[الرعد : 1] المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
1 - (المر) الله أعلم بمراده بذلك (تلك) هذه الآيات (آيات الكتاب) القرآن والإضافة بمعنى من (والذي أنزل إليك من ربك) أي القرآن مبتدأ خبره (الحق) لاشك فيه (ولكن أكثر الناس) أي أهل مكة (لا يؤمنون) بأنه من عنده تعالى
قال أبو جعفر : قد بينا القول في تأويل قوله : آلر و "المر" ، ونظائرهما من حروف المعجم التي افتتح بها أوائل بعض سور القرآن ، فيما مضى ، بما فيه الكفاية من إعادتها ، غير أنا نذكر من الرواية ما جاء خاصاً به كل سورة افتتح أولها بشيء منها .
فما جاء من الرواية في ذلك في هذه السورة عن ابن عباس من نقل أبي الضحى مسلم بن صبيح و سعيد بن جبير عنه ، التفريق بين معنى ما ابتدىء به أولها ، ومع زيادة الميم التي فيها على سائر السور ذوات آلر ، ومعنى ما ابتدىء به أخواتها ، مع نقصان ذلك منها عنها .
ذكر الرواية بذلك عنه :
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الرحمن ، عن هشيم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "المر" ، قال : أنا الله أرى .
حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن ابي الضحى ، عن ابن عباس قوله : "المر" ، قال : أنا الله أرى .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال ، حدثنا سفيان، عن مجاهد : "المر" ، فواتح يفتتح بها كلامه .
وقوله : "تلك آيات الكتاب" ، يقول تعالى ذكره : تلك التي قصصت عليك خبرها ، آيات الكتاب الذي أنزلته قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك إلى من أنزلته إليه من رسلي قبلك .
وقيل : عني بذلك التوارة والأنجيل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "المر تلك آيات الكتاب" ، الكتب التي كانت قبل القرآن .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان ، عن مجاهد : "تلك آيات الكتاب" ، قال : التوارة والإنجيل .
وقوله : "والذي أنزل إليك من ربك الحق" ، القرآن ، فاعمل بما فيه واعتصم به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال ، حدثنا سفيان ، عن مجاهد : "والذي أنزل إليك من ربك الحق" ، قال : القرآن .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "والذي أنزل إليك من ربك الحق" ، أي : هذا القرآن .
وفي قوله : "والذي أنزل إليك" ، وجهان من الإعراب :
أحدهما : الرفع ، على أنه كلام مبتدأ ، فيكون مرفوعاً بـ الحق و الحق به . وعلى هذا الوجه تأويل مجاهد و قتادة الذي ذكرناه قبل عنهما .
والآخر : الخفض ، على العطف به على "الكتاب" ، فيكون معنى الكلام حينئذ : تلك آيات التوارة والإنجيل والقرآن . ثم يبتدىء : الحق ، بمعنى : ذلك الحق ، فيكون رفعه بمضمر من الكلام قد استغني بدلالة الظاهر عليه منه .
ولو قيل : معنى ذلك : تلك آيات الكتاب الذي أنزل إليك من ربك الحق ، وإنما أدخلت الواو في "والذي" ، وهو نعت للكتاب ، كما أدخلها الشاعر في قوله :
‌‌‌‌‌‌‌‌إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
فعطف بـ الواو وذلك كله من صفة واحد ، كان مذهباً من التأويل . ولكن ذلك إذا تؤول كذلك ، فالصواب من القراءة في الحق الخفض ، على أنه نعت لـ الذي .
وقوله : "ولكن أكثر الناس لا يؤمنون" ، ولكن أكثر الناس من مشركي قومك لا يصدقون بالحق الذي أنزل إليك من ربك ، ولا يقرون بهذا القرآن وما فيه من محكم آيه .
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، ومدنية في قول الكلبي ومقاتل. وقال ابن عباس وقتادة: مدنية إلا آيتين منهما نزلتا بمكة، وهما قوله عز وجل: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال " ( الرعد: 31) إلى آخرهما.
قوله تعالى: " المر تلك آيات الكتاب " تقدم القول فيها. " والذي أنزل إليك " يعني وهذا القرآن الذي أنزل إليك. " من ربك الحق " لا كما يقول المشركون: إنك تأتي به من تلقاء نفسك، فاعتصم به، واعمل بما فيه. قال مقاتل: نزلت حين قال المشركون: إن محمداً أتى بالقرآن من تلقاء نفسه. ( والذي) في موضع رفع عطفاً على ( آيات) أو على الابتداء، و ( الحق) خبره، ويجوز أن يكون موضعه جراً على تقدير: وآيات الذي أنزل إليك، وارتفاع ( الحق) على هذا على إضمار مبتدأ، تقديره: ذلك الحق، كقوله تعالى: " وهم يعلمون" الحق يعني ذلك الحق. قال الفراء: وإن شئت جعلت ( الذي) خفضاً نعتاً للكتاب، وإن كانت فيه الواو كما يقال: أتانا هذا الكتاب عن أبي حفص والفاروق، ومنه قول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
يريد: إلى الملك القرم بن الهمام، ليث الكتيبة. " ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ".
