[إبراهيم : 48] يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ
48 - اذكر (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) هو يوم القيامة فيحشر الناس على أرض بيضاء نقية كما في حديث الصحيحين وروى مسلم حديث سئل النبي صلى الله عليه وسلم أين الناس يومئذ قال على الصراط (وبرزوا) خرجوا من القبور (لله الواحد القهار)
يقول تعالى ذكره : إن الله ذو انتقام "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" من مشركي قومك يا محمد من قريش ، وسائر من كفر بالله وجحد نبوتك ونبوة رسله من قبلك . فيوم من صلة الانتقام .
واختلف في معنى قوله : "يوم تبدل الأرض غير الأرض" فقال بعضهم : معنى ذلك : يوم تبدل الأرض التي عليها الناس اليوم في دار الدنيا غير هذه الأرض ، فتصير أرضاً بيضاء كالفضة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت عمرو بن ميمون يحدث ، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية : "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" قال : أرض كالفضة نقية لم يسل فيها دم ، ولم يعمل فيها خطيئة ، يسمعهم الداعي ،وينفذهم البصر ، حفاة عراة قياماً ، أحسب قال : كما خلقوا ، حتى يلجمهم العرق قياماً وحده .
قال شعبة : ثم سمعته يقول : سمعت عمرو بن ميمون ، ولم يذكر عبد الله ثم عاودته فيه ، قال : حدثنيه هبيرة ، عن عبد الله .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا يحيى بن عباد ، قال: أخبرنا شعبة ، قال : أخبرنا أبو إسحاق ، قال : سمعت عمرو بن ميمون ـ وربما قال : قال عبد الله : وربما لم يقل ، فقلت له : عن عبد الله ، قال : سمعت عمرو بن ميمون ـ يقول "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال: أرض كالفضة بيضاء نقية ، لم يسل فيها دم ، ولم يعمل فيها خطيئة ، فينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة كما خلقوا ، قال : أراه قال : قياماً حتى يلجمهم العرق .
حدثنا الحسن قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن مسعود ، في قوله : "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" ، قال : تبدل أرضاً بيضاء نقية كأنها فضة ، لم يسفك فيها دم حرام ، ولم يعمل فيها خطيئة .
حدثني المثنى قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون عن عبد الله ، في قوله : "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال: أرض الجنة بيضاء نقية ، لم يعمل فيها خطيئة ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، حفاة عراة قياماً يلجمهم العرق .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ، قال : أرض بيضاء كالفضة لم يسفك فيها دم حرام ، ولم يعمل فيها خطيئة .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا يحيى بن عباد ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : أخبرنا عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه تلا هذه الآية "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار" ، قال : يجاء بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يسفك فيها دم ، ولم يعمل عليها خطيئة ،قال : فأول ما يحكم بين الناس فيه في الدماء .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سنان ،عن جابر الجعفي ، عن أبي جبيرة ، عن زيد ، قال : "أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود ، فقال : هل تدرون لم أرسلت إليهم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإني أرسلت إليهم أسألهم عن قول الله "يوم تبدل الأرض غير الأرض" إنها تكون يومئذ بيضاء مثل الفضة ، فلما جاؤوا سألهم ، فقالوا : تكون بيضاء مثل النفي" .
حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس بن مالك ، أنه تلا هذه الآية "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال : يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة لم يعمل عليها الخطايا ، ينزلها الجبار تبارك وتعالى .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ،قوله "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال : كأنها الفضة ،زاد الحسن في حديثه عن شبابة : والسموات كذلك أيضاً كأنها الفضة .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ، قال : أرض كأنها الفضة ، والسموات كذلك أيضاً .
حدثنا ابن البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : حدثني أبو حازم ، قال: سمعت سهل بن سعد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي" . قال سهل أو غيره :لي فيها معلم لغيره .
وقال آخرون : تبدل ناراً .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن قيس بن السكن ، قال : قال عبد الله : الأرض كلها نار يوم القيامة ، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها ، والذي نفس عبد الله بيده ، إن الرجل ليفيض عرقاً ، حتى يرشح في الأرض قدمه ، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسه الحساب ، فقالوا : مم ذاك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : مما يرى الناس ويلقون .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن الأعمش ،عن خثيمة ، قال : قال عبد الله : الأرض كلها يوم القيامة نار ، والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها ، ويلجم الناس العرق ، أو يبلغ منهم العرق ، ولم يبلغوا الحساب .
