[البقرة : 10] فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ
في قلوبهم مرض) شك ونفاق فهو يمرض قلوبهم أي يضعفها (فزادهم الله مرضا) بما أنزله من القرآن لكفرهم به (ولهم عذاب أليم) مؤلم (بما كانوا يكذبون) بالتشديد أي نبيَّ الله ، وبالتخفيف أي قولهم آمنا
قال أبو جعفر: وأصل المرض: السقم، ثم يقال ذلك في الأجساد والأديان. فأخبر الله جل ثناؤه أن في قلوب المنافقين مرضاً، وإنما عنى تبارك وتعالى بخبره عن مرض قلوبهم، الخبر عن مرض ما في قلوبهم من الاعتقاد، ولكن لما كان معلومًا بالخبر عن مرض القلب، أنه معني به مرض ما هم معتقدوه من الاعتقاد استغنى بالخبر عن القلب بذلك، والكفاية عن تصريح الخبر عن ضمائرهم واعتقاداتهم، كما قال عمر بن لجأ:
وسبحت المدينة، لا تلمها، رأت قمرًا بسوقهم نهارا
يريد: وسبح أهل المدينة، فاستغنى بمعرفة السامعين خبره بالخبر عن المدينة، عن الخبر عن أهلها. ومثله قول عنترة العبسي:
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
يريد: هلا سألت أصحاب الخيل؟ ومنه قولهم: يا خيل الله اركبي ، يراد: يا أصحاب خيل الله اركبوا. والشواهد على ذلك أكثر من أن يحصيها كتاب، وفيما ذكرنا كفاية لمن وفق لفهمه. فكذلك معنى قول الله جل ثناؤه: "في قلوبهم مرض " إنما يعني: في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين، والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من عند الل- مرض وسقم. فاجتزأ بدلالة الخبر عن قلوبهم على معناه، عن تصريح الخبر عن اعتقادهم.
والمرض الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في اعتقاد قلوبهم الذى وصفنا: هو شكهم في أمر محمد وما جاء به من عند الله، وتحيرهم فيه، فلا هم به موقنون إيقان إيمان، ولا هم له منكرون إنكار إشراك، ولكنهم، كما وصفهم الله عز وجل، مذبذبون بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، كما يقال: فلان يمرض في هذا الأمر، أي يضعف العزم ولا يصحح الرؤية فيه.
وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك، تظاهر القول في تفسيره من المفسرين.
ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيدبن جبير، عن ابن عباس: "في قلوبهم مرض "، أي شك.
وحدثت عن المنجاب-، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: المرض: النفاق.
حدثني موسى بن هرون، قال: حدثنا عمروبن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "في قلوبهم مرض " يقول: في قلوبهم شك.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد،في قوله: "في قلوبهم مرض" قال: هذا مرض في الذين، وليس مرضاً في الأجساد، قال: وهم المنافقون.
حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءة، عن سعيد، عن قتادة، في قوله "في قلوبهم مرض " قال: في قلوبهم ريبة وشك في أمر الله جل ثناؤه.
وحدثت عن عماربن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: "في قلوبهم مرض " قال: هؤلاء أهل النفاق، والمرض الذي في قلوبهم: الشك في أمر الله تعالى ذكره.
حدثني يونس، قال: أخبرناابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر" حتى بلغ "في قلوبهم مرض" قال: المرض: الشك الذي دخلهم في الإسلام.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: "فزادهم الله مرضاً".
قد دللنا آنفاً على أن تأويل المرض الذي وصف الله جل ثناؤه أنه في قلوب المنافقين، هو الشك في اعتقادات قلوبهم وأديانهم، وما هم عليه في أمر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر نبوته وما جاءبه مقيمون.
