[النحل : 8] وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
8 - وخلق (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) مفعول له والتعليل بهما بتعريف النعم لا ينافي خلقها لغير ذلك كالأكل في الخيل الثابت بحديث الصحيحين (ويخلق ما لا تعلمون) من الأشياء العجيبة الغريبة
يقول تعالى ذكره : وخلق الخيل والبغال والحمير لكم أيضاً لتركبوها وزينة ، يقول : وجعلها لكم زينة تتزينون بها مع المنافق التي فيها لكم ، للركوب وغير ذلك ، ونصب الخيل والبغال عطفاً على الهاء والألف في قوله "خلقها" ، ونصب الزينة بفعل مضمر على ما بينت ، ولو لم يكن معها واو كان الكلام لتركبوها زينة ، كانت منصوبة بالفعل الذي قبلها الذي هي به متصلة ، ولكن دخول الواو آذنت بأن معها ضمير فعل ، وبانقطاعها عن الفعل الذي قبلها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ،عن معمر ، عن قتادة :"لتركبوها وزينة" قال : جعلها لتركبوها ، وجعلها زينة لكم . وكان بعض أهل العلم يرى أن في هذه الآية دلالة على تحريم أكل لحوم الخيل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا ابو ضمرة ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، عن ابن عباس ، قوله "والخيل والبغال والحمير لتركبوها" قال : هذه للركوب "والأنعام خلقها لكم فيها دفء" قال : هذه للأكل .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا هشام الدستوائي ، قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن مولى نافع بن علقمة ، أن ابن عباس كان يكره لحوم الخيل والبغال والحمير ، وكان يقول : قال الله "والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون" فهذه للأكل "والخيل والبغال والحمير لتركبوها" فهذه للركوب .
حدثنا ابن وكيع ،قال : حدثنا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، أنه سئل عن لحوم الخيل ، فكرهها وتلا هذه "والخيل والبغال والحمير لتركبوها" ... الآية .
حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه سئل عن لحوم الخيل ، فقال : اقرأ التي قبلها "والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون "" والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة" فجعل هذه للأكل ، وهذه للركوب .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن أبيه ، عن الحكم : "والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون" فجعل منه الأكل ، ثم قرأ ختى بلغ "والخيل والبغال والحمير لتركبوها" قال : لم يجعل لكم فيها أكلاً ، قال : وكان الحكم يقول والخيل والبغال والحمير حرام في كتاب الله .
حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن الحكم ، قال : لحوم الخيل حرام في كتاب الله ، ثم قرأ "والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع" ... إلى قوله "لتركبوها" . وكان جماعة غيرهم من أهل العلم يخالفونهم في هذا التأويل ، ويرون أن ذلك غير دال على تحريم شيء ، وأن الله جل ثناؤه إنما عرف عباده بهذه الآية ، وسائر ما في أوائل هذه السورة نعمة عليهم ونبههم به على حججه عليهم ، وأدلته على وحدانيته ، وخطأ فعل من يشرك به من أهل الشرك .
ذكر بعض من كان لا يرى بأساً بأكل لحم الفرس .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، أنه أكل لحم الفرس .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود بنحوه .
حدثناأحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : نحر أصحابنا فرساً في النجع وأكلوا منه ، ولم يروا به بأساً .
والصواب من القول في ذلك عندنا ، ما قاله أهل القول الثاني ، وذلك أنه لو كان في قوله تعالى ذكره "لتركبوها" دلالة على أنها لا تصلح ـ إذ كانت للركوب ـ للأكل ، لكان في قوله "فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون" دلالة على أنها لا تصلح إذ كانت للأكل والدفء للركوب ، وفي إجماع الجميع على أن ركوب ما قال تعالى ذكره "ومنها تأكلون" جائز حلال غير حرام ، دليل واضح على أن أكل ما قال "لتركبوها" جائز حلال غير حرام ، إلا بما نص على تحريمه أو وضع على تحريمه دلالة من كتاب أو وحي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم . فأما بهذه الآية فلا يحرم أكل شيء . وقد وضع لدلالة على تحريم لحوم الحمر الأهلية بوحيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى البغال بما قد بينا في كتابنا كتاب الأطعمة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، إذ لم يكن هذا الموضع من مواضع لبيان عن تحريم ذلك ، وإنما ذكرنا ما ذكرنا ليدل على أن لا وجه لقول من استدل بهذه الآية على تحريم لحم الفرس .
حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الكريم ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : كنا نأكل لحم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : فالبغال ؟ قال : أما البغال فلا .
وقوله :"ويخلق ما لا تعلمون" يقول تعالى ذكره : ويخلق ربكم مع خلقه هذه الأشياء التي ذكرها لكم ما لا تعلمون ، مما أعد في الجنة لأهلها ، وفي النار لأهلها ، مما لم تره عين ،ولا سمعته أذن ، ولا خطر على قلب بشر .
فيه ثمان مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " والخيل " بالنصب معطوف، أي وخلق الخيل. وقرأ ابن أبي عبلة ( والخيل والبغال والحمير) بالرفع فيها كلها. وسميت الخيل خيلا لاختيالها في المشية. وواحد الخيل خائل، كضائن واحد ضين. وقيل لا واحد له. وقد تقدم هذا في ( آل عمران)، وذكرنا الأحاديث هناك. ولما أفرد سبحانه الخيل والبغال والحمير بالذكر دل على أنها لم تدخل تحت لفظ الأنعام. وقيل: دخلت ولكن أفردها بالذكر لما يتعلق بها من الركوب، فإنه يكثر في الخيل والبغال والحمير.
الثانية - قال العلماء: ملكنا الله تعالى الأنعام والدواب وذللها لنا، وأباح لنا تسخيرها والانتفاع بها رحمة منه تعالى لنا، وما ملكه الإنسان وجاز له تسخيره من الحيوان فكراؤه له جائز بإجماع أهل العلم، لا اختلاف بينهم في ذلك. وحكم كراء الرواحل والدواب مذكور في كتب الفقه.
الثالثة - لا خلاف بين العلماء في اكتراء الدواب والرواحل للحمل عليها والسفر بها، لقوله تعالى: " وتحمل أثقالكم " الآية. وأجازوا أن يكري الرجل الدابة والراحلة إلى مدينة بعينها وإن لم يسم أين ينزل منها، وكم من منهل ينزل فيه، وكيف صفة سيره، وكم ينزل في طريقه، واجتزوا بالمتعارف بين الناس في ذلك. قال علماؤنا: والكراء يجري مجرى البيوع فيما يحل منه ويحرم. قال ابن القاسم فيمت اكترى دابة إلى موضع كذا بثوب مروي ولم يصف رقعته وذرعه: لم يجز، لأن مالكاً لا يجيز هذا في البيع، ولا يجيز في ثمن الكراء إلا ما يجوز في ثمن البيع.
قلت: ولا يختلف في هذا إن شاء الله، لأن ذلك إجارة. قال ابن المنذر: وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن من اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة قمح فحمل عليها ما اشترط فتلفت أن لا شيء عليه. وهكذا إن حمل عليها عشرة أقفزة شعير. واختلفوا فيمن اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة فحمل عليها أحد عشر قفيزاً، فكان الشافعي وأبو ثور يقولان: هو ضامن لقيمة الدابة وعليه الكراء. وقال ابن أبي ليلى : عليه قيمة الدابة بقدر ما زاد من الحمل، وهذا قول النعمان ويعقوب ومحمد. وقال ابن القاسم صاحب مالك : لا ضمان عليه في قول مالك إذا كان القفيز الزائد لا يفدح الدابة، ويعلم أن مثله لا تعطب فيه الدابة، ولرب الدابة أجر القفيز الزائد مع الكراء الأول، لأن عطبها ليس من أجل الزيادة. وذلك بخلاف مجاوزة المسافة، لأن مجاوزة المسافة تعد كله فيضمن إذا هلكت في قليله وكثيره. والزيادة على الحمل المشترط اجتمع فيه إذن وتعد، فإذا كانت الزيادة لا تعطب في مثلها علم أن هلاكها مما أذن له فيه.