وقال آخرون : بل تبدل الأرض أرضاً من فضة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت المغيرة بن مالك يحدث عن المجاشع أو المجاشعي ، شك أبو موسى ، عمن سمع علياً يقول في هذه الآية : "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ، قال : الأرض من فضة ، والجنة من ذهب .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن شعبة ، عن المغيرة بن مالك ، قال : حدثني رجل من بني مجاشع ، يقال له عبد الكريم ، أو ابن عبد الكريم ، قال : حدثني هذا الرجل أراه بسمرقند ، أنه سمع علي بن أبي طالب قرأ هذه الاية "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ، قال: الأرض من فضة ، والجنة من ذهب .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ،عن شعبة ، عن مغيرة بن مالك ، عن رجل من بني مجاشع ،يقال له عبد الكريم ، أو يكنى أبا عبد الكريم ، قال : أقامني على رجل بخراسان ، فقال : حدثني هذا أنه سمع علي بن أبي طالب ، فذكر نحوه .
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ،قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن ابيه ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ... الاية ، فزعم أنها تكون فضة .
حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال :حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس بن مالك قال : يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة .
وقال آخرون : يبدلها خبزة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو سعد سعيد بن دل من صغانيان ، قال : حدثنا الجارود بن معاذ الترمذي ، قال : حدثنا وكيع بن الجراح ، عن عمر بن بشر الهمداني ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال : تبدل خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه .
حدثني المينى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب القرظي ، أو عن محمد بن قيس : "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال : خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم .
وقال آخرون : تبدل الأرض غير الأرض .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي بن سهل ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، قال :حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن كعب في قوله : "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" ، قال : تصير السماوات جناناً ويصير مكان البحر النار ، قال : وتبدل الأرض غيرها .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن إسماعيل بن رافع المدني ، عن يزيد ، عن رجل من الأنصار ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن رجل من الأنصار ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "يبدل الله الأرض غير الأرض والسماوات ، فيبسطها ويسطحها ، ويمدها مد الأديم العكاظي ، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ، ثم يزجر الله الخلق زجرة ، فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها ففي بطنها ، وما كان على ظهرها كان على ظهرها ، وذلك حين يطوي السماوات كطي السجل للكتاب ، ثم يدحو بهما ، ثم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم بن بشير ، قال : حدثنا عمرو بن قيس ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي . قال : يجمع الناس يوم القيامة في أرض بيضاء ،لم يعمل فيها خطيئة مقدار أربعين سنة يلجمهم العرق .
وقالت عائشة في ذلك ما :
حدثنا ابن أبي الشوارب وحميد بن مسعدة وابن بزيع ، قالوا : حدثنا يزيد بن زريع ، عن داود ، عن عامر ، "عن عائشة ، قالت : قلت : يا رسول الله ، إذا بدلت الأرض غير الأرض ، وبرزوا لله الواحد القهار ، أين الناس يومئذ ؟ قال : على الصراط" ؟
حدثنا حميد بن مسعدة وابن بزيع ، قالا : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا داود ،عن عامر ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .
حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : حدثنا خالد ،عن داود ،عن عامر ، عن مسروق ، قال : "قلت لعائشة : يا أم المؤمنين أرأيت قول الله "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار" أين الناس يومئذ ؟ فقالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : على الصراط" .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا الحسن بن عنبسة الوراق ، قال : حدثنا عبد الرحيم ، يعني ابن سليمان الرازي ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر ، عن مسروق ، "عن عائشة ، قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قول "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ، قلت : يا رسول الله ، إذا بدلت الأضر غير الأرض ، أين يكون الناس ؟ قال : على الصراط" .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال :حدثنا عاصم بن علي ، قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا ، عن داود ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة بنحوه .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن عامر ، عن عائشة أم المؤمنين قالت : أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، ثم ذكر نحوه .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال :حدثنا ربعي بن إبراهيم الأسدي أخو إسماعيل بن إبراهيم ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر ، قال :"قالت عائشة : يا رسول الله ،أرأيت إذا بدلت الأرض غير الأرض ، أين الناس يومئذ ؟ قال : على الصراط" .
