[الحجر : 77] إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ
77 - (إن في ذلك لآية) لعبرة (للمؤمنين)
يقول تعالى ذكره : وإن هذه المدينة ، مدينة سدوم ، لبطريق واضح مقيم يراها المجتاز بها لا خفاء بها ، ولا يبرح مكانها ، فيجهل ذو لب أمرها ، وغب معصية الله ، والكفر به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، وحدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ،عن مجاهد ، قوله : "وإنها لبسبيل مقيم" قال : لبطريق معلم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة :"وإنها لبسبيل مقيم" ، يقول : بطريق واضح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : "وإنها لبسبيل مقيم" ، قال: طريق . السبيل : الطريق .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : "لبسبيل مقيم" يقول : بطريق معلم .
وقوله : "إن في ذلك لآية للمؤمنين" يقول تعالى ذكره : إن في صنيعنا بقوم لوط ما صنعنا بهم ، لعلامة ودلالة بينة لمن آمن بالله على انتقامه من أهل الكفر به ، وإنقاذه من عذابه ، إذا نزل بقوم أهل الإيمان به منهم .
كما حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جير ، في قوله : "إن في ذلك لآية" ، قال : هو كالرجل يقول لأهله : علامة ما بيني وبينكم أن أرسل إليكم خاتمي ، أو آية كذا وكذا .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "إن في ذلك لآية" ، قال :أما ترى الرجل يرسل بخاتمه إلى أهله فيقول : هاتوا خذي ، هاتوا خذي ، فإذا رأوه علموا أنه حق .
" إن في ذلك لآية للمؤمنين " أي لعبرة للمصدقين.
يقول تعالى: "فأخذتهم الصيحة" وهي ما جاءهم به من الصوت القاصف عند شروق الشمس وهو طلوعها, وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء, ثم قلبها وجعل عاليها سافلها, وإرسال حجارة السجيل عليهم وقد تقدم الكلام على السجيل في هود بما فيه كفاية. وقوله: " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " أي إن آثار هذه النقم الظاهرة على تلك البلاد لمن تأمل ذلك وتوسمه بعين بصره وبصيرته, كما قال مجاهد في قوله: "للمتوسمين" قال: المتفرسين. وعن ابن عباس والضحاك: للناظرين. وقال قتادة: للمعتبرين. وقال مالك عن بعض أهل المدينة "للمتوسمين" للمتأملين. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة, حدثنا محمد بن كثير العبدي عن عمرو بن قيس, عن عطية عن أبي سعيد مرفوعاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن, فإنه ينظر بنور الله" ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " رواه الترمذي: وابن جرير من حديث عمرو بن قيس الملائي عن عطية عن أبي سعيد, وقال الترمذي. لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقال ابن جرير أيضاً: حدثني أحمد بن محمد الطوسي, حدثنا الحسن بن محمد, حدثنا الفرات بن السائب, حدثنا ميمون بن مهران عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن, فإن المؤمن ينظر بنور الله" وقال ابن جرير: حدثني أبو شرحبيل الحمصي, حدثنا سليمان بن سلمة, حدثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبي, حدثنا أبو المعلى أسد بن وداعة الطائي, حدثنا وهب بن منبه عن طاوس بن كيسان عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احذروا فراسة المؤمن, فإنه ينظر بنور الله وبتوفيق الله". وقال أيضاً: حدثنا عبد الأعلى بن واصل, حدثنا سعيد بن محمد الجرمي, حدثنا عبد الواحد بن واصل, حدثنا أبو بشر المزلق عن ثابت عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم", ورواه الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا سهل بن بحر, حدثنا سعيد بن محمد الجرمي, حدثنا أبو بشر يقال له ابن المزلق قال: وكان ثقة, عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم" وقوله: "وإنها لبسبيل مقيم" أي وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي والقذف بالحجارة, حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة بطريق مهيع مسالكه مستمرة إلى اليوم, كقوله: " وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون * وإن يونس لمن المرسلين " وقال مجاهد والضحاك "وإنها لبسبيل مقيم" قال: معلم. وقال قتادة: بطريق واضح. وقال قتادة أيضاً: بصقع من الأرض واحد, وقال السدي: بكتاب مبين, يعني كقوله: "وكل شيء أحصيناه في إمام مبين" ولكن ليس المعنى على ما قال ههنا, والله أعلم. وقوله: " إن في ذلك لآية للمؤمنين " اي إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار وإنجائنا لوطاً وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين بالله ورسله.
77- " إن في ذلك " المذكور من المدينة أو القرى "لآية للمؤمنين" يعتبرون بها فإن المؤمنين من العباد هم الذين يعتبرون بما يشاهدونه من الآثار.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "وجاء أهل المدينة يستبشرون" قال: استبشروا بأضياف نبي الله لوط حين نزلوا به لما أرادوا أن يأتوا إليهم من المنكر.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: " أولم ننهك عن العالمين " قال: يقولون أو لم ننهك أن تضيف أحداً أو تؤويه. "قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين" أمرهم لوط بتزويج النساء وأراد أن يبقي أضيافه ببناته. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس قال: ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله أقسم بحيات أحد غيره قال: "لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون" يقول: وحياتك يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله: "لعمرك" قال: لعيشك. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: ما حلف الله بحياة أحد إلا بحياة محمد قال "لعمرك" الآية. وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن يقول الرجل لعمري يرونه كقوله وحياتي. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة "إنهم لفي سكرتهم يعمهون" أي في ضلالهم يلعبون. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الأعمش في الآية لفي غفلتهم يترددون. وأخرج ابن جرير عن ابن جريح فأخذتهم الصيحة مثل الصاعقة، وكل شيء أهلك به قوم فهو صاعقة وصيحة. وأخرج ابن جرير عنه "مشرقين" قال: حين أشرقت الشمس. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله: "إن في ذلك لآية" قال: علامة أما ترى الرجل يرسل خاتمه إلى أهله، فيقول هاتوا كذا وكذا، فإذا رأوه عرفوا أنه حق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه "للمتوسمين" قال: للناظرين. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة قال: للمعتبرين. وأخرج ابن جريح وابن المنذر عن مجاهد قال: للمتفرسين، وأخرج البخاري في التاريخ والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم وابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، ثم قرأ: "إن في ذلك لآيات للمتوسمين"". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس "وإنها لبسبيل مقيم" يقول لبهلاك. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لبطريق مقيم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال: لبطريق واضح.
77-"إن في ذلك لآية للمؤمنين".
77."إن في ذلك لآيةً للمؤمنين"بالله ورسله.
77. Lo! therein is indeed a portent for believers.
77 - Behold in this is a sign for those who believe