فالمرض الذي أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنه زادهم على مرضهم، نظير ما كان في قلوبهم من الشك والحيرة قبل الزيادة، فزادهم الله بما أحدث من حدوده وفرائضه التي لم يكن فرضها قبل الزيادة التي زادها المنافقين من الشك والحيرة، إذ شكوا وارتابوا في الذي أحدث لهم من ذلك إلى المرض والشك الذي كان في قلوبهم في السالف، من حدوده وفرائضه التي كان فرضها قبل ذلك. كما زاد المؤمنين به إلى إيمانهم الذي كانوا عليه قبل ذلك، بالذي أحدث لهم من الفرائض والحدود إذ آمنوا به، إلى إيمانهم بالسالف من حدوده وفرائضه إيماناً. كالذي قال جل ثناؤه في تنزيله: " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون" (التوبة: 124، 125). فالزيادة التي زيدها المنافقون من الرجاسة إلى رجاستهم، هو ما وصفنا. والتي زيدها المؤمنون إلى إيمانهم، هو ما بينا. وذلك هو التأويل المجمع عليه.
ذكر بعض من قال ذلك من أهل التأويل:حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق، عن محمد بن أبي محمد
مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "فزادهم الله مرضاً" قال: شكا.
حدثني موسى بن هرون، قال: أخبرنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "فزادهم الله مرضًا"، يقول: فزادهم الله ريبةً وشكاً.
حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءة، عن سعيد، عن قتادة: "فزادهم الله مرضاً"، يقول: فزادهم الله ريبة وشكاً في أمر الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: "في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً"، قال: زادهم رجسًا، وقرأ قول الله عز وجل: "فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون* وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسًا إلى رجسهم" (التوبة: 124- 125) قال: شرًا إلى شرهم، وضلالة إلى ضلالتهم.
وحدثت عن عماربن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: "فزادهم الله مرضا"، قال: زادهم الله شكا.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: " ولهم عذاب أليم".
قال أبو جعفر: والأليم: هو الموجع. ومعناه: ولهم عذاب مؤلم. بصرف مؤلم إلى أليم، كما يقال: ضرب وجيع بمعنى موجع، والله بديع السموات والأرض، بمعنى مبدع. ومنه قول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
بمعنى المسمع. ومنه قول ذي الرمة:
وترفع من صدورشمردلات يصد وجوهها وهج أليم
ويروى يصك ، وإنما الأليم صفة للعذاب، كأنه قال: ولهم عذاب مؤلم. وهو مأخوذ من الألم، والألم: الوجع. كما:حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحق، قال: حدثنا عبدالله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: الأليم،الموجع.
حدثنا يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، قال: الأليم، الموجع.
وحدثت عن المنجاب بن الحارث، قال: حدثنا بشربن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، في قوله أليم،، قال: هو العذاب الموجع. وكل شيء في القرآن من الأليم فهو الموجع.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: " بما كانوا يكذبون ".
اختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: "بما كانوا يكذبون"، مخففة الذال مفتوحة الياء، وهي قراءة عظم قرأة أهل الكوفة. وقرأه آخرون: "يكذبون " بضم الياء وتشديد الذال، وهي قراءة عظم قرأة أهل المدينة والحجاز والبصرة.