حدثنا الحسن ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرني القاسم ، قال : سمعت الحسن ، قال : "قالت عائشة : يا رسول الله "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ، فأين الناس يومئذ ؟ قال : إن هذا الشيء ما سألني عنه أحد ، قال : على الصراط يا عائشة" .
حدثنا الحسن ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، قال : حدثني الوليد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن حسان بن بلال المزني ، "عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قول الله "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" ، قال : قالت : يا رسول الله ، فأين الناس يومئذ ؟ قال :لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي ، ذاك إذا الناس على جسر جهنم" .
حدثنا بشر، قال : حدثنا يزيد ، قال :حدثنا سعيد ، عن قتادة "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" ، "ذكر لنا أن عائشة قالت : يا رسول الله ، فأين الناس يومئذ ؟ فقال : لقد سألت عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي قبلك ، قال: هم يومئذ على جسر جهنم" .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، "أن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه ، إلا انه قال : على الصراط" .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أسماء ، عن ثوبان ، قال :" سأل حبر من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض ؟ قال : هم في الظلمة دون الجسر" .
حدثني محمد بن عون ، قال : حدثنا ابو المغيرة ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال :"أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود ، وقال : أرأيت إذ يقول الله في كتابه "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات" ، فأين الخلق عند ذلك ؟ قال : أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه" .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : يوم تبدل الأرض التي نحن عليها اليوم يوم القيامة غيرها ، وكذلك السماوات اليوم تبدل غيرها ،كما قال جل ثناؤه ، وجائز أن تكون المبدلة أرضاً أخرى من فضة ، وجائز أن تكون ناراً، وجائز أن تكون خبزاً ، وجائز أن تكون غير ذلك ، ولا خبر في ذلك عندنا من الوجه الذي يجب التسليم له أي ذلك يكون ، فلا قول في ذلك يصح إلا ما دل عليه ظاهر التنزيل .
وبنحو ما قلنا في معنى قوله : "والسماوات" قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد "يوم تبدل الأرض غير الأرض" ، قال : ارضاً كأنها الفضة ، "والسماوات" كذلك أيضاً .
وقوله : "وبرزوا لله الواحد القهار" ، يقول : وظهروا لله المنفرد بالربوبية ، الذي يقهر كل شيء فيغلبه ويصرفه لما يشاء كيف يشاء ، فيحيى خلقه إذا شاء ، ويميتهم إذا شاء ، لا يغلبه شيء ، ولا يقهره من قبورهم أحياء لموقف القيامة .
قوله تعالى: " يوم تبدل الأرض غير الأرض " أي اذكر يوم تبدل الأرض، فتكون متعلقة بما قبله. وقيل: هو صفة لقوله: ( يوم يقوم الحساب). واختلف في كيفية تبديل الأرض، فقال كثير من الناس: إن تبدل الأرض عبارة عن تغير صفاتها، وتسوية آكامها، ونسف جبالها، ومد أرضها، ورواه ابن مسعود رضي الله عنه، خرجه ابن ماجه في سننه وذكره ابن المبارك من حديث شهر بن حوشب، قال حدثني ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا، وذكر الحديث. وروي مرفوعاً من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تبدل الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ثم يزجر الله الخلق زجرةً فإذا هم في الثانية في مثل مواضعهم من الأولى من كان في بطنها ففي بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها " ذكره الغزنوي . وتبديل السماء تكوير شمسها وقمرها، وتناثر نجومها، قاله ابن عباس. وقيل: اختلاف أحوالها، فمرة كالمهل ومرة كالدهان، حكاه ابن الأنباري، وقد ذكرنا هذا الباب مبيناً في كتاب التذكرة وذكرنا ما للعلماء في ذلك، وأن الصحيح إزالة هذه الأرض حسب ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كنت قائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك، وذكر الحديث، وفيه: فقال اليهودي أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الظلمة دون الجسر ". وذكر الحديث. وخرج عن عائشة قالت: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فأين يكون الناس يومئذ؟ قال: ( على الصراط)" خرجه ابن ماجه بإسناد مسلم سواء، وخرجه الترمذي عن عائشة وأنها هي السائلة، قال: هذا حديث حسن صحيح، فهذه الأحاديث تنص على أن السماوات والأرض تبدل وتزال، ويخلق الله أرضاً أخرى يكون الناس عليها بعد كونهم على الجسر. وفي صحيح مسلم "عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد ". وقال جابر: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قول الله عز وجل: ( يوم تبدل الأرض غير الأرض) قال: تبدل خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة، ثم قرأ: " وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام " ( الأنبياء:8) وقال ابن مسعود: إنها تبدل بأرض غيرها بيضاء كالفضة لم يعمل عليها خطيئة. وقال ابن عباس: بأرض من فضة بيضاء. وقال علي رضي الله عنه: تبدل الأرض يومئذ من فضة والسماء من ذهب وهذا تبديل للعين، وحسبك. " وبرزوا لله الواحد القهار " أي من قبورهم، وقد تقدم.
