[النحل : 88] الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ
88 - (الذين كفروا وصدوا) الناس (عن سبيل الله) دينه (زدناهم عذابا فوق العذاب) الذي استحقوه بكفرهم قال ابن مسعود عقارب أنيابها كالنخل الطوال (بما كانوا يفسدون) بصدهم الناس عن الإيمان
يقول تعالى ذكره : الذين جحدوا يا محمد نبوتك وكذبوك فيما جئتهم به من عند ربك ، وصدوا عن الإيمان بالله وبرسوله ، ومن أراده زدناهم عذاباً يوم القيامة في جهنم فوق العذاب الذي هم فيه قبل أن يزادوه . وقيل : تلك الزيادة التي وعدهم الله أن يزيدهموها عقارب وحيات .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ،عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله "زدناهم عذابا فوق العذاب" قال : عقارب لها أنياب كالنخل .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو معاوية و ابن عيينة ، عن الأعمش ،عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله "زدناهم عذابا فوق العذاب" قال : زيدوا عقارب لها أنياب كالنخل الطوال .
حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن سليمان ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، نحوه .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ، قال "زدناهم عذابا فوق العذاب" قال : أفاعي .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الله، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ، قال : أفاعي في النار .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مرة ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا مجاهد بن موسى والفضل بن الصباح ، قالا : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا الأعمش ،عن مجاهد، عن عبيد بن عمير ، قال : إن لجهنم جباباً فيها حيات أمثال البخت ، وعقاب أمثال البغال الدهم يستغيث أهل النار إلى تلك الجباب أو الساحل ، فتثب إليهم فتأخذ بشفاههم وشفارهم إلى أقدامهم ، فيستغيثون منها إلى النار ، فيقولون : النار النار ، فتتبعهم حتى تجد حرها فترجع ، قال : وهي في أسراب .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو ، قال : إن لجهنم سواحل فيها حيات وعقارب أعناقها كأعناق البخت .
وقوله : "بما كانوا يفسدون" يقول :زدناهم ذلك العذاب على ما بهم من العذاب بما كانوا يفسدون ، بما كانوا في الدنيا يعصون الله ، ويأمرون عباده بمعصيته ،فذلك كان إفسادهم ، اللهم إنا نسألك العافية يا مالك الدنيا والآخرة الباقية .
قوله تعالى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب " قال ابن مسعود عقارب أنيابها كالنخل الطوال وحيات مثل أعناق الإبل وأفاعي كأنها البخاتي تضربهم فتلك الزيادة . وقيل المعنى يخرجون من النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة برده إلى النار وقيل المعنى زدنا القادة عذابا فوق السفلة فأحد العذابين على كفرهم والعذاب الآخر على صدهم "بما كانوا يفسدون " في الدنيا من الكفر والمعصية .
يخبر تعالى عن شأن المشركين يوم معادهم في الدار الاخرة, وأنه يبعث من كل أمة شهيداً وهو نبيها, يشهد عليها بما أجابته فيما بلغها عن الله تعالى: "ثم لا يؤذن للذين كفروا" أي في الاعتذار, لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه, كقوله: " هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون " فلهذا قال: "ولا هم يستعتبون * وإذا رأى الذين ظلموا" أي الذين أشركوا "العذاب فلا يخفف عنهم" أي لا يفتر عنهم ساعة واحدة. "ولا هم ينظرون" أي لا يؤخر عنهم بل يأخذهم سريعاً من الموقف بلا حساب, فإنه إذا جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام, مع كل زمام سبعون ألف ملك, فيشرف عنق منها على الخلائق, وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه, فتقول: إني وكلت بكل جبار عنيد الذي جعل مع الله إلها آخر وبكذا وبكذا, وتذكر أصنافاً من الناس, كما جاء في الحديث, ثم تنطوي عليهم وتلتقطهم من الموقف كما يلتقط الطائر الحب, قال الله تعالى: " إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا * وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا * لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ", وقال تعالى: "ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً" وقال تعالى: "لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون * بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون".