الرابعة - واختلف أهل العلم في الرجل يكتري الدابة بأجر معلوم إلى موضع مسمى، فيتعدى فيتجاوز ذلك المكان ثم يرجع إلى المكان المأذون له في المصير إليه. فقالت طائفة: إذا جاوز ذلك المكان ضمن وليس عليه في التعدي كراء، هكذا قال الثوري . وقال أبو حنيفة : الأجر له فيما سمى، ولا أجر له فيما لم يسم، لأنه خالف فهو ضامن، وبه قال يعقوب. وقال الشافعي : عليه الكراء الذي سمى، وكراء المثل فيما جاوز ذلك، ولو عطبت لزمه قيمتها. ونحوه قال الفقهاء السبعة، مشيخة أهل المدينة قالوا: إذا بلغ المسافة ثم زاد فعليه كراء الزيادة إن سلمت وإن هلكت ضمن. وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور: عليه الكراء والضمان. قال ابن المنذر: وبه نقول. وقال ابن القاسم: إذا بلغ المكتري الغاية التي اكترى إليها ثم زاد ميلاً ونحوه أو أميالاً أو زيادة كثيرة فعطبت الدابة، فلربها كراؤه الأول والخيار في أخذه كراء الزائد بالغاً ما بلغ، أو قيمة الدابة يوم التعدي. ابن المواز: وقد روي أنه ضامن ولو زاد خطوة. وقال ابن القاسم عن مالك في زيادة الميل ونحوه: وأما ما يعدل الناس إليه في المرحلة فلا يضمن. وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون وأصبغ: إذا كانت الزيادة يسيرة أو جاوز الأمد الذي تكاراها إليه بيسير، ثم رجع بها سالمة إلى موضع تكاراها إليه فماتت، أو ماتت في الطريق إلى الموضع الذي تكاراها إليه، فليس له إلا كراء الزيادة، كرده لما تسلف من الوديعة. ولو زاد كثيراً مما فيه مقام الأيام الكثيرة التي يتغير في مثلها سوقها فهو ضامن، كما لو ماتت في مجاوزة الأمد أو المسافة، لأنه إذا كانت زيادة يسيرة مما يعلم أن ذلك مما لم يعن على قتلها فهلاكها بعد ردها إلى الموضع المأذون له فيه كهلاك ما تسلف من الوديعة بعد رده لا محالة. وإن كانت الزيادة كثيرة فتلك الزيادة قد أعانت على قتلها.
الخامسة - قال ابن القاسم وابن وهب قال مالك قال الله تعالى: " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " فجعلها للركوب والزينة ولم يجعلها للأكل، ونحوه عن أشهب. ولهذا قال أصحابنا: لا يجوز أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، لأن الله تعالى لما نص على الركوب والزينة دل على أن ما عداه بخلافه. وقال في الأنعام: " ومنها تأكلون " تأكلون) ما ما امتن الله منها من الدفء والمنافع، فأباح لنا أكلها بالذكاة المشروعة فيها. وبهذه الآية احتج ابن عباس والحكم بن عيينة، قال الحكم: لحوم الخيل حرام في كتاب الله، وقرأ هذه الآية والتي قبلها وقال: هذه للأكل وهذه للركوب. وسئل ابن عباس عن لحوم الخيل فكرهها، وتلا هذه الآية وقال: هذه للركوب، وقرأ الآية التي قبلها ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع) ثم قال: هذه للأكل. وبه قال مالك و أبو حنيفة وأصحابهما و الأوزاعي ومجاهد وأبو عبيد وغيرهم، واحتجوا بما خرجه أبو داود و النسائي و الدارقطني وغيرهم عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، وكل ذي ناب من السباع أو مخلق من الطير ". لفظ الدارقطني . وعند النسائي أيضاً عن خالد بن الوليد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير ". وقال الجمهور من الفقهاء والمحدثين: هي مباحة. وروي عن أبي حنيفة . وشذت طائفة بالتحريم، منهم الحكم كما ذكرنا، وروي عن أبي حنيفة . حكى الثلاث روايات عنه الروياني في بحر المذهب على مذهب الشافعي .
