[مريم : 24] فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
24 - (فناداها من تحتها) أي جبريل وكان أسفل منها (ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا) نهر ماء كان قد انقطع
اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الحجاز والعراق "فناداها من تحتها" بمعنى : فناداها جبرائيل من بين يديها على اختلاف منهم في تأويله ، فمن متأول منهم إذا قرأه "من تحتها" كذلك ، ومن متأول منهم أنه عيسى، وأنه ناداها من تحتها بعد ما ولدته. وقرأ ذلك بعض قراء أهل الكوفة والبصرة فناداها من تحتها بفتح التاءين من تحت ، بمعنى : فناداها الذي تحتها، على أن الذي تحتها عيسى، وأنه الذي نادى أمه.
ذكر من قال : الذي ناداها من تحتها الملك.
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح، قال : ثنا عبد المؤمن، قال : سمعت ابن عباس قرأ "فناداها من تحتها" يعني : جبرائيل.
حدثني أحمد بن عبد الله أحمد بن يونس، قال : أخبرنا عبثر، قال : ثنا حصين، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال : الرازي ناداها الملك.
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا أبو أحمد، قال : ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، أنه قرأ : فخاطبها من تحتها.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال : ثنا يحيى، قال : ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة. أنه قرأ: فخاطبها من تحتها.
حدثنا الرفاعي، قال : ثنا وكيع، عن أبيه ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة أنه قرأها كذلك.
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان ، عن جويبر، عن الضحاك "فناداها من تحتها" قال : جبرائيل.
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن جويبر، عن الضحاك ، مثله.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "فناداها من تحتها": أي من تحت النخلة.
حدثنا موسى، قال : ثنا عمرو، قال : ثنا أسباط، عن السدي "فناداها" جبرائيل " من تحتها أن لا تحزني ".
حدثنا الحسن، قال : أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: "فناداها من تحتها" قال : الملك.
حدثت عن الحسين، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله "فناداها من تحتها" يعني : جبرائيل كان أسفل منها.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس، "فناداها من تحتها" قال : ناداها جبرائيل ولم يتكلم عيسى حتى أتت قومها.
ذكر من قال : ناداها عيسى صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن بشار، قال : ثنا أبو عاصم، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله "فناداها من تحتها" قال : عيسى ابن مريم.
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا أبو عامر، قال : ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله .
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال : ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال : ثنا الحسن، قال : ثنا ورقاء، جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن "فناداها من تحتها" ابنها.
حدثنا الحسن قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، قال : قال الحسن : هو ابنها.
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه "فناداها" عيسى " من تحتها أن لا تحزني ".
حدثني أبو حميد أحمد بن المغيرة الحمصي ، قال : ثنا عثمان بن سعيد، قال : ثنا محمد بن مهاجر، عن ثابت بن عجلان، عن سعيد بن جبير، قوله "فناداها من تحتها" قال عيسى : أما تسمع الله يقول : "فأشارت إليه".
حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد "فناداها من تحتها" قال عيسى : ناداها " أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ".
حدثت عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي بن كعب قال : الذي خاطبها هو الذي حملته في جوفها ودخل من فيها.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندنا قول من قال : الذي ناداها ابنها عيسى، وذلك أنه من كناية ذكره أقرب منه من ذكر جبرائيل ، فرده على الذي هو أقرب إليه أولى من رده على الذي هو أبعد منه. ألا ترى في سياق قوله "فحملته فانتبذت به مكانا قصيا" يعني به : فحملت عيسى فانتبذت به ، ثم قيل : فناداها نسقاً على ذلك من ذكر عيسى والخبر عنه . ولعلة أخرى، وهي قوله "فأشارت إليه" ولم تشر إليه إن شاء الله إلا وقد علمت أنه ناطق في حاله تلك ، وللذي كانت قد عرفت ووثقت به منه بمخاطبته إياها بقوله لها " أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " وما أخبر الله عنه أنه قال لها أشيري للقوم إليه ، ولو كان ذلك قولاً من جبرائيل ، لكان خليقاً أن يكون في ظاهر الخبر، مبينا أن عيسى سينطق ويحتج عنها للقوم ، وأمر منه لها بأن تشير إليه للقوم إذا سألوها عن حالها وحاله.
فإذا كان ذلك هو الصواب من التأويل الذي بينا، فبين أن كلتا القراءتين ، أعني "من تحتها" بالكسر، ومن تحتها بالفتح صواب . وذلك أنه إذا قرئ بالكسر كان في قوله "فناداها" ذكر من عيسى. وإذا قرئ من تحتها بالفتح كان الفعل لمن وهو عيسى. فتأويل الكلام إذن : فناداها المولود من تحتها ألا تحزني يا أمه "قد جعل ربك تحتك سريا".
