[البقرة : 203] وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
(واذكروا الله) بالتكبير عند رمي الجمرات (في أيام معدودات) أي أيام التشريق الثلاثة (فمن تعجل) أي استعجل بالنفر من مِنى (في يومين) أي في ثاني أيام التشريق بعد رمي جماره (فلا إثم عليه) بالتعجيل (ومن تأخر) بها حتى بات ليلة الثالث ورمى جماره (فلا إثم عليه) بذلك أي هم مخيرون في ذلك ونفي الإثم (لمن اتقى) الله في حجه لأنه الحاج في الحقيقة (واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم
قال أبو جعفر: يعني جل ذكره: اذكروا الله بالتوحيد والتعظيم في أيام محصيات، وهي أيام رمي الجمار. أمر عباده يومئذ بالتكبير أدبار الصلوات، وعند الرمي مع كل حصاة من حصى الجمار يرمي بها؟ جمرة من الجمار. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: "واذكروا الله في أيام معدودات"، قال: أيام التشريق.حدثني محمد بن نافع البصري قال، حدثنا غندر قال، حدثنا شعبة، عن هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله. حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "واذكروا الله في أيام معدودات"، يعني بالأيام المعدودات، أيام التشريق، وير ثلاثة أيام بعد النحر. حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي
طلحة، عن ابن عباس قوله: "واذكروا الله في أيام معدودات"، يعني أيام التشريق. حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله. وحدثنا أبو كريب قال، حدثنا مخلد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس: سمعه يوم الصدر يقول، بعد ما صدر يكبر في المسجد، ويتأول: "واذكروا الله في أيام معدودات".حدثنا علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "واذكروا الله في أيام معدودات"، يعني أيام التشريق. حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال، أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح في قول الله عز وجل: "واذكروا الله في أيام معدودات"، قال: هي أيام التشريق. حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء مثله. حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: "واذكروا الله في أيام معدودات"، قال: أيام التشريق بمنى. حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد وعطاء قالا: هي أيام التشريق. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد مثله.
حدثنا ابن بشار قال حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: الأيام المعدودات، أيام التشريق.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم مثله. حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا يونس، عن الحسن قال: الأيام المعدودات، الأيام بعد النحر. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال: سألت إسماعيل بن أبي خالد عن الأيام المعدودات ، قال: أيام التشريق. حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع فقال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "واذكروا الله في أيام معدودات"، كنا نحدث أنها أيام التشريق.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "واذكروا الله في أيام معدودات"، قال: هي أيام التشريق. حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما الأيام المعدودات فهي أيام التشريق. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، عن مالك قال: (الأيام المعدودات)، ثلاثة أيام بعد النحر. حدثت عن حسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "في أيام معدودات"، قال: أيام التشريق الثلاثة. حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال، سألت ابن زيد عن الأيام المعدودات و الأيام المعلومات ، فقال: الأيام المعدودات أيام التشريق، والأيام المعلومات، يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. وإنما قلنا إن الأيام المعدودات ، هي أيام منى وأيام رمي الجمار، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول فيها: إنها أيام ذكر الله عز وجل. ذكر الأخبار التي رويت بذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم وخلاد بن أسلم قالا، حدثنا هشيم، عن عمربن أبي سلمة عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيام التشريق أيام طعم وذكر.
حدثنا خلاد قال، حدثنا روح قال، حدثنا صالح قال، حدثني ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى: لا تصوموا هذه الأيام، فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ". وحدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل، وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال حدثنا ابن علية، قالا جميعا، حدثنا خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن عائشة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله". حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة قالت:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق، وقال: هي أيام أكل وشرب وذكر الله". حدثني يعقوب قال، حدثني هشيم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عمروبن دينار:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بشر بن سحيم فنادى في أيام التشريق فقال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله".
حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الزهري قال:"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بن قيس فنادى في أيام التشريق فقال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله، إلا من كان عليه صوم من هدي".حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيم،عن مسعود بن الحكم الزرقي، عن أمه قالت: لكأني أنظر إلى علي رضي الله عنه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، حين وقف على شعب الأنصار وهو يقول: أيها الناس، أنها ليست بأيام صيام، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر.قال أبو جعفر: فإن قال قائل: "إن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال في أيام منى: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله لم يخبر أمته أنها الأيام المعدودات التي ذكرها الله في كتابه، فما تنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم عنى بقوله: وذكر الله، الأيام المعلومات ". قيل: غير جائز أن يكون عنى ذلك. لأن الله لم يكن يوجب في الأيام المعلومات من ذكره فيها ما أوجب في الأيام المعدودات . وإنما وصف المعلومات جل ذكره، بأنها أيام يذكر فيها اسم الله على بهائم الأنعام، فقال: "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" [الحج: 27]، فلم يوجب في الأيام المعلومات من ذكره كالذي أوجبه في الأيام المعدودات من ذكره، بل أخبر أنها أيام ذكره على بهائم الأنعام. فكان معلوما، إذ قال-صلى الله عليه وسلم لأيام التشريق: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله فأخرج قوله: وذكر الله مطلقا بغير شرط، ولا إضافة إلى أنه الذكر على بهائم الأنعام، أنه عنى بذلك الذكر الذي ذكره الله في كتابه، فأوجبه على عباده مطلقا بغير شرط، ولا إضافة إلى معنى في الأيام المعدودات ، وأنه لو كان أراد بذلك لمجز وصف الأيام المعلومات به، لوصل قوله: وذكر إلى أنه ذكر الله على ما رزقهم من بهائم الأنعام، كالذي وصف الله به ذلك، ولكنه أطلق ذلك باسم الذكر من غير وصله بشيء، كالذي أطلقه تبارك وتعالى باسم الذكر فقال: "واذكروا الله في أيام معدودات". فكان ذلك من أوضح الدليل على أنه عنى بذلك ما ذكره الله في كتابه، وأوجبه في الأيام المعدودات .قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك: فقال بعضهم: معناه: فمن تعجل في يومين من أيام التشريق فنفر في اليوم الثاني، فلا إثم عليه في نفره وتعجله في النفر، ومن تأخر عن النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث حتى ينفرفي اليوم الثالث، فلا إثم عليه في تأخره. ذكر من قال ذلك:حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا هشيم، عن عطاء قال: لا إثم عليه في تعجيله، ولا إثم عليه في تأخيره. حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن مثله.
حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن عكرمة مثله. حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن
مجاهد في قوله: "فمن تعجل في يومين"، يوم النفر،"فلا إثم عليه"، لا حرج عليه، "ومن تأخر فلا إثم عليه" حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:أما: "من تعجل في يومين فلا إثم عليه"، يقول: من نفر في يومين فلا جناح عليه، ومن تأخر فنفر في الثالث فلا جناح عليه.حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "فمن تعجل في يومين"، يقول: فمن تعجل في يومين- أي: من أيام التشريق، "فلا إثم عليه"، ومن أدركه الليل بمنى من اليوم الثاني من قبل أن ينفر، فلا نفر له حتى تزول الشمس من الغد، "ومن تأخر فلا إثم عليه"، يقول: من تأخر إلى اليوم الثالث من أيام التشريق فلا إثم عليه. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، قال: رخص الله في أن ينفروا في يومين منها إن شاءوا، ومن تأخر في اليوم الثالث فلا إثم عليه. حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم: أنه قال في هذه الآية: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، قال: في تعجيله. حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا اسرائيل، عن منصور،عن إبراهيم قال: "لا إثم عليه" ، لا إثم على من تعجل، ولا إثم على من تأخر.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا اسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم قال: هذا في التعجيل.حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا، شريك واسرائيل، عن زيد بن جبير قال: سمعت ابن عمر يقول: حل النفر في يومين لمن اتقى. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" في تعجله، "ومن تأخر فلا إثم عليه" في تأخره.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال،قلت لعطاء: أللمكي أن ينفر في النفر الأول؟ قال: نعم، قال الله عز وجل: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، فهي للناس أجمعين. حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، قال: ليس عليه إثم. حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"فمن تعجل في يومين" بعد يوم النحر، "فلا إثم عليه"، يقول: من نفر من منى في يومين بعد النحر فلا إثم عليه، "ومن تأخر فلا إثم عليه" في تأخره، فلا حرج عليه.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" في تعجله، "ومن تأخر فلا إثم عليه" في تأخره. وقال آخرون: بل معناه: فمن تعجل في يومين فهو مغفور له لا إثم عليه، ومن تأخر كذلك. ذكر من قال ذلك:حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا اسرائيل، عن ثوير، عن أبيه، عن عبد الله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: ليس عليه إثم.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، أي غفر له، "ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: غفر له. حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا مسعر، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، أي غفر له. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا المحاربي- وحدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد- جميعا، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله في قوله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: قد غفر له.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم في قوله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قد غفر له.حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله قال في هذه الآية: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" قال:برىء من الإثم.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن ابن عمر: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" ، قال: رجع مغفورا له. حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد في قوله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: قد غفر له.حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن جابر، عن أبي عبدالله، عن ابن عباس: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، قال: قد غفر له، إنهم يتأولونها على غير تأويلها، إن العمرة لتكفر ما معها من الذنوب، فكيف بالحج!. حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا اسرائيل، عن أبي حصين، عن إبراهيم وعامر: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قالا: غفر له.
حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني من أصدقه، عن ابن مسعود قوله: "فلا إثم عليه"، قال: خرج من الإثم كله، "ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: برىء من الإثم كله، وذلك في الصدر عن الحج، قال ابن جريج: وسمعت رجلا يحدث عن عطاء بن أبي رباح، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "فلا إثم عليه"، قال: غفرله، "ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: غفر له.حدثني أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا أسود بن سوادة القطان قال،سمعت معاوية بن قرة قال: يخرج من ذنوبه. وقال آخرون: معنى ذلك: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، فيما بينه وبين السنة التي بعدها. ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة قال: سالت مجاهدا عن قول الله عز وجل: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: لمن في الحج، ليس عليه إثم حتى الحج من عام قابل. وقال آخرون: بل معناه: فلا إثم عليه إن اتقى الله فيما بقي من عمره. ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن المغيرة، عن إبراهيم مثله. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيه، عن أبي العالية مثله.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، قال: لمن اتقى، بشرط.
حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:-"فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، لا جناح عليه، "ومن تأخر" إلى اليوم الثالث فلا جناح عليه لمن اتقى، وكان ابن عباس يقول: وددت أني من هؤلاء ممن يصيبه اسم التقوى.حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: هي في مصحف عبد الله: لمن آتقى الله .حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، فلا حرج عليه، يقول: لمن اتقى معاصي الله عز وجل. وقال اخرون: بل معنى ذلك: "فمن تعجل في يومين" من أيام التشريق "فلا إثم عليه"، أي فلا حرج عليه في تعجيله النفر، إن هو اتقى قتل الصيد حتى ينقضي اليوم الثالث، ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلم ينفر، فلا حرج عليه.ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا محمد بن أبي صالح: "لمن اتقى" أن يصيب شيئا من الصيد حتى يمضي اليوم الثالث.حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، ولا يحل له أن يقتل صيدا حتى تخلو أيام التشريق. وقال آخرون: بل معناه: "فمن تعجل في يومين" من أيام التشريق فنفر "فلا إثم عليه"، أي مغفور له- "ومن تأخر" فنفر في اليوم الثالث "فلا إثم عليه"، أي مغفور له، إن اتقى على حجه أن يصيب فيه شيئا نهاه الله عنه. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتاد قوله: "لمن اتقى"، قال: يقول لمن اتقى على حجه- قال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه- أو: ما سلف من ذنبه. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال: تأويل ذلك: "فمن تعجل في يومين" من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني، "فلا إثم عليه"، لحط الله ذنوبه إن كان قد اتقى الله في حجه، فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه، وفعل فيه ما أمره الله بفعله، وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدوده، "ومن تأخر" الى اليوم الثالث منهن، فلم ينفر إلى النفر الثاني حتى نفر من غد النفر الأول، "فلا إثم عليه"، لتكفير الله له ما سلف من اثامه وأجرامه، إن كان اتقى الله في حجه بأدائه بحدوده. وإنما قلنا إن ذلك أولى تأويلاته [بالصحة]، لتظاهر الأخبار "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، وأنه قال صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة". حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال: حدثنا أبو خالد الأحمر قال، حدثنا عمرو بن قيس، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة". حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير، عن عمرو بن قيس، عن عاصم، عن زر، عن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. حدثنا الفضل بن الصباح قال، حدثنا ابن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن- عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة ما بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير الخبث، أو: خبث الحديد".حدثنا إبراهيم بن سعيد قال، حدثنا سعد بن عبد الحميد قال، حدثنا ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضيت حجك فأنت مثل ما ولدتك أمك". وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول بذكر جميعها الكتاب، مما ينبىء عن أن من حج فقضاه بحدوده على ما أمره الله، فهو خارج من ذنوبه كما قال جل ثناؤه: "فلا إثم عليه لمن اتقى" الله في حجه. فكان في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوضح عن أن معنى قول جل وعز: "فلا إثم عليه"، أنه خارج من ذنوبه، محطوطة عنه آثامه، مغفورة له أجرامه، وأنه لا معنى لقول من تأول قوله: "فلا إثم عليه"، فلا حرج عليه في نفره في اليوم الثاني، ولا حرج عليه في مقامه إلى اليوم الثالث. لأن الحرج إنما يوضع عن العامل فيما كان عليه ترك عمله، فيرخص له في عمله بوضع الحرج عنه في عمله؟ أو فيما كان عليه عمله، فيرخص له في تركه بوضع الحرج عنه في تركه. فأما ما على العامل عمله، فلاوجه لوضع الحرج عنه فيه إن هو عمله، وفرضه عمله. لأنه محال أن يكون المؤدي فرضا عليه، حرجا بأدائه، فيجوزأن يقال: قد وضعنا عنك فيه الحرج وإذ كان ذلك كذلك، وكان الحاج لا يخلو عند من تأول قوله: "فلا إثم عليه" فلا حرج عليه، أو: فلا جناح عليه، من أن يكون فرضه النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق، فوضع عنه الحرج في المقام أوأن يكون فرضه المقام، إلى اليوم الثالث، فوضع عنه الحرج في النفر في اليوم الثاني، فإن يكن فرضه في اليوم الثاني من أيام التشريق المقام إلى اليوم الثالث منها، فوضع عنه الحرج في نفره في اليوم الثاني منها- وذلك هو التعجل الذي قيل: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"- فلا معنى لقرله على تأويل من تأول ذلك "فلا إثم عليه"، فلا جناح عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه. لأن المتأخرالى اليوم الثالث إنما هو متأخر عن أداء فرض عليه، تارك قبول رخصة النفر. فلا وجه لأن يقال: لا حرج عليك في مقامك على أداء الواجب عليك، لما وصفنا قبل- أو يكون فرضه في اليوم الثاني النفر، فرخص له في المقام إلى اليوم الثالث، فلا معنى أن يقال: لا حرج عليك في تعجلك النفر الذي هو فرضك وعليك فعله ، للذي قدمنا من العلة.
وكذلك لا معنى لقول من قال: معناه: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" ولا حرج عليه في نفره ذلك، إن اتقى قتل الصيد إلى انقضاء اليوم الثالث. لأن ذلك لو كان تأويلا مسلما لقائله، لكان في قوله: "ومن تأخر فلا إثم عليه"، ما يبطل دعواه. لأنه لا خلاف بين الأمة في أن الصيد للحاج بعد نفره من منى في اليوم الثالث حلال، فما الذي من أجله وضع عنه الحرج في قوله: "ومن تأخر فلا إثم عليه" ، إذا هو تأخر إلى اليوم الثالث ثم نفر؟ هذا، مع إجماع الحجة على أن المحرم إذا رمى وذبح وحلق وطاف بالبيت، فقد حل له كل شيء، وتصريح الرواية الموروثة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك، التي:-حدثنا بها هناد بن السري الحنظلي قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج، عن أبي بكربن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة قالت: سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: متى يحل المحرم؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رميتم وذبحتم وحلقتم، حل لكم كل شيء إلا النساء"، قال: وذكر الزهري، عن عمرة، عن عاثشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأما الذي تأول ذلك أنه بمعنى: لا إثم عليه إلى عام قابل ، فلا وجه لتحديد ذلك بوقت، لاسقاطه الإثم عن الحاج سنة مستقبلة دون آثامه السالفة. لأن الله جل ثناؤه لم بحصر ذلك على نفي إثم وقت مستقبل بظاهر التنزيل، ولا على لسان الرسول عليه السلام، بل دلالة ظاهر التنزيل تبين عن أن المتعجل في اليومين والمتأخر لا إثم على كل واحد منهما في حاله التي هو بها، دون غيرها من الأحوال. والخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم يصرح بأنه بانقضاء حجه على ما أمر به، خارج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. ففي ذلك، من دلالة ظاهر التنزيل، وصريح قول الرسول صلى الله عليه وسلم، دلالة واضحة على فساد قول من قال: معنى قوله: "فلا إثم عليه"، فلا إثم عليه من وقت انقضاء حجه إلى عام قابل. قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: ما الجالب اللام في قوله: "لمن اتقى"؟ وما معناها؟.
