[البقرة : 227] وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(وإن عزموا الطلاق) أي عليه بأن لم يفيئوا فليوقِعوه (فإن الله سميع) لقولهم (عليم) بعزمهم المعنى ليس لهم بعد تربص ما ذكر إلا الفيئة أو الطلاق
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى قول الله تعالى ذكره: "وإن عزموا الطلاق". فقال بعضهم: معنى ذلك: للذين يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فرجعوا إلى ما أوجب الله لهن من العشرة بالمعروف في الأشهر الأربعة التي جعل الله لهم تربصهم عنهن وعن جماعهن، وعشرتهن في ذلك بالواجب فإن الله لهم غفور رحيم . وإن تركوا الفيء إليهن، في الأشهر الأربعة التي جعل الله لهم التربص فيهن حتى ينقضين، طلق منهم نساؤهم اللاتي آلوا منهن بمضيهن. ومضيهن عند قائلي ذلك: هو الدلالة على عزم المولي على طلاق امرأته التي آلى منها.ثم اختلف متأؤلو هذا التأويل بينهم في الطلاق الذي يلحقها بمضي الأشهر الأربعة. فقال بعضهم: هوتطليقة بائنة. ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو هشام قال، حدثنا محمد بن بشر، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس أو الحسن، عن علي قال: إذا مضت أربعة أشه هر فهي تطليقة بائنة.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثنا أبي، عن قتادة: أن عليا وابن مسعود كانا يجعلانها تطليقة، إذا مضت أربعة أشهر فهي أحق بنفسها، قال قتأدة: وقول علي وعبد الله أعجب إلي في الإيلاء. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن: أن عليا قال في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر بانت بتطليقة. حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا معمر، عن عطاء الخراساني، عن أبي سلمة: أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت كانا يقولان: إذا مضت الأربعة الأشهر، قي واحدة بائنة. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرنا عطاء الخراساني قال: سمعني أبو سلمة بن عبد الرحمن أسأل ابن المسيب عن الإيلاء، فمررت به فقال: ما قال لك ابن المسيب؟ فحدثته بقوله، فقال: أفلا أخبرك ما كان عثمان بن عفان وزيد بن ثابت يقولان؟ قلت: بلى! قال: كانا يقولان: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة، وهي أحق بنفسها. حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد، عن، الأوزاعي، عن عطاء الخراساني قال، حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن: أن عثمان بن عفان قال: إذا مضت أربعة أشهر من يوم آلى، فتطليقة بائنة. حدثني يعقوب قال،- حدثنا ابن علية، عن معمر، أو حدثت عنه، عن عطاء الخراساني،
عن أبي سلمة، عن عثمان وزيد: أنهما كانا يقولان: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن منصور،عن إبراهيم، عن علقمة قال:
آلى عبد الله بن أنيس من امرأته، فمكثت ستة أشهر، فأتى ابن مسعود مسأله، لقال: أعلمها أنها قد ملكت أمرها. فأتاها فأخبرها، وأصدقها رطلا من ورق. حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن إبراهيم، عن عبد الله: أنه كان يقول في الإيلاء: إذا مضت الأربعة الأشهر، فهي تطليقة بائنة. حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله مثل ذلك. حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: آلى عبد الله بن أنيس من امرأته، قال: فخرج فغاب عنها ستة أشهر، ثم جاء فدخل عليها، فقيل: إنها قد بانت منك! فأتى عبد الله، فذكر ذلك له، فقال له عبد الله: قد بانت منك، فأتها فأعلمها واخطبها إلى نفسها. فأتاها، فأعلمها أنها قد بانت منه، وخطبها إلى نفسها، وأصدقها رطلا من ورق.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب، عن عطاء قال، حدثنا داود، عن عامر، عن ابن مسعود أنه قال، في الايلاء: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة بائنة. حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر: أن رجلا من بني هلال يقال له فلان ابن أنيس، أو: عبد الله بن أنيس، أراد من أهله ما يريد الرجل من أهله، فأبت، فحلف أن لا يقربها. فطرأ على الناس بعث من الغد، فخرج فغاب ستة أشهر ثم قدم، فأتى أهله ما يرى أن عليه بأسا! فخرج إلى القوم فحدثهم بسخطه على أهله حيث خرج، وبرضاه عنهم حين قدم. فقال القوم: فإنها قد حرمت عليك! فأتى ابن مسعود فسأله عن ذلك، فقال ابن مسعود: أما علمت أنها حرمت عليك؟ قال: لا! قال: فانطلق فاستأذن عليها، فإنها ستنكر ذلك، ثم أخبرها أن يمينك التي كنت حلفت عليها صارت طلاقاً، وأخبرها أنها واحدة، وأنها أملك بنفسها، فإن شاءت خطبتها فكانت عندك على ثنتين، وإلا فهي أملك بنفسها.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن عبد الله قال، في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة، وتعتد ثلاثة قروء. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن منصور والأعمش، ومغيرة، عن إبراهيم: أن عبد الله بن أنيس آلى من امرأته، فمضت أربعة أشهر ثم جامعها وهو ناس، فأتى علقمة، فذهب به إلى عبد الله، فقال عبد الله: بانت منك، فاخطبها إلى نفسها. فأصدقها رطلا من فضة.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب، وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة: أن النعمان بن بشير آلى من امرأته، فضرب ابن مسعود فخذه وقال:إذا مضت أربعة أشهر فاعترف بتطليقة. حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت داود، عن عامر: أن ابن مسعود قال في المولي: إذا مضت أربعة أشهر ولم يفىء فقد بانت منه امرأته بواحدة، وهو خاطب.حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن مهدي قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: عزم الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس مثله.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن
أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس أنه قال في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة بائنة. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا خالد بن مخلد، عن جعفر بن برقان، عن عبد الأعلى بن ميمون بن مهران، عن عكرمة أنه قال: إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة، فذكر ذلك عن ابن عباس. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو نعيم، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: عزيمة الطلاق انقضاء الأربعة. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس مثله. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن فضيل قال، حدثنا الأعمش، عن حبيب، عن سعيد بن جبير: أن أمير مكة سأله عن المولي فقال: كان ابن عمر يقول: إذا مضت أربعة أشهر ملكت أمرها، وكان ابن عباس يقول ذلك. حدثنا أبو هشام قال: حدثنا حفص، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا حفص، عن حجاج، عن سالم المكي، عن ابن الحنفية مثله. حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أبي وشعيب، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبان بن صالح، عن ابن شهاب: أن قبيصة بن ذؤيب قال في الإيلاء: هي تطليقة بائنة، وتأتنف العدة، وهي أملك بأمرها. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن شريح: أنه أتاه رجل فقال: إني آليت من امرأتي، فمضت أربعة أشهر قبل أن أفيء؟ فقال شريح: "وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم"- لم يزده عليها. فأتى مسروقا فذكر ذلك له، فقال: يرحم الله أبا أمية، لو أنا قلنا مثل ما قال، لم يفرج أحد عنه! وإنما أتاه ليفرج عنه! ثم قال: هي تطليقة بائنة، وأنت خاطب من الخطاب. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن مغيرة: أنه سمع الشعبي يحدث: أنه شهد شريحا- وسأله رجل عن الإيلاء- فقال: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر"، الآية. قال: فقمت من عنده فأتيت مسروقا، فقلت: يا أبا عائشة، وأخبرته بقول شريح، فقال: يرحم الله أبا أمية، لو أن الناس كلهم قالوا مثل هذا، من كان يفرج عن مثل هذا! ثم قال: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة بائنة. حدثنا أبو هشام قاله، حدثنا أبو داود، عن جرير بن حازم، قال: قرأت في كتاب أبي قلابة عند أيوب: سألت سالم بن عبد الله وأبا سلمة بن عبد الرحمن، فقالا: إذا مضت أربعة أشهر فهي واحدة بائنة. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا أبو داود، عن جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن عطاء، قال: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة، ويخطبها في العدة. حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا معتمر، عن أبيه- في الرجل يقول لامرأته: والله لا يجمع رأسي ورأسك شيء أبدا! ، ويحلف أن لا يقربها أبدا، فإن مضت أربعة أشهر ولم يفىء، كانت تطليقة بائنة، وهو خاطب- قول علي وابن مسعود وابن عباس والحسن. حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن: أنه سئل عن رجل قال لامرأته: إن قربتك فأنت طالق ثلاثا، قال: فإذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة، وسقط ذلك. حدثنا سوار قال، حدثنا بشر بن المفضل، وحدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع، جميعا، عن يزيد بن إبراهيم قال: سمعت الحسن ومحمدا في الإيلاء قالا: إذا مضت أربعة أشهر فقد بانت بتطليقة بائنة، وهو خاطب من الخطاب. حدثنا يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد قال: كنا نتحدث في الألية أنها إذا مضت أربعة أشهر، فهي تطليقة بائنة. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثام، عن الأعمش، عن إبراهيم في الإيلاء قال: إن مضت، يعني: أربعة أشهر، بانت منه. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن النخعي قال: إن قربها قبل الأربعة الأشهر فقد بانت منه بثلاث. وان تركها حتى تمضي الأربعة الأشهر بانت منه بالإيلاء، في رجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا إن قربتك سنة. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة قال: أعتم عبيد الله بن زياد عند هند في ليلة أم عثمان ابنة عمربن عبيد الله، فلما أتاها أمرت جواريها فأغلقن الأبواب دونه، فحلف أن لا يأتيها حتى تأتيه. فقيل له: إن مضت أربعة أشهر ذهبت منك. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عوف قال: بلغني أن الرجل إذا آلى من امرأته فمضت أربعة أشهر، فهي تطليقة بائنة، ويخطبها إن شاء.حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر"- في الذي يقسم، وان مضت الأربعة الأشهر فقد حرمت عليه، فتعتد عدة المطلقة، وهو أحد الخطاب.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب قال: إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة. حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم"- وهذا في الرجل يولي من امرأته ويقول: والله لا يجتمع رأسي ورأسك، ولا أقربك، ولا أغشاك! ، فكان أهل الجاهلية يعدونه طلاقا، فحد الله لهما أربعة أشهر، فإن فاء فيها كفريمينه وهي امرأته، وإن مضت أربعة أشهر ولم يفىء فهي تطليقة بائنة، وهي أحق بنفسها، وهو أحد الخطاب. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر"، قال: كان ابن مسعود وعمربن الخطاب يقولان: إذا مضت أربعة أشهر، في طالق بائنة، وهي أحق بنفسها.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو وهب، عن جوبير، عن الضحاك: "للذين يؤلون" الآية، هو الذي يحلف أن لا يقرب امرأته، فإن مضت أربعة أشهر ولم يفىء ولم يطلق، بانت منه بالإيلاء. فإن رجعت إليه، فمهر جديد، ونكاح ببينة، ورضا من الولي. وقال آخرون: بل الذي يلحقها بمضي الأربعة الأشهر: تطليقة، يملك فيها الزوج الرجعة. ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبى بكربن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قالا: إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر فواحدة، وهو أملك برجعتها.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن إدريس، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب
قال: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة، يملك الرجعة. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن مكحول قال: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة، يملك الرجعة. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: هي واحدة، وهو أحق بها، يعني: إذا مضت الأربعة الأشهر، وكان الزهري يفتي بقول أبي بكر هذا.حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا الليث قال، حدثني يونس قال، قال ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب أنه قال: إذا آلى الرجل من امرأته فمضى الأربعة الأشهر قبل أن يفيء، في تطليقة، وهو أملك بها ما كانت في عدتها. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا يحيى بن يمان قال، حدثنا أبو يونس القوي قال: قال لي سعيد بن المسيب: ممن أنت؟ قال قلت: من أهل العراق! قال: لعلك ممن يقول: إذا مضت أربعة أشهر فقد بانت! ، لا! ولو مضت أربع سنين. حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا حجاج بن رشدين قال، حدثنا عبد الجبار بن عمر، عن ربيعة أنه قال في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة، وتستقبل عدتها، وزوجها أحق برجعتها.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، كان ابن شبرمة يقول: إذا مضت أربعة أشهر فله الرجعة، ويخاصم بالقرآن، ويتأول هذه الآية: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك" [البقرة: 228]، ثم نزع: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم". حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، قال أبو عمر: ونحن في ذلك، يعني في الإيلاء، على قول أصحابنا الزهري ومكحول: أنها تطليقة- يعني: مضي الأربعة الأشهر- وهو أملك بها في عدتها.
وقال آخرون: معنى قوله: "للذين يؤلون من نسائهم" إلى قوله: "فإن الله سميع عليم"، "للذين يؤلون" على الاعتزال من نسائهم، تنظر أربعة أشهر بأمره وأمرها، "فإن فاؤوا" بعد انقضاء الأشهر الأربعة إليهن، فرجعوا إلى عشرتهن بالمعروف، وترك هجرانهن، وأتوا إلى غشيانهن وجماعهن، "فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق" فأحدثوا لهن طلاقا بعد الأشهر الأربعة، "فإن الله سميع" لطلاقهم إياهن، "عليم" بما فعلوا بهن من إحسان وإساءة. وقال متأولو هذا التأويل: مضي الأشهر الأربعة يوجب للمرأة المطالبة على زوجها المولي منها، بالفيء أو الطلاق. ويجب على السلطان أن يقف الزوج على ذلك، فإن فاء أو طلق، وإلا طلق عليه السلطان. ذكر من قال ذلك:حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب: أن عمر قال في الإيلاء: لا شيء عليه حتى يوقف، فيطلق أو يمسك. حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، حدثنا يحيى بن أيوب، عن المثنى، عن عمروبن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمربن الخطاب مثله. حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا غندر قال، حدثنا شعبة، عن سماك قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث، عن عمر بن الخطاب: أنه قال في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر لم يجعله شيئا. حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن عيينة، عن الشيباني، عن الشعبى، عن عمروبن سلمة، عن علي: أنه كان يقف المولي بعد الأربعة الأشهر حتى يفيء أو يطلق. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن الشيباني، عن الشعبي، عن عمروبن سلمة، عن علي قال، في الإيلاء: يوقف. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الشيباني، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن علي: أنه كان يقفه. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن الشيباني، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عنءلمي: أضه كان يوقفه.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد، عن مروان بن الحكم، عن علي قال: يوقف المولي عند انقضاء الأربعة الأشهر حتى يفيء أو يطلق، قال أبو كريب، قال ابن إدريس: وهو قول أهل المدينة. حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، عن مروان، عن علي مثله.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، عن مروان بن الحكم، عن علي قال: المولي إما أن يفيء، وإما أن يطلق. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع، عن مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس: أن عثمان كان يقف المولي، بقول أهل المدينة. حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت قال: لقيت طاوسا فسألته، فقال: كان عثمان يأخذ بقول أهل المدينة. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي الدرداء أنه قال: ليس له أجل، وهي معصية، يوقف في الإيلاء، فإما أن يمسك، وإما أن يطلق. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن أبا الدرداء قال في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر فإنه يوقف: إما أن يفيء، وإما أن يطلق. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثنا أبي، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن أبا الدرداء كان يقول: هي معصية، ولا تحرم عليه امرأته بعد الأربعة الأشهر، ويجعل عيها العدة بعد الأربعة الأشهر. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال!، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن أبا الدرداء وسعيد بن المسيب قالا: يوقف عند انقضاء الأربعة الأشهر، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. ولا يزال مقيما على معصية حتى يفيء أويطلق.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: أن أبا الدرداء وعائشة قالا: يوقف المولي عند انقضاء الأربعة، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي الدرداء وسعيد بن المسيب نحوه. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا الحسن، عن ابن أبي مليكة قال، قالت عائشة: يوقف عند انقضاء الأربعة الأشهر، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. قال: قلت أنت سمعتها؟ قال: لاتبكتني. حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال، حدثنا عمران بن ميسرة قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا حسن بن الفرات، بإسناده عن عائشة مثله. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة مثله. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: إذا آلى الرجل أن لا يمس امرأته، فمضت أربعة أشهر، فإما أن يمسكها كما أمره الله، وإما أن يطلقها، لا يوجب عليه الذي صنع طلاقا ولا غيره. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس بن يزيد وناجية بن بكر وابن أبي الزناد، عن أبي الزناد قال، أخبرني القاسم بن محمد: أن خالد بن العاص المخزومي كانت عنده ابنة أبي سعيد بن هشام، فكان يحلف فيها مرارا كثيرة أن لا يقربها الزمان الطويل. قال: فسمعت عائشة تقول له: ألا تتقي الله يا ابن العاص في ابنة أبي سعيد؟ أما تحرج، أما تقرأ هذه الآية التي في سورة البقرة ؟ قال: فكأنها تؤثمه، ولا ترى أنه فارق أهله. حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر أنه قال في المولي: لا يحل له إلا ما أحل الله : إما أن يفيء، وإما أن يطلق.
حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا عبد الله بن نمير قال، أخبرنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر نحوه. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: لا يجوز للمولي أن لا يفعل ما أمره الله، يقول: يبين رجعتها، أو يطلق عند انقضاء الأربعة الأشهر- يبين رجعتها أو يطلق. قال أبو كريب، قال ابن إدريس، وزاد فيه: وراجعته فيه فقال، قولا معناه: أن له الرجعة. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا شعبة، عن سماك، عن سعيد بن جبير: أن عمر قال نحوا من قول ابن عمر.حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جريربن حازم قال، أخبرنا نافع: أن ابن عمر قال في الإيلاء: يوقف عند الأربعة الأشهر. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: إذا آلى الرجل أن لا يمس امرأته، فمضت أربعة أشهر، فإما أن يمسكها كما أمره الله، وإما أن يطلقها، ولا يوجب عليه الذي صنع طلاقا ولا غيره. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن عيينة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عمر عن الإيلاء فقال: الأمراء يقضون بذلك. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: يوقف المولي بعد انقضاء الأربعة، فإما أن يطلق، وإما أن يفيء. حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبويه قال، حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن عمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن الرجل يولي من امرأته، فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة الأشهر، فيوقف، فإن فاء والا طلق. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب- في الرجل يولي من امرأته- قال: كان لا يرى أن تدخل عليه فرقة حتى يطلق. حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن سعيد بن المسيب في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر: إنما جعله الله وقتا لا يحل له أن يجاوز حتى يفيء أو يطلق. فإن جاوز فقد عصى الله، لا تحرم عليه امرأته.حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن فضيل، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب قال: إذا مضت أربعة أشهر، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة،عن ابن المسيب في الإيلاء: يوقف عند انقضاء الأربعة الأشهر، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن عمر، أو حدثت عنه، عن عطاء الخراساني قال: سألت ابن المسيب عن الإيلاء فقال: يوقف.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عطاء الخراساني، عن ابن المسيب، وعن ابن طاوس، عن أبيه، قالا: يوقف المولي بعد انقضاء الأربعة، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنى مالك بن أنس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي بكربن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مثل ذلك، يعني مثل قول عمربن الخطاب في الإيلاء: لا شيء عليه حتى يوقف، فيطلق أو يمسك. حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أنه قال في الإيلاء: يوقف. حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر"، قال: إذا مضى أربعة أشهر أخذ، فيوقف حتى يراجع أهله أو يطلق. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا ابن عيينة، عن أيوب، عن سليمان بن يسار: أن مروان وقفه بعد ستة أشهر.
حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عمر بن عبد العزيز في الإيلاء قال: يوقف عند الأربعة الأشهر، حتى يفيء أو يطلق. حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر"، هو الرجل يحلف لامرأته بالله لا ينكحها، فيتربص أربعة أشهر، فإن هو نكحها كفر عن يمينه، فإن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها أجبره السلطان: إما أن يفيء فيراجع، لاما أن يعزم فيطلق، كما قال الله سبحانه. حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا" الآية، قال: كان علي وابن عباس يقولان: إذا آلى الرجل من امرأته فمضت الأربعة الأشهر، فإنه يوقف فيقال له: أمسكت أو طلقت؟ فإن أمسك فهي امرأته، وإن طلق فهي طالق. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "للذين يؤلون من نسائهم"، قال: هو الرجل يحلف أن لا يصيب امرأته كذا وكذا، فجعل الله له أربعة أشهر يتربص بها. وقال: قول الله تعالى ذكره: "تربص أربعة أشهر"، يتربص بها، "فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم". فإذا رفعته إلى الإمام ضرب له أجل أربعة أشهر، فإن فاء وإلا طلق عليه. فإن لم ترفعه، فإنما هو حق لها تركته. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عن مالك قال: لا يقع على المولي طلاق حتى يوقف، ولا يكون موليا حتى يحلف على أكثرمن أربعة أشهر. فإذا حلف على أربعة أشهرفلا إيلاء عليه، لأنه يوقف عند الأربعة الأشهر، وقد سقطت عنه اليمين، فذهب الإيلاء. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عن ابن زيد قال، قال ابن عمر: حتى يرفع إلى السلطان، وكان أبي يقول ذلك، ويقول: لا والله، وإن مضت أربع سنين، حتى يوقف. حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا فطر قال، قال محمد بن كعب القرظي، وأنا معه: لو أن رجلا آلى من امرأته أربع سنين، لم نبنها منه حتى نجمع بينهما، فإن فاء فاء، وإن عزم الطلاق عزم. حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا عبد العزيز الماجشون، عن داود بن الحصين قال، سمعت القاسم بن محمد يقول: يوقف إذا مضت الأربعة. وقال آخرون: ليس الإيلاء بشيء.
ذكر من قال ذلك:حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا ابن علية، عن عمرو بن دينار قال: سألت ابن المسيب عن الإيلاء فقال: ليس بشيء. حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثني جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: سألت ابن عمر عن رجل آلى من امرأته، فمضت أربعة أشهر فلم يفىء إليها، فتلا هذه الآية: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر" الآية. حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت قال: أرسلت إلى عطاء أسأله عن المولي، فقال: لا علم لي به. وقال آخرون من أهل هذه المقالة: بل معنى قوله: "وإن عزموا الطلاق": وإن امتنعوا من الفيئة، بعد استيقاف الإمام إياهم على الفيء أو الطلاق. ذكر من قال ذلك: حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: يوقف المولي
عند انقضاء الأربعة، فإن فاء جعلها امرأته، وإن لم يفىء جعلها تطليقة بائنة. حدثنا أبو هشام قال، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: يوقف المولي عند انقضاء الأربعة، فإن لم يفىء فهي تطليقة بائنة. قال أبو جعفر: وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر كتاب الله تعالى ذكره، قول عمر بن الخطاب
وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ومن قال بقولهم في الطلاق، أن قوله: "فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم"، إنما معناه، فإن فاؤوا بعد وقف الإمام إياهم من بعد انقضاء الأشهر الأربعة، فرجعوا إلى أداء حق الله عليهم لنسائهم اللائي آلوا منهن، فإن الله لهم غفور رحيم، "وإن عزموا الطلاق" فطلقوهن، "فإن الله سميع"، لطلاقهم إذا طلقوا، "عليم" بما أتوا إليهن. وإنما قلنا ذلك أشبه بتأويل الآية، لأن الله تعالى ذكره ذكر حين قال: "وإن عزموا الطلاق"، "فإن الله سميع عليم" ومعلوم أن انقضاء الأشهر الأربعة غير مسموع، وإنما هو معلوم. فلو كان عزم الطلاق انقضاء الأشهر الأربعة، لم تكن الاية مختومة بذكر الله الخبر عن الله تعالى ذكره أنه "سميع عليم"، كما أنه لم يختم الآية التي ذكر فيها الفيء إلى طاعته، في مراجعة المولي زوجته التي آلى منها، وأداء حقها إليها، بذكر الخبر عن أنه شديد العقاب ، إذ لم يكن موضع وعيد على معصية، ولكنه ختم ذلك بذكر الخبر عن وصفه نفسه تعالى ذكره بأنه "غفور رحيم"، إذ كان موضع وعد المنيب على إنابته الى طاعته. فكذلك ختم الآية، التي فيها ذكر القول والكلام، بصفة نفسه، بأنه للكلام "سميع" وبالفعل "عليم"، فقال تعالى ذكره: وان عزم المؤلون على نسائهم على طلاق من آلوا منه من نسائهم، "فإن الله سميع" لطلاقهم إياهن إن طلقوهن، "عليم" بما أتوا إليهن، مما يحل لهم ويحرم عليهم. وقد استقصينا البيان عن الدلالة على صحة هذا القول في كتابنا: كتاب اللطيف من البيان عن أحكام شرائع الدين، فكرهنا إعادته فى هذا الموضع.