قلت: الصحيح الذي يدل عليه النظر والخبر جواز أكل لحوم الخيل، وأن الآية والحديث لا حجة فيهما لازمة. أما الآية فلا دليل فيها على تحريم الخيل، إذ لو دلت عليه لدلت على تحريم لحوم الحمر، والسورة مكية، وأي حاجة كانت إلى تجديد تحريم لحوم الحمر عام خيبر وقد ثبت في الأخبار تحليل الخيل على ما يأتي. وأيضاً لما ذكر تعالى الأنعام ذكر الأغلب من منافعها وأهم ما فيها، وهو حمل الأثقال والأكل، ولم يذكر الركوب ولا الحرث بها ولا غير ذلك مصرحاً به، وقد تركب ويحرث بها، قال الله تعالى: " الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون " ( غافر: 79). وقال في الخيل: ( لتركبوها وزينة) فذكر أيضاً أغلب منافعها والمقصود منها، ولم يذكر حمل الأثقال عليها، وقد تحمل كما هو مشاهد فلذلك لم يذكر الأكل. وقد بينه نبيه عليه السلام الذي جعل إليه بيان ما أنزل عليه على ما يأتي، ولا يلزم من كونها خلقت للركوب والزينة ألا تؤكل، فهذه البقرة قد أطقها خالقها الذي أنطق كل شيء فقالت: إنما خلقت للحرث. فيلزم من علل أن الخيل لا تؤكل لأنها خلقت للركوب ألا تؤكل البقر لأنها خلقت للحرث. وقد أجمع المسلمون على جواز أكلها، فكذلك الخيل بالسنة الثابتة فيها. روى مسلم من حديث جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يو خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل ". وقال النسائي عن جابر: " أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر ". وفي رواية عن جابر قال: " كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ". فإن قيل: الرواية عن جابر بأنهم أكلوها في خيبر حكاية حال وقضية في عين، فيحتمل أن يكونوا ذبحوا لضرورة، ولا يحتج بقضايا الأحوال. قلنا: الرواية عن جابر وإخباره بأنهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيل ذلك الاحتمال، ولئن سلمناه فمعنا حديث أسماء قالت: " نحرنا فرساً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة فأكلناه "، رواه مسلم. وكل تأويل من غير ترجيح في مقابلة النص فإنما هو دعوى، لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه. وقد روى الدارقطني زيادة حسنة ترفع كل تأويل في حديث أسماء، قالت أسماء: " كان لا فرس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرادت أن تموت فذبحناها فأكلناها ". فذبحها إنما كان لخوف الموت عليها لا لغير ذلك من الأحوال. وبالله التوفيق. فإن قيل: حيوان من ذوات الحوافر فلا يؤكل كالحمار؟ قلنا: هذا قياس الشبه وقد اختلف أرباب الأصول في القول به، ولئن سلمناه فهو منتقض بالخنزير، فإنه ذو ظلف وقد باين ذوات الأظلاف، وعلى أن القياس إذا كان في مقابلة النص فهو فاسد الوضع لا التفات إليه. قال الطبري : وفي إجماعهم على جواز ركوب ما ذكر للأكل دليل على جواز أكل ما ذكر للركوب.
السادسة - وأما البغال فإنها تلحق بالحمير، إن قلنا إن الخيل لا تؤكل، فإنها تكون متولدة من عينين لا يؤكلان. وإن قلنا إن الخيل تؤكل، فإنها عين متولدة من مأكول وغيره مأكول فغلب التحريم على ما يلزم في الأصول. وكذلك ذبح المولود بين كافرين أحدهما من أهل الذكاة والآخر ليس من أهلها، لا تكون ذكاة ولا تحل به الذبيحة. وقد مضى في ( الأنعام) الكلام في تحريم الحمر فلا معنى للإعادة. وقد علل تحريم أكل الحمال بأنه أبدى جوهره الخبيث حيث نزا على ذكر وتلوط، فسمي رجساً.
