[الكهف : 81] فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا
81 - (فأردنا أن يبدلهما) بالتشديد والتخفيف (ربهما خيرا منه زكاة) أي صلاحا وتقى (وأقرب) منه (رحما) بسكون الحاء وضمها رحمة وهي البر بوالديه فأبدلهما تعالى جارية تزوجت نبيا فولدت نبيا فهدى الله تعالى به أمة
وقوله " فأردنا أن يبدلهما ربهما" : اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه جماعة من قراء المكيين والمدنيين والبصريين " فأردنا أن يبدلهما ربهما" . وكان بعضهم يعتل لصحة ذلك بأنه وجد ذلك مشددا في عامة القرآن ، كقول الله عز وجل " فبدل الذين ظلموا" : ، وقوله " وإذا بدلنا آية مكان آية" : فالحق قوله فأردنا أن يبدلهما به . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة " فأردنا أن يبدلهما" بتخفيف الدال . وكان بعض من قرأ ذلك كذلك من أهل العربية يقول : أبدل يبدل بالتخفيف وبدل يبدل بالتشديد : بمعنى واحد .
والصواب من القول في ذلك عندي : أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقيل : إن الله عز وجل أبدل أبوي الغلام الذي قتله صاحب موسى منه بجارية . ذي من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال ثنا هاشم بن القاسم ، قال : ثنا المبارك بن سعيد ، قال : ثنا عمرو بن قيس في قوله " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما" قال : بلغني أنها جارية .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، أخبرني سليمان بن أمية أنه سمع يعقوب بن عاصم يقول : أبدلا مكان الغلام جارية . قال ابن جريج : وأخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، أنه سمع سعيد بن جبير يقول : أبدلا مكان الغلام جارية . وقال آخرون : أبدلهما ربهما بغلام مسلم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما" قال : كانت أمه حبلى يومئذ بغلام مسلم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، أنه ذكر الغلام الذي قتله الخضر، فقال : قد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فليرض امرؤبقضاء الله ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خيرله من قضائه فيما يحب .
وقوله " خيرا منه زكاة" يقول : خيرا من الغلام الذي قتله صلاحا ودينا .
كما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة" قال : الإسلام.
وقوله " وأقرب رحما" اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وأقرب رحمة بوالديه وأبر بهما من المقتول . ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر عن قتادة " وأقرب رحما" : أبر بوا لديه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وأقرب رحما" ، أي أقرلب خيرا.
وقال اخرون : بل معنى ذلك : وأقرب أن يرحمه أبواه منهما للمقتول .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج " وأقرب رحما" : أرحم به منهما بالذي قتل الخضر. وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك : وأقرب أن يرحماه ، والرحم : مصدر رحمت ، يقال : رحمته رحمة ورحما. وكان بعض البصريين يقول : من الرحم والقرابة . وقد يقاك : رحم ورحم مثل عسروعسر، وهلك وهلك ، واستشهد لقوله ذلك ببيت العجاج :
ولم تعوج رحم من تعوجا
ولا وجه للرحم في هذا الموضع ، لأن المقتول كان الذي أبدل الله منه والديه ولدا لأبوي المقتول ، فقرابتهما من والديه ، وقربهما منه في الرحم سواء . وإنما معنى ذلك : وأقرب من المقتول أن يرحم والديه فيبرهما كما قال قتادة . وقد يتوجه الكلام إلى أن يكون معناه : وأقرب أن يرحماه ، غير أنه لا قائل من أهل تاويل تأوله كذلك ، فإذ لم يكن فيه قائل ، فالصواب فيه ما قلنا لما بننا .