الثانية والعشرون : قال الله تعالى : " وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم " العزيمة : تتيمم العقد على الشيء ، يقال : عزم عليه يعزم عزماً ( الضم ) وعزيمة وعزيماً وعزماناً ، واعتزم اعتزاماً ، وعزمت عليك لتفعلن ، أي أقسمت عليك ، قال شمر : العزيمة والعزم ما عقدت عليك نفسك من أمر أنك فاعله ، والطلاق من طلقت المرأة تطلق ( على وزن نصر ينصر ) طلاقاً ، فهي طالق وطالقة أيضاً ، قال الأعشى :
أيا جارتا بيني فإنك طالقة
ويجوز طلقت ( بضم اللام ) مثل عظم يعظم ، وأنكره الأخفش : والطلاق حل عقدة النكاح ، وأصله الإنطلاق ، والمطلقات المخليات ، والطلاق : التخلية ، يقال : نعجة طالق ، أي مهملة قد تركت في المرعى لا قيد عليها ولا راعي ، وبعير طلق ( بضم الطاء واللام ) غير مقيد ، والجمع أطلاق وحبس فلان في السجن طلقاً أي بغير قيد ، والطالق من الإبل : التي يتركها الراعي لنفسه لا يحتلبها على الماء ، يقال : استطلق الراعي ناقة لنفسه ، فسميت المرأة المخلى سبيلها بما سميت به النعجة أو الناقة المهمل أمرها ، وقيل : إنه مأخوذ من طلق الفرس ، وهو ذهابه شوطاً لا يمنع ، فسميت المرأة المخلاة طالقاً لا تمنع من نفسها بعد أن كانت ممنوعة .
الثالثة والعشرون : في قوله تعالى : " وإن عزموا الطلاق " دليل على أنها لا تطلق بمضي مدة أربعة أشهر ، كما قال مالك ، ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة ، وأيضاً فإنه قال : (( سميع )) وسميع يقتضي مسموعاً بعد المضي ، وقال أبو حنيفة : (( سميع )) لإيلائه ، (( عليم )) بعزمه الذي دل عليه مضي أربعة أشهر ، وروى سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال : سألت أثني عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يولي من امرأته ، فكلهم يقول : ليس عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف ، فإن فاء وإلا طلق ، قال القاضي ابن العربي : وتحقيق الأمر أن تقدير الآية عندنا (( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا )) بعد انقضائها (( فإن الله غفور رحيم ، وإن يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا )) وتقديرها عندهم : (( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا )) فيها (( فإن الله غفور رحيم ، وإن عزموا الطلاق )) ، بترك الفيئة فيها ، يريد مدة التربص فيها (( فإن الله سميع عليم )) ، ابن العربي ، وهذا احتمال متساو ، ولأجل تساويه توقفت الصحابة فيه .
قلت : وإذا تساوى الاحتمال كان قول الكوفيين أقوى قياساً على المعتدة بالشهور والأقراء ، إذ كل ذلك أجل ضربه الله تعالى ، فبانقضائه انقطعت العصمة وأبينت من غير خلاف ، ولم يكن لزوجها سبيل عليها إلا بإذنها ، فكذلك الإيلاء ، حتى لو نسي الفيء وانقضت المدة لوقع الطلاق ، والله أعلم .
الرابعة والعشرون : قوله تعالى : " وإن عزموا الطلاق " دليل على أن الأمة بملك اليمين لا يكون فيها إيلاء ، إذ لا يقع عليها طلاق ، والله أعلم .
الإيلاء الحلف, فإذا حلف الرجل أن لا يجامع زوجته مدة, فلا يخلو إما أن يكون أقل من أربعة أشهر أو أكثر منها, فإن كانت أقل, فله أن ينتظر انقضاء المدة ثم يجامع امرأته, وعليها أن تصبر وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة, وهذا كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, آلى من نسائه شهراً فنزل لتسع وعشرين, وقال الشهر تسع وعشرون ولهما عن عمر بن الخطاب نحوه, فأما إن زادت المدة على أربعة أشهر فللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر , إما أن يفيء أي يجامع, وإما أن يطلق فيجبره الحاكم على هذا, وهذا لئلا يضر بها, ولهذا قال تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم" أي يحلفون على ترك الجماع عن نسائهم, فيه دلالة على أن الإيلاء يختص بالزوجات دون الإماء كما هو مذهب الجمهور "تربص أربعة أشهر" أي ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف, ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق, ولهذا قال " فإن فاؤوا " أي رجعوا إلى ما كانوا عليه وهو كناية عن الجماع, قاله ابن عباس ومسروق والشعبي وسعيد بن جبير وغير واحد ومنهم ابن جرير رحمه الله "فإن الله غفور رحيم" لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين, قوله " فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم " فيه دلالة لأحد قولي العلماء , وهو القديم عن الشافعي أن المولى إذا فاء بعد الأربعة الأشهر أنه لا كفارة عليه, ويعتضد بما تقدم في الحديث عند الاية التي قبلها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها, فتركها كفارتها" كما رواه أحمد وأبو داود والترمذي, والذي عليه الجمهور وهو الجديد من مذهب الشافعي أن عليه التكفير لعموم وجوب التكفير على كل حالف, كما تقدم أيضاً في الأحاديث الصحاح, والله أعلم.
