على بعض إنما هو بما منح من الفضائل وأعطي من الوسائل ، وقد أشار ابن عباس إلى هذا فقال : إن الله فضل محمداً على الأنبياء وعلى أهل السماء ، فقالوا : بم يا ابن عباس فضله على أهل السماء ؟ فقال : إن الله تعالى قال : " ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين " [ الأنبياء : 29 ] ، وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " [ الفتح : 1 ، 2 ] ، قالوا : فما فضلة على الأنبياء ؟ قال ، قال الله تعالى : " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " [ إبراهيم : 4 ] ، وقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم : " وما أرسلناك إلا كافة للناس " [ سبأ : 28 ] ، فأرسله إلى الجن والإنس ذكره أبو محمد الدارمي في مسنده ، وقال أبو هريرة : خير بني آدم نوح وإبراهيم وموسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وهم أولو العزم من الرسل ، وهذا نص من ابن عباس وأبي هريرة في التعيين ، ومعلوم أن من أرسل أفضل ممن لم يرسل ، فإن من أرسل فضل على غيره بالرسالة واستووا في النبوة إلى ما يلقاه الرسل من تكذيب أممهم وقتلهم إياهم ، وهذا مما لا خفاء فيه ، إلا أن ابن عطية أبا محمد عبد الحق قال : إن القرآن يقتضي التفضيل ، وذلك في الجملة دون تعيين أحد مفضول ، وكذلك هي الأحاديث ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أكرم ولد آدم على ربي " وقال : " أنا سيد ولد آدم "، ولم يعين ، وقال عليه السلام : " لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى " ، وقال : " لا تفضلوني على موسى " ، وقال ابن عطية : وفي هذا نهي شديد عن تعيين المفضول ، لأن يونس عليه السلام كان شاباً وتفسخ تحت أعباء النبوة ، فإذا كان التوقيف لمحمد صلى الله عليه وسلم فغيره أحرى .
قلت : ما اخترناه أولى إن شاء الله تعالى ، فإن الله تعالى لما أخبر أنه فضل بعضهم على بعض جعل يبين بعض المتفاضلين ويذكر الأحوال التي فضلوا بها فقال : " منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات " وقال : " وآتينا داود زبورا " [ الإسراء : 55 ] ، وقال تعالى : " وآتيناه الإنجيل " [ المائدة : 46] ، " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين " [ الأنبياء : 48 ] وقال تعالى : " ولقد آتينا داود وسليمان علما " [ النمل : 15 ] وقال : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح " [ الأحزاب : 7 ] ، فعم ثم خص وبدأ بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا ظاهر .
قلت : وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالى ، اشتركوا في الصحبة ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب والوسائل ، فهم متفاضلون بتلك مع أن الكل شملتهم الصحبة والعدالة والثناء عليهم ، وحسبك بقوله الحق : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار " [ الفتح : 29 ] إلى آخر السورة ، وقال : " وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها " [ الفتح : 26 ] ، ثم قال : " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل " [ الحديد : 10 ] ، وقال : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة " [ الفتح : 18 ] ، فعم وخص ، ونفى عنهم الشين والنقص ، رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آمين .
قوله تعالى : " منهم من كلم الله " المكلم موسى عليه السلام ، وقد : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آدم أنبي مرسل هو ؟ فقال : نعم نبي مكلم " ، قال ابن عطية ، وقد تأول بعض الناس أن تكليم آدم كان في الجنة ، فعلى هذا تبقى خاصية موسى ، وحذفت الهاء لطول الاسم ، والمعنى من كلمه الله .