يقول تعالى مقرراً لوعده ومؤكداً: "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله" أي من نصرتهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد, ثم أخبر تعالى أنه ذو عزة لا يمتنع عليه شيء أراده ولا يغالب, وذو انتقام ممن كفر به وجحده "ويل يومئذ للمكذبين", ولهذا قال: " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " أي وعده هذا حاصل يوم تبدل الأرض غير الأرض, وهي هذه على غير الصفة المألوفة المعروفة, كما جاء في الصحيحين من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد".
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عدي عن داود عن الشعبي عن مسروق, عن عائشة أنها قالت: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " قالت: قلت أين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال: "على الصراط", رواه مسلم منفرداً به دون البخاري, والترمذي وابن ماجه من حديث داود بن أبي هند به, وقال الترمذي: حسن صحيح, ورواه أحمد أيضاً عن عفان عن وهيب عن داود, عن الشعبي عنها, ولم يذكر مسروقاً. وقال قتادة عن حسان بن بلال المزني عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله: " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " قالت: قلت يا رسول الله, فأين الناس يومئذ ؟ قال: "لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي, ذاك أن الناس على جسر جهنم".
وروى الإمام أحمد من حديث حبيب بن أبي عمرة عن مجاهد, عن ابن عباس حدثتني عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: "والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه" فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال: "هم على متن جهنم". وقال ابن جرير: حدثنا الحسن, حدثنا علي بن الجعد, أخبرنا القاسم, سمعت الحسن قال: قالت عائشة: يا رسول الله "يوم تبدل الأرض غير الأرض" فأين الناس يومئذ ؟ قال: "إن هذا شيء ما سألني عنه أحد ـ قال ـ على الصراط يا عائشة", ورواه أحمد عن عفان عن القاسم بن الفضل, عن الحسن به.
وقال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثني الحسن بن علي الحلواني, حدثني أبو توبة الربيع بن نافع, حدثنا معاوية بن سلام عن زيد يعني أخاه أنه سمع أبا سلام, حدثني أبو أسماء الرحبي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال: كنت نائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, فجاءه حبر من أحبار اليهود, فقال: السلام عليك يا محمد, فدفعته دفعة كاد يصرع منها, فقال: لم تدفعني ؟ فقلت: ألا تقول يا رسول الله ؟ فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي" فقال اليهودي: جئت أسألك, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أينفعك شيئاً إن حدثتك ؟" قال: أسمع بأذني, فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه فقال: "سل" فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم في الظلمة دون الجسر" قال: فمن أول الناس إجازة ؟ فقال: "فقراء المهاجرين", فقال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال: "زيادة كبد النون" قال: فما غذائهم في أثرها ؟ قال: "ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها" قال: فما شرابهم عليه ؟ قال "من عين فيها تسمى سلسبيلاً". قال: صدقت, قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان. قال "أينفعك إن حدثتك ؟ " قال: أسمع بأذني. قال: جئت أسألك عن الولد, قال: "ماء الرجل أبيض, وماء المرأة أصفر, فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة, أذكرا بإذن الله تعالى, وإذا علا مني المرأة مني الرجل, أنثا بإذن الله" قال اليهودي: لقد صدقت وإنك لنبي ثم انصرف, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه, وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به".