وكأن الذين قرأوا ذلك، بتشديد الذال وضم الياء، رأوا أن الله جل ثناؤه إنما أوجب للمنافقين العذاب الأليم بتكذيبهم نبيه صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وأن الكذب لولا التكذيب لا يوجب لأحد اليسير من العذاب، فكيف بالأليم منه؟
وليس الأمر في ذلك عندي كالذي قالوا. وذلك: أن الله عز وجل أنبأ عن المنافقين في أول النبأ عنهم في هذه السورة، بأنهم يكذبون بدعواهم الإيمان، وإظهارهم ذلك بألسنتهم، خداعاً لله عز وجل ولرسوله وللمؤمنين، فقال "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين* يخادعون الله والذين آمنوا" بذلك من قيلهم، مع استسرارهم الشك والريبة، "وما يخدعون" بصنيعهم ذلك " إلا أنفسهم" دون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين؟ "وما يشعرون " بموضع خديعتهم أنفسهم، واستدراج الله عز وجل إياهم بإملائه لهم، "في قلوبهم" شك النفاق وريبته والله زائدهم شكاً وريبة بما كانوا يكذبون الله ورسوله والمؤمنين بألسنتهم آمنا بالله وباليوم الآخر، وهم في قيلهم ذلك كذبة، لاستسرارهم الشك والمرض في اعتقادات قلوبهم في أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. فأولى في حكمة الله جل جلاله، أن يكون الوعيد منه لهم على ما افتتح به الخبر عنهم من قبيح أفعالهم وذميم أخلاقهم، دون ما لم يجر له ذكر من أفعالهم. إذ كان سائر آيات تنزيله بذلك نزل، وهو: أن يفتتح ذكر محاسن أفعال قوم، ثم يختم ذلك بالوعد على ما افتتح به ذكره من أفعالهم، ويفتتح ذكر مساوي أفعال آخرين، ثم يختم ذلك بالوعيد على ما ابتدأ به ذكره من أفعالهم. فكذلك الصحيح من القول في الآيات التي افتتح فيها ذكر بعض مساوي أفعال المنافقين أن يختم ذلك بالوعيد على ما افتتح به ذكره من قبائح أفعالهم. فهذا هذا، مع دلالة الآية الأخرى على صحة ما قلنا، وشهادتها بأن الواجب من القراءة ما اخترنا، وأن الصواب من التأويل ما تأولنا، من أن وعيد الله المنافقين في هذه الآية العذاب الأليم على الكذب الجامع معنى الشك والتكذيب، وذلك قول الله تبارك وتعالى: "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون* اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون" (المنافقون. 2،1.) والآية الأخرى في المجادلة: "اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين" (المجادلة: 16). فأخبر جل ثناؤه أن المنافقين بقيلهم ما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مع اعتقادهم فيه ما هم معتقدون كاذبون. ثم أخبر تعالى ذكره أن العذاب المهين لهم، على ذلك من كذبهم. ولو كان الصحيح من القراءة على ما قرأه القارئون في سورة البقرة: "ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " لكانت القراءة في السورة الأخرى: والله يشهد إن المنافقين لمكذبون، ليكون الوعيد لهم الذي هو عقيب ذلك وعيدًا على التكذيب لا على الكذب. وفي إجماع المسلمين على أن الصواب من القراءة في قوله: "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " بمعنى الكذب وأن إيعاد الله تبارك وتعالى فيه المنافقين العذاب الأليم على ذلك من كذبهم أوضح الدلالة على أن الصحيح من القراءة في سورة البقرة: "بما كانوا يكذبون" بمعنى الكذب، وأن الوعيد من الله تعالى ذكره للمنافقين فيها على الكذب حق لا على التكذيب الذي لم يجر له ذكر نظير الذي في سورة المنافقين سواء.
وقد زعم بعض نحوي البصرة أن ما من قول الله تبارك اسمه "بما كانوا يكذبون "، اسم للمصدر، كما أن أن و الفعل اسمان للمصدر في قولك: أحب أن تأتيني، وأن المعنى إنما هو بكذبهم وتكذيبهم. قال: وأدخل كان ليخبر أنه كان فيما مضى، كما يقال: ما أحسن ما كان عبدالله، فأنت تعجب من عبدالله لا من كونه، وإنما وقع التعجب في اللفظ على كونه. وكان بعض نحوي الكوفة ينكر ذلك من قوله ويستخطئه، ويقول: إنما ألغيت كان في التعجب، لأن الفعل قد تقدمها، فكأنه قال: حسنا كان زيد و حسن كان زيد يبطل كان ، ويعمل مع الأسماء والصفات التي بألفاظ الأسماء، إذا جاءت قبل كان ، ووقعت كان بينها وبين الأسماء. وأما العلة في إبطالها إذا أبطلت في هذه الحال، فلشبه الصفات والأسماء بـ فعل و يفعل اللتين لا يظهر عمل كان فيهما. ألا ترى أنك تقول: يقوم كان زيد ولا يظهر عمل كان في يقوم ، وكذلك قام كان زيد. فلذلك أبطل عملها مع فاعل تمثيلاً بـ فعل و يفعل ، وأعملت مع فاعل أحيانا لأنه اسم، كما تعمل في الأسماء. فأما إذا تقدمت كان الأسماء والأفعال، وكان الاسم والفعل بعدها، فخطأ عنده أن تكون كان مبطلة. فلذلك أحال قول البصري الذي حكيناه، وتأول قول الله عز وجل "بما كانوا يكذبون " أنه بمعنى: الذي يكذبونه.
