[الإسراء : 60] وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا
60 - واذكر (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) علما وقدرة فهم في قبضته فبلغهم ولا تخف أحدا فهو يعصمك منهم (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك) عيانا ليلة الإسراء (إلا فتنة للناس) أهل مكة إذ كذبوا بها وارتد بعضهم لما أخبرهم بها (والشجرة الملعونة في القرآن) وهي الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم جعلناها فتنة لهم إذ قالوا النار تحرق الشجرة فكيف تنبته (ونخوفهم) بها (فما يزيدهم) تخويفنا (إلا طغيانا كبيرا)
قوله تعالى وما جعلنا الآية أخرج ابو يعلي عن ام هانىء أنه صلى الله عليه وسلم لما أسري به أصبح يحدث نفرا من قريش يستهزؤون به فطلبوا منه آية فوصف لهم بيت المقدس وذكر لهم قصة العير فقال الوليد بن المغيرة هذا ساحر فأنزل الله وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس وأخرج ابن المنذر عن الحسن نحوه
وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما مهموما فقيل له مالك يا رسول الله لا تهتم فإن رؤياك فتنة لهم فأنزل الله وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس وأخرج ابن جرير من حديث سهل بن سعد نحوه وأخرج ابن أبي حاتم من حديث عمرو بن العاص ومن حديث يعلي بن مرة ومن مرسل سعيد بن المسيب نحوها وأسانيدها ضعيفة
قوله تعالى والشجرة الملعونة في القرآن الآية أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال ذكر الله الزقوم خوف به هذا الحي من قريش قال أبو جهل هل تدرون ما هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد قالوا لا قال الثريد بالزبد أما لئن أمكننا منها لنزقمنها زقما فأنزل الله والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا وأنزل إن شجرة الزقوم طعام الأثيم
وهذا حض من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، على تبليغ رسالته ، وإعلام منه أنه قد تقدم منه إليه القول بانه سيمنعه من كل من بناه سوءاً وهلاكا، يقول جل ثناؤه : واذكر يا محمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قدرة، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته ، ونحن مانعوك منهم ، فلا تتهئب منهم أحدا ، وامض لما أمرناك به من تبليغ رسالتنا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التاوبل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول : أحاط بالناس ، عصمك من الناس .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا أبو بكر الهذلي ، عن الحسن " وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس " قال : يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك ، فعرف أنه لا يقتل .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " أحاط بالناس " قال : فهم في قبضته .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير قوله " أحاط بالناس " قال : منعك من الناس . قال معمر ، قال قتادة ، مثله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله " وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس " قال : منعك من الناس .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس " أي منعك من الناس حتى تبلغ رسالة ربك .
وقوله " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " اختلف أهل التاويل في ذلك ، فقال بعضهم :
هو رؤيا عين ، وهي ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به من مكة إلى بيت المقدس. ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، وليست برؤيا منام .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، سئل عن قوله" وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة عن ابن عباس ، بنحوه .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن فرات القزاز ، عن سعيد بن جبير " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : كان ذلك ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، فرأى ما رأى فكذبه المشركون حين أخبرهم .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" قال : أسري به عشاء إلى بيت المقدس ، فصلى فيه ، وأراه الله ما أراه من الآيات ، ثم أصبح بمكة، فاخبرهم أنه أسري به إلى بيت المقدس ، فقالوا له : يا محمد ما شانك ، أمسيت فيه ، ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ! فعجبوا من ذلك حتى ارتد بعضهم عن الإسلام .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : قال كفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة! .
حدثني أبو حصين ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الآية " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " . قال : مسيره إلى بيت المقدس .
حدثني أبو السائب و يعقوب ، قالا : ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق في قوله " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : حين أسري به .
حدثنا ابن بشار ، قال : : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : ليلة أسري به .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : الرؤيا التي أريناك في بيت المقدس حين أسري به ، فكانت تلك فتنة الكافر.
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " يقول : الله أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس . ذكر لنا أن ناس ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره ، أنكروا ذلك وكذبوا به ، وعجبوا منه ، وقالوا : تحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة! .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : هو ما أري في بيت المقدس ليلة أسري به .
حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك " قال : أراه الله من الآيات في طريق بيت المقدس حين أسري به ، نزلت فريضة الصلاة ليلة أسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع سنين من العشر التي مكثها بمكة، ثم رجع من ليلته ، فقالت قريش :تعشى فينا وأصبح فينا، ثم زعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع ! وايم الله إن الحدأة لتجيئها شهرين : شهرا مقبلة ، وشهرا مدبرة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : هذا حين أسري به إلى بيت المقدس ، افتتن فيها ناس ، فقالوا : يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة! وقال : لما أتاني جبرئيل عليه السلام بالبراق ليحملني عليها صرت باذنيها، وانقبض بعضها إلى بعض ، فنظر إليها جبرئيل ، فقال : والذي بعثني بالحق من عنده ما ركبك أحذ من ولد آدم خير منه ، قال : فصرت بأذنيها وارفضت عرقا حتى سال ما تحتها، وكان منتهى خطوها عند منتهى طرفها فلما أتاهم بذلك ، قالوا: ما كان محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها، فأتوا أبا بكر رضي الله عنه ، فقالوا: هذا صاحبك يقول كذا وكذا، فقال : وقد قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، فقال : إن كان قد قال ذلك فقد صدق ، فقالوا: تصدقه إن قال ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة؟ فقال أبو بكر: إي ، نزع الله عقولكم ، أصدقه بخبر السماء، والسماء أبعد من بيت المقدس ، ولا أصدقه بخبر بيت المقدس ؟ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه لنا، فلما قالوا ذلك ، رفعه الله تبارك وتعالى ومثله بين عينيه ، فجعل يقول : هو كذا، وفيه كذا، فقال بعضهم : وأبيكم إن أخطأ منه حرفا! فقالوا: هذا رجل ساحر.
حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " يعني ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، ثم رجع من ليلته ، فكانت فتنة لهم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " الرؤيا التي أريناك " قال :حين أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه . وقال آخرون : ير رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال : يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه ، وهو يومئذ بالمدينة، فعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل ، فرد؟ المشركون ، فقالت أناس : قد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها، فكانت رجعته فتنتهم . وقال آخرون ممن قال : هي رؤيا منام : إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره . ذكر من قال ذلك :
حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة ، قال : ثنا عبد المهين بن عباس بن سهل بن سعد ، قال : ثني أبي ، عن جدي ، قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في لجز بني فلان ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك ، فما استجمع ضاحكا حتى مات ، قال : وأنزل الله عز وجل في ذلك " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : عني به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس ليلة أسري به ، وقد ذكرنا بعض ذلك في أول هذه السورة .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن هذه الآية إنما نزلت في ذلك وإياه عنى الله عز وجل بها، فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس ، إلا فتنة للناس : يقول : إلا بلاء للناس الذين ارتدوا عن الإسلام ، لما أخبروا بالرؤيا التي رآها عليه الصلاة والسلام ، وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تماديا في غيهم ، وكفرا إلى كفرهم .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : "إلا فتنة للناس" .
وأما قوله : " والشجرة الملعونة في القرآن " فإن أهل التأويل اختلفوا فيها، فقال بعضهم : هي شجرة الزقوم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا أبو عبيدة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " والشجرة الملعونة في القرآن " قال : شجرة الزقوم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله :" والشجرة الملعونة في القرآن " قال : هي شجرة الزقوم . قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ! ثم دعا بتمر وزبد ، فجعل يقول : زقمني ، فانزل الله تعالى : " طلعها كأنه رؤوس الشياطين " وأنزل "ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا " .
حدثني أبو السائب و يعقوب ، قالا: ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق " والشجرة الملعونة في القرآن " قال : شجرة الزقوم .
حدتنا ابن بشار، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، مثله .
حدثني يعقوب ،قال : ثنا بن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : " والشجرة الملعونة في القرآن " فإن قريشا كانوا يأكلون التمر والزبد ، وبقولون : تزقموا هذا الزقوم . قال أبو رجاء : فحدثني عبد القدوس ، عن الحسن ، قال : فوصفها الله لهم في الصافات .
حدثنا ابن بشمار ، قال : ئنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، قال : قال أبو جهل وكفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يوعدكم بنار تحترق فيها الحجارة، ويزعم أنه ينب فيها شجرة " والشجرة الملعونة في القرآن " قال : شجرة الزقوم .
حدثني عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الآية " و الشجرة الملعونة في القرآن " قال : هي شجرة الزقوم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك ، تال في قوله " و الشجرة الملعونة في القرآن " قال : هي شجرة الزقوم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن رجل يقال له بدر، عن عكرمة ، قال : شجرة الزقوم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيل ، عن فرات القزاز ، قال : سئل سعيد بن جبير عن الشجرة الملعونة، قال : شجرة الزقوم.