السابعة - في الآية دليل على أن الخيل لا زكاة فيها، لأن الله سبحانه من علينا بما أباحنا منها وكرمنا به من منافعها، فغير جائز أن يلزم فيها كلفة إلا بدليل. وقد روى مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ". وروى أبو داود عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر في الرقيق ". وبه قال مالك و الشافعي و الأوزاعي والليث وأبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة : إن كان إناثاً كلها أو ذكوراً وإناثاً، ففي كل فرس دينار إذا كانت سائمة، وإن شاء قومها فأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم. واحتج بأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " في الخيل السائمة في كل فرس دينار " وبقوله صلى الله عليه وسلم: " الخيل ثلاثة .... " الحديث. وفيه: " ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ". والجواب عن الأول أنه حديث لم يروه إلا غورك السعدي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. قال الدارقطني : تفرد به غورك عن جعفر وهوضعيف جداً، ومن دونه ضعفاء. وأما الحديث فالحق المذكور فيه هو الخروج عليها إذا وقع النفير وتعين بها لقتال العدو إذا تعين ذلك عليه، ويحمل المنقطعين عليها إذا احتاجوا لذلك، وهذا واجب عليه إذا تعين ذلك، كما يتعين عليه أن يطعمهم عند الضرورة، فهذه حقوق الله في رقابها. فإن قيل: هذا هو الحق الذي في ظهورها وبقي الحق الذي في رقابها، قيل: قد روي: " لا ينسى حق الله فيها " ولا فرق بين قوله: " حق الله فيها " أو " في رقابها وظهورها " فإن المعنى يرجع إلى شيء واحد، لأن الحق يتعلق بجملتها. وقد قال جماعة من العلماء: إن الحق هنا حسن ملكها وتعهد شبعها والإحسان إليها وركوبها غير مشقوق عليها، كما جاء في الحديث: " لا تتخذوا ظهورها كراسي ". وإنما خص رقابها بالذكر لأن الرقاب والأعناق تستعار كثيراً في مواضع الحقوق اللازمة والفروض الواجبة، ومنه قوله تعالى: " فتحرير رقبة مؤمنة " ( النساء: 92) وكثر عندهم استعمال ذلك واستعارته حتى جعلوه في الرباع والأموال، ألا ترى قول كثير:
‌ غمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً غلقت لضحكته رقاب المال ‌
وأيضاً فإن الحيوان الذي تجب فيه الزكاة له نصاب من جنسه، ولما خرجت الخيل عن ذلك علمنا سقوط الزكاة فيها. وأيضاً فإيجابه الزكاة في إناثها منفردة دون الذكور تناقض منه، وليس في الحديث فصل بينهما. ونقيس الإناث على الذكور في نفي الصدقة بأنه حيوان مقتنىً لنسله لا لدره، ولا تجب الزكاة في ذكوره فلم تجب في إناثه كالبغال والحمير. وقد روي عنه أنه لازكاة في إناثها وإن انفردت كذكورها منفردة، وهذا الذي عليه الجمهور. قال ابن عبد البر :الخبر في صدقة الخيل عن عمر صحيح من حديث الزهري وغيره. وقدر روي من حديث مالك ، رواه عنه جويرية عن الزهري أن السائب بن يزيد قال: لقد رأيت أبي يقوم الخيل ثم يدفع صدقتها إلى عمر. وهذا حجة لأبي حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان، لا أعلم أحداً من فقهاء الأمصار أوجب الزكاة في الخيل غيرهما. تفرد به جويرية عن مالك وهو ثقة.
الثامنة - قوله تعالى: " وزينة " منصوب بإضمار فعل، المعنى: وجعلها زينة. وقيل: هو مفعول من أجله. والزينة: ما يتزين به، وهذا الجمال والتزيين وإن كان من متاع الدنيا فقد أذن الله سبحانه لعباده فيه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الإبل عز لأهلها والغنم بركة والخيل في نواصيها الخير ". خرجه البرقاني و ابن ماجه في السنن . وقد تقدم في الأنعام. وإنما جمع النبي صلى الله عليه وسلم العز في الإبل، لأن فيها اللباس والأكل واللبن والحمل والغزو وإن نقصها الكر والفر. وجعل البركة في الغنم لما فيها من اللباس والطعام والشراب وكثرة الأولاد، فإنها تلد في العام ثلاث مرات إلى ما يتبعها من السكينة، وتحمل صاحبها عليه من خفض الجناح ولين الجانب، بخلاف الفدادين أهل الوبر. وقرن النبي صلى الله عليه وسلم بنواصي الخيل بقية الدهر لما فيها من الغنيمة المستفادة للكسب والمعاش، وما يوصل إليه من قهر الأعداء وغلب الكفار وإعلاء كلمة الله تعالى.
