[الحجر : 8] مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ
8 - قال تعالى (ما ننزل) فيه حذف إحدى التاءين (الملائكة إلا بالحق) بالعذاب (وما كانوا إذا) أي حين نزول الملائكة بالعذاب (منظرين) مؤخرين
اختلفت القراء في قراءة قوله : "ما ننزل الملائكة" ، فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة ما تنزل الملائكة بالتاء من تنزل وفتحها ورفع الملائكة ، بمعنى : ما تنزل الملائكة ، على أن الفعل للملائكة . وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة : "ما ننزل الملائكة" بالنون في ننزل وتشديد الزاي ونصب الملائكة ، بمعنى : ما ننزلها نحن ، والملائكة حينئذ منصوب بوقوع ننزل عليها ، وقرأه بعض قراء أهل الكوفة ما تنزل الملائكة برفع الملائكة والتاء في تنزل وضمها ، على وجه ما لم يسم فاعله .
قال أبو جعفر : وكل هذه القراءات الثلاث متقاربات المعاني ، وذلك أن الملائكة إذا نزلها الله على رسول من رسله ، تنزلت إليه ، وإذا تنزلت إليه ، فإنما تنزل بإنزال الله إياها إليه ، فبأي هذه القراءات الثلاث قرأ ذلك القارىء فمصيب الصواب في ذلك ، وإن كنت أحب لقارئه أن لا يعدو في قراءته إحدى القراءتين اللتين ذكرت من قراءة أهل المدينة ، والأخرى التي عليها جمهور قراء الكوفيين ، لأن ذلك هو القراءة المعروفة في العامة ، والأخرى : أعني قراءة من قرأ ذلك ما تنزل بضم التاء من تنزل ورفع الملائكة شاذة قليل من قرأ بها .
فتأويل الكلام : ما ننزل ملائكتنا إلا بالحق ، يعني بالرسالة إلى رسلنا ، أو بالعذاب لمن أردنا تعذيبه ، ولو أرسلنا إلى هؤلاء المشركين على ما يسألون إرسالهم معك آية فكفروا لم ينظروا فيؤخروا بالعذاب ، بل عوجلوا به كما فعلنا ذلك بمن قبلهم من الأمم حين سألوا الآيات فكفروا حين أتتهم الآيات ، فعاجلناهم بالعقوبة .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : "ما ننزل الملائكة إلا بالحق" قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : "ما ننزل الملائكة إلا بالحق" قال : بالرسالة والعذاب .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
قرأ حفص وحمزة و الكسائي " ما ننزل الملائكة إلا بالحق " واختاره أبو عبيد. وقرأ أبو بكر والمفضل. ( ما تنزل الملائكة)، الباقون ( ما تنزل الملائكة) وتقديره: ما تتنزل بتاءين حذفت إحداهما تخفيفاً، وقد شدد التاء البزي، واختاره أبو حاتم اعتباراً بقوله: " تنزل الملائكة والروح " ( القدر: 4). ومعنى " إلا بالحق " إلا بالقرآن. وقيل بالرسالة، عن مجاهد. وقال الحسن: إلا بالعذاب إن لم يؤمنوا. " وما كانوا إذا منظرين " أي لو تنزلت الملائكة بإهلاكهم لما أمهلوا ولا قبلت لهم توبة. وقيل: المعنى لو تنزلت الملائكة تشهد لك فكفروا بعد ذلك لمن ينظروا. وأصل ( إذاً) إذ أن - ومعناه حينئذ - فضم إليها أن، واستثقلوا الهمزة فحذفوها.
يخبر تعالى عن كفرهم وعنادهم في قولهم "يا أيها الذي نزل عليه الذكر" أي الذي تدعي ذلك "إنك لمجنون" أي في دعائك إيانا إلى اتباعك وترك ما وجدنا عليه آباءنا "لو ما" أي هلا "تأتينا بالملائكة" أي يشهدون لك بصحة ما جئت به إن كنت من الصادقين, كما قال فرعون "فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين", "وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتواً كبيراً * يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجراً محجوراً", وكذا قال في هذه الاية: "ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين" وقال مجاهد في قوله: "ما ننزل الملائكة إلا بالحق" بالرسالة والعذاب, ثم قرر تعالى أنه هو الذي أنزل عليه الذكر وهو القرآن, وهو الحافظ له من التغيير والتبديل, ومنهم من أعاد الضمير في قوله تعالى: "له لحافظون" على النبي صلى الله عليه وسلم, كقوله "والله يعصمك من الناس" والمعنى الأول أولى وهو ظاهر السياق.
8- "ما ننزل الملائكة إلا بالحق" قرئ "ما ننزل" بالنون مبنياً للفاعل، وهو الله سبحانه فهو على هذا من التنزيل، والمعنى على هذه القراءة: قال الله سبحانه مجيباً على الكفار لما طلبوا إتيان الملائكة إليهم ما ننزل نحن "الملائكة إلا بالحق" أي تنزيلاً متلبساً بالحق الذي يحق عنده تنزيلنا لهم فيما تقتضيه الحكمة الإلهية والمشيئة الربانية وليس هذا الذي اقترحتموه مما يحق عنده تنزيل الملائكة، وقرئ تنزل مخففاً من الإنزال: أي ما ننزل نحن الملائكة إلا بالحق، وقرئ ما تنزل بالمثناة من فرق مضارعاً مثقلاً مبنياً للفاعل من التنزيل بحذف إحدى التاءين: أي تتنزل، وقرئ أيضاً بالفوقية مضارعاً مبنياً للمفعول، وقيل معنى إلا بالحق: إلا بالقرآن، وقيل بالرسالة، وقيل بالعذاب "وما كانوا إذاً منظرين" في الكلام حذف، والتقدير: ولو أنزلنا الملائكة لعوجلوا بالعقوبة وما كانوا إذاً منظرين، فالجملة المذكورة جزاء للجملة الشرطية المحذوفة.
8-"ما ننزل الملائكة"، قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر بنونين "الملائكة" نصب، وقرأ أبو بكر بالتاء وضمها وفتح الزاي "الملائكة" رفع وقرا الباقون بالتاء وفتحها وفتح الزاي "الملائكة" رفع.
"إلا بالحق" أي: بالعذاب ولو نزلت يعني الملائكة لعجلوا بالعذاب، "وما كانوا إذاً منظرين" أي: مؤخرين، وقد كان الكفار يطلبون إنزال الملائكة عيانا فأجابهم الله تعالى بهذا. ومعناه: إنهم لو نزلوا عيانا لزال عن الكفار الإمهال وعذبوا في الحال.
8." ينزل الملائكة "بالياء ونصب "الملائكة "على أن الضمير لله تعالى .وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالنون وأبو بكربالتاء والبناء للمفعول ورفع "الملائكة "وقرئ "تنزل"بمعنى تتنزل ."إلا بالحق"إلا تنزيلاً ملتبساً الحق أي بالوجه الذي قدره واقتضته حكمته، ولا حكمة في أن تأتيكم يصور تشاهدونها فإنه لا يزيدكم إلا لبساً ، ولا في معادلتكم بالعقوبة فإن منكم ومن ذراريكم من سبقت كلمتنا له بالإيمان . وقيل الحق الوحي أو العذاب . "وما كانوا إذاً منظرين ""إذاً"جواب لهم وجزاء لشرط مقدر أي ولو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين،
8. We send not down the angels save with the Fact, and that case (the disbelievers) would not be tolerated.
8 - We send not the angels down except for just cause: if they came (to the ungodly), behold no respite would they have