قيل: الجالب لها معنى قوله: "فلا إثم عليه". لأن في قوله: "فلا إثم عليه" معنى: حططنا ذنوبه وكفرنا آثامه، فكان في ذلك معنى: جعلنا تكفير الذنوب لمن اتقى الله في حجه. فترك ذكر جعلنا تكفير الذنوب ، اكتفاء بدلالة قوله: "فلا إثم عليه". وقد زعم بعض نحوي البصرة أنه كأنه إذا ذكر هذه الرخصة، فقد أخبرعن أمر، فقال: "لمن اتقى" أي: هذا لمن اتقى. وأنكر بعضهم ذلك من قوله، وزعم أن الصفة لا بد لها من شيء تتعلق به، لأنها لا تقوم بنفسها، ولكنها فيما زعم من صلة قول متروك. فكان معنى الكلام عنده: قلنا: "ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى"، وقام قوله: "ومن تأخر فلا إثم عليه"، مقام القول . وزعم بعض أهل العربية أن موضع طرح الإثم في المتعجل، فجعل في المتأخر، وهو الذي أدى
ولم يقصر، مثل ما جعل على المقصر، كما يقال في الكلام: إن تصدقت سرا فحسن، وإن أظهرت فحسن ، وهما مختلفان. لأن المتصدق علانية إذا لم يقصد الرياء فحسن، وإن كان الإسرار أحسن. وليس في وصف حالتي المتصدقين بالحسن وصف إحداهما بالإثم. وقد أخبر الله عز وجل عن النافرين بنفي الإثم عنهما، ومحال أن ينفي عنهما إلا ما كان في تركه الإثم، على ما تأوله قائلو هذه المقالة. وفي إجماع الجميع على أنهما جميعا لو تركا النفر وأقاما بمنى لم يكونا آثمين، ما يدل على فساد التأويل الذي تأوله من حكينا عنه هذا القول. وقال أيضا: فيه وجة آخر: وهو معنى نهي الفريقين عن أن يوثم أحد الفريقين الآخر، كأنه أراد بقوله: "فلا إثم عليه"، لا يقل المتعجل للمتأخر: أنت آثم ، ولا المتأخر للمتعجل: أنت آثم، بمعنى: فلا يؤثمن أحدهما الآخر.وهذا أيضا تأويل لقول جميع أهل التأويل مخالف، وكفى بذلك شاهدا على خطئه. قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: واتقوا الله، أيها المؤمنون، فيما فرض عليكم من فرائضه، فخافوه في تضييعها والتفريط فيها، وفيما نهاكم عنه في حجكم ومناسككم أن ترتكبوه أو تأتوه، وفيما كلفكم في إحرامكم لحجكم أن تقضروا في أدائه والقيام به، "واعلموا أنكم إليه تحشرون"، فمجازيكم هو بأعمالكم- المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته- وموف كل نفس منكم ما عملت وأنتم لا تظلمون.
قوله تعالى : " واذكروا الله في أيام معدودات " فيه ست مسائل :
الأولى : قال الكوفيون : الألف والتاء في (( معدودات )) لأقل العدد ، وقال البصريون : هما للقليل والكثير ، بدليل قوله تعالى : " وهم في الغرفات آمنون " [ سبأ : 37 ] والغرفات كثيرة ، ولا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام منة ، وهي أيام التشريق ، وأن هذه الثلاثة الأسماء واقعة عليها ، وهي أيام ( رمي الجمار ، وهي واقعة على الثلاثة الأيام التي يتعجل الحاج منها في يومين النحر ، فقف على ذلك ، وقال الثعلبي وقال إبراهيم : الأيام المعدودات أيام العشر ، والأيام المعلومات أيام النحر ، وكذا حكي مكي والمهدون أن الأيام المعدودات أيام العشر ، ولا يصح لما ذكرناه من الإجماع ، على ما نقله أبو عمر بن عبد البر وغيره ، قال ابن عطية : وهذا إما أن يكون من تصحيف النسخة ، وإما أن يريد العشر الذي بعد النحر ، وفي ذلك بعد .
الثانية : أمر الله سبحانه وتعالى عباده بذكره في الأيام المعدودات ، وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر ، وليس يوم النحر منها ، لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد يم النفر وهو ثاني يوم النحر ، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلاً يوم النفر ، لأنه قد أخذ يومين من المعدودات ، خرج الدارقطني و الترمذي وغيرهما عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي :
" إن ناساً من أهل نجد أتو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه ، فأمر منادياً فنادى : الحج عرفة فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ، أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين ثلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " ، أي من تعجل من الحاج في يومين من أيام منى صار مقامه يمنى ثلاثة أيام بيوم النحر ، ويصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة ، ويسقط عنه رمي يوم الثالث ، ومن لم ينفر منها إلا في آخر اليوم الثالث حصل له بمنى مقام أربعة أيام من أجل يوم النحر ، وأستوفى العدد في الرمي ، على ما يأتي بيانه ، ومن الدليل على أن أيام ثلاثة - مع ما ذكرناه - قول العرجي :
ما نلتقي إلا ثلاث منى حتى يفرق بيننا النفر
فأيام الرمي معدودات ، وأيام النحر معلومات ، وروى نافع عن ابن عمر أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام : يوم النحر وثلاثة أيام بعده ، فيوم النحر معلوم غير معدود ، واليومان بعده معلومان معدودان ، واليوم الرابع معدود لا معلوم ، وهذا مذهب مالك وغيره .
وإنما كان كذلك لأن الأول ليس من الأيام التي تختص بمنى في قوله سبحانه وتعالى : " واذكروا الله في أيام معدودات " ، ولا من التي عين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " أيام منى ثلاثة " فكان معلوماً ، لأن الله تعالى قال : " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " [ الحج : 28 ] ، ولا خلاف أن المراد به النحر ، وكان النحر في اليوم الأول وهو يوم الأضحى والثاني والثالث ، ولم يكن في الرابع نحر بإجماع من علمائنا ، فكان الرابع غير مراد في قوله تعالى : " معلومات " ، لأنه لا ينحر فيه وكان مما يرمى فيه ، فصار معدوداً لأجل الرمي ، غير معلوم لعدم النحر فيه ، قال ابن العربي : والحقيقة فيه أن يوم النحر معدود بالرمي معلوم بالذبح ، لكنه عند علمائنا ليس مراداً في قوله تعالى : " واذكروا الله في أيام معدودات " ، وقال أبو حنيفة و الشافعي : الأيام المعلومات العشر من أول يوم من ذي الحجة ، وآخرها يوم النحر ، لم يختلف قولهما في ذلك ، ورويا ذلك عن ابن عباس ، وروى الطحاوي عن أبي يوسف أن الأيام المعلومات أيام النحر ، قال أبو يوسف : روي ذلك عن عمر وعلي ، وإليه أذهب ، لأنه تعالى قال : " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " [ الحج : 28 ] ، وحكي الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة : يوم الأضحى ويومان بعده ، قال الكيا الطبري : فعلى أبي يوسف و محمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات ، لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف ، ولا يشك أحد أن المعدودات لا تتناول أيام العشر ، لأن الله تعالى يقول : " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " ، وليس في العشر حكم يتعلق بيومين دون الثالث ، وقد روي عن ابن عباس أن المعلومات العشر ، والمعدودات أيام التشريق ، وهو قول الجمهور .
قلت : وقال ابن زيد : الأيام المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق ،وفيه بعد ، لما ذكرناه ، وظاهر الآية يدفعه ، وجعل الله الذكر في الأيام المعدودات والمعلومات يدل على خلاف قوله ، فلا معنى للإشتغال به .
