[النحل : 3] خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
3 - (خلق السماوات والأرض بالحق) أي محقا (تعالى عما يشركون) به من الأصنام
يقول تعالى ذكره معرفاً خلقه حجته عليهم في توحيده ، وأنه لا تصلح الألوهة إلا له : خلق ربكم أيها الناس السماوات والأرض بالعدل ، وهو الحق منفرداً بخلقها ، لم يشركه في إنشائها وإحداثها شريك ، ولم يعنه عليه معين ، فأنى يكون له شريك "تعالى عما يشركون" يقول جل ثناؤه : علا ربكم أيها القوم عن شرككم ودعواكم إلهاً دونه ، فارتفع عن أن يكون له مثل أو شريك أو ظهير ، لأنه لا يكون إلهاً إلا من يخلق وينشىء بقدرته مثل السماوات والأرض ، ويبتدع الأجسام فيحدثها من غير شيء ، وليس ذلك في قدرة أحد سوى الله الواحد القهار الذي لا تنبغي العبادة إلا له ، ولا تصلح الألوهة لشيء سواه .
قوله تعالى: " خلق السماوات والأرض بالحق " أي للزوال والفناء. وقيل: ( بالحق) أي للدلالة على قدرته، وأن له أن يتعبد العباد بالطاعة وأن يحيي الخلق بعد الموت. " تعالى عما يشركون " أي من هذه الأصنام التي لا تقدر على خلق شيء.
يخبر تعالى عن خلقه العالم العلوي وهو السموات, والعالم السفلي وهو الأرض بما حوت, وأن ذلك مخلوق بالحق لا للعبث بل " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " ثم نزه نفسه عن شرك من عبد معه غيره, وهو المستقل بالخلق وحده لا شريك له, فلهذا يستحق أن يعبد وحده لا شريك له, ثم نبه على خلق جنس الإنسان من نطفة أي مهينة ضعيفة, فلما استقل ودرج إذا هو يخاصم ربه تعالى ويكذبه ويحارب رسله, وهو إنما خلق ليكون عبداً لا ضداً, كقوله تعالى: "وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً * ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيراً". وقوله: " أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن بسر بن جحاش قال: بصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفه, ثم قال: "يقول الله تعالى: ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك فعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت الحلقوم قلت أتصدق, وأنى أوان الصدقة".
ثم إن الله سبحانه لما أرشدهم إلى توحيده ذكر دلائل التوحيد فقال: 3- "خلق السموات والأرض بالحق" أي أوجدهما على هذه الصفة التي هما عليها بالحق: أي للدلالة على قدرته ووحدانيته، وقيل المراد بالحق هنا الفناء والزوال "تعالى" الله "عما يشركون" أي ترفع وتقدس عن إشراكهم أو عن شركة الذي يجعلونه شريكاً له.
3. " خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون"، أي: أرتفع عما يشركون .
3."خلق السموات والأرض بالحق"أوجدهما على مقدار وشكل وأوضاع وصفات مختلفة قدرها وخصصها بحكمته . "تعالى عما يشركون"منهما أو مما يفتقر في وجوده أو بقائه إليهم ومما لا يقدر على خلقهما . وفيه دليل على أنه تعالى ليس قبيل الأجرام .
3. He hath created the heavens and the earth with truth. High be He exalted above all that they associate (with Him).
3 - He has created the Heavens and the Earth for just ends: far is He above having the partners they ascribe to Him!