أما الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور, فقد تقدم في أول سورة البقرة, وقدمنا أن كل سورة ابتدئت بهذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن وتبيان أن نزوله من عند الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا ريب, ولهذا قال: "تلك آيات الكتاب" أي هذه آيات الكتاب, وهو القرآن, وقيل: التوراة والإنجيل, قاله مجاهد وقتادة, وفيه نظر بل هو بعيد, ثم عطف على ذلك عطف صفات فقال: "والذي أنزل إليك" أي يا محمد "من ربك الحق" خبر تقدم مبتدؤه, وهو قوله: "والذي أنزل إليك من ربك" هذا هو الصحيح المطابق لتفسير مجاهد وقتادة, واختار ابن جرير أن تكون الواو زائدة أو عاطفة صفة على صفة كما قدمنا, واستشهد بقول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
وقوله: "ولكن أكثر الناس لا يؤمنون" كقوله: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" أي مع هذا البيان والجلاء والوضوح لا يؤمن أكثرهم لما فيهم من الشقاق والعناد والنفاق .
قد وقع الخلاف هل هي مكية أو مدنية؟ فروى النحاس في ناسخه عن ابن عباس أنها نزلت بمكة. وروى أبو الشيخ وابن مردويه عنه أنها نزلت بالمدينة. وممن ذهب إلى أنها مكية سعيد بن جبير والحسن وعكرمة وعطاء وجابر بن زيد. وممن ذب إلى أنها نزلت بالمدينة ابن الزبير والكلبي ومقاتل. وقول ثالث أنها مدنية إلا آيتين منها فإنهما نزلتا بمكة، وهما قوله نعالى: "ولو أن قرآناً سيرت به الجبال" وقيل فوله: "ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة". وقد روي هذا عن ابن عباس أيضاً وقتادة. وقد أخرج ابن أبي شيبة والمروزي في الجنائز عن جابر بن زيد قال: كان يستحب إذا حضر الميت أن يقرأ عنده سورة الرعد فإن ذلك يخفف عن الميت وإنه أهون لقبضه وأيسر لشأنه.
قوله: 1- "المر" قد تقدم الكلام في هذه الحروف الواقعة في أوائل السور بما يغني عن الإعادة، وهو اسم للسورة مرفوع المحل على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو على أنه مبتدأ خبره ما بعده، والتقدير على الول هذه السورة اسمها هذا، والإشارة بقوله: "تلك" إلى آيات هذه السورة، والمراد بالكتاب السورة: أي تلك الآيات آيات السورة الكاملة العجيبة الشأن، ويكون قوله: "والذي أنزل إليك من ربك الحق" مراداً به القرآن كله: أي هو الحق البالغ في اتصافه بهذه الصفة، أو تكون الإشارة بقوله "تلك" إلى آيات القرآن جميعه على أن المراد بالكتاب جميع القرآن ويكون قوله: "والذي أنزل إليك من ربك الحق" جملة مبينة لكون هذا المنزل هو الحق. قال الفراء: والذي رفع بالاستئناف وخبره الحق. قال: وإن شئت جعلت الذي خفضا نعتاً للكتاب، وإن كانت فيه الواو كما في قوله:
إلى الملك القرم وابن الهمام
ويجوز أن يكون محل والذي أنزل إليك الجر على تقدير: وآيات الذي أنزل إليك، فيكون الحق على هذا خبر المبتدأ محذوف "ولكن أكثر الناس لا يؤمنون" بهذا الحق الذي أنزله الله عليك.
1- مكية إلا قوله: "ولا يزال الذين كفروا"، وقوله: "ويقول الذين كفروا لست مرسلاً"، وهي ثلاث وأربعون آية.
"المر" قال ابن عباس: معناه: أنا الله أعلم وأرى، "تلك آيات الكتاب"، يعني: تلك الأخبار التي قصصتها عليك آيات التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة، "والذي أنزل إليك"، يعني: وهذا القرآن الذي أنزل إليك، "من ربك الحق"، أي: هو الحق فاعتصم به.
فيكون محل "الذي" رفعا على الابتداء، و"الحق" خبره.
وقيل: محله خفض، يعني: تلك آيات الكتاب وآيات الذي أنزل إليك، ثم ابتدأ: "الحق"، يعني: ذلك الحق.
وقال ابن عباس: أراد بالكتاب القرآن، ومعناه: هذه آيات الكتاب، يعني القرآن، ثم قال: وهذا القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق.
"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"، قال مقاتل: نزلت في مشركي مكة حين قالوا: إن محمدا يقوله من تلقاء نفسه، فرد قولهم ثم بين دلائل ربوبيته، فقال عز من قائل:
وقيل مكية إلا قوله : "ويقول الذين كفروا" ...الآيةوهي ثلاث وأربعون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
1." المر "قيل معناه أنا الله أعلم وأرى."تلك آيات الكتاب"يعني بالكتاب السورة و"تلك "إشارة إلى آياتها أي : تلك الآيات آيات السورة الكاملة أو القرآن . "والذي أنزل إليك من ربك "هو القرآن كله ومحله الجر بالعطف على"الكتاب "عطف العام على الخاص أو إحدى الصفتين على الأخرى أو الرفع بالإبتداء أو خبره " بالحق" والجملة كالحجة على الجملة الأولى ، وتعريف الخبر وإن دل على اختصاص المنزل بكونه حقاً فهو أعم من المنزل صريحاً أو ضمناً ،كالمثبت بالقياس وغيره مما نطق المنزل بحسن اتباعه."ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"لإخلالهم بالنظر والتأمل فيه.
Surah 13. Ar-Ra'd
1. Alif. Lam. Mim. Ra. These are verses of the Scripture. That which is revealed unto thee from thy Lord is the Truth, but most of mankind believe not.
SURA 13: RA'D
1 - A. L. M. R. these are the signs (or verses) of the book: that which hath been revealed unto thee from thy Lord is the truth; but most men believe not.