الثالثة : ولا خلاف أن المخاطب بهذا الذكر هو الحاج ، خوطب بالتكبير عند رمي الجمار ، وعلى ما رزق من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات وعند أدبار الصلوات دون تلبية ، وهل يدخل غير الحاج في هذا أم لا ؟ فالذي عليه فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد - وخصوصاً في أوقات الصلوات - فيكبر عند انقضاء كل صلاة - كان المصلي وحده أو في جماعة - تكبيراً ظاهراً في هذه الأيام ، اقتداء بالسلف رضي الله عنهم ، وفي المختصر : ولا يكبر النساء دبر الصلوات والأول أشهر ، لأنه يلزمها حكم الإحرام كالرجل ، قاله في المدونة .
الرابعة : ومن نسي التكبير بإثر صلاة كبر إن كان قريباً ، وإن تباعد فلا شيء عليه ، قاله ابن الجلاب ، وقال مالك في المختصر : يكبر ما دام في مجلسه ، فإذا قام من مجلسه فلا شيء عليه ، وفي المدونة من قول مالك : إن نسي الإمام التكبير فإن كان قريباً قعد فكبر ، وإن تباعد فلا شيء عليه ، وإن ذهب ولم يكبر والقوم جلوس فليكبروا .
الخامسة : واختلف العلماء في طرفي مدة التكبير ، فقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس : يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر ايام التشريق ، وقال ابن مسعود و أبو حنيفة : يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر ، وخالفهما أصحابهما فقالوا بالقول الأول ، قول عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنه عنهم ، فاتقوا في الإبتداء دون الإنتهاء ، وقال مالك : يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، وبه قال الشافعي ، وهو قول ابن عمر وابن عباس أيضاً ، وقال زيد بن ثابت : يكبر من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ، قال ابن العربي : فأما من قال : يكبر يوم عرفة ويقطع العصر من يوم النحر فقد خرج عن الظاهر ، لأن الله تعالى قال : " في أيام معدودات " وأيامها ثلاثة ، وقد قال هؤلاء : يكبر في يومين ، فتركوا الظاهر لغير دليل ، وأما من قال يوم عرفة وأيام التشريق ، فقال : إنه قال : " فإذا أفضتم من عرفات " [ البقرة : 198 ] ، فذكر (( عرفات )) داخل في ذكر الأيام ، هذا كان يصح لو كان قال : يكبر من المغرب يوم عرفة ، لأن وقت الإفاضة حينئذ ، فأما قبل فلا يقتضيه ظاهر اللفظ ، ويلزمه أن يكون من يوم التروية عند الحلول بمنى .
السادسة : واختلفوا في لفظ التكبير ، فمشهور مذهب مالك أنه يكبر إثر كل صلاة ثلاث تكبيرات ، رواه زياد بن زياد عن مالك ، وفي المذهب رواية : يقال بعد التكبيرات الثلاث : لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، وفي المختصر عن مالك : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد .
قوله تعالى : " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " فيه إحدى وعشرون مسألة :
الأولى : قوله تعالى : " فمن تعجل " : التعجيل أبداً لا يكون هنا إلا في آخر النهار ، وكذلك اليوم الثالث ، لأن الرمي في تلك الأيام إنما وقته بعد الزوال ، وأجمعوا على أن يوم النحر لا يرمى فيه غير جمرة العقبة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرم يوم النحر من الجمرات غيرها ، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ، وكذلك أجمعوا أن وقت رمي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال إلى الغروب ، واختلفوا فيمن رمى جمرة العقبة قبل طلوع الفجر أو بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس ، فقال مالك و أبو حنيفة و أحمد و إسحاق : جائز رميها بعد الفجر قبل أن يطلع الفجر ، ولا يجوز رميها قبل الفجر ، فإن رماها قبل الفجر أعادها ، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه : لا يجوز رميها ، وبه قال أحمد و إسحاق ، ورخصت طائفة في الرمي قبل طلوع الفجر ، روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت ترمي بالليل وتقول :
إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخرجه أبو داود ، وروي هذا القول عن عطاء و ابن أبي مليكة و عكرمة بن خالد ، وبه قال الشافعي إذا كان الرمي بعد نصف الليل ، وقالت طائفة : لا يرمي حتى تطلع الشمس ، قاله مجاهد و النخعي و الثوري ، وقال أبو ثور : إن رماها قبل طلوع الشمس فإن اختلفوا فيه لم يجزه ، وإن أجمعوا ، أو كانت فيه سنة أجزأه ، قال أبو عمر : أما قول الثوري ومن تابعه فحجته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة بعد طلوع الشمس وقال :
" خذوا عني مناسككم " ، وقال ابن المنذر : السنة ألا ترمي إلا بعد طلوع الشمس ، ولا يجزيء الرمي قبل طلوع الفجر ، فإن رمى أعاد ، إذ فاعله مخالف لما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته ، ومن رماها بعد طلوع الفجر طلوع الشمس فلا إعادة عليه ، إذ لا أعلم أحداً قال لا يجزئه .
الثانية - روى معمر قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه قال :
" أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة أن تصبح بمكة يوم النحر وكان يومها " ، قال أبو عمر : اختلف على هشام في هذا الحديث ، فروته طائفة عن هشام عن أبيه مرسلاً كما رواه معمر ، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة بذلك مسنداً .
ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة مسنداً أيضاً ، وكلهم ثقات ، وهو يدل على أنها رمت الجمرة بمنى قبل الفجر ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصبح بمكة يوم النحر ، وهذا لا يكون إلا وقد رمت الجمرة بمنى ليلاً قبل الفجر ، والله أعلم ، ورواه أبو داود قال حدثنا هارون بن عبد الله قال حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام بن عروة " عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مصت فأفاضت " ، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ، وإذا ثبت فالرمي بالليل جائز لمن فعله ، والإختيار من طلوع الشمس إلى زوالها ، قال أبو عمر : أجمعوا على أن وقت الإختيار في رمي جمرة العقبة من طلوع الشمس إلى زوالها ، وأجمعوا إن رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر فقد أجزأ عنه ولا شيء عليه ، إلا مالكاً فإنه قال : أستحب له إن ترك جمرة العقبة حتى أمسى أن يهريق دماً يجيء به من الحل ، واختلفوا فيمن لم يرمها حتى غابت الشمس فرمها من الليل أو من الغد ، فقال مالك : عليه دم ، واحتج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لرمي الجمرة وقتاً ، وهو يوم النحر ، فمن رمى بعد غروب الشمس فقد رماها بعد خروج وقتها ، ومن فعل شيئاً في الحج بعد وقته فعليه دم ، وقال الشافعي : لا دم عليه ، وهو قول أبي يوسف و محمد ، وبه قال أبو ثور ، لـ" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له السائل : يا رسول الله ، رميت بعد ما أمسيت فقال : لا حرج " ، قال مالك : من نسي رمي الجمار حتى يمسي فليرم أية ساعة ذكر من ليل أو نهار ، كما يصلي أية ساعة ذكر ، ولا يرمي إلا ما فاته خاصة ، وإن كانت جمرة واحدة رماها ، ثم يرمي ما رمى بعدها من الجمار ، فإن الترتيب في الجمار واجب ، فلا يجوز أن يشرع في رمي جمرة حتى يكمل رمي الجمرة الأولى كركعات الصلاة ، هذا هو المشهور من المذهب ، وقيل ليس الترتيب بواجب في صحة الرمي ، بل إذا كان الرمي كله في وقت الأداء أجزأه .
الثالثة : فإذا مضت أيام الرمي فلا رمي ، فإن ذكر بعد ما يصدر وهو بمكة أو بعد ما يخرج منها فعليه الهدي ، وسواء ترك الجمار كلها ، أو جمرة منها ، أو حصاة من جمرة حتى خرجت أيام منى أيام فعليه دم ، وقال أبو حنيفة : إن ترك الجمار كلها فعليه دم ، وإن ترك جمرة واحدة كان عليه بكل حصاة من الجمرة إطعام مسكين نصف صاع ، إلى أن يبلغ دماً فيطعم ما شاء ، إلا جمرة العقبة فعليه دم ، وقال الأوزاعي : يتصدق إن ترك حصلة ، وقال الثوري : يطعم في الحصاة والحصاتين والثلاث ، فإن ترك أربعاً فصاعداً فعليه دم ، وقال الليث : في الحصاة الواحدة دم ، وهو أحد قولي الشافعي ، والقول الآخر وهو المشهور : إن في الحصاة مداً من طعام ، وفي حصاتين مدين ، وفي ثلاث حصيات دماً .