ثم أخبر تعالى عن تبري آلهتهم منهم أحوج ما يكونون إليها فقال: "وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم" أي الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا " قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون " أي قالت لهم الالهه: كذبتم ما نحن أمرناكم بعبادتنا, كما قال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" وقال تعالى: "واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً" وقال الخليل عليه الصلاة والسلام "ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض" الاية, وقال تعالى: "وقيل ادعوا شركاءكم" الاية, والايات في هذا كثيرة.
وقوله: "وألقوا إلى الله يومئذ السلم" قال قتادة وعكرمة: ذلوا واستسلموا يومئذ, أي استسلموا لله جميعهم فلا أحد إلا سامع مطيع, وكقوله تعالى: "أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا" أي ما أسمعهم وما أبصرهم يومئذ, وقال: " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا " الاية, وقال: "وعنت الوجوه للحي القيوم" أي خضعت وذلت واستكانت وأنابت واستسلمت. وقوله "وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون" أي ذهب واضمحل ما كانوا يعبدونه افتراء على لله فلا ناصر لهم ولا معين ولا مجير.
ثم قال تعالى: "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا" الاية, أي عذاباً على كفرهم وعذاباً على صدهم الناس عن اتباع الحق كقوله تعالى: "وهم ينهون عنه وينأون عنه" أي ينهون الناس عن اتباعه ويبتعدون هم منه أيضاً "وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون" وهذا دليل على تفاوت الكفار في عذابهم كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم, كما قال تعالى: "قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون" وقد قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا سريج بن يونس, حدثنا أبو معاوية, حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة, عن مسروق, عن عبد الله في قول الله: "زدناهم عذاباً فوق العذاب" قال: زيدوا عقارب أنيابها كالنخل الطوال. وحدثنا شريح بن يونس, حدثنا إبراهيم بن سليمان, حدثنا الأعمش عن الحسن, عن ابن عباس في الاية أنه قال: "زدناهم عذابا فوق العذاب" قال: هي خمسة أنهار تحت العرش يعذبون ببعضها في الليل وببعضها في النهار.
88- "الذين كفروا" في أنفسهم "وصدوا" غيرهم "عن سبيل الله" أي عن طريق الحق، وهي طريق الإسلام والإيمان بأن منعوهم من سلوكها وحملوهم على الكفر، وقيل المراد بالصد عن سبيل الله: الصد عن المسجد الحرام، والأولى العموم. ثم أخبر عن هؤلاء الذين صنعوا هذا الصنع بقوله: "زدناهم عذاباً فوق العذاب" أي زادهم الله عذاباً لأجل الإضلال لغيرهم فوق العذاب الذي استحقوه لأجل ضلالهم، وقيل المعنى: زدنا القادة عذاباً فوق عذاب أتباعهم أي أشد منه، وقيل إن هذه الزيادة هي إخراجهم من النار إلى الزمهرير، وقيل غير ذلك.
88 - " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله " ، منعوا الناس عن طريق الحق " زدناهم عذاباً فوق العذاب " ، قال عبد الله : عقارب له أنياب أمثال النخل الطوال .
وقال سعيد بن جبير : حيات أمثال البخت ، وعقارب أمثال البغال ، تلسع إحداهن اللسعة يجد صاحبها حمتها أربعين خريفاً .
وقال ابن عباس و مقاتل : يعني خمسة أنهار من صفر مذاب كالنار تسيل من تحت العرش ، يعذبون بها ثلاثة على مقدار الليل واثنان على مقدار النهار .
وقيل : إنهم يخرجون من حر النار إلى برد الزمهرير ، فيبادرون من شدة الزمهرير إلى النار مستغيثين بها .
وقيل : يضاعف لهم العذاب . " بما كانوا يفسدون " في الدنيا بالكفر وصد الناس عن الإيمان .
88."الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله "بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر."زدناهم عذاباً " لصدهم ."فوق العذاب "المستحق بكفرهم ."بما كانوا يفسدون" بكونهم مفسدين بصدهم .
88. For those who disbelieve and debar (men) from the way of Allah, We add doom to doom because they wrought corruption.
88 - Those who reject God and hinder (men) from the path of God for them will we add penalty to penalty; for that they used to spread mischief.