قال أبو جعفر بن جرير الطبري: حدثنا ابن عوف, حدثنا أبو المغيرة, حدثنا ابن أبي مريم, حدثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي, عن أبي أيوب الأنصاري أن حبراً من اليهود سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إذ يقول الله تعالى في كتابه: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات" فأين الخلق عند ذلك ؟ فقال: "أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه" ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به. وقال شعبة: أخبرنا أبو إسحاق, سمعت عمرو بن ميمون, وربما قال: قال عبد الله, وربما لم يقل, فقلت له عن عبد الله فقال: سمعت عمرو بن ميمون يقول: "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال: أرض كالفضة البيضاء نقية لم يسفك فيها دم ولم يعمل عليها خطيئة, ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي حفاة عراة كما خلقوا, قال: أراه قال قياماً حتى يلجمهم العرق. وروي من وجه آخر عن شعبة عن إسرائيل عن أبي إسحاق, عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود بنحوه, وكذا رواه عاصم عن زر عن ابن مسعود به. وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون: لم يخبر به, أورد ذلك كله ابن جرير.
وقد قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل, حدثنا سهل بن حماد أبو عتاب, حدثنا جرير بن أيوب عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله, عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل:" "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال: أرض بيضاء لم يسفك عليها دم, ولم يعمل عليها خطيئة" ثم قال: لا نعلم رفعه إلا جرير بن أيوب, وليس بالقوي, ثم قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب, حدثنا معاوية بن هشام عن سنان عن جابر الجعفي, عن أبي جبيرة عن زيد قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود فقال: "هل تدرون لم أرسلت إليهم ؟" قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: "فإني أرسلت إليهم أسألهم عن قول الله "يوم تبدل الأرض غير الأرض" إنها تكون يومئذ بيضاء مثل الفضة" فلما جاءوا سألهم, فقالوا: تكون بيضاء مثل النقي, وهكذا روي عن علي وابن عباس وأنس بن مالك ومجاهد بن جبر أنها تبدل يوم القيامة بأرض بيضاء من فضة. وعن علي رضي الله عنه أنه قال: تصير الأرض فضة والسموات ذهباً. وقال الربيع عن أبي العالية بن كعب, قال: تصير السموات جناناً. وقال أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي أو عن محمد بن قيس في قوله: "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال: خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم, وكذا روى وكيع عن عمر بن بشير الهمداني عن سعيد بن جبير في قوله: "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال: تبدل الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه.
وقال الأعمش عن خيثمة قال: قال عبد الله بن مسعود: الأرض يوم القيامة كلها نار, والجنة من ورائها ترى كواعبها, وأكوابها, ويلجم الناس العرق أو يبلغ منهم العرق, ولم يبلغوا الحساب. وقال الأعمش أيضاً عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن قال: قال عبد الله: الأرض كلها نار يوم القيامة, والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها, والذي نفس عبد الله بيده, إن الرجل ليفيض عرقاً حتى ترسخ في الأرض قدمه, ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسه الحساب, قالوا: مم ذلك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: مما يرى الناس ويلقون. وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن كعب في قوله: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات" قال: تصير السموات جناناً, ويصير مكان البحر ناراً, وتبدل الأرض غيرها. وفي الحديث الذي رواه أبو داود "لا يركب البحر إلا غاز أو حاج أو معتمر, فإن تحت البحر ناراً ـ أو تحت النار بحراً ـ" وفي حديث الصور المشهور المروي عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يبدل الله الأرض غير الأرض والسموات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي, لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً, ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة". وقوله: "وبرزوا لله" أي خرجت الخلائق جميعها من قبورهم لله "الواحد القهار" أي الذي قهر كل شيء وغلبه ودانت له الرقاب وخضعت له الألباب.