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم ، عن عبد الملك العزرقي ، عن سعيد بن جبير " و الشجرة الملعونة " قال : شجرة الزقوم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثني الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " والشجرة الملعونة في القرآن " قال : الزقرم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن أبي المحجل ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، أنه كان يحلف ما يستثني ، أن الشجرة الملعونة : شجرة الزقوم.
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن فرات القزاز ، قال : سألت سعيد بن جبير ، عن الشجرة الملعونة في القرآن ، قال : شجرة الزقوم .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : هي الزقوم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " و الشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيرا " وهي شجرة الزقوم ، خوف الله بها عباده ، فافتتنوا بذلك ، ، حتى قال قائلهم أبو جهل بن هشام : زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر، وإنا ؟الله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد، فتزقموا! فانزل الله تبارك وتعالى حين عجبوا أن يكون في النار شجرة : " إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين " ، إني خلقتها من النار، وعذبت بها من شئت من عبادي .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " والشجرة الملعونة في القرآن " قال : الزقوم ، وذلك أن المشركين قالوا : يخبرنا هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر حتى لا تدع منه شيئا، وذلك فتنة .
حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " والشجرة الملعونة في القرآن " قال : شجرة الزقوم .
حدثني يونس ،. قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " والشجرة الملعونة في القرآن " الزقوم التي سألوا الله أن يملأ بيوتهم منها. وقال : هي الصرفان بالزبد تتزقمه ، والصرفان : صنف من التمر. قال : وقال أبو جهل : هي الصرفان بالزبد. وافتتنوا بها .
وقال آخرون : ير الكشوث
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن مولى بني هاشم حدثه ، أن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، أرسله إلى ابن عباس ، يسأله عن الشجرة الملعونة في القرآن . قال : هي هذه الشجرة التي تلوي على الشجرة ، وتجعل في الماء ، يعني الكشوثى.
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال : عني بها شجرة الزقوم ، لإجماع الحجة من م هل التأويل على ذلك ، ونصبت الشجرة الملعونة عطفا بها على الرؤيا. فتأويل الكلام إذن : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ، والشجرة الملعونة في القران إلا فتنة للناس ، فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتد، وتمادي أهل الشرك في شركهم ، حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أراه الله في مسيره إلى بيت المقدس ليلة أسري به ، وكانت فتنتهم في الشجرة الملعونة ما ذكرنا من قول أبي جهل والمشركين معه : يخبرنا محمد أن في النار شجرة نابتة، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها ؟ وقوله : " و نخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيراً " يقول : ونخوف هؤلاء المشركين بما نتوعدهم من العقوبات والنكال ، فما يزيدهم تخويفنا إلا طغيانا كبيرا، يقول : إلا تماديا وغيا كبيرا في كفرهم وذلك أنهم لما خوفوا بالنار التي طعامهم فيها الزقوم دعوا بالتمر والزبد، وقالوا : تزقموا من هذا . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : وقد تقدم ذكر بعض من قال ذلك ، ونذكر بعض من بقي :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج " والشجرة الملعونة " قال : طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، والشياطين ملعونون . قال " والشجرة الملعونة في القرآن " لما ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا، قال الله تبارك وتعالى : " ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيراً " .
قوله تعالى: "وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس" قال ابن عباس: الناس هنا أهل مكة، وإحاطته بهم إهلاكه إياهم، أي أن الله سيهلكهم. وذكره بلفظ الماضي لتحقق كونه. وعنى بهذا الإهلاك الموعود ما جرى يوم بدر ويوم الفتح. وقيل: معنى أحاط بالناس أي أحاطت قدرته بهم، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته، قاله مجاهد وابن أبي نجيح. وقال الكلبي: المعنى أحاط علمه بالناس. وقيل: المراد عصمته من الناس أن يقتلوه حتى يبلغ رسالة ربه، أي وما أرسلناك عليهم حفيظاً، بل عليك التبليغ، فبلغ بجدك فإنها نعصمك منهم ونحفظك، فلا تهبهم، وامض لما أمرك به من تبليغ الرسالة، فقدرتنا محيطة بالكل، قال معناه الحسن وعروة وقتادة وغيرهم.
