[مريم : 32] وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا
32 - (وبرا بوالدتي) منصوب بجعلني مقدرا (ولم يجعلني جبارا) متعاظما (شقيا) عاصيا لربه
يقول تعالى ذكره ، مخبراً عن قيل عيسى للقوم : وجعلني مباركاً وبراً: أي جعلني براً بوالدتي . والبر هو البار، يقال : هو بر بوالده ، وبار به ، وبفتح الباء قرأت هذا الحرف قراء الأمصار.
وروي عن أبي نهيك ما:
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح، قال : ثنا عبد المؤمن، عن أبي نهيك أنه قرأ "وبرا بوالدتي" من قول عيسى عليه السلام ، قال أبو نهيك: أوصاني بالصلاة والزكاة والبر بالوالدين ، كما أوصاني بذلك ، فكان أبا نهيك وجه تأويل الكلام إلى قوله "وبرا بوالدتي" هو من خبر عيسى ، عن وصية الله إياه به ، كما أن قوله "وأوصاني بالصلاة والزكاة" من خبره عن وصية الله إياه بذلك. فعلى هذا القول يجب أن يكون نصب البر بمعنى عمل الوصية فيه ، لأن الصلاة والزكاة وإن كانتا مخفوضتين في اللفظ ، فإنهما بمعنى النصب من أجل أنه مفعول بهما.
وقوله "ولم يجعلني جبارا شقيا" يقول: ولم يجعلني مستكبراً على الله فيما أمرني به ، ونهاني عنه. شقياً، ولكن ذللني لطاعته ، وجعلني متواضعاً.
كما حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنه -يعني عيسى- كان يقول: سلوني ، فإن قلبي لين، وإني صغير في نفسي، مما أعطاه الله من التواضع.
وحدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا" ذكر لنا أن امرأة رأت ابن مريم يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، في آيات سلطه الله عليهن ، وأذن له فيهن ، فقالت : طوبى للبطن الذي حملك ، والثدي الذي أرضعت به، فقال نبي الله ابن مريم يجيبها : طوبى لمن تلا كتاب الل ، واتبع ما فيه "ولم يجعلني جبارا شقيا".
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا محمد بن كثير، عن عبد الله بن واقد أبي رجاء، عن بعض أهل العلم ، قال : لا تجد عاقاً إلا وجدته جباراً شقياً. ثم قرأ "وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا" قال: ولا تجد سيئ الملكة إلا وجدته مختالاً فخوراً، ثم قرأ "وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا" [النساء: 36].
" وبرا بوالدتي " قال ابن عباس: لما قال " وبرا بوالدتي " ولم يقل بوالدي علم أنه شيء من جهة الله تعالى. " ولم يجعلني جبارا " أي متعظماً متكبراً يقتل ويضرب على الغضب. وقيل: الجبار الذي لا يرى لأحد عليه حقاً قط. " شقيا " أي خائباً من الخير. ابن عباس: عاقاً. وقيل: عاصياً لربه. وقيل: لم يجعلني تاركاً لأمره فأشقى كما شقي إبليس لما ترك أمره.
الثالثة: قال مالك بن أنس رحمه الله تعالى في هذه الآية: ما أشدها على أهل القدر! أخبر عيسى عليه السلام بما قضى من أمره، وبما هو كائن إلى أن يموت. وقد روي في قصص هذه الآية عن ابن زيد وغيره أنهم لما سمعوا كلام عيسى أذعنوا وقالوا: إن هذا لأمر عظيم. وروي أن عيسى عليه السلام إنما تكلم في طفولته بهذه الآية، ثم عاد إلى حالة الأطفال، حتى مشى على عادة البشر إلى أن بلغ مبلغ الصبيان، فكان نطقه إظهار براءة أمه لا أنه كان ممن يعقل في تلك الحالة، وهو كما ينطق الله تعالى الجوارح يوم القيامة. ولم ينقل أنه دام نطقه، ولا أنه كان يصلي وهو ابن يوم أو شهر، ولو كان يدوم نطقه وتسبيحه ووعظه وصلاته في صغره من وقت الولادة لكان مثله مما لا ينكتم، وهذا كله مما يدل على فساد القول الأول، ويصرح بجهالة قائله. ويدل أيضاً على أنه تكلم في المهد خلافاً لليهود والنصارى. والدليل على ذلك إجماع الفرق على أنها لم تحد. وإنما صح براءتها من الزنى بكلامه في المهد. ودلت هذه الآية على أن الصلاة والزكاة وبر الوالدين كان واجباً على الأمم السالفة، والقرون الخالية الماضية، فهو مما يثبت حكمه ولم ينسخ في شريعة أمره. وكان عيسى عليه السلام في غاية التواضع، يأكل الشجر، ويلبس الشعر، ويجلس على التراب، ويأوي حيث جنه الليل، لا مسكن له، صلى الله عليه وسلم.