قوله تعالى : "في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون" .
قوله تعالى : "في قلوبهم مرض" ابتداء وخبر . والمرض عبارة مستعارة للفساد الذي في عقائدهم . وذلك إما أن يكون شكا ونفاقاً ، وإما جحداً وتكذيباً . والمعنى : قلوبهم مرضى لخلوها عن العصمة والتوفيق والرعاية والتأييد . قال ابن فارس اللغوي : :المرض كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة أو نفاق أو تقصير في أمر . والقراء مجمعون على فتح الراء من مرض إلا ما روى الأصمعي عن ابي عمرو أنه سكن الراء .
قوله تعالى : "فزادهم الله مرضا" قيل : هو دعاء عليهم . ويكون معنى الكلام : زادهم الله شكاً ونفاقاً جزاء على كفرهم وضعفا عن الانتصار وعجزا عن القدرة ، كما قال الشاعر :
يا مرسل الريح جنوباً وصبا إذ غضبت زيد فزدها غضباً
أي لا تهدها على الانتصار فيما غضبت منه . وعلى هذا يكون في الاية دليل على جواز الدعاء على المنافقين والطرد لهم ، لأنهم شر خلق الله . وقيل : هو إخبار من الله تعالى عن زيادة مرضهم ، أي فزادهم الله مرضا إلى مرضهم ، كما قال في آية أخرى : "فزادتهم رجسا إلى رجسهم" . وقال ارباب المعاني "في قلوبهم مرض" أي بسكونهم الى الدنيا وحبهم لها وغفلتهم عن الآخرة وإعراضهم عنها . وقوله : "فزادهم الله مرضا" أي وكلهم الى أنفسهم ، وجمع عليهم هموم الدنيا فلم يتفرغوا من ذلك الى اهتمام بالدين . "ولهم عذاب أليم" بما يفنى عما يبقى . وقال الجنيد : علل القلوب من اتباع الهوى ، كما أن علل الجوارح من مرض البدن .
قوله تعالى : "ولهم عذاب أليم" أليم في كلام العرب معناه مؤلم أي موجع ، مثل السميع بمعنى المسمع ، قال ذو الرمة يصف إبلاً :
ونرفع من صدور شمردلات يصك وجوهها وهج أليم
وآلم إذا أوجع . والإيلام : الإيجاع . والألم : الوجع ، وقد ألم يألم ألمأً . والتألم : التوجع . ويجمع أليم على ألماء مثل كريم وكرماء ، والآم مثل أشراف .
قوله تعالى : "بما كانوا يكذبون" ما مصدرية ، أي بتكذيبهم الرسل وردهم على الله جل وعز وتكذيبهم بآياته ، قاله أبو حاتم . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف ، ومعناه بكذبهم وقولهم آمنا وليسوا بمؤمنين .
مسألة : واختلف العلماء في إمساك النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين مع علمه بنفاقهم على أربعة أقوال :
القول الأول : قال بعض العلماء : إنما لم يقتلهم لأنه لا يعلم حالهم أحد سواه . وقد اتفق العلماء على بكرة أبيهم على أن القاضي لا يقتل بعلمه وإنما اختلفوا في سائر الأحكام . قال ابن العربي : وهذا منتقض ، فقد قتل بالمجدر بن زياد الحارث بن سويد بن الصامت ، لأن المجدر قتل أباه سويداً يوم بعاث ، فأسلم الحارث وأغفله يوم أحد فقتله ، فأخبر به جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقتله به ، لأن قتله كان غيلة ، وقتل الغيلة حد من حدود الله .