قوله تعالى: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" لما بين أن إنزال آيات القرآن تتضمن التخويف ضم إليه ذكر آية الإسراء، وهي المذكورة في صدر السورة. وفي البخاري والترمذي عن ابن عباس قوله تعالى:
"وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" قال: هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس. قال: "والشجرة الملعونة في القرآن" هي شجرة الزقوم. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث صحيح. وبقول ابن عباس قالت عائشة ومعاوية والحسن ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير والضحاك وابن أبي نجيح وابن زيد. وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسري به. وقيل: كانت رؤيا نوم. وهذه الآية تقضي بفساده، وذلك أن رؤيا المنام لا فتنة فيها، وما كان أحد لينكرها. وعن ابن عباس قال: الرؤيا التي في هذه الآية هي رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يدخل مكة في سنة الحديبية، فرد فافتتن المسلمون لذلك، فنزلت الآية، فلما كان العام المقبل دخلها، وأنزل الله تعالى "لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق" [الفتح: 27]. وفي هذا التأويل ضعف، لأن السورة مكية وتلك الرؤيا كانت بالمدينة. وقال في رواية ثالثة:
إنه عليه السلام رأى في المنام بني مروان ينزون على منبره نزو القردة. فساءه ذلك فقيل: إنما هي الدنيا أعطوها، فسري عنه، وما كان له بمكة منبر ولكنه يجوز أن يرى بمكة رؤيا المنبر بالمدينة. وهذا التأويل الثالث قاله أيضاً سهل بن سعد رضي الله عنه. قال سهل: إنما هذه الرؤيا هي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة، فاغتم لذل، وما استجمع ضاحكاً من يومئذ حتى مات صلى الله عليه وسلم. فنزلت الآية مخبرة أن ذلك من تملكهم وصعودهم يجعلها الله فتنة للناس وامتحاناً. وقرأ الحسن بن علي في خطبته في شأن بيعته لمعاوية: "وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين" [الأنبياء: 111]. قال ابن عطية: وفي هذا التأويل نظر، ولا يدخل في هذه الرؤيا عثمان ولا عمر بن عبد العزيز ولا معاوية.
قوله تعالى: "والشجرة الملعونة في القرآن" فيه تقديم وتأخير، أي ما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس. وفتنتها أنهم لما خوفوا بها قال أبو جهل استهزاء وهذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة، ثم يزعم أنها تنبت الشجر والنار تأكل الشجر، وما نعرف الزقوم إلا التمر والزبد، ثم أمر أبو جهل جاريةً فأحضرت تمراً وزبداً وقال لأصحابه: تزقموا. وقد قيل: إن القائل ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد ابن الزبعري حيث قال: كثر الله من الزقوم في داركم، فإنه التمر والزبد بلغة اليمن. وجائز أن يقول كلاهما ذلك. فافتتن أيضاً لهذه المقالة بعض الضعفاء، فأخبر الله تعالى نبيه عليه السلام أنه إنما جعل الإسراء وذكر شجرة الزقوم فتنة واختباراً ليكفر من سبق عليه الكفر ويصدق من سبق له الإيمان. كما روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قيل له صبيحة الإسراء: إن صاحبك يزعم أنه جاء البارحة من بيت المقدس! فقال: إن كان قال ذلك فلقد صدق. فقيل له: أتصدقه قبل أن تسمع منه؟ فقال: أين عقولكم؟ أنا أصدقه بخبر السماء، فكي لا أصدقه بخبر بيت المقدس، والسماء أبعد منها بكثير.
قلت: ذكر هذا الخبر ابن إسحاق، ونصه: قال كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري وعائشة ومعاوية بن أبي سفيان والحسن بن أبي الحسن وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم وأم هانئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكره من أمره حين أسرى به صلى الله عليه وسلم، وكان في مسراه وما ذكره عنه بلاء وتمحيص وأمره من أمر الله عز وجل في قدرته وسلطان فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق وكان من أمر الله تعالى على يقين، فأسرى به صلى الله عليه وسلم كيف شاء وكما شاء ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد. وكان عبد الله بن مسعود فيما بلغني عنه يقول: "أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق -وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله تضع حافرها في منتهى طرفها- فحمل عليها، ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض، حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له فصلى بهم ثم أتي بثلاثة آنية: إناء فيه لبن وإناء يه خمر، وإناء فيه ماء. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسمعت قائلاً يقول حين عرضت علي إن أخذ الماء فغرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر فغوي وغوت أمته وإن أخذ اللبن فهدي وهديت أمته قال فأخذت إناء اللبن فشربت فقال لي جبريل هديت وهديت أمتك يا محمد".
قال ابن إسحاق: وحدثت عن الحسن أنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما أنا نائم في الحجر جاءني جبريل عليه السلام فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئاً ثم عدت لمضجعي فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئاً فعدت لمضجعي فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه فجلست فأخذ بعضدي فقمت معه فخرج إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض بين البغل والحمار في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه يضع حافره في منتهى طرفه فحملني عليه ثم خرج معي لا يفتوتني ولا أفوته".