الرابعة : ولا سبيل عند الجميع إلى رمي ما فاته من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها ، وذلك اليوم الرابع من أيام النحر ، وهو الثالث من أيام التشريق ، ولكن يجزئه الدم أو الإطعام على حسب ما ذكرنا .
الخامسة : ولا تجوز البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق ، فإن ، ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء ولمن ولي السقاية من آل العباس ، قال مالك : من ترك المبيت ليلة من ليالي منى من غير الرعاء وأهل السقاية فعليه دم ، روى البخاري عن ابن عمر .
" أن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له " ، قال ابن عبد البر : كان العباس ينظر في السقاية ويقوم بأمرها ، ويسقي الحاج شرابها أيام الموسم ، فلذلك أرخص له في المبيت عن منى ، كما أرخص لرعاء الإبل من أجل حاجتهم لرعي الإبل وضرورتهم إلى الخروج بها نحو المراعي التي تبعد عن منى .
وسميت منى (( منى )) لما يمنى فيها من الدماء ، أي يراق ، وقال ابن عباس : إنما سميت منى لأن جبريل قال لآدم عليه السلام : تمن ، قال : أتمنى الجنة ، فسميت منى . ، قال ، وإنما سميت جمعاً لأنه اجتمع بها حواء وآدم عليهما السلام ، والجمع أيضاً هو المزدلفة ، وهو المشعر الحرام ، كما تقدم .
السادسة : وأجمع الفقهاء على أن المبيت للحاج غير الذين رخص لهم ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه ، والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دماً ، قياساً على سائر الحج ونسكه ، وفي الموطأ ، مالك عن نافع عن ابن عمر قال : قال عمر : لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة ، والعقبة التي منع عمر أن يبيت أحد وراءها هي العقبة التي عند الجمرة التي يرميها الناس يوم النحر مما يلي مكة ،رواه ابن نافع عن مالك في المبسوط ، قال : وقال مالك : ومن بات وراءها ليالي منى فعليه الفدية ، وذلك أنه بات بغير منى ليالي منى ، وهو مبيت مشروع في الحج ، فلزم الدم بتركه كالمبيت بالمزدلفة ، ومعى الفدية هنا عند مالك الهدي ، قال مالك : هو هدي يساق من الحل إلى الحرم .
السابعة : روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه " أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى يرمون يوم النحر ، ثم يرمون الغد ، ومن بعد الغد ليومين ، ثم يرمون يوم النفر " ،
قال أبو عمر : لم يقل مالك بمقتضى هذا الحديث ، وكان يقول : يرمون يوم النحر - يعني جمرة العقبة - ثم لا يرمون من الغد ، فإذا كان بعد الغد وهو الثاني من أيام التشريق وهو اليوم الذي يتعجل فيه النفر من يريد التعجيل أو من يجوز له التعجيل رموا اليومين لذلك اليوم ولليوم الذي قبله ، لأنهم يقضون ما كان عليهم ، ولا يقضي أحد عنده شيئاً إلا بعد أن يجب عليه ، هذا معنى ما فسر به مالك هذا الحديث في موطئه ، وغيره يقول : لا بأس بذلك كله على ما في حديث مالك ، لأنها أيام رمي كلها ، وإنما لم يجز عند مالك للرعاء تقديم الرمي لأن غير الرعاء لا يجوز لهم أن يرموا في أيام التشريق شيئاً من الجمار قبل الزوال ، فإن رمى قبل الزوال أعادها ، ليس لهم التقديم وإنما رخص لهم في اليوم الثاني إلى الثالث ، قال ابن عبد البر : الذي قاله مالك في هذه المسألة موجود في رواية ابن جريج قال : أخبرني محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص للرعاء أن يتعاقبوا ، فيرموا يوم النحر ، ثم يدعوا يوماً وليلة ثم يرمون الغد ، قال علماؤنا : ويسقط رمي الجمرة الثالثة عمن تعجل ، قال ابن أبي رزين ، يرميها يوم النفر الأول حين يريد التعجيل ، قال ابن المواز : يرمي المتعجل في يومين بإحدى وعشرين حصاة ، كل جمرة بسبع حصيات ، فيصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة ، لأنه قد رمى جمرة العقبة يوم النحر بسبع ، قال ابن المنذر : ويسقط رمي اليوم الثالث .
الثامنة : روى مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل يقول (( في الزمن الأول )) قال الباجي : (( قوله في الزمن الأول يقتضي إطلاقه زمن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أول زمن هذه التشريعة ، فعلى هذا هو مرسل ويحتمل أن يريد به أول زمن أدركه عطاء ، فيكون موقوفاً )) والله أعلم .
قلت : هو مسند من :
حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، خرجه الدارقطني وغيره ، وقد ذكرناه في المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس ، وإنما أبيح لهم الرمي بالليل لأنه أرفق بهم وأحوط فيما يحاولونه من رعي الإبل ، لأن الليل وقت لا ترعى فيه ولا تنتشر ، فيرمون في ذلك الوقت ، وقد اختلفوا فيمن فاته الرمي حتى غربت الشمس ، فقال عطاء : لا رمي بالليل إلا لرعاء الإبل ، فأما التجار فلا ، وروي عن ابن عمر أنه قال : من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تطلع الشمس من الغد ، وبه قال أحمد و إسحاق ، وقال مالك : إذا تركه نهاراً رماه ليلاً ، وعليه دم في رواية ابن القاسم ، ولم يذكر في الموطأ أن عليه دماً ، وقال الشافعي و أبو ثور و يعقوب و محمد : إذا نسي الرمي حتى أمسي يرمي ولا دم عليه ، وكان الحسن البصري يرخص في رمي الجمار ليلاً وقال أبو حنيفة : يرمي ولا شيء عليه ،وإن لم يذكرها من الليل حتى يأتي الغد فعليه أن يرميها وعليه دم ، وقال الثوري : إذا أخر الرمي إلى الليل ناسياً أو متعمداً أهرق دماً .
قلت : أما من رمى من رعاء الإبل أو أهل السقاية بالليل فلا دم يجب ، للحديث ، وإن كان من غيرهم فالنظر يوجب الدم لكن مع العمد ، والله أعلم .
التاسعة : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر على راحلته ، واستحب مالك وغيره أن يكون الذي يرميها راكباً ، وقد كان ابن عمر وابن الزبير وسالم يرمونها وهم مشاة ، ويرمي في كل يوم من الثلاثة بإحدى وعشرين حصاة ، يكبر مع كل حصاة ، ويكون وجهه في حال رميه إلى الكعبة ، ويرتب الجمرات ويجمعهن ولا يفرقهن ولا ينكسهن ، يبدأ بالجمرة الأولى فيرميها بسبع حصيات رمياً ولا يضعها وضعاً ، كذلك قال مالك و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي ، فإن طرحها جاز عند أصحاب الرأي ، وقال ابن القاسم : لا يتجزئ في الوجهين جميعاً ، وهو الصحيح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرميها ، ولا يرمي عندهم بحصاتين أو أكثر في مرة ، فإن فعل عدها حصاة واحدة ، فإذا فرغ منها تقدم أمامها فوقف طويلاً للدعاء بما تيسر ، ثم يرمي الثانية وهي الوسطى وينصرف عنها ذات الشمال في بطن المسيل ، ويطيل الوقوف عندها للدعاء ، ثم يرمي الثالثة بموضع جمرة العقبة بسبع حصيات أيضاً ، يرميها من أسفلها ولا يقف عندها ، ولو رماها من فوقها أجزأه ، ويكبر في ذلك كله مع كل حصاة يرميها ، وسنة الذكر في رمي الجمار التكبير دون غيره من الذكر ، ويرميها ماشياً بخلاف جمرة يوم النحر ، وهذا كله توقيف رفعه النسائي و الدارقطني عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان إذا رمى الجمرة التي تلي المسجد - مسجد منى - يرميها بسبع حصيات ، يكبر كلمها رمى بحصاة ، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو ، وكان يطيل الوقوف ، ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات ، يكبر كلما رمى بحصاة ، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعاً يديه ثم يدعو ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبح حصيات ، يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها " ، قال الزهري : سمعت سالم بن عبد الله يحدث بهذا عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وكان ابن عمر يفعله ، لفظ الدارقطني .