قوله تعالى: " فأردنا أن يبدلهما ربهما " قرأ الجمهور بفتح الباء وشد الدال. وقرأ عاصم بسكون الباء وتخفيف الدال، أي أن يرزقهما الله ولداً. " خيرا منه زكاة " أي ديناً وصلاحاً، يقال: بدل وأبدل مثل مهل وأمهل ونزل وأنزل. " وأقرب رحما " قرأ ابن عباس " رحما " قال الشاعر:
وكيف بظلم جارية ومنها اللين والرحم
الباقون بسكونها، ومنه قول رؤبة بن العجاج:
يا منزل الرحم على إدريسا ومنزل اللعن على إبليسا
واختلف عن أبي عمرو. و " رحما " معطوف على " زكاة " يقال: رحمه رحمة ورحما، وألفه للتأنيث، ومذكره رحم. وقيل: الرحم هنا بمعنى الرحم، قرأها ابن عباس ( وأوصل رحما ) أي رحما، وقرأ أيضاً ( أزكى منه ). وعن ابن جبير وابن جريج أنهما بدلا جارية، قال الكلبي فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبياً فهدى الله تعالى على يديه أمة من الأمم. قتادة : ولدت اثني عشر نبياً، وعن ابن جريج أيضاً أن أم الغلام يوم قتل كانت حاملاً بغلام مسلم وكان المقتول كافراً. عن ابن عباس: فولدت جارية ولدت نبياً، وفي رواية: أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبياً، وقاله جعفر بن محمد عن أبيه، قال علماؤنا: وهذا بعيد ولا تعرف كثرة الأنبياء إلا في بني إسرائيل، وهذه المرأة لم تكن فيهم، ويستفاد من هذه الآية تهوين المصائب بفقد الأولاد وإن كانوا قطعاً من الأكباد، ومن سلم للقضاء أسفرت عاقبته عن اليد البيضاء. قال قتادة : لقد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فالواجب على كل امرىء الرضا بقضاء الله تعالى، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه له فيما يحب.
قد تقدم أن هذا الغلام كان اسمه جيسور. وفي هذا الحديث عن ابن عباس عن أبي بن كعب , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً" رواه ابن جرير من حديث ابن إسحاق عن سعيد عن ابن عباس به, ولهذا قال: "فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفرا" أي يحملهما حبه على متابعته على الكفر, قال قتادة : قد فرح به أبواه حين ولد, وحزنا عليه حين قتل, ولو بقي لكان فيه هلاكهما, فليرض امرؤ بقضاء الله, فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب, وصح في الحديث "لا يقضي الله لمؤمن قضاء إلا كان خيراً له" وقال تعالى: " وعسى أن تكرهواً شيئاً وهو خير لكم" وقوله "فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما" أي ولداً أزكى من هذا, وهما أرحم به منه, قاله ابن جريج . وقال قتادة : أبر بوالديه, وقد تقدم أنهما بدلا جارية. وقيل: لما قتله الخضر كانت أمه حاملاً بغلام مسلم, قاله ابن جريج .
81- "فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه" قرأ الجمهور بفتح الباء الموحدة وتشديد الدال وقرأ عاصم وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بسكون الباء وتخفيف الدال، والمعنى: أردنا أن يزقهما الله بدل هذا الولد ولداً خيراً منه "زكاة" أي ديناً وصلاحاً وطهارة من الذنوب "وأقرب رحماً" قرأ ابن عباس وحمزة والكسائي وابن كثير وابن عامر "رحماً" بضم الحاء. وقرأ الباقون بسكونها، ومعنى الرحم الرحمة، يقال رحمه الله رحمة رحمى، والألف للتأنيث.
81 - " فأردنا أن يبدلهما " ، قرأ أبو جعفر و نافع و أبو عمرو : بالتشديد هاهنا وفي سورة التحريم والقلم ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، وهما لغتان ، وفرق بعضهم فقال : ( التبديل ) : تغيير الشيء ، أو تغيير حاله وعين الشيء قائم ، و ( الإبدال ) : رفع الشيء ووضع شيء آخر مكانه ، " ربهما خيراً منه زكاة " ، أي صلاحاً وتقوى ، " وأقرب رحماً " ، قرأ ابن عامر ، أبو جعفر ، و يعقوب :بضم الحاء ، والباقون بجزمها، أي : عطفاً من الرحمة . وقيل : هو من الرحم والقرابة، قال قتادة : أي أوصل للرحم وأبر بوالديه .
قال الكلبي : أبدلهما الله جارية فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبياً ، فهدى الله على يديه أمه من الأمم .
وعن جعفر بن محمد عن أبيه : أبدلهما الله جارية ولدت سبعين نبياً .
وقال ابن جريج : أبدلهما بغلام مسلم .
قال مطرف : فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل . ولو بقي لكان فيه هلاكهما ، فليرض امرؤ بقضاء الله تعالى ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب .
81." فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه "أن يرزقهما ولداً خيراً منه ."زكاةً " طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة ."وأقرب رحماً"رحمة وعطفاً على والديه .قيل ولدت لهما جارية فتزوجها نبي فولدت له نبياً هدى الله به أمة من الأمم، وقرأ نافع وأبو عمروويبدلهما بالتشديد وابن عامر و يعقوب و عاصم رحماً بالتخفيف ، وانتصابه على التمييز والعامل اسم التفضيل وكذلك "زكاة".
81. And We intended that their Lord should change him for them for one better in purity and nearer to mercy.
81 - So we desired that their Lord would give them in exchange (a son) better in purity (of conduct) and closer in affection.