قال ابن إسحاق: وحدثت "عن قتادة أنه قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما دنوت منه لأركبه شمس فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال ألا تستحي يا براق مما تصنع فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه قال فاستحيا حتى ارفض عرقاً ثم قر حتى ركبته".
قال الحسن في حديثه: "فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى معه جبريل حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ثم أتى بإناءين: في أحدهما خمر وفي الآخر لبن، قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فشرب منه وترك إناء الخمر. قال: فقال له جبريل: هديت الفطرة وهديت أمتك وحرمت عليكم الخمر. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر، فقال أكثر الناس: هذا والله الأمر البين! والله إن العير لتطرد شهراً من مكة إلى الشام، مدبرة شهرا ومقبلة شهرا، فيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة! قال: فارتد كثير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا: هل لك يا أبا بكر في صاحبك! يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس، وصلى فيه ورجع إلى مكة. قال فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إنكم تكذبون عليه. فقالوا: بلى، ها هوذا في المسجد يحدث به الناس. فقال أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق فما يعدبكم من ذلك! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه. ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أحدثت هؤلاء أنك جئت ببيت المقدس هذه الليلة؟ قال نعم قال: يا نبي الله، فصفه لي فإني قد جئته؟ فقال الحسن: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع لي حتى نظرت إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر رضي الله عنه: صدقت، أشهد أنك رسول الله. كلما وصف له منه شيئاً قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله. قال: حتى إذا انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه: وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق". قال الحسن: وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن الإسلام لذلك: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا". فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دخل فيه من حديث قتادة. وذكر باقي الإسراء عمن تقدم في السيرة. وقال ابن عباس: هذه الشجرة بنو أمية، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الحكم. وهذا قول ضعيف محدث والسورة مكية، فيبعد هذا التأويل، إلا أن تكون هذه الآية مدنية، ولم يثبت ذلك. وقد قالت عائشة لمروان: لعن الله أباك وأنت في صلبه فأنت بعض من لعنة الله. ثم قال: والشجرة الملعونة في القرآن ولم يجر في القرآن لعن هذه الشجرة، ولكن الله لعن الكفار وهم آكلوها. والمعنى: والشجرة الملعونة في القرآن آكلوها. ويمكن أن يكون هذا على قول العرب لكل طعام مكروه ضار: ملعون. وقال ابن عباس: الشجرة الملعونة هي هذه الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتله، يعني الكشوث. "ونخوفهم" أي بالزقوم. "فما يزيدهم" التخويف إلا الكفر.
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم محرضاً على إبلاغ رسالته مخبراً له بأنه قد عصمه من الناس, فإنه القادر عليهم وهم في قبضته وتحت قهره وغلبته. وقال مجاهد وعروة بن الزبير والحسن وقتادة وغيرهم في قوله: "وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس" أي عصمك منهم, وقوله: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" الاية, قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة , عن ابن عباس "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به, "والشجرة الملعونة في القرآن" شجرة الزقوم, وكذا رواه أحمد وعبد الرزاق وغيرهما عن سفيان بن عيينة به. وكذا رواه العوفي عن ابن عباس .
وهكذا فسر ذلك بليلة الإسراء مجاهد وسعيد بن جبير والحسن ومسروق وإبراهيم وقتادة وعبد الرحمن بن زيد , وغير واحد, وقد تقدمت أحاديث الإسراء في أول السورة مستوفاة ولله الحمد والمنة. وتقدم أن ناساً رجعوا عن دينهم بعد ما كانوا على الحق, لأنه لم تحمل قلوبهم وعقولهم ذلك, فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه, وجعل الله ذلك ثباتاً ويقيناً لاخرين, ولهذا قال "إلا فتنة" أي اختباراً وامتحاناً, وأما الشجرة الملعونة فهي شجرة الزقوم, كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار, ورأى شجرة الزقوم فكذبوا بذلك حتى قال أبو جهل عليه لعائن الله: هاتوا لنا تمراً وزبداً, وجعل يأكل من هذا بهذا, ويقول: تزقموا فلا نعلم الزقوم غير هذا, حكى ذلك ابن عباس ومسروق وأبو مالك والحسن البصري وغير واحد, وكل من قال إنها ليلة الإسراء, فسره كذلك بشجرة الزقوم. وقيل: المراد بالشجرة الملعونة بنو أمية, وهو غريب ضعيف.