قلت : وهذه غفلة من هذا الإمام ، لأنه إن ثبت الإجماع المذكور فليس بمنتقض بما ذكر ، لأن الإجماع لا ينعقد ولا يثبت إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي ، وعلى هذا فتكون تلك قضية في عين بوحي ، فلا يحتج بها أو منسوخة بالإجماع . والله أعلم .
القول الثاني : قال أصحاب الشافعي : إنما لم يقتلهم لأن الزنديق وهو الذي يسر الكفر ويظهر الإيمان يستتاب ولا يقتل . قال ابن العربي : وهذا وهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستتبهم ولا نقل ذلك أحد ، ولا يقول أحد إن استتابة الزنديق واجبة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم معرضاً عنهم مع علمه بهم . فهذا المتأخر من أصحاب الشافعي الذي قال : إن استنابة الزنديق جائزة قال قولاً لم يصح لأحد .
القول الثالث : إنما لم يقتلهم مصلحة لتأليف القلوب عليه لئلا تنفر عنه ، وقد أشار صلى الله عليه وسلم الى هذا المعنى بقوله لعمر :
" معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي" أخرجه البخاري و مسلم . وقد كان يعطي للمؤلفة قلوبهم مععلمه بسوء اعتقادهم تألفاً ، وهذا هو قول علمائنا وغيرهم . قال ابن عطية : وهي طريقة اصحاب مالك رحمه الله في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ، نص على هذا محمد بن الجهم والقاضي إسماعيل والأبهري و ابن الماجشون ، واحتج بقوله تعالى : "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض" الى قوله : "وقتلوا تقتيلا" . قال قتادة : معناه إذا هم أعلنوا النفاق . قال مالك رحمه الله : النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم ، فيقتل الزنديق إذا شهد عليه بها دون استتابة ، وهو أحد قولي الشافعي . قال مالك : وإنما كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ليبين لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه ، إذ لم يشهد على المنافقين . قال القاضي إسماعيل : لم يشهد على عبد الله بن أبي إلا زيد بن أرقم وحده ، ولا على الجلاس بن سويد إلا عمير بن سعد ربيبة ، ولو شهد على أحد منهم رجلان بفره ونفاقه لقتل . وقال الشافعي رحمه الله محتجاً للقول الآخر : السنة فيمن شهد عليه بالزندقة فجحد وأعلن بالإيمان وتبرأ من كل دين سوى الإسلام أن ذلك يمنع من إراقة دمه . وبه قال أصحاب الرأي و أحمد و الطبري وغيرهم . قال الشافعي واصحابه : وإنما منع رسول الله صلىالله عليه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم ، لأن ما يظهرونه يجب ما قبله . وقال الطبري : جعل الله تعالى الأحكام بين عباده على الظاهر، وتولى الحكم في سرائرهم دون أحد من خلقه ، فليس لأحد أن يحكم بخلاف ما ظهر ، لأنه حكم بالظنون ، ولو كان ذلك لأحد كان أولى الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد حكم للمنافقين بحكم المسلمين بما أظهروا ، ووكل سرائرهم الى الله . وقد كذب الله ظاهرهم في قوله : "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" قال ابن عطية : ينفصل المالكيون عما لزموه من هذه الآية بأنها لم تعين أشخاصهم فيها وإنما جاء فيها توبيخ لكل مغموص عليه بالنفاق ، ويبقى لكل واحد منهم أن يقول : لم أرد بها وما أنا إلا مؤمن ، ولو عين أحد لما جب كذبه شيئاً .
قلت : هذا الانفصال فيه نظر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أو كثيراً منهم بأسمائهم وأعيانهم بإعلام الله تعالى إياه ، وكان حذيفة يعلم ذلك بإخبار النبي عليه السلام إياه حتى كان عمر رضي الله عنه يقول به : يا حذيفة هل أنا منهم ؟ فيقول له : لا .
