[الحجر : 60] إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ
60 - (إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين) الباقين في العذاب لكفرها
يقول تعالى ذكره : قال إبراهيم للملائكة : فما شأنكم ؟ ما أمركم أيها المرسلون ؟ قالت الملائكة له : إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين . يقول : إلى قوم قد اكتسبوا الكفر بالله ، إلا آل لوط : يقول : إلا أتباع لوط على ما هو عليه من الدين ، فإنا لن نهلكهم ، بل ننجيهم من العذاب الذي أمرنا أن نعذب به قوم لوط ، سوى امرأة لوط قدرنا أنها من الغابرين . يقول : قضى الله فيها إنها لمن الباقين ، ثم هي مهلكة بعد . وقد بينا الغابر فيما مضى بشواهده .
" إلا امرأته " استثنى من آل لوط امرأته وكانت كافرة فالتحقت بالمجرمين في الهلاك. وقد تقدمت قصة قوم لوط في ( الأعراف) وسورة ( هود) بما فيه كفاية. " قدرنا إنها لمن الغابرين " أي قضينا وكتبنا إنها لمن الباقين في العذاب. والغابر: الباقي.
قال:
لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج
الأغبار بقايا اللبن. وقرأ أبو بكر والمفضل ( قدرنا) بالتخفيف هنا وفي النمل، وشدد الباقون. الهروي : يقال قدر وقدر، بمعنىً.
الثانية: لا خلاف بين أهل اللسان وغيرهم أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي، فإذا قال رجل: له علي عشرة دراهم إلا أربعة إلا درهماً، ثبت الإقرار بسبعة، لأن الدرهم مستثنىً من الأربعة، وهو مثبت لأنه مستثنى من منفي، وكانت الأربعة منفية لأنها مستثناة من موجب وهو العشرة، فعاد الدرهم إلى الستة فصارت سبعة. وكذلك لو قال: علي خمسة دراهم إلا درهماً إلا ثلثيه، كان عليه أربعة دراهم وثلث. وكذلك إذا قال: لفلان علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة، كان الاستثناء الثاني راجعاً إلى ما قبله، والثالث إلى الثاني فيكون عليه درهمان، لأن العشرة إثبات والثمانية إثبات فيكون مجموعها ثمانية عشر. والتسعة نفي والسبعة نفي فيكون ستة عشر تسقط من ثمانية عشر ويبقى درهمان، وهو القدر الواجب بالإقرار لا غير. فقوله سبحانه: " إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين * إلا امرأته " فاستثنى آل لوط من القوم المجرمين، ثم قال ( إلا امرأته) فاستثناها من آل لوط، فرجعت في التأويل إلى القوم المجرمين كما بينا. وهكذا الحكم في الطلاق، لو قال لزوجته: أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين إلا واحدة طلقت ثنتين، لأن الواحدة رجعت إلى الباقي من المستثنى منه وهي الثلاث. وكذا كل ما جاء من هذا فتفهمه.
يقول تعالى إخباراً عن إبراهيم عليه السلام لما ذهب عنه الروع وجاءته البشرى, أنه شرع يسألهم عما جاءوا له, فقالوا: "إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين" يعنون قوم لوط, وأخبروه أنهم سينجون آل لوط من بينهم إلا امرأته فإنها من الهالكين, ولهذا قالوا: "إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين" أي الباقين المهلكين.
60- "إلا امرأته" هذا الاستثناء من الضمير في منجوهم إخراجاً لها من التنجية: أي إلا امرأته فليست ممن ننجيه بل ممن نهلكه، وقيل إن الاستثناء من آل لوط باعتبار ما حكم لهم به من التنجية، والمعنى: قالوا: إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنهلكهم إلا آل لوط إنا لمنجوهم إلا امرأته فإنها من الهالكين، ومعنى " قدرنا إنها لمن الغابرين " قضينا وحكمنا أنها من الباقين في العذاب مع الكفرة، والغابر الباقي، قال الشاعر:
لا تكسح الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج
والإغبار: بقايا اللبن. قال الزجاج: معنى قدرنا دبرنا وهو قريب من معنى قضينا وأصل التقدير: جعل الشيء على مقدار الكفاية. وقرأ عاصم من رواية أبي بكر والمفضل "قدرنا" بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد. قال الهروي: هما بمعنى، وإنما أسند التقدير إلى الملائكة مع كونه من فعل الله سبحانه لما لهم من القرب عند الله.
60-"إلا امرأته"، أي: امرأة لوط، "قدرنا"، قضينا، "إنها لمن الغابرين"، الباقين في العذاب، والاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، فاستثنى امرأة لوط من الناجين فكانت ملحقة بالهالكين.
قرأ أبو بكر "قدرنا" هاهنا وفى سورة النمل بتخفيف الدال، والباقون بتشديدها.
60."إلا امرأته"استثناء من"آل لوط"، أو من ضميرهم ،وعلى الأول لا يكون إلا من ضميرهم لاختلاف الحكمين اللهم إلا أن يجعل "إنا لمنجوهم"اعتراضاً ، وقرأحمزة والكسائيلمنجوهم مخففاً "قدرنا إنها لمن الغابرين"الباقين مع الكفرة لتهلك معهم . وقرأ أبو بكر عن عاصم قدرنا هنا وفي النمل بالتخفيف ، وإنما علق والتعليق من خواص أفعال القلوب لتضمنه معنى العلم .ويجوز أن يكون "قدرنا" أجري مجرى قلنا لأن التقدير بمعنى القضاء قول ، ,أصله جعل الشيء على مقدار غيره وإسنادهم إياه إلى أنفسهم .وهو فعل الله سبحانه وتعالى لمالهم من القرب والاختصاص به.
60. Except his wife, of whom We had decreed that she should be of those who stay behind.
60 - Except his wife, who, we have ascertained, will be among those who will lag behind.