وقال ابن جرير : حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة , حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد , حدثني أبي عن جدي قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القرود, فساءه ذلك, فما استجمع ضاحكاً حتى مات, قال: وأنزل الله في ذلك "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" الاية, وهذا السند ضعيف جداً فإن محمد بن الحسن بن زبالة متروك , وشيخه أيضاً ضعيف بالكلية, ولهذا اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء, وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم, قال لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك أي في الرؤيا والشجرة, وقوله: "ونخوفهم" أي الكفار بالوعيد والعذاب والنكال, "فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً" أي تمادياً فيما هم فيه من الكفر والضلال, وذلك من خذلان الله لهم.
ولما ذكر سبحانه الامتناع من إرسال الآيات المقترحة على رسوله للصارف المذكور قوى قلبه بوعد النصر والغلبة فقال: 60- "وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس" الظرف متعلق بمحذوف: أي اذكر إذ قلنا لك: أي أنهم في قبضته وتحت قدرته، فلا سبيل لهم إلى الخروج مما يريده بهم لإحاطته لهم بعلمه وقدرته، وقيل المراد بالناس أهل مكة، وإحاطته بهم إهلاكه إياهم: أي إن الله سيهلكهم، وعبر بالماضي تنبيهاً على تحقق وقوعه، وذلك كما وقع يوم بدر ويوم الفتح، وقيل المراد أنه سبحانه عصمه من الناس أن يقتلوه حتى يبلغ رسالة ربه "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" لما بين سبحانه أن إنزال الآيات يتضمن التخويف ضم إليه ذكر آية الإسراء، وهي المذكورة في صدر السورة، وسماها رؤيا لأنها وقعت بالليل، أو لأن الكفرة قالوا لعلها رؤيا، وقد قدمنا في صدر السورة وجهاً آخر في تفسير هذه الرؤيا، وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسري به، وقيل كانت رؤيا نوم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أنه يدخل مكة فافتتن المسلمون لذلك، فلما فتح الله مكة نزل قوله تعالى: "لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق" وقد تعقب هذا بأن هذه الآية مكية، والرؤيا المذكورة كانت بالمدينة، وقيل إن هذه الرؤيا المذكورة في هذه الآية هي أنه رأى بني مروان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك، فقيل إنما هي الدنيا أعطوها فسري عنه، وفيه ضعف، فإنه لا فتنة للناس في هذه الرؤيا إلا أن يراد بالناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، ويراد بالفتنة ما حصل من المساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يحمل على أنه قد كان أخبر الناس بها فافتتنوا. وقيل إن الله سبحانه أراه في المنام مصارع قريش حتى قال: والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يومئ إلى الأرض ويقول: هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان، فلما سمع قريش ذلك جعلوا رؤياه سخرية "والشجرة الملعونة في القرآن" عطف على الرؤيا، قيل وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس. قال جمهور المفسرين وهي شجرة الزقوم، والمراد بلعنها لعن آكلها كما قال سبحانه: " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم ". وقال الزجاج: إن العرب تقول لكل طعام مكروه ملعون، ومعنى الفتنة فيها أن أبا جهل وغيره قالوا: زعم صاحبكم أن نار جهنم تحرق الحجر، ثم يقول ينبت فيها الشجر، فأنزل الله هذه الآية. وروي أن أبا جهل أمر جارية
فأحضرت تمراً وزبداً وقال لأصحابه: تزقموا. وقال ابن الزبعري: كثر الله من الزقوم في داركم فإنه التمر بالزبد بلغة اليمن، وقيل إن الشجرة الملعونة هي الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتلها، وهي شجرة الكشوث، وقيل هي الشيطان، وقيل اليهود، وقيل بنو أمية "ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً" أي نخوفهم بالآيات فما يزيدهم التخويف إلا طغياناً متجاوزاً للحد متمادياً غاية التمادي فما يفيدهم إرسال الآيات إلا الزيادة في الكفر، فعند ذلك نفعل بهم ما فعلناه بمن قبلهم من الكفار، وهو عذاب الاستئصال ولكنا قد قضينا بتأخير العقوبة.