الرابعة: الإشارة بمنزلة الكلام، وتفهم ما يفهم القول. كيف لا وقد أخبر الله تعالى عن مريم فقال: " فأشارت إليه " وفهم منها القوم مقصودها وغرضها فقالوا: " كيف نكلم " وقد مضى هذا في ((آل عمران)) مستوفى.
الخامسة: قال الكوفيون: لا يصح قذف الأخرس ولا لعانه. وروي مثله عن الشعبي ، وبه قال الأوزاعي و أحمد و إسحاق ، وإنما يصح القذف عندهم بصريح الزنى دون معناه، وهذا لا يصح من الأخرس ضرورة، فلم يكن قاذفاً، ولا يتميز بالإشارة بالزنى من الوطء الحلال والشبهة. قالوا: واللعان عندنا شهادات، وشهادة الأخرس لا تقبل بالإجماع. قال ابن القصار: قولهم إن القذف لا يصح إلا بالتصريح فهو باطل بسائر الألسنة ما عدا العربية، فكذلك إشارة الأخرس. وما ذكروه من الإجماع في شهادة الأخرس فغلط. وقد نص مالك أن شهادته مقبولة إذا فهمت إشارته، وأنها تقوم مقام اللفظ بالشهادة، وأما مع القدرة باللفظ فلا تقع منه إلا باللفظ. قال ابن المنذر : والمخالفون يلزمون الأخرس الطلاق والبيوع وسائر الأحكام، فينبغي أن يكون القذف مثل ذلك. قال المهلب: وقد تكون الإشارة في كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام، مثل قوله عليه الصلاة والسلام:
" بعثت أنا والساعة كهاتين " نعرف قرب ما بينهما بمقدار زيادة الوسطى على السبابة. وفي إجماع العقول على أن العيان أقوى من الخبر دليل على أن الإشارة قد تكون في بعض المواضع أقوى من الكلام.
يقول تعالى مخبراً عن مريم حين أمرت أن تصوم يومها ذلك وأن لا تكلم أحداً من البشر, فإنها ستكفى أمرها ويقام بحجتها, فسلمت لأمر الله عز وجل واستسلمت لقضائه, فأخذت ولدها فأتت به قومها تحمله, فلما رأوها كذلك أعظموا أمرها واستنكروه جداً, و"قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا", أي أمراً عظيماً, قاله مجاهد وقتادة والسدي وغير واحد. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن أبي زياد , حدثنا سيار , حدثنا جعفر بن سليمان , حدثنا أبو عمران الجوني عن نوف البكالي قال: وخرج قومها في طلبها, قال: وكانت من أهل بيت نبوة وشرف فلم يحسوا منها شيئاً, فلقوا راعي بقر فقالوا: رأيت فتاة كذا وكذا نعتها ؟ قال: لا ولكني رأيت الليلة من بقري مالم أره منها قط, قالوا: وما رأيت ؟ قال: رأيتها الليلة تسجد نحو هذا الوادي.
قال عبد الله بن زياد : وأحفظ عن سيار أنه قال: رأيت نوراً ساطعاً فتوجهوا حيث قال لهم, فاستقبلتهم مريم, فلما رأتهم قعدت وحملت ابنها في حجرها فجاؤوا حتى قاموا عليها " قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا " أمراً عظيماً "يا أخت هارون" أي يا شبيهة هارون في العبادة "ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً" أي أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة والزهادة, فكيف صدر هذا منك ؟ قال علي بن أبي طلحة والسدي : قيل لها: "يا أخت هارون" أي أخي موسى, وكانت من نسله كما يقال للتميمي: يا أخا تميم, وللمضري يا أخا مضر, وقيل: نسبت إلى رجل صالح كان فيهم اسمه هارون, فكانت تقاس به في الزهادة والعبادة, وحكى ابن جرير عن بعضهم أنهم شبهوها برجل فاجر كان فيهم يقال له هارون.
ورواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير , وأغرب من هذا كله ما رواه ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين الهجستاني , حدثنا ابن أبي مريم , حدثنا المفضل بن فضالة , حدثنا أبو صخر عن القرظي في قوله الله عز وجل: "يا أخت هارون" قال: هي أخت هارون لأبيه وأمه, وهي أخت موسى أخي هارون التي قصت أثر موسى "فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون" وهذا القول خطأ محض, فإن الله تعالى قد ذكر في كتابه أنه قفى بعيسى بعد الرسل, فدل على أنه آخر الأنبياء بعثاً, وليس بعده إلا محمد صلوات الله وسلامه عليهما, ولهذا ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنا أولى الناس بابن مريم إلا أنه ليس بيني وبينه نبي" ولو كان الأمر كما زعم محمد بن كعب القرظي , لم يكن متأخراً عن الرسل سوى محمد, ولكان قبل سليمان وداود, فإن الله قد ذكر أن داود بعد موسى عليهما السلام في قوله تعالى: "ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله" وذكر القصة إلى أن قال: "وقتل داود جالوت" الاية, والذي جرأ القرظي على هذه المقالة ما في التوراة بعد خروج موسى وبني إسرائيل من البحر وإغراق فرعون وقومه, قال: وكانت مريم بنت عمران أخت موسى وهارون النبيين تضرب بالدف هي والنساء معها يسبحن الله ويشكرنه على ما أنعم به على بني إسرائيل, فاعتقد القرظي أن هذه هي أم عيسى وهذه هفوة وغلطة شديدة, بل هي باسم هذه, وقد كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم وصالحيهم, كما قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن إدريس , سمعت أبي يذكره عن سماك عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران فقالوا: أرأيت ما تقرؤون "يا أخت هارون" وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا أخبرتهم أنهم كانوا يتسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم" انفرد بإخراجه مسلم والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك به, وقال الترمذي حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن إدريس , وقال ابن جرير : حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي صدقة عن محمد بن سيرين قال أنبئت أن كعباً قال إن قوله: "يا أخت هارون" ليس بهارون أخي موسى قال فقالت له عائشة كذبت قال يا أم المؤمنين إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو أعلم وأخبر وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة قال فسكتت وفي هذا التاريخ نظر.
وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا بشر , حدثنا يزيد , حدثنا سعيد عن قتادة قوله: "يا أخت هارون" الاية, قال: كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح ولا يعرفون بالفساد, ومن الناس من يعرفون بالصلاح ويتوالدون به, وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به, وكان هارون مصلحاً محبباً في عشيرته وليس بهارون أخي موسى ولكنه هارون آخر, قال: وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفاً كلهم يسمى هارون من بني إسرائيل. وقوله: "فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً" أي إنهم لما استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها وقالوا لها ما قالوا معرضين بقذفها ورميها بالفرية, وقد كانت يومها ذلك صائمة صامتة, فأحالت الكلام عليه, وأشارت لهم إلى خطابه وكلامه, فقالوا متهكمين بها ظانين أنها تزدري بهم وتلعب بهم "كيف نكلم من كان في المهد صبياً" قال ميمون بن مهران : "فأشارت إليه" قالت كلموه, فقالوا: على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان في المهد صبياً, وقال السدي لما أشارت إليه غضبوا وقالوا: لسخريتها بنا حتى تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها "قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً" أي من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره, كيف يتكلم ؟ قال: "إني عبد الله", أول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى وبرأه عن الولد, وأثبت لنفسه العبودية لربه.