قوله تعالى : " ورفع بعضهم درجات " قال النحاس : بعضهم هنا على قول ابن عباس و الشعبي و مجاهد محمد صلى الله عليه وسلم ، " قال صلى الله عليه وسلم : بعثت إلى الأحمر والأسود وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ونصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم وأعطيت الشفاعة " ، ومن ذلك القرآن وانشقاق القمر وتكليمه الشجر وإطعامه الطعام خلقاً عظيماً من تميرات ودرور شاة أم معبد بعد جفاف ، وقال ابن عطية معناه ، وزاد : وهو أعظم الناس أمة وختم به النبيون إلى غير ذلك من الخلق العظيم الذي أعطاه الله ، ويحتمل اللفظ أن يراد به محمد صلى الله عليه وسلم وغيره ممن عظمت آياته ويكون الكلام تأكيداً ، ويحتمل أن يريد به رفع إدريس المكان العلي ومراتب الأنبياء في السماء كما في حديث الإسراء ، وسيأتي ، وبينات عيسى هي إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص خلق الطير من الطين كما نص عليه في التنزيل " وأيدناه " قويناه " بروح القدس " جبريل عليه السلام ، وقد تقدم .
قوله تعالى : " ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم " أي من بعد الرسل : قيل : الضمير لموسى وعيسى ، والاثنان جمع ، وقيل : جاءوا بعدهم الرسل ، وهو ظاهر المراد ما اقتتل الناس بعد كل نبي ، وهذا كما تقول : اشتريت خيلاً ثم بعتها ، فجاز لك هذه العبارة وأنت إنما اشتريت فرساً وبعته ثم آخر وبعته ، ثم آخر وبعته ، وكذلك هذه النوازل إنما اختلف الناس بعد كل نبي فمنهم من آمن ومنهم من كفر بغياً وحسداً وعلى حطام الدنيا ، وذلك كله بقضاء وقدر وإرادة من الله تعالى ، ولو شاء خلاف ذلك لكان ولكنه المستأثر بسر الحكمة في ذلك الفعل لما يريد ، وكسرت النون من " ولكن اختلفوا " لالتقاء الساكنين ، ويجوز حذفها في غير القرآن ، وأنشد سيبويه :
فلست بآتيه ولا أستطيعه ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل
" فمنهم من آمن ومنهم من كفر " (( من )) في موضع رفع بالإبتداء والصفة .
يخبر تعالى أنه فضل بعض الرسل على بعض, كما قال تعالى: "ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً", وقال ههنا "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله" يعني موسى ومحمداً صلى الله عليه وسلم, وكذلك آدم كما ورد به الحديث المروي في صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه "ورفع بعضهم درجات" كما ثبت في حديث الإسراء حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم, الأنبياء في السماوات بحسب تفاوت منازلهم عند الله عز وجل, (فإن قيل) فما الجمع بين هذه الاية وبين الحديث الثابت في الصحيحين عن أبي هريرة, قال استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود, فقال اليهودي في قسم يقسمه: لا والذي اصطفى موسى على العالمين. فرفع المسلم يده, فلطم بها وجه اليهودي, فقال: أي خبيث ؟ وعلى محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فجاء اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فاشتكى على المسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تفضلوني على الأنبياء, فإن الناس يصعقون يوم القيامة, فأكون أول من يفيق , فأجد موسى باطشاً بقائمة العرش, فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور ؟ فلا تفضلوني على الأنبياء" وفي رواية "لا تفضلوا بين الأنبياء" فالجواب من وجوه (أحدها) أن هذا كان قبل أن يعلم بالتفضيل, وفي هذا نظر (الثاني) أن هذا قاله من باب الهضم والتواضع, (الثالث) أن هذا نهي عن التفضيل في مثل هذه الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر. (الرابع) لا تفضلوا بمجرد الاراء والعصبية. (الخامس) ليس مقام التفضيل إليكم, وإنما هو إلى الله عز وجل, وعليكم الانقياد والتسليم له, والإيمان به.
وقوله " وآتينا عيسى ابن مريم البينات " أي الحجج والدلائل القاطعات على صحة ما جاء بني إسرائيل به من أنه عبد الله ورسوله إليهم "وأيدناه بروح القدس" يعني أن الله أيده بجبريل عليه السلام, ثم قال تعالى: "ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا" أي كل ذلك عن قضاء الله وقدره, لهذا قالوا "ولكن الله يفعل ما يريد".