وقد أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود في قوله: "قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا" قال: كان نفر من الإنس يعبدون نفراً من الجن فأسلم النفر من الجن وتمسك الإنسيون بعبادتهم، فأنزل الله: "أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة" كلاهما، يعني الفعلين بالياء التحتية، وروي نحو هذا عن ابن مسعود من طرق أخرى. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيراً. وروي عنه من وجه آخر بلفظ عيسى وأمه وعزير. وروي عنه أيضاً من وجه آخر بلفظ: هم عيسى وعزير، والشمس والقمر.وأخرج الترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلوا الله لي الوسيلة، قالوا وما الوسيلة؟ قال القرب من الله، ثم قرأ "يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب"". وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي في قوله: "كان ذلك في الكتاب مسطوراً" قال: في اللوح المحفوظ. وأخرج أحمد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا، فقيل له إن شئت أن تستأني بهم وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم من الأمم، قال: لا بل أستأني بهم، فأنزل الله "وما منعنا أن نرسل بالآيات" الآية. وأخرج أحمد والبيهقي من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع بن أنس قال: "قال الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئتم دعوت الله فأنزلها عليكم، فإن عصيتم هلكتم، فقالوا لا نريدها". واخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس "وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً" قال: الموت. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال: هو الموت الذريع. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: "وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس" قال:
عصمك من الناس. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: فهم في قبضته. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: "وما جعلنا الرؤيا" الآية قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس، وليست برؤيا منام "والشجرة الملعونة في القرآن" قال: هي شجرة الزقوم. وأخرج أبو سعيد وأبو يعلى وابن عساكر عن أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى به أصبح يحدث نفراً من قريش وهم يستهزئون به، فطلبوا منه آية فوصف لهم بيت المقدس، وذكر لهم قصة العير، فقال الوليد بن المغيرة: هذا ساحر، فأنزل الله إليه "وما جعلنا الرؤيا" الآية. وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكاً حتى مات، فأنزل الله "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس". قال ابن كثير بعد أن ساق إسناده: وهذا السند ضعيف جداً، وذكر من جملة رجال السند محمد بن الحسن بن
زبان وهو متروك وشيخه عبد المهيمن بن عباس ابن سهل بن سعد ضعيف جداً. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة، فأنزل الله "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس، والشجرة الملعونة""، يعني الحكم وولده. وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت بني أمية على منابر الأرض وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء"، واهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، فأنزل الله الآية. وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي نحوه مرفوعاً وهو مرسل. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر عن سعيد بن المسيب نحوه وهو مرسل. وأخرج ابن مردويه عن عائشة أنها قالت لمروان بن الحكم:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأبيك وجدك إنكم الشجرة الملعونة في القرآن" وفي هذا نكارة لقولها يقول لأبيك وجدك ولعل جد مروان لم يدرك زمن النبوة. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه، وهو يومئذ بالمدينة فسار إلى مكة قبل الأجل فرده المشركون، فقال ناس: قد رد، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم وقد تعارضت هذه الأسباب ولم يمكن الجمع بينها فالواجب المصير إلى الترجيح والراجح كثرة وصحة هو كون سبب نزول هذه الآية قصة الإسراء فيتعين ذلك. وقد حكى ابن كثير إجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك في الرؤيا، وفي تفسير الشجرة وأنها شجرة الزقوم، فلا اعتبار بغيرهم معهم. وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: قال أبو جهل لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم شجرة الزقوم تخويفاً لهم: يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا لا قال: عجوة يثرب بالزبد. والله لئن استمكنا منها لنزقمنها تزقماً قال الله سبحانه " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم "، وأنزل "والشجرة الملعونة في القرآن" الآية. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله: "والشجرة الملعونة" قال: ملعونة لأنه قال: "طلعها كأنه رؤوس الشياطين" والشياطين ملعونون.
60 - قوله عز وجل : " وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس " ، أي : هم في قبضته ، لا يقدرون على الخروج من مشيئته ، فهو حافظك ومانعك منهم ، فلا تهبهم وامض لما أمرك به من تبليغ الرسالة ، كما قال : " والله يعصمك من الناس " ( المائدة - 67 ) .
" وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " ، فالأكثرون على أن المراد منه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم [ ليلة المعراج من العجائب والآيات.
قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ] ، وهو قول سعيد بن جبير ، و الحسن ، و مسروق ، و قتادة ، و مجاهد ، و عكرمة ، و ابن جريج و الأكثرين . والعرب تقول : رأيت بعيني رؤية ورؤيا ، فلما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس أنكر بعضهم ذلك ، وكذبوا فكان فتنة للناس .
وقال قوم :[ أسري بروحه دون بدنه .
وقال بعضهم : كان له معراجان : معراج رؤية بالعين ، ومعراج رؤيا بالقلب .