القول الرابع : وهو أن الله تعالى كان قد حفظ أصحاب نبيه عليه السلام بكونه ثبتهم أن يفسدهم المنافقون أو يفسدوا دينهم فلم يكن في تبقيتهم ضرر ، وليس كذلك اليوم ، لأنا لا نأمن الزنادقة أن يفسدوا عامتنا وجهالنا .
قال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الاية "في قلوبهم مرض" قال شك فزادهم الله مرضاً قال شكاً. وقال ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس في قلوبهم مرض قال: شكاً. وكذلك قال مجاهد وعكرمة والحسن البصري وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة. وعن عكرمة وطاوس في قلوبهم مرض يعني الرياء. وقال الضحاك عن ابن عباس في قلوبهم مرض قال: نفاق فزادهم الله مرضاً قال: مرضاً وهذا كالأول. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قلوبهم مرض قال: هذا مرض في الدين وليس مرضاً في الأجساد وهم المنافقون والمرض الشك الذي دخلهم في الإسلام فزادهم الله مرضاً قال: زادهم رجساً، وقرأ "فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم". قال شراً إلى شرهم وضلالة إلى ضلالتهم، وهذا الذي قاله عبد الرحمن رحمه الله حسن وهو الجزاء من جنس العمل وكذلك قاله الأولون وهو نظير قوله تعالى أيضاً "والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم" وقوله "بما كانوا يكذبون" وقرئ يكذبون، وقد كانوا متصفين بهذا وهذا فإنهم كانوا كذبة ويكذبون بالغيب يجمعون بين هذا وهذا، وقد سئل القرطبي وغيره من المفسرين عن حكمة كفه عليه الصلاة والسلام عن قتل المنافقين مع علمه بأعيان بعضهم وذكروا أجوبة عن ذلك منها ما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه أكره أن يتحدث العرب أن محمداً يقتل أصحابه ومعنى هذا خشية أن يقع بسبب ذلك تغير لكثير من الأعراب عن الدخول في الإسلام ولا يعلمون حكمة قتله لهم وأن قتله إياهم إنما هو على الكفر فإنهم إنما يأخذونه بمجرد ما يظهر لهم فيقولون: إن محمداً يقتل أصحابه، قال القرطبي وهذا قول علمائنا وغيرهم كما كان يعطي المؤلفة مع علمه بسوء اعتقادهم، قال ابن عطية: وهي طريقة أصحاب مالك نص عليه محمد بن الجهم والقاضي إسماعيل والأبهري وعن ابن الماجشون. ومنها: ما قال مالك إنما كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ليبين لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه قال القرطبي: وقد اتفق العلماء عن بكرة أبيهم على أن القاضي لا يقتل بعلمه وإن اختلفوا في سائر الأحكام، قال: ومنها ما قال الشافعي إنما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم لأن ما يظهرونه يجب ما قبله. ويؤيد هذا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المجمع على صحته في الصحيحين وغيرهما "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل" ومعنى هذا أن من قالها جرت عليه أحكام الإسلام ظاهراً فإن كان يعتقدها وجد ثواب ذلك في الدار الاخرة وإن لم يعتقدها لم ينفعه جريان الحكم عليه في الدنيا وكونه كان خليط أهل الإيمان " ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله " الاية، فهم يخالطونهم في بعض المحشر فإذا حقت المحقوقية تميزوا منهم وتخلفوا بعدهم "وحيل بينهم وبين ما يشتهون" ولم يمكنهم أن يسجدوا معهم كما نطقت بذلك الأحاديث ومنها ما قاله بعضهم أنه إنما لم يقتلهم لأنه لا يخاف من شرهم مع وجوده صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم يتلو عليهم آيات مبينات فأما بعده فيقتلون إذا أظهروا النفاق وعلمه المسلمون، قال مالك: المنافق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزنديق اليوم (قلت) وقد اختلف العلماء في قتل الزنديق إذا أظهر الكفر هل يستتاب أم لا أو يفرق بين أن يكون داعية أم لا، أو يتكرر منه ارتداده أم لا، أو يكون إسلامه ورجوعه من تلقاء نفسه أو بعد أن ظهر عليه ؟ على أقوال متعددة موضع بسطها وتقريرها وعزوها كتاب الأحكام.