العاشرة : وحكم الجمار أن تكون طاهرة غير نجسة ، ولا مما رمي به ، فإن رمى بما قد رمي به لم يجزه عند مالك ، وقد قال عنه ابن القاسم : إن كان ذلك في حصاة واحدة أجزأه ، ونزلت بابن القاسم فأفتاه بهذا .
الحادية عشرة : واستحب أهل العلم أخذها من المزدلفة لا من حصى المسجد ، فإن أخذ زيادة على ما يحتاج وبقي ذلك بيده بعد الرمي دفنه ولم يطرحه ، قاله أحمد بن حنبل وغيره .
الثانية عشرة : ولا تغسل عند الجمهور خلافاً لطاوس ، وقد روي أنه لو لم يغسل الجمار النجسة أو رمى بما قد رمي به أنه أساء وأجزأ عنه ، قال ابن المنذر : يكره أن يرمي بما قد رمي به ، ويجزيء إن رمى به ، إذ لا أعلم أحداً أوجب على من فعل ذلك الإعادة ، ولا نعلم في شيء من الأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غسل الحصى ولا أمر بغسله ، وقد روينا عن طاوس أنه كان يغسله .
الثالثة عشرة : ولا يجزئ في الجمار المدر ولا شيء غير الحجر ، وهو قول الشافعي و أحمد و إسحاق ، وقال أصحاب الرأي : يجوز بالطين اليابس ، وكذلك كل شيء رماها من الأرض فهو يجزئ ، وقال الثوري : من رمى بالخزف والمدر لم يعد الرمي ، قال ابن المنذر : لا يجزيء الرمي إلا بالحصى ، لـ" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بحصى الخذف " ، وبالحصى رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الرابعة عشر : واختلف في قدر الحصى ، فقال الشافعي : يكون أصغر من الأنملة طولاً وعرضاً ، وقال أبو ثور وأصحاب الراي : بمثل حصى الخذف ، وروينا عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة بمثل بعر الغنم ، ولا معنى لقول مالك : أكبر من ذلك أحب إلي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سن الرمي بمثل حصى الخذف ، ويجوز أن يرمي بما وقع عليه اسم حصاة ، واتباع السنة أفضل ، قاله ابن المنذر .
قلت : وهو الصحيح الذي لا يجوز خلافه لمن اهتدى واقتدى روى النسائي " عن ابن عباس قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته : هات القط لي فلقطت له حصيات هن حصى الخذف ، فلما وضعتهن في يده قال : بأمثال هؤلاء ، وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، فدل قوله : " وإياكم والغلو في الدين " ، على كراهة الرمي بالجمار الكبار ، وإن ذلك من الغلو ، والله أعلم .
الخامسة عشرة : ومن بقي في يده حصاة لا يدري من أي الجمار هي جعلها من الأولى ، ورمى بعدها الوسطى والآخرة ، فإن طال استأنف جميعاً .
السادسة عشرة : قال مالك و الشافعي و عبد الملك و أبو ثور وأصحاب الرأي فيمن قدم جمرة على جمرة : إلا أن يرمي على الولاء ، وقال الحسن و عطاء وبعض الناس : يجزئه ، واحتج بعض الناس بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قدم نسكاً بين يدي نسك فلا حرج وقال : لا يكون هذا بأكثر من رجل اجتمعت عليه صلوات أو صيام فقضى بعضاً قبل بعض " ، والأول أحوط ، والله أعلم .
السابعة عشرة : واختلفوا في رمي المريض والرمي عنه ، فقال مالك : يرمي عن المريض والصبي اللذين لا يطيقان الرمي ، ويتحرى المريض حين رميهم فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة وعليه الهدي ، وإذا صح المريض في أيام الرمي رمى عن نفسه ، وعليه مع ذلك دم عند مالك ، وقال الحسن و الشافعي و أحمد و إسحاق وأصحاب الرأي : يرمى عن المريض ، ولم يذكروا هدياً ، ولا خلاف في الصبي الذي لا يقدر على الرمي أنه يرمى عنه ، وكان ابن عمر يفعل ذلك .
الثامنة عشرة : روى الدارقطني " عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا يا رسول الله ، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام فنحسب أنها تنقص ، فقال : إنه ما تقبل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال " .
التاسعة عشرة : قال ابن المنذر : وأجمع أهل العلم على أن لمن أراد الخروج من الحاج من منى شاخصاً إلى بلده خارجاً عن الحرم غير مقيم بمكة في النفر الأول أن ينفر بعد زوال الشمس إذا رمى في اليوم الذي يلي يوم النحر قبل أن يمسي ، لأن الله جل ذكره قال : " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " ، فلينفر من أراد النفر ما دام في شيء من النهار ،وقد روينا عن النخعي و الحسن أنهما قالا : من أدركه العصر وهو بمنى من اليوم الثاني من أيام التشريق لم ينفر حتى الغد ، قال ابن المنذر : وقد يحتمل أن يكونا قالا ذلك استحباباً ، والقول الأول به نقول ، لظاهر الكتاب والسنة .
الموفية عشرين : واختلفوا في أهل مكة هل ينفرون النفر الأول ، فروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من شاء من الناس كلهم أن ينفروا في النفر الأول ، إلا آل خزيمة فلا ينفرون إلا في النفر الآخر ، وكان أحمد بن حنبل يقول : لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة ، وقال : أهل مكة أخف ، وجعل أحمد و إسحاق معنى قول عمر بن الخطاب ( إلا آل حزيمة ) أي أنهم أهل حرم ، وكان مالك يقول في أهل مكة ، من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين ، فإن أراد التخفيف عن نفسه مما هو فيه من أمر الحج فلا ، فرأى التعجيل لمن بعد قطره ، وقالت طائفة : الآية على العموم ،والرخصة لجميع الناس ، أهل مكة وغيرهم ، أراد الخارج عن منى المقام بمكة أو الشخوص إلى بلده ، وقال عطاء : هي للناس عامة ، قال ابن المنذر : وهو يشبه مذهب الشافعي ، وبه نقول : وقال ابن عباس و الحسن و عكرمة و مجاهد و قتادة والنخعي :من نفر في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج ، ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج ، فمعنى الآية كل ذلك مباح ، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماماً وتأكيداً ، إذ كان من العرب من يذم المتعجل وبالعكس ، فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك ، وقال علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود و إبراهيم النخعي أيضاً : معنى من تعجل فقد غفر له ، ومن تأخر فقد غفر له ، واحتجوا بقوله عليه السلام : " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه " ، فقوله : " فلا إثم عليه " ، نفي عام وتبرئه مطلقة ، وقال مجاهد أيضاً : معنى الآية ، من تعجل أو تأخر فلا إثم عليه إلى العام المقبل ، وأسند في هذا القول أثر ، وقال أبو العالية في الآية : لا إثم عليه لمن أتقى بقية عمره ، والحاج مغفور له البتة ، أي ذهب إثمه كله إن اتقى الله فيما بقي من عمره ، وقال أبو صالح وغيره : معنى الآية لا إثم عليه لمن أتقى قتل الصيد ، وما يجب عليه تجنبه في الحج ، وقال أيضاً : لمن أتقى في حجه فأتى به تاماً حتى كان مبروراً .
الحادية والعشرون : (( من )) في قوله : " فمن تعجل " رفع بالإبتداء ، والخبر ، " فلا إثم عليه " ، ويجوز في غير القرآن فلا إثم عليهم ، لأن معنى (( من )) جماعة ، كما قال عز وجل : " ومنهم من يستمعون إليك " [ يونس : 42 ] وكذا " ومن تأخر فلا إثم عليه " ، واللام من قوله : " لمن اتقى " ، متعلقة بالغفران ، التقدير المغفرة لمن اتقى ، وهذا على تفسير ابن مسعود وعلي ، قال قتادة : ذكر لنا أن ابن مسعود قال : إنما جعلت المغفرة لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي ، وقال الأخفش : التقدير ذلك لمن اتقى ، وقال بعضهم : لمن اتقى يعني قتل الصيد في الإحرام وفي الحرم ، وقيل التقدير الإباحة لمن أتقى ، روي هذا عن ابن عمر ، وقيل : السلامة لمن اتقى ، وقيل : هي متعلقة بالذكر الذي في قوله تعالى : " واذكروا " أي الذكر ، وقرأ سالم بن عبد الله (( فلا إثم عليه )) بوصل الألف تخفيفاً ، والعرب قد تستعمله ، قال الشاعر :
إن لم أقاتل فالبسوني برقعاً
ثم أمر الله تعالى بالتقوى وذكر بالحشر والوقوف .