وقال قوم ] . أراد بهذه الرؤيا ما رأى صلى الله عليه وسلم عام الحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه ، فجعل السير إلى مكة قبل الأجل فصده المشركون ، فرجع إلى المدينة ، وكان رجوعه في ذلك العام بعد ما أخبر أنه يدخلها فتنة لبعضهم ، حتى دخلها في العام المقبل ، فأنزل الله تعالى : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " ( الفتح - 27 )
" والشجرة الملعونة في القرآن " ، يعني شجرة الزقوم ، مجازه : والشجرة الملعونة المذكورة في القرآن ، والعرب تقول لكل طعام كريه : طعام ملعون . وقيل : [ معناه الملعون ] أكلها، ونصب الشجرة عطفاً على الرؤيا ، أي : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة إلا فتنة للناس ، فكانت الفتنة في الرؤيا ما ذكرنا .
والفتنة في الشجرة الملعونة من وجهين ، أحدهما: أن أبا جهل قال : إن ابن أبي كبشة يوعدكم بنار تحرق الحجارة ، ثم يزعم أنه ينبت فيها شجرة ، وتعلمون أن النار تحرق الشجرة .
والثاني أن عبد الله بن الزبعري قال : إن محمداً يخوفنا . بالزقوم ولا نعرف الزقوم إلا الزبد والتمر ، وقال أبو جهل : يا جارية تعالي فزقمينا فأتت بالتمر والزبد ، فقال : يا قوم [ تزقموا ] فإن هذا ما يخوفكم به محمد ، فوصفها الله تعالى في الصافات .
وقيل : الشجرة الملعونة هي : التي تلتوي على الشجر فتجففه ، يعني الكشوث .
" ونخوفهم فما يزيدهم " ، التخويف ، " إلا طغياناً كبيراً " أي : تمرداً وعتواً عظيماً .
60."وإذ قلنا لك "واذكر إذ أوحينا إليك."إن ربك أحاط بالناس"فهم في قبضة قدرته ، أو أحاط بقريش بمعنى أهلكهم من أحاط بهم العدو، فهي بشارة بوقعة بدر والتعبير بلفظ الماضي لتحقق وقوعه."وما جعلنا الرؤيا التي أريناك " ليلة المعراج وتعل به من قال إنه كان في المنام، ومن قال إنه كان في اليقظة فسر الرؤيا بالرؤية.أو عام الحديبية حين رأى أنه دخل مكة. وفيه أن الآية مكية إلا أن يقال رآها بمكة وحكاها حينئذ ، ولعله رؤيا رآها في وقعة بدر لقوله تعالى:"إذ يريكهم الله في منامك قليلاً"ولما روي "أنه لما ورد ماءه قال لكأني أنظر إلى مصارع القوم هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان، فتسامعت به قريش و استسخروا منه "وقيل "رأى قوماً من بني أمية يرقون منبره و ينزون عليه نزو القردة فقال: هذا حظهم من الدنيا يعطونه بإسلامهم ."وعلى هذا كان المراد بقوله:"إلا فتنةً للناس"ما حدث في أيامهم. "والشجرة الملعونة في القرآن"
عطف على"الرؤيا"وهي شجرة الزقوم ، لما سمع المشركون ذكرها قالوا إن محمداً يزعم أن الجحيم تحرق الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجر ، ولم يعلموا أن من قدر أن يحمي وبر السمندل من أن تأكله النار، وأحشاء النعامة من أذى الجمر وقطع الحديد المحماة الحمر التي تبتلعها ، قدر أن يخلق في النار شجرة لا تحرقها. ولعنها في القرآن لعن طاعميها وصفت به على المجاز للمبالغة، أو وصفها بأنها في أصل الجحيم فإنه أبعد مكان من الرحمة ، أو بأنها مكروهة مؤذية من قولهم طعام ملعون لما كان ضاراً،وقد أولت بالشيطان وأبي جهل والحكم بن أبي العاص، وقرئت بالرفع على الابتداء والخبر محذوف أي والشجرة الملعونة في القرآن كذلك ."ونخوفهم"بأنواع التخويف ."فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً"إلا عتواً متجاوز الجد.
60. And (it was a warning) when We told thee: Lo! thy Lord encompasseth mankind, and We appointed the vision which We showed thee as an ordeal for mankind, and (likewise) the Accursed Tree in the Quran. We warn them, but it increaseth them in naught save gross impiety.
60 - Behold we told thee that thy Lord doth encompass mankind round about: we granted the vision which we showed thee, but as a trial for men, as also the cursed tree (mentioned) in the Quran: we put terror (and warning) into them, but it only increases their inordinate transgression