وقوله "وإن عزموا الطلاق" فيه دلالة على أن الطلاق لا يقع بمجرد مضي الأربعة أشهر , كقول الجمهور من المتأخرين, وذهب آخرون إلى أنه يقع بمضي أربعة أشهر تطليقة, وهو مروي بأسانيد صحيحة عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت, وبه يقول ابن سيرين ومسروق والقاسم وسالم والحسن وأبو سلمة وقتادة وشريح القاضي وقبيصة بن ذؤيب وعطاء وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن طرخان التيمي وإبراهيم النخعي والربيع بن أنس والسدي, ثم قيل: إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر طلقة رجعية, قاله سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ومكحول وربيعة والزهري ومروان بن الحكم, وقيل: إنها تطلق طلقة بائنة, روي عن علي وابن مسعود وعثمان وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت, وبه يقول عطاء وجابر بن زيد ومسروق وعكرمة والحسن وابن سيرين ومحمد بن الحنفية وإبراهيم وقبيصة بن ذؤيب وأبو حنيفة والثوري والحسن بن صالح, فكل من قال: إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر أوجب عيها العدة, إلا ما روي عن ابن عباس وأبي الشعثاء: أنها إن كانت حاضت ثلاث حيض فلا عدة عليها, وهو قول الشافعي, والذي عليه الجمهور من المتأخرين أن يوقف فيطالب إما بهذا وإما بهذا ولا يقع عليها بمجرد مضيها طلاق, وروى مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف, فإما أن يطلق وإما أن يفيء, وأخرجه البخاري. وقال الشافعي رحمه الله: أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد, عن سليمان بن يسار, قال: أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يوقف المولى, قال الشافعي: وأقل ذلك ثلاثة عشر, ورواه الشافعي عن علي رضي الله عنه أنه يوقف المولى, ثم قال: وهكذا نقول, وهو موافق لما رويناه عن عمر وابن عمر وعائشة وعثمان وزيد بن ثابت وبضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, هكذا قال الشافعي رحمه الله. قال ابن جرير: حدثنا ابن أبي مريم, حدثنا يحيى بن أيوب, عن عبيد الله بن عمر, عن سهيل بن أبي صالح, عن أبيه, قال: سألت اثني عشر رجلاً من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته, فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة أشهر فيوقف, فإن فاء وإلا طلق, ورواه الدارقطني من طريق سهيل. (قلت) وهو يروى عن عمر وعثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة أم المؤمنين وابن عمر وابن عباس, وبه يقول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وطاوس ومحمد بن كعب والقاسم, وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم رحمهم الله, وهو اختيار ابن جرير أيضاً, وهو قول الليث وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وأبي ثور وداود, وكل هؤلاء قالوا: إن لم يفئ ألزم بالطلاق, فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم, والطلقة تكون رجعية, لها رجعتها في العدة, وانفرد مالك بأن قال, لا يجوز له رجعتها حتى يجامعها في العدة وهذا غريب جداً.
قد ذكر الفقهاء وغيرهم في مناسبة تأجيل المولي بأربعة أشهر, الأثر الذي رواه الإمام مالك بن أنس رحمه الله في الموطأ, عن عبد الله بن دينار , قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل, فسمع امرأة تقول: ‌
‌تطاول هذا الليل واسود جانبه وأرقني أن لا خليل ألا عبه

‌‌فو الله لولا الله أني أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه ‌‌
فسأل عمر ابنته حفصة رضي الله عنها: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة أشهر , فقال عمر: لا أحبس أحداً من الجيوش أكثر من ذلك وقال محمد بن إسحاق, عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, قال: ما زلت أسمع حديث عمر أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة, وكان يفعل ذلك كثيراً إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها, تقول:
‌ تطاول هذا الليل وازور جانبه وأرقني أن لا ضجيع ألا عبه
ألا عبه طوراً وطوراً كأنما بدا قمراً في ظلمة الليل حاجبه
‌ يسر به من كان يلهو بقربه لطيف الحشا لا يحتويه أقاربه
فو الله لولا الله لا شيء غيره لنقض من هذا السرير جوانبه
ولكنني أخشى رقيباً موكلا بأنفاسنا لا يفتر الدهر كاتبه
مخافة ربي والحياء يصدني وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
ثم ذكر بقية ذلك, كما تقدم أو نحوه, وقد روي هذا من طرق وهو من المشهورات. ‌‌‌‌‌‌‌‌‌
قوله: 227- "وإن عزموا الطلاق" العزم: العقد على الشيء، ويقال عزم يعزم عزماً وعزيمةً وعزماناً، واعتزم اعتزاماً، فمعنى عزموا الطلاق: عقدوا عليه قلوبهم. والطلاق من طلقت المرأة تطلق، كنصر ينصر، طلاقاً فهي طالق وطالقة أيضاً ويجوز طلقت بضم الللام، مثل عظم يعظم، وأنكره الأخفش. والطلاق حل عقدة النكاح، وفي ذلك دليل على أنها لا تطلق بمضي أربعة أشهر كما قال مالك، ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة، وأيضاً فإنه قال: "سميع"، وسميع يقتضس مسموعاً بعد المضي. وقال أبو حنيفة: "سميع" لإيلائه "عليم" بعزمه الذي دل عليه مضي أربعة أشهر. واعلم أن أهل كل مذهب قد فسروا هذه الآية بما يطابق مذهبهم وتكلفوا بما لم يدل عليه اللفظ، ولا دليل آخر، ومعناها ظاهر واضح، وهو أن الله جعل الأجل لمن يولي: أي يحلف من امرأته أربعة أشهر. ثم قال: مخبراً لعباده بحكم هذا المولي بعد هذه المدة " فإن فاؤوا " رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح "فإن الله غفور رحيم" أي لا يؤاخذهم بتلك اليمين بل يغفر لهم ويرحمهم "وإن عزموا الطلاق" أي وقع العزم منهم عليه والقصد له "فإن الله سميع" لذلك منهم "عليم" به، فهذا معنى الآية الذي لا شك فيه ولا شبهة، فمن حلف أن يطأ امرأته ولم يقيد بمدة أو قيد بزيادة على أربعة أشهر كان علينا إمهاله أربعة أشهر، فإذا مضت فهو بالخيار إما رجع إلى نكاح امرأته، وكانت زوجته بعد مضي المدة كما كانت زوجته قبلها، أو طلقها وكان له حكم المطلق لامرأته ابتداءً، وأما إذا وقت بدون أربعة أشهر فإن أراد أن يبر في يمينه اعتزل امرأته التي حلف منها حتى تنقضي المدة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين آلى من نسائه شهراً فإنه اعتزلهن حتى مضى الشهر، وإن أراد أن يطأ امرأته قبل مضي تلك المدة التي هي دون أربعة أشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة، وكان ممتثلاً لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: "من حلف على شيء فرأى غيره خيراً منه فليأت الذي هو خير منه وليكفر عن يمينه".