(تنبيه) قول من قال كان عليه الصلاة والسلام يعلم أعيان بعض المنافقين إنما مستنده حديث حذيفة بن اليمان في تسمية أولئك الأربعة عشر منافقاً في غزوة تبوك الذين هموا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في ظلماء الليل عند عقبة هناك، عزموا على أن ينفروا به الناقة ليسقط عنها، فأوحى الله إليه أمرهم، فأطلع على ذلك حذيفة ولعل الكف عن قتلهم كان لمدرك من هذه المدارك أو لغيرها والله أعلم.
فأما غير هؤلاء فقد قال الله تعالى: "وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم" الاية، وقال تعالى: " لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا " ففيها دليل على أنه لم يغر بهم ولم يدرك على أعيانهم وإنما كان تذكر له صفاتهم فيتوسمها في بعضهم كما قال تعالى " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول " وقد كان من أشهرهم بالنفاق عبد الله بن أبي بن سلول، وقد شهد عليه زيد بن أرقم بذلك الكلام الذي سبق في صفات المنافقين ومع هذا لما مات صلى الله عليه وسلم وشهد دفنه كما يفعل ببقية المسلمين وقد عاتبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيه فقال: "إني أكره أن تتحدث العرب أن محمداً يقتل أصحابه" وفي رواية في الصحيح "إني خيرت فاخترت" وفي رواية "لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر له لزدت".
المرض: كل ما يخرج به الإنسان عن حد الصحة من علة أو إنفاق أو تقصير في أمر، قاله ابن فارس، وقيل: هو الألم، فيكون على هذا مستعاراً للفساد الذي في عقائدهم إما شكاً ونفاقاً، أو جحداً وتكذيباً، وتقديم الخبر للإشعار بأن المرض مختص بها بمبالغة في تعلق هذا الداء بتلك القلوب لما كانوا عليه من شدة الحسد وفرط العداوة. والمراد بقوله: 10- "فزادهم الله مرضاً" الإخبار بأنهم كذلك بما يتجدد لرسول الله صلى الله عليه وسلم من النعم، ويتكرر له من منن الله الدنيوية والدينية. ويحتمل أن يكون دعاء عليهم بزيادة الشك وترادف الحسرة وفرط النفاق. والأليم المؤلم: أي الموجع، وما في قوله: "بما كانوا يكذبون" مصدرية: أي بتكذيبهم وهو قولهم: "آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين" والقراء مجمعون على فتح الراء من قوله: مرض، إلا ما رواه الأصمعي عن أبي عمرو أنه قرأ بإسكان الراء، وقرأ حمزة وعاصم والكسائي "يكذبون" بالتخفيف، والباقون بالتشديد. وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: "في قلوبهم مرض" قال: شك "فزادهم الله مرضاً" قال شكاً. وأخرج عنه ابن جرير وابن أبي حاتم في قوله: "في قلوبهم مرض" قال النفاق: "ولهم عذاب أليم" قال: نكال موجع "بما كانوا يكذبون" قال: يبدلون ويحرفون. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود مثل ما قاله ابن عباس أولاً. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن أليم فهو الموجع. وأخرج أيضاً عن أبي العالية مثله. وأخرج ابن جرير عن الضحاك مثله أيضاً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة "في قلوبهم مرض" أي ريبة وشك في أمر الله "فزادهم الله مرضاً" ريبة وشكاً "ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون" قال: إياكم والكذب فإنه باب النفاق. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: هذا مرض في الدين وليس مرضاً في الأجساد وهم المنافقون. والمرض: الشك الذي دخل في الإسلام. وروي عن عكرمة وطاوس أن المرض: الرياء.