قوله تعالى: " ويخلق ما لا تعلمون " قال الجمهور: من الخلق. وقيل: من أنواع الحشرات والهوام في أسافل الأرض والبر والبحر مما لم يره البشر ولم يسمعوا به. وقيل: ( ويخلق ما لا تعلمون) مما أعد الله في الجنة لأهلها وفي النار لأهلها، مما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولا خطر على قلب بشر. وقال قتادة و السدي : هو خلق السوس في الثياب والدود في الفواكه. ابن عباس: عين تحت العرش، حكاه الماوردي . الثعلبي : وقال ابن عباس عن يمين العرض نهر من النور مثل السماوات السبع والأرضين السبع والبحار السبعة سبعين مرة، يدخله جبريل كل سحر فيغتسل فيزداد نوراً إلى نوره وجمالاً إلى جماله وعظماً إلى عظمه، ثم ينتفض فيخرج الله من كل ريشة سبعين ألف قطرة، ويخرج من كل قطرة سبعة آلاف ملك، يدخل منهم كل يوم سبعون ألف ملك إلى البيت المعمور، وفي الكعبة سبعون ألفاً لا يعودون إليه إلى يوم القيامة. وقول خامس - وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنها أرض بيضاء، مسيرة الشمس ثلاثين يوماً مشحونة خلقاً لا يعلمون أن الله تعالى يعصى في الأرض، قالوا: يا رسول الله، من ولد آدم؟ قال: ( لا يعلمون أن الله خلق آدم). قالوا: يا رسول الله، فأين أبليس منهم؟ قال: ( لا يعلمون أن الله خلق إبليس) - ثم تلا " ويخلق ما لا تعلمون " " ذكره الماوردي .
قلت: ومن هذا المعنى ما ذكر البيهقي عن الشعبي قال: إن لله عباداً من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس، ما يرون أن الله عصاه مخلوق، رضراضهم الدر والياقوت وجبالهم الذهب والفضة، لا يحرثون ولا يزرعون ولا يعملون عملاً، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم، ذكره في بدء الخلق من كتاب الأسماء والصفات . وخرج من حديث موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ".
هذا صنف آخر مما خلق تبارك وتعالى لعباده يمتن به عليهم, وهو الخيل والبغال والحمير التي جعلها للركوب والزينة بها, وذلك أكبر المقاصد منها, ولما فصلها من الأنعام, وأفردها بالذكر, استدل من استدل من العلماء ممن ذهب إلى تحريم لحوم الخيل بذلك على ما ذهب إليه فيها, كالإمام أبي حنيفة رحمه الله ومن وافقه من الفقهاء بأنه تعالى قرنها بالبغال والحمير وهي حرام, كما ثبتت به السنة النبوية, وذهب إليه أكثر العلماء. وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير: حدثني يعقوب, حدثنا ابن علية, أنبأنا هشام الدستوائي, حدثنا يحيى بن أبي كثير عن مولى نافع بن علقمة, أن ابن عباس أنه كان يكره لحوم الخيل والبغال والحمير, وكان يقول: قال الله تعالى:"والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون" فهذه للأكل,"والخيل والبغال والحمير لتركبوها" فهذه للركوب, وكذا روي من طريق سعيد بن جبير وغيره عن ابن عباس بمثله, وقال مثل ذلك الحكم بن عتيبة أيضاً رضي الله عنه, واستأنسوا بحديث رواه الإمام أحمد في مسنده: حدثنا يزيد بن عبد ربه, حدثنا بقية بن الوليد, حدثنا ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب , عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير. وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث صالح بن يحيى بن المقدام وفيه كلام.
ورواه أحمد أيضاً من وجه آخر بأبسط من هذا وأدل منه فقال: حدثنا أحمد بن عبد الملك, حدثنا محمد بن حرب, حدثنا سليمان بن سليم, عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب قال: غزونا مع خالد بن الوليد الصائفة, فقرم أصحابنا إلى اللحم فسألوني رمكة فدفعتها إليهم, فحبلوها وقلت: مكانكم حتى آتي خالداً فأسأله فأتيته فسألته, فقال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر فأسرع الناس في حظائر يهود فأمرني أن أنادي الصلاة جامعة, ولا يدخل الجنة إلا مسلم, ثم قال: "أيها الناس: إنكم قد أسرعتم في حظائر يهود, ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها وحرام عليكم لحوم الأتن الأهلية وخيلها وبغالها, وكل ذي ناب من السباع, وكل ذي مخلب من الطير" والرمكة هي الحجرة, وقوله حبلوها أي أوثقوها في الحبل ليذبحوها, والحظائر والبساتين القريبة من العمران, وكأن هذا الصنيع وقع بعد إعطائهم العهد ومعاملتهم على الشطر,والله أعلم, فلو صح هذا الحديث لكان نصاً في تحريم لحوم الخيل, ولكن لا يقاوم ما ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية, وأذن في لحوم الخيل.