كما حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد، في قوله " فناداها من تحتها أن لا تحزني " قالت : وكيف لا أحزن وأنت معي ، لا ذات زوج فأقول من زوج ، ولا مملوكة فأقول من سيدي ، أفي شيء عذري عند الناس "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا"، فقال لها عيسى: أنا أكفيك الكلام .
واختلف أهل التأويل في المعنف بالسري في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عني به : النهر الصغير.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب "قد جعل ربك تحتك سريا"، قال : الجدول.
حدثنا ابن بشار، قال : ثنا محمد بن جعفر، قال : ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال : سمعت البراء يقول في هذه الآية "قد جعل ربك تحتك سريا" قال : الجدول.
حدثني علي، قال : ثنا عبد الله، قال : ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله "قد جعل ربك تحتك سريا" وهو نهر عيسى.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله "قد جعل ربك تحتك سريا" قال : السري : النهر الذي كان تحت مريم حين ولدته كان يجري يسمى سرياً.
حدثني أبو حصين ، قال : ثنا عبثر، قال : ثنا حصين ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال في هذه الآية "قد جعل ربك تحتك سريا" قال : السري : نهر يشرب منه.
حدثنا يعقوب وأبو كريب ، قالا : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عمرو بن ميمون ، في قوله "قد جعل ربك تحتك سريا" قال : هو الجدول.
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال : ثنا الحسن، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد "سريا" قال : نهر بالسريانية.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين، قال : ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله ، قال ابن جريج: نهر إلى جنبها.
حدثنا محمد بن بشار، قال : ثنا أبو داود، قال : ثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، في قوله "قد جعل ربك تحتك سريا" قال: كان سرياً فقال حميد بن عبد الرحمن: إن السري : الجدول ، فقال : غلبتنا عليك الأمراء.
حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال : ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير "قد جعل ربك تحتك سريا" قال : هو الجدول ، النهر الصغير، وهو بالنبطية : السري.
حدثني أبو حميد الحمصي، قال : ثنا عثمان بن سعيد، قال : ثنا محمد بن مهاجر، عن ثابت بن عجلان قال : سألت سعيد بن جبير، عن السري ، قال : نهر.
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : النهر الصغير.
حدثني يعقوب، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم ، أنه قال : هو النهر الصغير: يعني الجدول ، يعني قوله "قد جعل ربك تحتك سريا".
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك، قال : جدول صغير بالسريانية.
حدثت عن الحسين، قال : سمعت أبا معاذ، قال : أخبرنا عبيد بن سليمان، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله "تحتك سريا": الجدول الصغير من الأنهار.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "قد جعل ربك تحتك سريا" والسري : هو الجدول ، تسميه أهل الحجاز.
حدثنا الحسن، قال : ثنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، في قوله "سريا" قال : هو جدول.
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم وعن وهب بن منبه "قد جعل ربك تحتك سريا" يعني ربيع الماء.
حدثنا موسى بن هارون، قال : ثنا عمرو، قال : ثنا أسباط ، عن السدي "قد جعل ربك تحتك سريا" والسري : هو النهر.
وقال آخرون : عني به عيسى.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن "قد جعل ربك تحتك سريا" والسري : عيسى نفسه.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد، في قوله "قد جعل ربك تحتك سريا" يعني نفسه ، قال : وأي شيء أسرى منه ، قال : والذين يقولون : السري : هو النهر ليس كذلك النهر، لو كان النهر لكان إنما يكون إلى جنبها، ولا يكون النهر تحتها.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قيل من قال : عنى به الجدول ، وذلك أنه أعلمها ما قد أعطاها الله من الماء الذي جعله عندها، وقال لها "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي" من هذا الرطب "واشربي" من هذا الماء "وقري عينا" بولدك ، والسري معروف مز كلام العرب أنه النهر الصغير، ومنه قول لبيد :
فتوسطا عرض السري وصدعا مسجورةً متجاوراً قلامها
ويروى فلنا مسجورة، ويروى أيضاً : فغادرا.