وقوله: "آتاني الكتاب وجعلني نبياً" تبرئة لأمه مما نسبت إليه من الفاحشة, قال نوف البكالي : لما قالو لأمه ما قالوا, كان يرتضع ثديه, فنزع الثدي من فمه واتكأ على جنبه الأيسر وقال " إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " وقال حماد بن سلمة عن ثابت البناني : رفع أصبعه السبابة فوق منكبه وهو يقول: "إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً" الاية, وقال عكرمة : "آتاني الكتاب" أي قضى أنه يؤتيني الكتاب فيما قضى, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا محمد بن المصفى , حدثنا يحيى بن سعيد هو العطار عن عبد العزيز بن زياد , عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان عيسى بن مريم قد درس التوارة وأحكمها وهو في بطن أمه, فذلك قوله: "إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً" يحيى بن سعيد العطار الحمصي متروك.
وقوله: " وجعلني مباركا أين ما كنت " قال مجاهد وعمرو بن قيس والثوري : وجعلني معلماً للخير. وفي رواية عن مجاهد : نفاعاً. وقال ابن جرير : حدثني سليمان بن عبد الجبار , حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس المخزومي , سمعت وهيب بن الورد مولى بني مخزوم قال: لقي عالم عالماً هو فوقه في العلم, فقال له: يرحمك الله ما الذي أعلن من عملي ؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده, وقد أجمع الفقهاء على قول الله: " وجعلني مباركا أين ما كنت " وقيل: ما بركته ؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كان. وقوله: "وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً" كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين". وقال عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس في قوله " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً" قال: أخبره بما هو كائن من أمره إلى أن يموت, ماأبينها لأهل القدر.
وقوله: "وبراً بوالدتي" أي وأمرني ببر والدتي, ذكره بعد طاعة الله ربه, لأن الله تعالى كثيراً ما يقرن بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين, كما قال تعالى: " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " وقال "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير". وقوله: "ولم يجعلني جباراً شقياً" أي ولم يجعلني جباراً مستكبراً عن عبادته وطاعته وبر والدتي, فأشقى بذلك. قال سفيان الثوري : الجبار الشقي الذي يقتل على الغضب. وقال بعض السلف: لا تجد أحداً عاقاً لوالديه إلا وجدته جباراً شقياً, ثم قرأ: "وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً" قال: ولا تجد سيء الملكة إلا وجدته مختالاً فخوراً, ثم قرأ: "وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً".
قال قتادة : ذكر لنا أن امرأة رأت ابن مريم يحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص في آيات سلطه الله عليهن وأذن له فيهن, فقالت: طوبى للبطن الذي حملك, وطوبى للثدي الذي أرضعت به, فقال نبي الله عيسى عليه السلام يجيبها: طوبى لمن تلا كتاب الله فاتبع ما فيه, ولم يكن جباراً شقياً. وقوله: " والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " إثبات منه لعبوديته لله عز وجل, وأنه مخلوق من خلق الله يحيى ويموت ويبعث كسائر الخلائق, ولكن له السلامة في هذه الأحوال التي هي أشق ما يكون على العباد, صلوات الله وسلامه عليه.
32- "وبراً بوالدتي" معطوف على مباركاً، واقتصر على البر بوالدته لأنه قد علم في تلك الحال أنه لم يكن له أب، وقرئ وبراً بكسر الباء على أنه مصدر وصف به مبالغة "ولم يجعلني جباراً شقياً" الجبار المتعظم الذي لا يرى لأحد عليه حقاً، والشقي العاصي لربه، وقيل الخائب، وقيل العاق.
32 - " وبراً بوالدتي " أي وجعلني براً بوالدتي ، " ولم يجعلني جباراً شقياً " ، أي عاصياً لربه . قيل : ( الشقي ) : الذي يذنب ولا يتوب .
32ـ "وبراً بوالدتي" وباراً بها عطف على "مباركاً" ، وقرئ بالكسر على أنه مصدر وصف به أو منصوب بفعل دل عليه أوصاني، أي وكلفني براً ويؤيده القراءة بالكسر والجر عطفاً على ((الصلاة)). "ولم يجعلني جباراً شقيا" عند الله من فرط تكبره.
32. And (hath made me) dutiful toward her who bore me, and hath not made me arrogant, unblest.
32 - (He) hath made me kind To my mother, and not overbearing or miserable;