ورواه الإمام أحمد وأبو داود بإسنادين كل منهما على شرط مسلم عن جابر قال: ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير, فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل. وفي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه ونحن بالمدينة, فهذه أدل وأقوى وأثبت, وإلى ذلك صار جمهور العلماء مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم وأكثر السلف والخلف, والله أعلم. وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: كانت الخيل وحشية, فذللها الله لإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام, وذكر وهب بن منبه في إسرائيلياته أن الله خلق الخيل من ريح الجنوب, والله أعلم. فقد دل النص على جواز ركوب هذه الدواب ومنها البغال, وقد أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فكان يركبها مع أنه قد نهى عن إنزاء الحمر على الخيل لئلا ينقطع النسل. قال الإمام أحمد: حدثني محمد بن عبيد, حدثنا عمر من آل حذيفة عن الشعبي عن دحية الكلبي قال: قلت يا رسول الله, ألا أحمل لك حماراً على فرس فتنتج لك بغلاً فتركبها ؟ قال: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون".
ثم خص الإبل بالذكر لما فيها من نعمة حمل الأثقال دون البقر والغنم، والاستثناء من أعم العام: أي لم تكونوا بالغيه بشيء من الأشياء إلا بشق الأنفس 8- "والخيل والبغال والحمير" بالنصب عطفاً على الأنعام: أي وخلق لكم هذه الثلاثة الأصناف، وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع فيها كلها، وسميت الخيل خيلاً لاختيالها في مشيها، وواحد الخيل خائل كضائن واحد الضأن، وقيل لا واحد له. ثم علل سبحانه خلق هذه الثلاثة الأنواع بقوله: "لتركبوها" وهذه العلة هي باعتبار معظم منافعها لأن الانتفاع بها في غير الركوب معلوم كالتحميل عليها "و" عطف "زينة" على محل "لتركبوها" لأنه في محل نصب على أنه علة لخلقها ولم يقل لتتزينوا بها حتى يطابق لتركبوها، لأن الركوب فعل المخاطبين، والزينة فعل الزائن وهو الخالق، والتحقيق فيه أن الركوب هو المعتبر في المقصود، بخلاف الزينة فإنه لا يلتفت إليه أهل الهمم العالية لأنه يورث العجب، فكأنه سبحانه قال: خلقتها لتركبوها فتدفعوا عن أنفسكم بواسطتها ضرر الإعياء والمشقة، وأما التزين بها فهو حاصل في نفس الأمر ولكنه غير مقصود بالذات. وقد استدل بهذه الآية القائلون بتحريم لحوم الخيل قائلين بأن التعليل بالركوب يدل على أنها مخلوقة لهذه المصلحة دون غيرها. قالوا: ويؤيد ذلك إفراد هذه الأنواع الثلاثة بالذكر وإخراجها عن الأنعام فيفيد ذلك اتحاد حكمها في تحريم الأكل. قالوا: ولو كان أكل الخيل جائزاً لكان ذكره والامتنان به أولى من ذكر الركوب، لأنه أعظم فائدة منه، وقد ذهب إلى هذا مالك وأبو حنيفة وأصحابهما والأوزاعي ومجاهد وأبو عبيد وغيرهم. وذهب الجمهور من الفقهاء والمحدثين وغيرهم إلى حل لحوم الخيل، ولا حجة لأهل القول الأول في التعليل بقوله "لتركبوها" لأن ذكر ما هو الأغلب من منافعها لا ينافي غيره، ولا نسلم أن الأكل أكثر فائدة من الركوب حتى يذكر ويكون ذكره أقدم من ذكر الركوب، وأيضاً لو كانت هذه الآية تدل على تحريم الخيل لدلت على تحريم الحمر الأهلية، وحينئذ لا يكون ثم حاجة لتحديد التحريم لها عام خيبر، وقد قدمنا أن هذه السورة مكية. والحاصل أن الأدلة الصحيحة قد دلت على حل أكل لحوم الخيل، فلو سلمنا أن في هذه الآية متمسكاً للقائلين بالتحريم لكانت السنة المطهرة الثابتة رافعة لهذا الاحتمال، ودافعة لهذا الاستدلال، وقد أوضحنا هذه المسألة في مؤلفاتنا بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره "ويخلق ما لا تعلمون" أي يخلق ما لا يحبط علمكم به من المخلوقات غير ما قد عدده ها هنا، وقيل المراد من أنواع الحشرات والهوام في أسافل الأرض، وفي البحر مما لم يره البشر ولم يسمعوا به، وقيل هو ما أعد الله لعباده في الجنة وفي النار مما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولا خطر على قلب بشر، وقيل هو خلق السوس في النبات والدود في الفواكه، وقيل عين تحت العرش، وقيل نهر من النور، وقيل أرض بيضاء، ولا وجه للاقتصار في تفسير هذه الآية على نوع من هذه الأنواع، بل المراد أنه سبحانه يخلق ما لا يعلم به العباد، فيشمل كل شيء لا يحيط علمهم به، والتعبير هنا بلفظ المستقبل لاستحضار الصورة، لأنه سبحانه قد خلق ما لا يعلم به العباد.
