[النحل : 21] أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
21 - (أموات) لا روح فيهم خبر ثان (غير أحياء) تأكيد (وما يشعرون) أي الأصنام (أيان) وقت (يبعثون) أي الخلق فكيف يعبدون إذ لا يكون إلها إلا الخالق الحي العالم بالغيب
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين من قريش : والذين تدعون من دون الله أيها الناس "أموات غير أحياء" وجعلها جل ثناؤه أمواتاً غيرأحياء ، إذ كانت لا أرواح فيها .
كما حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون" وهي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله أموات لا أرواح فيها ، ولا تملك لأهلها ضراً ولا نفعاً ، وفي رفع الأموات وجهان : أحدهما أن يكون خبراً للذين ، والآخر على الاستئناف . وقوله "وما يشعرون" يقول : وما تدري أصنامكم التي تدعون من دون الله متى تبعث . وقيل : إنما عني بذلك الكفار ، أنهم لا يدرون متى يبعثون .
" أموات غير أحياء " أي هم أموات، يعني الأصنام، لا أرواح فيها ولا تسمع ولا تبصر، أي هي جمادات فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها بالحياة. " وما يشعرون " يعني الأصنام. " أيان يبعثون " وقرأ السلمي ( إيان) بكسر الهمزة، وهما لغتان، موضعه نصب بـ ( ـيبعثون) وهي في معنى الاستفهام. والمعنى: لا يدرون متى يبعثون. وعبر عنها كما عبر عن الآدميين، لأنهم زعموا أنها تعقل عنهم وتعلم وتشفع لهم عند الله تعالى، فجرى خطابهم على ذلك. وقد قيل: إن الله يبعث الأصنام يوم القيامة ولها أرواح فتتبرأ من عبادتهم، وهي في الدنيا جماد لا تعلم متى تبعث. قال ابن عباس: تبعث الأصنام وتركب فيها الأرواح ومعها شياطينها فيتبرؤون من عبدتها، ثم يؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار. وقيل: إن الأصنام تطرح في النار من عبدتها، ثم يؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار. وقيل: إن الأصنام تطرح في النار مع عبدتها يوم القيامة، دليله " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " ( الأنبياء: 98). وقيل: تم الكلام عند قوله: ( لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون) ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات، وهذا الموت موت كفر. ( وما يشعرون أيان يبعثون) أي وما يدري الكفار متى يبعثون، أي وقت البعث، لأنهم لا يؤمنون بالبعث حتى يستعدوا للقاء الله. وقيل: أي وما يدريهم متى الساعة، ولعلها تكون قريباً.
يخبر تعالى أنه يعلم الضمائر والسرائر كما يعلم الظواهر, وسيجزي كل عامل بعمله يوم القيامة, إن خيراً فخير وإن شراً فشر. ثم أخبر أن الأصنام التي يدعونها من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون, كما قال الخليل: " أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون ". وقوله: "أموات غير أحياء" أي هي جمادات لا أرواح فيها, فلا تسمع ولا تبصر ولا تعقل "وما يشعرون أيان يبعثون" أي لا يدرون متى تكون الساعة, فكيف يرتجى عند هذه نفع أو ثواب أو جزاء ؟ إنما يرجى ذلك من الذي يعلم كل شيء وهو خالق كل شيء.
ثم ذكر صفة أخرى من صفاتهم فقال 21- "أموات غير أحياء" يعني أن هذه الأصنام أجسادها ميتة لا حياة بها أصلاً، فزيادة "غير أحياء" لبيان أنها ليست كبعض الأجساد التي تموت بعد ثبوت الحياة لها بل لا حياة لهذه أصلاً، فكيف يعبدونها وهم أفضل منها؟ لأنهم أحياء "وما يشعرون أيان يبعثون" الضمير في يشعرون للآلهة، وفي يبعثون للكفار الذين يعبدون الأصنام، والمعنى: ما تشعر هذه الجمادات من الأصنام أيان يبعث عبدتهم من الكفار، ويكون هذا على طريقة التهكم بهم، لأن شعور الجماد مستحيل بما هو من الأمور الظاهرة فضلاً عن الأمور التي لا يعلمها إلا الله سبحانه، وقيل يجوز أن يكون الضمير في يبعثون للآلهة: أي وما تشعر هذه الأصنام أيان تبعث، ويؤيد ذلك ما روي أن الله يبعث الأصنام ويخلق لها أرواحاً معها شياطينها فيؤمر بالكل إلى النار، ويدل على هذا قوله: "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم" وقيل قد تم الكلام عند قوله: "وهم يخلقون" ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون، فيكون الضميران على هذا للكفار، وعلى القول بأن الضميرين أو أحدهما للأصنام يكون التعبير عنها مع كونها لا تعقل بما هو للعقلاء جرياً على اعتقاد من يعبدها بأنها تعقل. وقرأ السلمي إيان بكسر الهمزة، وهما لغتان، وهو في محل نصب بالفعل الذي قبله.
" أموات " أي: الأصنام "غير أحياء وما يشعرون" ،يعني: الأصنام" أيان" متى" يبعثون"، والقرآن يدل على أن الأصنام تبعث وتجعل فيها الحياة فتتبرأ من عابديها .
وقيل: ما يدري الكفار عبدة الأصنام متى يبعثون.
21."أموات" هم أموات لا تعتريهم الحياة ، أو أموات حالاً أو مآلاً."غير أحياء"بالذات ليتناول كل معبود ، والإله ينبغي أن يكون حياً بالذات لا يعتريه الممات . "وما يشعرون أيان يبعثون"ولا يعلمون وقت بعثهم ، أو بعث عبدتهم فكيف يكون لهم وقت جزاء على عبادتهم . والإله ينبغي أن يكون عالماً بالغيوب مقدراً للثواب والعقاب ، وفيه تنبيه على أن البعث من توابع التكليف.
21. (They are) dead, not living. And they know not when they will be raised.
21 - (They are things) dead, lifeless: nor do they know when they will be raised up.