قوله: 253- "تلك الرسل" قيل: هو إشارة إلى جميع الرسل فتكون الألف واللام للاستغراق- وقيل: هو إشارة إلى الأنبياء المذكورين في هذه السورة، وقيل: إلى الأنبياء الذين بلغ علمهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والمراد بتفضيل بعضهم على بعض أن الله سبحانه جعل لبعضهم من مزايا الكمال فوق ما جعله للآخر، فكان الأكثر مزايا فاضلاً والآخر مفضولاً. وكما دلت هذه الآية على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض كذلك دلت الآية الأخرى وهي قوله تعالى: "ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً". وقد استشكل جماعة من أهل العلم الجمع بين هذه الآية وبين ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ "لا تفضلوني على الأنبياء" وفي لفظ آخر "لا تفضلوا بين الأنبياء" وفي لفظ "لا تخيروا بين الأنبياء" فقال قوم: إن هذا القول منه صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يوحى إليه بالتفضيل، وأن القرآن ناسخ للمنع من التفضيل، وقيل: إنه قال صلى الله عليه وسلم ذلك على سبيل التواضع كما قال: " لا يقل أحدكم أنا خير من يونس بن متى" تواضعاً مع علمه أنه أفضل الأنبياء كما يدل عليه قوله: "أنا سيد ولد آدم"، وقيل: إنما نهى عن ذلك قطعاً للجدال والخصام في الأنبياء، فيكون مخصوصاً بمثل ذلك لا إذا كان صدور ذلك مأموناً، وقيل: إن النهي إنما هو من جهة النبوة فقط، لأنها خصلة واحدة لا تفاضل فيها، ولا نهي عن التفاضل بزيادة الخصوصيات والكرامات، وقيل: إن المراد النهي عن التفضيل لمجرد الأهواء والعصبية. وفي جميع هذه الأقوال ضعف. وعندي أنه لا تعارض بين القرآن والسنة، فإن القرآن دل على أن الله فضل بعض أنبيائه على بعض، وذلك لا يستلزم أنه يجوز لنا أن نفضل بعضهم على بعض، فإن المزايا التي هي مناط التفضيل معلومة عند الله لا تخفى عليه منها خافية وليست بمعلومة عند البشر، فقد يجهل أتباع نبي من الأنبياء بعض مزاياه وخصوصياته فضلاً عن مزايا غيره، والتفضيل لا يجوز إلا بعد العلم بجميع الأسباب التي يكون بهال هذا فاضلاً وهذا مفضولاً، لا قبل العلم ببعضها أو بأكثرها أو بأقلها، فإن ذلك تفضيل بالجهل وإقدام على أمر لا يعلمه الفاعل له وهو ممنوع منه، فلو فرضنا أنه لم يرد إلا القرآن في الإخبار لنا بأن الله فضل بعض أنبيائه على بعض لم يكن فيه دليل على أنه يجوز للبشر أن يفضلوا بين الأنبياء، فكيف وقد وردت السنة الصحيحة بالنهي عن ذلك؟ وإذا عرفت هذا علمت أنه لا تعارض بين القرآن والسنة بوجه من الوجوه، فالقرآن فيه الإخبار من الله بأنه نفضل بعض أنبيائه على بعض، والسنة فيها النهي لعباده أن يفضلوا بين أنبيائه، فمن تعرض للجمع بينهما زاعماً أنهما متعارضان فقد غلط غلطاً بيناً. قوله: "منهم من كلم الله" وهو موسى ونبينا سلام الله عليهما. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في آدم: "إنه نبي مكلم". وقد ثبت ما يفيد ذلك في صحيح ابن حبان من حديث أبي ذر. قوله: "ورفع بعضهم درجات" هذا البعض يحتمل أن يراد به من عظمت منزلته عند الله سبحانه من الأنبياء ويحتمل أن يراد به نبينا صلى الله عليه وسلم لكثرة مزاياه المقتضية لتفضيله، ويحتمل أن يراد به إدريس لأن الله سبحانه أخبرنا بأنه رفعه مكاناً علياً، وقيل: إنهم أولوا العزم، وقيل: إبراهيم، ولا يخفاك أن الله سبحانه أيهم هذا البعض المرفوع، فلا يجوز لنا التعرض للبيان له إلا ببرهان من الله سبحانه أو من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام ولم يرد ما يرشد إلى ذلك، فالتعرض لبيانه هو من تفسير القرآن الكريم بمحض الرأي، وقد عرفت ما فيه من الوعيد الشديد مع كون ذلك ذريعة إلى التفضيل بين الأنبياء وقد نهينا عنه، وقد جزم كثير من أئمة التفسير أنه نبينا صلى الله عليه وسلم وأطالوا في ذلك، واستدلوا بما خصه الله به من المعجزات ومزايا الكمال وخصال الفضل، وهم بهذا الجزم بدليل لا يدل على المطلوب قد وقعوا في خطرين وارتكبوا نهيين، وهما تفسير القرآن بالرأي، والدخول في ذرائع التفضيل بين الأنبياء، وإن لم يكن ذلك تفضيلاً صريحاً فهو ذريعة إليه بلا شك ولا شبهة، لأن من جزم بأن هذا البعض المرفوع درجات هو النبي الفلاني انتقل من ذلك إلى التفضيل المنهي عنه، وقد أغنى الله نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ذلك بما لا يحتاج معه إلى غيره من الفضائل والفواضل، فإياك أن تتقرب إليه صلى الله عليه وسلم بالدخول في أبواب نهاك عن دخولها فتعصيه وتسيء وأنت تظن أنك مطيع محسن. قوله: "وآتينا عيسى ابن مريم البينات" أي الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة من إحياء الأموات وإبراء المرضى وغير ذلك. قوله: "وأيدناه بروح القدس" هو جبريل، وقد تقدم الكلام على هذا. قوله: "ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم" أي من بعد الرسل، وقيل: من بعد موسى وعيسى ومحمد، لأن الثاني مذكور صريحاً، والأول والثالث وقعت الإشارة إلأيهما بقوله: "منهم من كلم الله" أي: لو شاء الله عدم اقتتالهم ما اقتتلوا، فمفعول المشيئة محذوف على القاعدة ولكن اختلفوا استثناءً من الجملة الشرطية: أي ولكن الاقتتال ناشئ عن اختلافهم اختلافاً عظيماً حتى صاروا مللاً مختلفة" منهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله" عدم اقتتالهم بعد هذا الإختلاف " ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد" لا راد لحكمه، ولا مبدل لقضائه، فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى: "فضلنا بعضهم على بعض" قال: اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وكلم موسى تكليماً، وجعل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له: كن فيكون، وهو عبد الله وكلمته وروحه، وآتى داود زبوراً، وآتى سليمان ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وغفر لمحمد ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله: " منهم من كلم الله " قال: كلم الله موسى، وأرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة. وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر الشعبي في قوله: "ورفع بعضهم درجات" قال: محمداً صلى الله عليه وسلم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة: "ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم" يقول: من بعد موسى وعيسى. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال:" كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعند أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية إذ أقبل علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية: أتحب علياً؟ قال: نعم، قال: إنها ستكون بينكم فتنة هنيهة، قال معاوية: فما بعد ذلك يا رسول الله؟ قال: عفو الله ورضوانه، قال: رضينا بقضاء الله، فعند ذلك نزلت هذه الآية "ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد"" قال السيوطي: وسنده واه.
253. " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله " أي كلمة الله تعالى يعني موسى عليه السلام " ورفع بعضهم درجات " يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ الإمام رحمة الله عليه: وما أوتي نبي آية إلا وقد أوتي نبينا مثل تلك الآية وفضل على غيره بآيات مثل: انشقاق القمر، وحنين الجذع على مفارقته، وتسليم الحجر والشجر عليه، وكلام البهائم والشهادة برسالته، ونبع الماء من بين أصابعه، وغير ذلك من المعجزات والآيات التي لا تحصى، وأظهرها القرآن الذي عجز أهل السماء وأهل الأرض عن الإتيان بمثله.
أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد بن علي الصيرفي ، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد المخلدي ، أخبرنا أبو العباس بن محمد بن إسحاق الثقفي ، أنا قتيبة بن سعيد ، أنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عنأبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله تعالى إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ".
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن اسماعيل ، أنا محمد بن سنان ، أخبرنا هشيم ، أنا سيار ، أنا يزيد الفقير، أنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ".
أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أنا أحمد بن علي الكشميهني ، أنا علي بن حجر أنا إسماعيل بن جعفر ، أنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فضلت على الأنبياء بست: أوتيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون ".
