[إبراهيم : 20] وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ
20 - (وما ذلك على الله بعزيز) شديد
قال أبو جعفر : يقول عز ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر ، يا محمد ، بعين قلبك ، فتعلم أن الله أنشأ السماوات والأرض بالحق منفرداً بإنشائها بغير ظهير ولا معين ، "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد" ، يقول : إن الذي تفرد بخلق ذلك وإنشائه من غير معين ولا شريك ، إن هو شاء أن يذهبكم فيفنيكم ، أذهبكم وافناكم ، ويأت بخلق آخر سواكم مكانكم فيجدب خلقهم ، "وما ذلك على الله بعزيز" ، يقول : وما إذهابكم وإفناؤكم وإنشاء خلق آخر سواكم مكانكم ، على الله بممتنع ولا متعذر ، لأنه القادر على ما يشاء .
واختلف القراة في قراءة قوله : "ألم تر أن الله خلق" .
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين : "خلق" ، على فعل .
وقرأته عامة قرأة أهل الكوفة : خالق ، على فاعل .
وهما قراءتان مستفيضتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القراة ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
" وما ذلك على الله بعزيز " أي منيع متعذر.
يقول تعالى مخبراً عن قدرته على معاد الأبدان يوم القيامة بأنه خلق السموات والأرض التي هي أكبر من خلق الناس, أفليس الذي قدر على خلق هذه السموات في ارتفاعها واتساعها وعظمتها, وما فيها من الكواكب الثوابت والسيارات, والحركات المختلفات, والايات الباهرات, وهذه الأرض بما فيها من مهاد ووهاد وأوتاد, وبراري وصحارى, وقفار وبحار, وأشجار ونبات, وحيوان على اختلاف أصنافها ومنافعها وأشكالها وألوانها " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير " وقال تعالى: " أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون * أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون " وقوله "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز" أي بعظيم ولا ممتنع بل هو سهل عليه إذا خالفتم أمره أن يذهبكم ويأت بآخرين على غير صفتكم كما قال: "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد * إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز" وقال: " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " وقال: "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه" وقال: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً".
20- "وما ذلك على الله بعزيز" أي بممتنع، لأنه سبحانه قادر على كل شيء، وفيه أن الله تعالى هو الحقيق بأن يرجى ثوابه ويخاف عقابه.
"وما ذلك على الله بعزيز"، منيع شديد، يعني أن الأشياء تسهل في القدرة، لا يصعب على الله تعالى شيء وإن جل وعظم.
20."وما ذلك على الله بعزيز"بمتعذر أو متعسر فإنه قادر لذاته لا اختصاص له بمقدور دون مقدور ، ومن كان هذا شأنه كان حقيقاً بأن يؤمن به ويعبد رجاء لثوابه وخوفاً من عقابه يوم الجزاء.
20. And that is no great matter for Allah.
20 - Nor is that for God any great matter.