48- "يوم تبدل الأرض غير الأرض" قال الزجاج: انتصاب يوم على البدل من يوم يأتيهم، أو على الظرف للانتقام انتهى، ويجوز أن ينتصب بمقدر يدل عليه الكلام: أي واذكر أو وارتقب، والتبديل قد يكون في الذات كما في بدلت الدراهم دنانير، وقد يكون في الصفات كما في بدلت الحلقة خاتماً، والآية تحتمل الأمرين، وقد قيل المراد تغير صفاتها، وبه قال الأكثر، وقيل تغير ذاتها، ومعنى "والسموات" أي وتبدل السموات غير السموات على الاختلاف الذي مر "وبرزوا لله الواحد القهار" أي برز العباد لله أو الظالمون كما يفيده السياق: أي ظهروا من قبورهم، أو ظهر من أعمالهم ما كانوا يكتمونه، والتعبير على المستقبل بلفظ الماضي للتنبيه على تحقق وقوعه كما في قوله: "ونفخ في الصور" والواحد القهار المتفرد بالألوهية الكثير القهر لمن عانده.
قوله عز وجل: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات"،
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يوسف، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، حدثني أبو حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد".
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيلن حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن خالد - هو ابن يزيد - عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفؤ أحدكم خبزته في السفر، نزلا لأهل الجنة".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه في هذه الآية قال: تبدل الأرض بأرض كفضة بيضاء نقية لم يسفك فيها دم ولم تعمل عليها خطيئة.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: تبدل الأرض من فضة والسماء من ذهب.
وقال محمد بن كعب وسعيد بن جبير: تبدل الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه.
وقيل: معنى التبديل جعل السموات جنانا وجعل الأرض نيرانا.
وقيل: تبديل الأرض تغييرها من هيئة إلى هيئته، وهي تسير جبالها، وطم أنهارها، وتسوية أوديتها وقطع أشجارها، وجعلها قاعا صفصفا، وتبديل السموات: تغيير حالها بتكوير شمسها، وخسوف قمرها وانثار نجومها، وكونها مرة كالدهان، ومره كالمهل.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر، عن داود - وهو ابن أبي هند - عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات" فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله؟ فقال:على الصراط".
وروى ثوبان "أن حبرا من اليهود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض، قال: هم في الظلمة دون الجسر".
قوله تعالى: "وبرزوا"، خرجوا من قبورهم، "لله الواحد القهار"، الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
48."يوم تبدل الأرض غير الأرض"بدل من "يوم يأتيهم"أو ظرف للانتقام ، أو مقدر باذكر أو لا يخلف وعده .ولا يجوز أن ينتصب بمخلف لأن ما قبل أن لا يعمل فيما بعده . "والسموات"عطف على الأرض وتقديره والسموات غير السموات ، والتبديل يكون في الذات كقولك : بدلت الدراهم دنانير وعليه قوله:"بدلناهم جلوداً غيرها"وفي صفة كقولك بدلت الحلقة خاتماً إذا أذبتها وغيرت شكلها، وعليه قوله: "يبدل الله سيئاتهم حسنات"والآية تحتملهما، فعن علي رضي الله تعالى عنه : تبدل أرضاً من فضة وسموات من ذهب ، وعن ابن مسعود وأنس رضي الله تعالى عنهما: يحشر الناس على أرض بيضاء لم يخطئ عليها أحد خطيئة ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : هي تلك الأرض وإنما تتغير صفاتها. ويدل عليه ما روي أبو هريرة رضي الله تعالى عنه "أنه عليه الصلاة والسلام قال:تبدل الأرض غير الأرض فتبسط وتمد مد الأديم العكاظي" " لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً" واعلم أنه لا يلزم الوجود الأول أن يكون الحاصل بالتبديل أرضاً وسماء على الحقيقة و ولا يبعد على الثاني أن يجعل الله الأرض جهنم والسموات الجنة على ما أشعر به قوله تعالى :"كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين "وقوله : "إن كتاب الفجار لفي سجين"."وبرزوا"من أجداثهم "لله الواحد القهار"لمحاسبته ومجازاته ، وتوصيفه بالوصفين لدلالة على أن الأمر في غاية الصعوبة كقوله: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار"فإن الأمر إذا كان لواحد غلاب لا يغالب فلا مستغاث لأحد إلى غيره ولا مستجار.
48. On the day when the earth will be changed to other than the earth, and the heavens (also will be changed) and they will come forth unto Allah, the One, the Almighty.
48 - One day the earth will be changed to a different earth, and so will be the heavens, and (men) will be marshalled forth, before God, the one, the irresistible;