قوله تعالى: " وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم " أي من بعد الرسل " من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن " ثبت على إيمانه بفضل الله " ومنهم من كفر " بخذلانه " ولو شاء الله ما اقتتلوا " أعاده تأكيداً " ولكن الله يفعل ما يريد " يوفق من يشاء فضلاً، ويخذل من يشاء عدلاً.
سال رجل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن القدر؟ فقال: طريق مظلم لا تسلكه، فأعاد السؤال فقال: بحر عميق لا تلجه، فأعاد السؤال، فقال: سر الله في الأرض قد خفي عليك فلا تفتشه.
253-" تلك الرسل " إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة ، أو المعلومة للرسول صلى الله عليه وسلم ، أو جماعة الرسل واللام للاستغراق . " فضلنا بعضهم على بعض " بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره . " منهم من كلم الله " تفضيل له ، وهو موسى عليه الصلاة والسلام . وقيل : موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، كلم الله موسى ليلة الحيرة وفي الطور ، ومحمداً عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج حين كان قاب قوسين أو أدنى وبينهما بون بعيد ، وقرئ " كلم الله " و كالم الله بالنصب ، فإنه كلم الله كما أن الله كلمه ولذلك قيل كليم الله بمعنى مكالمه . " ورفع بعضهم درجات " بأن فضله على غيره من وجوه متعددة ، أو بمراتب متباعدة . وهو محمد صلى الله عليه وسلم فإنه خصه بالدعوة العامة والحجج المتكاثرة والمعجزات المستمرة ، والآيات المتعاقبة بتعاقب الدهر ، والفضائل العلمية والعملية الفائتة للحصر . والإبهام لتفخيم شأنه كأنه العلم المتعين لهذا الوصف المستغني عن التعيين . وقيل : إبراهيم عليه السلام خصصه بالخلة التي هي أعلى المراتب . وقيل : إدريس عليه السلام لقوله تعالى : " ورفعناه مكاناً علياً " . وقيل : أولوا العزم من الرسل . " وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " خصه بالتعيين لإفراط اليهود والنصارى في تحقيره وتعظيمه ، وجعل معجزاته سبب تفضيله لأنها آيات واضحة ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره . " ولو شاء الله " أي هدى الناس جميعاً . " ما اقتتل الذين من بعدهم " من بعد الرسل . " من بعد ما جاءتهم البينات " أي المعجزات الواضحة لاختلافهم في الدين ، وتضليل بعضهم بعضاً . " ولكن اختلفوا فمنهم من آمن " بتوفيقه التزام دين الأنبياء تفضلاً . " ومنهم من كفر " لإعراضه عنه بخذلانه . " ولو شاء الله ما اقتتلوا " كرره للتأكيد . " ولكن الله يفعل ما يريد " فيوفق من يشاء فضلاً ، ويخذل من يشاء عدلاً . والآية دليل على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام متفاوتة الأقدام ، وأنه يجوز تفضيل بعضهم على بعض ، ولكن بقاطع لأن اعتبار الظن فيما يتعلق بالعمل وأن الحوادث بيد الله سبحانه وتعالى تابعة لمشيئته خيراً كان أو شراً إيماناً أو كفراً .
253. Of those messengers, some of whom We have caused to excel others, and of whom there are some unto whom Allah spake, while some of them He exalted (above others) in degree; and We gave Jesus, son of Mary, clear proofs (of Allah's sovereignty) and We supported him with the holy Spirit. And if Allah had so willed it, those who followed after them would not have fought one with another after the clear proofs had come unto them. But they differed, some of them believing and some disbelieving. And if Allah had so willed it, they would not have fought one with another; but Allah doeth what He will.
253 - Those apostles we endowed with gifts, some above others: to one of them God spoke' others he raised to degrees (of honor); to Jesus the son of Mary we gave clear (signs), and strengthened him with the holy spirit. if God had so willed, succeeding generations would not have fought among each other, after clear (signs) and come to them, but they (chose) to wrangle, some believing and others rejecting. if God had so willed, they would not have fought each other; but God fulfilleth his plan. Section.