[مريم : 84] فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا
84 - (فلا تعجل عليهم) بطلب العذاب (إنما نعد لهم) الأيام والليالي أو الأنفاس (عدا) إلى وقت عذابهم
وقوله "فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا" يقول عز ذكره : فلا تعجل على هؤلاء الكافرين بطلب العذاب لهم والهلاك ، يا محمد إنما نعد لهم عدا ، يقول : فإنما نؤخر إهلاكهم ليزدادوا إثماً ، ونحن نعد أعمالهم كلها ونحصيها حتى أنفاسهم لنجازيهم على جميعها، ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير أردناه بهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله "إنما نعد لهم عدا" يقول : أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا، فهي معدودة كسنهم وآجالهم.
قوله تعالى: " فلا تعجل عليهم " أي تطلب العذاب لهم. " إنما نعد لهم عدا " قال الكلبي : آجالهم، يعني الأيام والليالي والشهور والسنين إلى انتهاء أجل العذاب. وقال الضحاك : الأنفاس. ابن عباس: أي نعد أنفاسهم في الدنيا كما نعد سنيهم. وقيل: الخطوات. وقيل: اللذات. وقيل: اللحظات. وقيل: الساعات. وقال قطرب: نعد أعمالهم عداً. وقيل: لا تعجل عليهم فإنما نؤخرهم ليزدادوا إثماً. روي: أن المأمون قرأ هذه السورة، فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء، فأشار برأسه إلى ابن السماك أن يعظه، فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد، فما أسرع ما تنفد. وقيل في هذا المعنى:
حياتك أنفاس تعد فكلما مضى نفس منك انتقصت به جزءا
يميتك ما يحييك في كل ليلة ويحدوك حاد ما يريد به الهزءا
ويقال: إن أنفاس ابن آدم بين اليوم والليلة أربعة وعشرون ألف نفس: اثنا عشر ألف نفس في اليوم، واثنا عشر ألفاً في الليلة - والله أعلم - فهي تعد وتحصى إحصاء، ولها عدد معلوم، وليس لها مدد، فما أسرع ما تنفد.
يخبر تعالى عن الكفار المشركين بربهم أنهم اتخذوا من دونه آلهة لتكون تلك الالة "عزاً" يعتزون بها ويستنصرونها ثم أخبر أنه ليس الأمر كما زعموا ولا يكون ما طمعوا فقال: "كلا سيكفرون بعبادتهم" أي يوم القيامة "ويكونون عليهم ضداً" أي بخلاف ما ظنوا فيهم كما قال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" وقرأ أبو نهيك " كلا سيكفرون بعبادتهم ". وقال السدي : "كلا سيكفرون بعبادتهم" أي بعبادة الأوثان.
وقوله: "ويكونون عليهم ضداً" أي بخلاف ما رجوا منهم. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ويكونون عليهم ضداً" قال: أعواناً. قال مجاهد : عوناً عليهم تخاصمهم وتكذبهم. وقال العوفي عن ابن عباس "ويكونون عليهم ضداً", قال: قرناء. وقال قتادة : قرناء في النار يلعن بعضهم بعضاً, ويكفر بعضهم ببعض. وقال السدي "ويكونون عليهم ضداً" قال: الخصماء الأشداء في الخصومة, وقال الضحاك "ويكونون عليهم ضداً" قال: أعداء. وقال ابن زيد : الضد البلاء, وقال عكرمة : الضد الحسرة.
وقوله: "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : تغويهم إغواءاً, وقال العوفي عنه: تحرضهم على محمد وأصحابه. وقال مجاهد : تشليهم إشلاء وقال قتادة : تزعجهم إزعاجاً إلى معاصي الله, وقال سفيان الثوري : تغريهم إغراءاً وتستعجلهم استعجالاً. وقال السدي : تطغيهم طغياناً. وقال عبد الرحمن بن زيد : هذا كقوله تعالى: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين" وقوله: "فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عداً" أي لا تعجل يا محمد على هؤلاء في وقوع العذاب بهم "إنما نعد لهم عداً" أي إنما نؤخرهم لأجل معدود مضبوط, وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله. وقال: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون" الاية, "فمهل الكافرين أمهلهم رويداً" "إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً" "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ" "قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار" وقال السدي : إنما نعد لهم عداً: السنين والشهور والأيام والساعات. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "إنما نعد لهم عداً" قال: نعد أنفاسهم في الدنيا.
84- "فلا تعجل عليهم" بأن تطلب من الله إهلاكهم بسبب تصميمهم على الكفر وعنادهم للحق وتمردهم عن داعي الله سبحانه، ثم علل سبحانه هذا النهي بقوله: "إنما نعد لهم عداً" يعني نعد الأيام والليالي والشهور والسنين من أعمارهم إلى انتهاء آجالهم، وقيل نعد أنفاسهم، وقيل خطواتهم، وقيل لحظاتهم، وقيل الساعات. وقال قطرب: نعد أعمالهم. وقيل المعنى: لا تعجل عليهم فإنما نؤخرهم ليزدادوا إثماً.
84 - " فلا تعجل عليهم " ، أي لا تعجل بطلب عقوبتهم ، " إنما نعد لهم عداً " ، قال الكلبي : يعني الليل والأيام والشهور والأعوام .
وقيل : الأنفاس التي يتنفسون بها في الدنيا إلى الأجل الذي أجل لعذابهم .
84 -" فلا تعجل عليهم " بأن يهلكوا حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم وتطهر الأرض من فسادهم . " إنما نعد لهم " أيام آجالهم. "عدًا" والمعنى لا تعجل بهلاكهم فإنه لم يبق لهم إلا أيام محصورة وأنفاس معدودة.
84. So make no haste against them (O Muhammad). We do but number unto them a sum (of days).
84 - So make on haste against them, for we but count out to them a (limited) number (of days).