وقد أخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: الإيلاء أن يحلف أنه لا يجامعها أبداً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عنه في قوله: "للذين يؤلون من نسائهم" قال: هو الرجل يحلف لامرأته بالله لا ينكحها فتتربص أربعة أشهر فإن هو نكحها كفر عن يمينه، فإن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها خيره السلطان إما أنه يفيء وإما أن يعزم فيطلق كما قال الله سبحانه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي عنه قال: كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، فوقت الله لهم أربعة أشهر فإن كان إيلاؤه إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، فوقت الله لهم أربعة أشهر فإن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء. وأخرج عبد بن حميد عن علي قال: الإيلاء إيلاءان: إيلاء في الغضب، وإيلاء في الرضا- فأما الإيلاء في الغضب: فإذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه، وأما ما كان في الرضا فلا يؤاخذ به. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: لا إيلاء إلا بغضب. وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه قرأ فإن فاءوا فيهن فإن الله غفور رحيم. وأخرج عبد بن حميد عن علي قال: الفيء: الجماع. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود مثله. وأخرج ابن المنذر عن علي قال: الفيء الرضا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود مثله. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن، قال: الفيء الإشهاد، وأخرج عبد الرزاق عنه قال: الفيء الجماع، فإن كان له عذر أجزأه أن يفيء بلسانه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: إذا حال بينه وبينها مرض أو سفر أو حبس أو شيء يعذر به فإشهاده فيء. وللسلف في الفيء أقوال مختلفة، فينبغي الرجوع إلى معنى الفيء لغة، وقد بيناه. وأخرج ابن جرير عن عمر بن الخطاب أنه قال في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر لا شيء عليه حتى يوقف فيطلق أو يمسك. وأخرج الشافعي وابن جرير والبيهقي عن عثمان بن عفان نحوه. وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن علي نحوه. وأخرج البخاري وعبد بن حميد عن ابن عمر نحوه أيضاً. وأخرج ابن جرير والبيهقي عن عائشة نحوه. وأخرج ابن جرير والدارقطني والبيهقي من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة الأشهر فتوقف فإن فاء وإلا طلاق. وأخرج البيهقي عن ثابت بن عبيدة مولى زيد بن ثابت عن اثني عشر رجلاً من الصحابة نحوه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن مسعود وابن عمر وابن عباس قالوا: الإيلاء تطليقة بائنة إذا مرت أربعة أشهر، قبل أن يفيء فهي أملك بنفسها، وللصحابة والتابعين في هذا أقوال مختلفة متناقضة، والمتعين الرجوع إلى ما في الآية الكريمة، وهو ما عرفناك فاشدد عليه يديك. وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال: إيلاء العبد شهران. وأخرج مالك عن ابن شهاب قال: إيلاء العبد نحو إيلاء الحر.
227. " وإن عزموا الطلاق " أي حققوه بالإيقاع " فإن الله سميع " لقولهم " عليم " بنياتهم، وفيه دليل على أنها لا تطلق بعد مضي المدة ما لم يطلقها زوجها، لأنه شرط فيه العزم، وقال " فإن الله سميع عليم " فدل على أنه يقتضي مسموعاً والقول هو الذي يسمع.
227-" وإن عزموا الطلاق " وإن صموا قصده " فإن الله سميع " لطلاقهم . " عليم " بغرضهم فيه ، وقال أبو حنيفة : الإيلاء في أربعة أشهر فما فوقها ، وحكمه أن المولى إن فاء في المدة بالوطء إن قدر ، و بالوعد إن عجز ، صح الفيء ولزم الواطئ أن يكفر وإلا بانت بعدها بطلقة . وعندنا يطالب بعد المدة بأحد الأمرين فإن أبى عنهما طلق عليه الحاكم .
227. And if they decide upon divorce (let them remember that) Allah is Nearer, Knower.
227 - But if their intention is firm for divorce, God heareth and knoweth all things.