قوله تعالى: " فناداها من تحتها " قرىء بفتح الميم وكسرها. قال ابن عباس: والمراد بـ" من " جبريل، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها، وقاله علقمة و الضحاك و قتادة ، ففي هذا لها آية وأمارة أن هذا من الأمور الخارقة للعادة التي لله فيها مراد عظيم. وقوله: " أن لا تحزني " تفسير النداء، و " أن " مفسرة بمعنى أي، المعنى: فلا تحزني بولادتك. " قد جعل ربك تحتك سريا " يعني عيسى. والسري من الرجال العظيم الخصال السيد. قال الحسن : كان والله سريا من الرجال. ويقال: سري فلان على فلان أي تكرم. وفلان سري من قوم سراة. وقال الجمهور: أشار لها إلى الجدول الذي كان قريب جذع النخلة. قال ابن عباس: كان ذلك نهراً قد انقطع ماؤه فأجراه الله تعالى لمريم. والنهر يسمى سرياً لأن الماء يسري فيه، قال الشاعر:
سلم ترى الدالي منه أزورا إذا يعب في السري هرهرا
وقال لبيد:
فتوسطا عرض السري وصدعا مسجورة متجاورا قلامها
وقيل: ناداها عيسى، وكان ذلك معجزة وآية وتسكيناً لقلبها، والأول أظهر. وقرأ ابن عباس فناداها ملك من تحتها قالوا: وكان جبريل عليه السلام في بقعة من الأرض أخفض من البقة التي كانت هي عليها.
قرأ بعضهم: "من تحتها" بمعنى الذي تحتها, وقرأ الاخرون: "من تحتها" على أنه حرف جر, واختلف المفسرون في المراد بذلك من هو ؟ فقال العوفي وغيره عن ابن عباس "فناداها من تحتها" جبريل, ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها, وكذا قال سعيد بن جبير والضحاك وعمرو بن ميمون والسدي وقتادة : إنه الملك جبرائيل عليه الصلاة والسلام, أي ناداها من أسفل الوادي. وقال مجاهد : "فناداها من تحتها" قال: عيسى بن مريم, وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: قال الحسن : هو ابنها, وهو إحدى الروايتين عن سعيد بن جبير أنه ابنها, قال: أو لم تسمع الله يقول: "فأشارت إليه" واختاره ابن زيد وابن جرير في تفسيره.
وقوله: " أن لا تحزني " أي ناداها قائلاً لا تحزني "قد جعل ربك تحتك سريا" قال سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب "قد جعل ربك تحتك سريا" قال: الجدول, وكذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : السري النهر, وبه قال عمرو بن ميمون نهر تشرب منه. وقال مجاهد : هو النهر بالسريانية. وقال سعيد بن جبير : السري النهر الصغير بالنبطية. وقال الضحاك : هو النهر الصغير بالسريانية. وقال إبراهيم النخعي : هو النهر الصغير. وقال قتادة : هو الجدول بلغة أهل الحجاز, وقال وهب بن منبه : السري هو ربيع الماء. وقال السدي : هو النهر, واختار هذا القول ابن جرير .
وقد ورد في ذلك حديث مرفوع, فقال الطبراني : حدثنا أبو شعيب الحراني , حدثنا يحيى بن عبد الله البابلي , حدثنا أيوب بن نهيك , سمعت عكرمة مولى ابن عباس يقول, سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن السري الذي قال الله لمريم "قد جعل ربك تحتك سريا" نهر أخرجه الله لتشرب منه" وهذا حديث غريب جداً من هذا الوجه. وأيوب بن نهيك هذا هو الحبلى, قال فيه أبو حاتم الرازي : ضعيف. وقال أبو زرعة : منكر الحديث. وقال أبو الفتح الأزدي : متروك الحديث. وقال آخرون المراد بالسري عيسى عليه السلام, وبه قال الحسن والربيع بن أنس ومحمد بن عباد بن جعفر , وهو إحدى الروايتين عن قتادة , وقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم والقول الأول أظهر. ولهذا قال بعده: "وهزي إليك بجذع النخلة" أي وخذي إليك بجذع النخلة. قيل: كانت يابسة, قاله ابن عباس . وقيل: مثمرة. قال مجاهد : كانت عجوة. وقال الثوري عن أبي داود نفيع الأعمى: كانت صرفانة, والظاهر أنها كانت شجرة, ولكن لم تكن في إبان ثمرها, قاله وهب بن منبه , ولهذا امتن عليها بذلك بأن جعل عندها طعاماً وشراباً فقال: " تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي وقري عينا " أي طيبي نفساً, ولهذا قال عمرو بن ميمون : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب, ثم تلا هذه الاية الكريمة.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا شيبان , حدثنا مسرور بن سعيد التميمي , حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن عروة بن رويم , عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرموا عمتكم النخلة, فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام, وليس من الشجر شيء يلقح غيرها" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطعموا نساءكم الولد الرطب, فإن لم يكن رطب فتمر, وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران" هذا حديث منكر جداً ورواه أبو يعلى عن شيبان به. وقرأ بعضهم "تساقط" بتشديد السين, وآخرون بتخفيفها. وقرأ أبو نهيك " تساقط عليك رطبا جنيا " وروى أبو إسحاق عن البراء أنه قرأها " تساقط " أي الجذع, والكل متقارب.
