[إبراهيم : 49] وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ
49 - (وترى) يا محمد تبصر (المجرمين) الكافرين (يومئذ مقرنين) مشدودين مع شياطينهم (في الأصفاد) القيود أو الأغلال
قوله تعالى : "وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد" .
قوله تعالى: " وترى المجرمين " وهم المشركون. " يومئذ " أي يوم القيامة. " مقرنين " أي مشدودين " في الأصفاد " وهي الأغلال والقيود، واحدها صفد وصفد. ويقال: صفدته صفداً أي قيدته والاسم الصفد، فإذا أرادت التكثير قلت: صفدته تصفيداً، قال عمرو بن كلثوم:
فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا
أي مقيدينا. وقال حسان:
من كل مأسور يشد صفاده صقر إذا لاقى الكريهة حام
أي غله، وأصفدته إصفاداً أعطيته. وقيل: صفدته وأصفدته جاريان في القيد والإعطاء جميعاً، قال النابغة:
فلم أعرض أبيت اللعن بالصفد
فالصفد العطاء، لأنه يقيد ويعبد، قال أبو الطيب:
وقيدت نفسي في ذراك محبةً ومن وجد الإحسان قيداً تقيدا
قيل: يقرن كل كافر مع شيطان في غل، بيانه قوله: " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " ( الصافات: 22) يعني قرناءهم من الشيطان. وقيل: إنهم الكفار يجمعون في الأصفاد كما اجتمعوا في الدنيا على المعاصي.
يقول تعالى: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات" وتبرز الخلائق لديانها, ترى يا محمد يومئذ المجرمين وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم "مقرنين" أي بعضهم إلى بعض قد جمع بين النظراء أو الأشكال منهم كل صنف إلى صنف, كما قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" وقال: " وإذا النفوس زوجت " وقال: "وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً" وقال: " والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد " والأصفاد هي القيود, قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والأعمش وعبد الرحمن بن زيد, وهو مشهور في اللغة, قال عمرو بن كلثوم:
آبوا بالثياب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا
وقوله: "سرابيلهم من قطران" أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران, وهو الذي تهنأ به الإبل أي تطلى, قال قتادة: وهو ألصق شيء بالنار. ويقال فيه: قطران بفتح القاف وكسر الطاء وتسكينها, وبكسر القاف وتسكين الطاء, ومنه قول أبي النجم:
كأن قطراناً إذا تلاها ترمي به الريح إلى مجراها
وكان ابن عباس يقول: القطران هنا النحاس المذاب, وربما قرأها "سرابيلهم من قطران" أي من نحاس حار قد انتهى حره, وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة. وقوله: "وتغشى وجوههم النار" كقوله: "تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون" وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن إسحاق, أنبأنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام, عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من أمر الجاهلية لا يتركن: الفخر بالأحساب, والطعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم, والنياحة على الميت, والنائحة إذا لم تتب قبل موتها, تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" انفرد بإخراجه مسلم. وفي حديث القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النائحة إذا لم تتب توقف في طريق بين الجنة والنار سرابيلها من قطران وتغشى وجهها النار".
وقوله: "ليجزي الله كل نفس ما كسبت" أي يوم القيامة كما قال: " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا " الاية "إن الله سريع الحساب" يحتمل أن يكون كقوله تعالى: "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون" ويحتمل أنه في حال محاسبته لعبده سريع النجاز لأنه يعلم كل شيء, ولا يخفى عليه خافية, وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم, كقوله تعالى: "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة" وهذا معنى قول مجاهد "سريع الحساب" إحصاء ويحتمل ان يكون المعنيان مرادين, والله أعلم.
49- "وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد" معطوف على برزوا أو على تبدل، والمجيء بالمضارع لاستحضار الصورة، والمجرمون هم المشركون، ويومئذ يعني يوم القيامة، و "مقرنين" أي مشدودين إما بجعل بعضهم مقروناً مع بعض، أو قرنوا مع الشياطين كما في قوله: "نقيض له شيطاناً فهو له قرين" أو جعلت أيديهم مقرونة إلى أرجلهم، والأصفاد: الأغلال، والقيود، والجار والمجرور متعلق بمقرنين أو حال من ضميره، يقال صفدته صفداً: أي قيدته، والاسم الصفد، فإذا أردت التكثير قلت صفدته. قال عمرو بن كلثوم:
فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا
وقال حسان بن ثابت:
من بين مأسور يشد صفاده صقر إذا لاقى الكريهة حامي
ويقال صفدته وأصفدته: إذا أعطيته، ومنه قول النابغة:
ولم أعرض أبيت اللعن بالصفد
"وترى المجرمين يومئذ مقرنين"، مشدودين بعضهم ببعض، "في الأصفاد"، في القيود والأغلال واحدها صفد، وكل من شددته شدا وثيقا فقد صفدته.
قال أبو عبيدة: صفدت الرجل فهو مصفود، وصفدته بالتشديد فهو مصفد.
وقيل: يقرن كل كافر مع شيطانه في سلسلة، بيانه قوله تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" (الصافات-22)، يعني: قرناءهم من الشياطين.
وقيل: معناه مقرنه أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد والقيود، ومنه قيل للحبل: قرن.
49."وترى المجرمين يومئذ مقرنين"قرن بعضهم بعض بحسب مشاركتهم في العقائد والأعمال كقوله:"وإذا النفوس زوجت"أو قرنوا مع الشياطين أو مع ما اكتسبوا من العقائد الزائغة والملكات الباطلة ، أو قرنت أيدينهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأغلال ،وهو يحتمل أن يكون تمثيلاً لمؤاخذتهم على ما اقترفته أيديهم وأرجلهم."في الأصفاد"متعلق ب"مقرنين"أوحال من ضميره ، والصفد القيد. وقيل الغل قال سلامة بن جندل :
وزيد الخيل قد لاقى صفاداً يعض بساعد وبعظم ساق
وأصله الشد.
49. Thou wilt see the guilty on that day linked together in chains.
49 - And thou wilt see the sinners that day bound together in fetters;