قال ابن عباس: الأيام المعدودات أيام التشريق, والأيام المعلومات أيام العشر, وقال عكرمة " واذكروا الله في أيام معدودات " يعني التكبير في أيام التشريق بعد الصلوات المكتوبات الله أكبر الله أكبر. وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا موسى بن علي عن أبيه, قال: سمعت عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة, ويوم النحر, وأيام التشريق, عيدنا أهل الإسلام, وهي أيام أكل وشرب", وقال أحمد أيضاً: حدثنا هشيم, أخبرنا خالد, عن أبي المليح, عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله" ورواه مسلم أيضاً, وتقدم حديث جبير بن مطعم "عرفة كلها موقف, وأيام التشريق كلها ذبح" وتقدم أيضاً حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي "وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم وخلاد بن أسلم قالا: حدثنا هشيم عن عمرو بن أبي سلمة, عن أبيه, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيام التشريق أيام طعم وذكر الله" وحدثنا خلاد بن أسلم, حدثنا روح, حدثنا صالح, حدثني ابن شهاب عن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى: "لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل" وحدثنا يعقوب حدثنا هشيم عن سفيان بن حسين عن الزهري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة فنادى في أيام التشريق فقال "إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله إلا من كان عليه صوم من هدى" زيادة حسنة ولكن مرسلة, وبه قال هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان, عن عمرو بن دينار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بشر بن سحيم فنادى في أيام التشريق فقال: "إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله" وقال هشيم عن ابن أبي ليلى, عن عطاء, عن عائشة قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق, قال: "وهي أيام أكل وشرب وذكر الله" وقال محمد بن إسحاق عن حكيم بن حكيم, عن مسعود بن الحكم الزرقي, عن أمه قالت: لكأني أنظر إلى علي على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء حتى وقف على شعب الأنصار وهو يقول: يا أيها الناس, إنها ليست بأيام صيام, إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله, وقال مقسم عن ابن عباس: الأيام المعدودات أيام التشريق أربعة أيام: يوم النحر, وثلاثة بعده, وروي عن ابن عمر وابن الزبير وأبي موسى وعطاء ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي مالك وإبراهيم النخعي ويحيى بن أبي كثير والحسن وقتادة والسدي والزهري والربيع بن أنس والضحاك ومقاتل بن حيان وعطاء الخراساني ومالك بن أنس وغيرهم مثل ذلك. وقال علي بن أبي طالب: هي ثلاثة: يوم النحر ويومان بعده اذبح في أيهن شئت, وأفضلها أولها, والقول الأول هو المشهور, وعليه دل ظاهر الاية الكريمة حيث قال "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" فدل على ثلاثة بعد النحر ويتعلق بقوله "واذكروا الله في أيام معدودات" ذكر الله الأضاحي وقد تقدم, وأن الراجح في ذلك مذهب الشافعي رحمه الله وهو أن وقت الأضحية من يوم النحر إلى آخر التشريق ويتعلق به أيضاً الذكر المؤقت خلف الصلوات, والمطلق في سائر الأحوال وفي وقته أقوال للعلماء أشهرها الذي عليه العمل أنه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق, وهو آخر النفر الاخر, وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني لكن لا يصح مرفوعاً, والله أعلم وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكبر في قبته فيكبر أهل السوق بتكبيره حتى ترتج منى تكبيراً ويتعلق بذلك أيضاً التكبير وذكر الله عند رمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل. ولما ذكر الله تعالى النفر الأول والثاني وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والافاق بعد اجتماعهم في المشاعر والموقف, قال "واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون" كما قال "وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون".
قوله: 203- "في أيام معدودات" قال القرطبي: لا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيم منى وهي أيام التشريق، وهي أيام رمي الجمار. وقال الثعلبي: قال إبراهيم: الأيام المعدودات أيام العشر، والأيام المعلومات أيام النحر. وكذا روي عن مكي والمهدوي. قال القرطبي: ولا يصح لما ذكرناه من الإجماع على ما نقله أبو عمر بن عبد البر وغيره. وروى الطحاوي عن أبي يوسف أن الأيام المعلومات أيام النحر، قال: لقوله تعالى: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " وحكى الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة: يوم الأضحى، ويومان بعده. قال الكيا الطبري: فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات، لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف. وروي عن مالك أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام، يوم النحر، وثلاثة أيام بعده، فيوم النحر معلوم غير معدود، واليومان بعده معلومان معدودان، واليوم الرابع معدود لا معلوم، وهو مروي عن ابن عمر. وقال ابن زيد: الأيام المعلومات: غير ذي الحجة، وأيام التشريق. والمخاطب بهذا الخطاب المذكور في الآية، أعني قوله تعالى: "واذكروا الله في أيام معدودات" هو الحاج وغيره كما ذهب إليه الجمهور، وقيل: هو خاص بالحاج. وقد اختلف أهل العلم في وقته، فقيل: من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق، وقيل: من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر النحر، وبه قال أبو حنيفة، وقيل: من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وبه قال مالك والشافعي. قوله: "فمن تعجل" الآية، اليومان هما يوم ثاني النحر ويوم ثالثه. وقال ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة والنخعي: من رمى في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج، ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج، فمعنى الآية كل ذلك مباح، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماماً وتأكيداً، لأن من العرب من كان يذم التعجل، ومنهم من كان يذم التأخر، فنزلت الآية رافعة للنجاح في كل ذلك. وقال علي وابن مسعود: معنى الآية: من تعجل فقد غفر له، ومن تأخر فقد غفر له، والآية قد دلت على أن التعجل والتأخر مباحان. وقوله: "لمن اتقى" معناه أن التخيير ورفع الإثم ثابت لمن اتقى، لأن صاحب التقوى يتحرز عن كل ما يريبه، فكان أحق بتخصيصه بهذا الحكم. قال الأخفش: التقدير ذلك لمن اتقى، وقيل: لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي، وقيل: لمن اتقى قتل الصيد، وقيل معناه: السلامة لمن اتقى، وقيل هو متعلق بالذكر: أي الذكر لمن اتقى.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: "كانت قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها، فذلك قوله تعالى: "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس"". وأخرجا أيضاً عنها موقوفاً نحوه. وقد ورد في هذا المعنى روايات عن الصحابة والتابعين. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى سماء الدنيا في الملائكة، فيقول لهم: عبادي آمنوا بوعدي وصدقوا برسلي ما جزاؤهم؟ فيقال: أن تغفر لهم، فذلك قوله: "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم". وقد وردت أحاديث كثيرة في المغفرة لأهل عرفة، ونزول الرحمة عليهم، وإجابة دعائهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله تعالى: "فإذا قضيتم مناسككم" قال: حجكم . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : " فإذا قضيتم مناسككم " قال : إهراق الدماء "فاذكروا الله كذكركم آباءكم" قال: تفاخر العرب بينها بفعال آبائها يوم النحر حين يفرغون، فأمروا بذكر الله مكان ذلك. وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: كان المشركون يجلسون في الحج فيذكرون أيام آبائهم وما يعدون من أنسابهم يومهم أجمع، فأنزل الله على رسوله: "فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً". وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله بن الزبير نحوه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير وعكرمة نحوه أيضاً. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: "كذكركم آباءكم" يقول: كما يذكر الأبناء الآباء. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أيضاً أنه قيل له في قوله: "كذكركم آباءكم" إن الرجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه، فقال: إنه ليس بذاك، ولكن يقول: تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك إذا ذكر والدك بسوء. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى المواقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئاً، فأنزل الله فيهم "فمن الناس من يقول: ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق" ويجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" فأنزل الله فيهم "أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب". وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال: كان الناس في الجاهلية إذا وقفوا عند المشعر الحرام دعوا فقال أحدهم: اللهم ارزقني إبلاً، وقال الآخر: الله ارزقني غنماً، فأنزل الله الآية. وأخرج ابن جرير عن أنس أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدعون: الله اسقنا المطر، وأعطنا على عدونا الظفر، وردنا صالحين إلى صالحين، فنزلت الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله: "أولئك لهم نصيب مما كسبوا" قال: مما عملوا من الخير. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "سريع الحساب" قال: سريع الإحصاء. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن علي قال: الأيام المعدودات ثلاثة أيام: يوم الأضحى، ويومان بعده، اذبح في أيها شئت، وأفضلها أولها. وأخرج الفريابي وابن أبي الدنيا وابن المنذر عن ابن عمر أنها أيام التشريق الثلاثة. وفي لفظ: هذه الأيام الثلاثة بعد يوم النحر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: الأيام المعلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق. وأخرج الطبراني عن ابن الزبير قال في قوله: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات " قال: هن أيام التشريق، يذكر فيهن بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الأيام المعدودات أربعة أيام: يوم النحر، والثلاثة أيام بعده. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كان يكبر تلك الأيام بمنى ويقول التكبير واجب، ويتأول هذه الآية "واذكروا الله في أيام معدودات". وأخرج ابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه كان يكبر يوم النحر ويتلو هذه الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: "واذكروا الله في أيام معدودات" قال: التكبير أيام التشريق، يقول في دبر كل صلاة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر. وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر أنه كان يكبر ثلاثاً ثلاثاً وراء الصلوات ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر بمنى حين ارتفع النهار شيئاً، فكبر وكبر الناس بتكبيره- ثم خرج الثانية في يومه ذلك بعد ارتفاع النهار، فكبر وكبر الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس، فكبر وكبر الناس بتكبيره. وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمار ويكبر مع كل حصاة". وقد روي نحو ذلك من حديث عائشة عند الحاكم وصححه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" قال: في تعجيله "ومن تأخر فلا إثم عليه" قال: في تأخيره. وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: النفر في يومين لمن اتقى. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه قال: من غابت له الشمي في اليوم الذي قال الله فيه: "فمن تعجل في يومين" وهو بمنى فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "لمن اتقى" قال: لمن اتقى الصيد وهو محرم. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأهل السنن والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة، وأتاه الناس من أهل مكة فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: "الحج عرفات، فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك، أيام منى ثلاثة أيام "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" قال: مغفوراً له "ومن تأخر فلا إثم عليه" قال: مغفوراً له". وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: "لمن اتقى" قال: لمن اتقى في حجه. قال قتادة: وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله: "فلا إثم عليه لمن اتقى" قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي من عمره.