وقوله: "فإما ترين من البشر أحداً" أي مهما رأيت من أحد "فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً" المراد بهذا القول الإشارة إليه بذلك, لا أن المراد به القول اللفظي لئلا ينافي "فلن أكلم اليوم إنسياً" قال أنس بن مالك في قوله: "إني نذرت للرحمن صوماً" قال: صمتاً, وكذا قال ابن عباس والضحاك , وفي رواية عن أنس : صوماً وصمتاً, وكذا قال قتادة وغيرهما, والمراد أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام, نص على ذلك السدي وقتادة وعبد الرحمن بن زيد . وقال أبو إسحاق عن حارثة قال: كنت عند ابن مسعود , فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الاخر, فقال: ما شأنك ؟ قال أصحابه: حلف أن لا يكلم الناس اليوم, فقال عبد الله بن مسعود : كلم الناس وسلم عليهم, فإن تلك امرأة علمت أن أحداً لا يصدقها أنها حملت من غير زوج, يعني بذلك مريم عليها السلام, ليكون عذراً لها إذا سئلت. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير رحمها الله. وقال عبد الرحمن بن زيد : لما قال عيسى لمريم: "لا تحزني" قالت: وكيف لا أحزن وأنت معي, لا ذات زوج ولا مملوكة ؟ أي شيء عذري عند الناس ؟ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً, قال لها عيسى: أنا أكفيك الكلام "فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً" قال هذا كله من كلام عيسى لأمه, وكذا قال وهب .
24- "فناداها من تحتها" أي جبريل لما سمع قولها، وكان أسفل منها تحت الأكمة، وقيل تحت النخلة، وقيل المنادي هو عيسى. وقد قرئ بفتح الميم من من وكسرها. وقوله: " أن لا تحزني " تفسير للنداء: أي لا تحزني أو المعنى بأن لا تحزني على أنها المصدرية "قد جعل ربك تحتك سرياً" قال جمهور المفسرين: السري النهر الصغير، والمعنى: قد جعل ربك تحت قدمك نهراً. قيل كان نهراً قد انقطع عنه الماء، فأرسل الله فيه الماء لمريم، وأحيا به ذلك الجذع اليابس الذي اعتمدت عليه حتى أورق وأثمر، وقيل المراد بالسري هنا عيسى، والسري: العظيم من الرجال، ومنه قولهم فلان سري: أي عظيم، ومن قوم سراة: أي عظام.
24 - " فناداها من تحتها" ، قرأ أبو جعفر ،و نافع ، و حمزة ، و الكسائي ، و حفص : " من تحتها " بكسر الميم والتاء ، يعني جبريل عليه السلام ، وكانت مريم على أكمة ، وجبريل وراء الأكمة تحتها فناداها .
وقرأ الآخرون بفتح الميم والتاء ، وأراد جبريل عليه السلام أيضا ، ناداها من سفح الجبل .
وقيل : هو عيسى لما خرج من بطن أمه ناداها : " أن لا تحزني " ،وهو قول مجاهد و الحسن .
والأول قول ابن عباس رضي الله عنهما ، و السدي ، و قتادة ،و الضحاك ، وجماعة : أن المنادي كان جبريل لما سمع كلامها وعرف جزعها ناداها ألا تحزني .
" قد جعل ربك تحتك سرياً " ، و ( السري ) :النهر الصغير .
وقيل : تحتك أي جعله الله تحت أمرك إن أمرتيه أن يجري جرى ، وإن أمرتيه بالإمساك أمسك .
قال : ابن عباس رضي الله عنهما: ضرب جبريل عليه السلام - ويقال : ضرب عيسى عليه الصلاة والسلام - برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب وجرى .
وقيل : كان هناك نهر يابس أجرى الله سبحانه تعالى فيه الماء وحييت النخلة اليابسة ، فأورقت وأثمرت وأرطبت .
وقال الحسن : ( تحتك سرياً ) يعني : عيسى ، وكان والله عبداً سرياً ، يعني : رفيعاً .
24ـ "فناداها من تحتها" عيسى، وقيل جبريل كان يقبل الولد، وقيل تحتها أسفل من مكانها. وقرأ نافع و حمزة و الكسائي وحفص وروح ((من تحتها)) بالكسر والجر على أن في نادى ضمير أحدهما، وقيل الضمير في تحتها النخلة. " أن لا تحزني " أي لا تحزني أو بأن لا تحزني. "قد جعل ربك تحتك سريا" جدولاً. هكذا روي مرفوعاً، وقيل سيداً من السرو وهو عيسى عليه الصلاة والسلام.
24. Then (one) cried unto her from below her, saying: Grieve not! Thy Lord hath placed a rivulet beneath thee,
24 - But (a voice) cried to her from beneath the (palm tree): grieve not! for thy Lord hath provided a rivulet beneath thee;