8. " والخيل"، يعني: وخلق الخيل، وهي اسم جنس لا واحد له من لفظه كالإبل والنساء،" والبغال والحمير لتركبوها وزينة "، يعني وجعلها زينة لكم مع المنافع التي فيها.
وأحتج بهذه الآية من حرم لحوم الخيل، وهو قول ابن عباس ،وتلا هذه الآية ،فقال: هذه للركوب [والية ذهب] الحكم، ومالك، وابو حنيفة .
وذهب جماعة إلى إباحة لحوم الخيل ،وهو قول الحسن و شريح وعطاء، وسعيد بن جبير، وبه قال الشافعي ،وأحمد ،واسحاق .
ومن اباحها قال: ليس المراد من الآية بيان التحليل والتحريم بل المراد منه تعريف الله عباده نعمه وتنبيههم على كمال قدرته وحكمته، واحتجوا بما:
أخبرنا عبد الواحد المليحي، اخبرنا احمد بن عبد الله ألنعيمي،أخبرنا محمد بن يوسف ،حدثنا محمد بن إسماعيل ،حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد عن عمرو- هو ابن دينار-عن محمد بن علي عن جابر رضي الله عنه قال: ((" نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل" )).
اخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي، اخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي ،اخبرنا أبو احمد عبد الله بن عدي الحافظ حدثنا الحسن بن الفرج ،حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا عبد الله بن عبد الكريم، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر انهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عن أكل لحوم البغال والحمير،روى عن المقدام بن معدي كرب عن خالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير" وإسناده ضعيف.
" ويخلق ما لا تعلمون "، قيل: يعني ما أعد الله في الجنة لأهلها ،وفي النار لأهلها ، مما لم تره عين ولم تسمعه أذن ولا خطر على قلب بشر.
وقال قتادة يعني: السوس في النبات والدود في الفواكه .
8."والخيل والبغال والحمير"عطف على"الأنعام"."لتركبوها وزينةً" أي لتركبوها وتتزينوا بها زينة . وقيل هي معطوفة على محل "لتركبوها "وتغيير النظم لأن الزينة بفعل الخالق والركوب ليس بفعله ، ولأن المقصود من خلقها الركوب وأما التزين بها فحاصل بالعرض . وقرئ بغير واو وعلى هذا يحتمل أن يكون علة"لتركبوها" أو مصدراً في موضع الحال من أحد الضميرين أي : متزينين أو متزيناً بها ، واستدل به على حرمة لحومها ولا دليل فيه إذ لا يلزم من تعليل الفعل بما يقصد منه غالباً أن لا يقصد منه غيره أصلاً، ويدل عليه أن الآية مكية وعامة المفسرين والمحدثين على أن الحمر الأهلية حرمت عام خيبر"ويخلق ما لا تعلمون"لما فصل الحيوانات التي يحتاج إليها غالباً احتياجاً ضرورياً أو غير ضروري أجمل غيرها ، ويجوز أن يكون إخباراً بأن له من الخلائق ما لا علم لنابه ، وأن يراد به ما خلق في الحنة والنار مما لم يخطر على قلب بشر.
8. And horses and mules and asses (hath He created) that ye may ride them, and for ornament. And He createth that which ye know not.
8 - And (he has created) horses, Mules, and donkeys, for you to ride and use for show; and he has created (other) things of which ye have no knowledge.