203. قوله تعالى " واذكروا الله " يعني التكبيرات أدبار الصلاة وعند الجمرات يكبر مع كل حصاة وغيرها من الأوقات " في أيام معدودات " الأيام المعدودات: هي أيام التشريق، وهي أيام منى ورمي الجمار، سميت معدودات لقلتهن كقوله: " دراهم معدودة " (20-يوسف) والأيام المعلومات: عشر ذي الحجة آخرهن يوم النحر. هذا قول أكثر أهل العلم وروي عن ابن عباس المعلومات: يوم النحر ويومان بعده والمعدودات يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. وقال محمد بن كعب : هما شيء واحد وهي أيام التشريق، وروى عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله ".
ومن الذكر في أيام التشريق: التكبير، واختلفوا فيه فروي عن عمر و عبد الله بن عمر أنهما كانا يكبران بمنى تلك الأيام خلف الصلاة وفي المجلس وعلى الفراش والفسطاط وفي الطريق ويكبر الناس بتكبيرهما ويتأولان هذه الآية. والتكبير أدبار الصلاة مشروع في هذه الأيام في حق الحاج وغير الحاج عند عامة العلماء واختلفوا في قدره فذهب قوم إلى أنه يبتدأ التكبير عقيب صلاة الصبح من يوم عرفة ويختتم بعد العصر من آخر أيام التشريق، يروى ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال مكحول، وإليه ذهب أبو يوسف رضي الله عنه، وذهب قوم إلى أنه يبتدأ التكبير عقيب صلاة الصبح من يوم عرفة ويختتم بعد العصر من يوم النحر، يروى ذلك عن بن مسعود رضي الله عنه وبه قال أبو حنيفة ، وقال قوم يبتدأ عقيب صلاة الظهر من يوم النحر ويختتم بعد الصبح من آخر أيام التشريق، يروى ذلك عن ابن عباس وبه قال مالك و الشافعي ، قال الشافعي : لأن الناس فيه تبع للحاج وذكر الحاج قبل هذا الوقت التلبية ويأخذون في التكبير يوم النحر من صلاة الظهر، ولفظ التكبير: كان سعيد بن جبير و الحسن يقولان: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثاً نسقاً - وهو قول أهل المدينة، وإليه ذهب الشافعي ، وقال: وما زاد من ذكر الله فهو حسن، وعند أهل العراق يكبر اثنتين يروى ذلك عن ابن مسعود.
قوله تعالى: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " أراد أن من نفر من الحاج في اليوم الثاني من أيام التشريق " فلا إثم عليه " وذلك أن على الحاج أن يبيت بمنى الليلة الأولى والثانية من أيام التشريق ويرمي كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة، عند كل جمرة سبع حصيات، ورخص في ترك البيتوتة لرعاء الإبل وأهل سقاية الحاج، ثم كل من رمى اليم الثاني من أيام التشريق وأراد أن ينفر فيدع البيتوتة الليلة الثالثة ورمى يومها فذلك له واسع لقوله تعالى " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " ومن لم ينفر حتى غربت الشمس فعليه أن يبيت حتى يرمي اليوم الثالث ثم ينفر، قوله تعالى " ومن تأخر فلا إثم عليه " يعني لا إثم على من تعجل فنفر في اليوم الثاني في تعجيله ومن تأخر حتى ينفر في اليوم الثالث " فلا إثم عليه " في تأخره. وقيل: معناه " فمن تعجل " فقد ترخص " فلا إثم عليه " بالترخص " ومن تأخر فلا إثم عليه " بترك الترخص وقيل معناه رجع مغفوراً له، لا ذنب عليه تعجل أو تأخر، كما روينا من (( حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )) وهو قول علي وابن مسعود.
قوله تعالى: " لمن اتقى " أي لمن اتقى أن يصيب في حجه شيئاً نهاه الله عنه كما قال: (( من حج فلم يرفث ولم يفسق )) قال ابن مسعود: إنما جعلت مغفرة الذموب لمن اتقى الله تعالى في حجه، وفي رواية الكلبي عن ابن عباس معناه " لمن اتقى " الصيد لا يحل له أن يقتل صيداً حتى تخلو أيام التشريق، وقال أبو العالية ذهب إثمه إن اتقى فيما بقي من عمره [" واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون " تجمعون في الاخرة فيجزيكم بأعمالكم].
203-" واذكروا الله في أيام معدودات " كبروه في أدبار الصلاة وعند ذبح القرابين ورمي الجمار وغيرها في أيام التشريق . " فمن تعجل " فمن استعجل النفر . " في يومين " يوم القر والذي بعده ، أي فمن نفر في ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمار عندنا ، وقبل طلوع الفجر عند أبي حنيفة . " فلا إثم عليه " باستعجاله . " ومن تأخر فلا إثم عليه " ومن تأخر في النفر حتى رمى في اليوم الثالث بعد الزوال ، وقال أبو حنيفة : يجوز تقديم رميه على الزوال . ومعنى نفي الإثم بالتعجيل والتأخير التخيير بينهما والرد على أهل الجاهلية فإن منهم من أثم المتعجل ومنهم من أثم المتأخر . " لمن اتقى " أي الذي ذكر من التخيير ، أو من الأحكام لمن اتقى لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به ، أو لأجله حتى لا يتضرر بترك ما يهمه منهما . " واتقوا الله " في مجامع أموركم ليعبأ بكم . " واعلموا أنكم إليه تحشرون " للجزاء بعد الإحياء . وأصل الحشر الجمع وضم المتفرق .
203. Remember Allah through the appointed days. Then whoso hasteneth (his departure) by two days, it is no sin for him, and whoso delayeth, it is no sin for him; that is for him who wardeth off (evil). Be careful of your duty to Allah, and know that unto Him ye will be gathered.
203 - Celebrate the praises of God during the appointed days. but if any one hastens to leave in tow days, there is no blame on him, and if any one stays on, there is no blame on him, if his aim is to do right. then fear God, and know that ye will surely be gathered unto him.