10. " في قلوبهم مرض " شك ونفاق وأصل المرض الضعف. وسمي الشك في الدين مرضاً لأنه يضعف الدين كالمرض يضعف البدن.
" فزادهم الله مرضاً " لأن الآيات كانت تنزل تترى، آية بعد آية، كلما كفروا بآية ازدادوا كفراً ونفاقاً وذلك معنى قوله تعالى " وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم " (125-التوبة) وقرأ ابن عامر و حمزة فزادهم بالإمالة وزاد حمزة إمالة زاد حيث وقع وزاغ وخاب وطاب وحاق وضاق، والآخرون لا يميلونها " ولهم عذاب أليم " مؤلم يخلص وجعه إلى قلوبهم " بما كانوا يكذبون " ما للمصدر أي بتكذيبهم الله ورسوله في السر. قرأ الكوفيون يكذبون بالتخفيف أي بكذبهم (إذ) قالوا آمنا وهم غير مؤمنين.
10-" في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً " المرض حقيقة فيما يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص به ويوجب الخلل في أفعاله . ومجاز في الأعراض النفسانية التي تخل بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والحسد والضغينة وحب المعاصي ، لأنها مانعة من نيل الفضائل ، أو مؤدية إلى زوال الحياة الحقيقية الأبدية . والآية الكريمة تحتلهما فإن قلوبهم كانت متألمة تحرفاً على ما فات عنهم من الرياسة ، وحسداً على ما يرون من ثبات أمر الرسول صلى الله عليه وسلم واستعلاء شأنه يوماً فيوماً ، وزاد الله غمهم بما زاد في إعلاء أمر وإشادة ذكره ، ونفوسهم كانت موصوفة بالكفر وسوء الاعتقاد ومعاداة النبي صلى الله عليه وسلم ونحوها ، فزاد الله سبحانه وتعالى ذلك بالطبع . أو بازدياد التكاليف وتكرير الوحي وتضاعف النصر ، وكان إسناد الزيادة إلى الله تعالى من حيث إنه مسبب من فعله وإسنادها إلى السورة في قوله تعالى " فزادتهم رجساً " لكونها سبباً .
ويحتمل أن يراد بالمرض ما تداخل قلوبهم من الجبن والخور حين شاهدوا شوكه المسلمين وإمداد الله تعالى لهم بالملائكة ، وقذف الرعب في قلوبهم وبزيادته تضعيفه بما زاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصرة على الأعداء وتبسيطاً في البلاد .
" ولهم عذاب أليم " أي : ألم فهو أليم كوجع فهو وجيع ، وصف به العذاب للمبالغة كقوله :
تحية بينهم ضرب وجيع
على طريقة قولهم : جد جده .
" بما كانوا يكذبون " قرأها عاصم و حمزة و الكسائي ، والمعنى بسبب كذبهم ، أو ببدله جزاء لهم وهو قولهم آمنا . وقرأ الباقون " يكذبون " ، من كذبه لأنهم كانوا يكذبون الرسول عليه الصلاة والسلام بقلوبهم ، وإذا خلوا إلى شياطينهم . أو من كذب الذي هو للمبالغة أو للتكثير مثل بين الشئ وموتت البهائم . أو من كذب الوحشي إذا جرى شوطاً وقف لينظر ما وراءه فإن المنافق متحير متردد . والكذب : هو الخبر عن الشئ على خلاف ما هو به . وهو حرام كله لأنه علل به استحقاق العذاب حيث رتب عليه . وما روي أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كذب ثلاثة كذبات ، فالمراد التعريض . ولكن لما شابه الكذب في صورته سمي به .
10. In their hearts is a disease, and Allah increaseth their disease. A painful doom theirs because they lie.
10 - In their hearts is a disease; And God has increased their disease: And grievous is the penalty they (incur),