[يوسف : 96] فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
96 - (فلما أن) زائدة (جاء البشير) يهوذا بالقميص وكان قد حمل قميص الدم فأحب أن يفرحه كما أحزنه (ألقاه) طرح القميص (على وجهه فارتد) رجع (بصيراً قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فلما أن جاء يعقوب البشير من عند ابنه يوسف ، وهو المبشر برسالة يوسف ، وذلك بريد ، فيما ذكر ، كان يوسف أبرده إليه .
وكان البريد ، فيما ذكر ،والبشير ، يهوذا بن يعقوب ، أخا يوسف لأبيه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ،عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه" يقول : "البشير" ، البريد .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : "فلما أن جاء البشير" ، قال : البريد .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك : "فلما أن جاء البشير" ، قال : البريد .
قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "فلما أن جاء البشير" ، قال : يهوذا بن يعقوب .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "البشير" ،قال : يهوذا بن يعقوب .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : يهوذا بن يعقوب .
قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ،عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : هو يهوذا بن يعقوب .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : "فلما أن جاء البشير" ، قال : يهوذا بن يعقوب ، كان البشير .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابي جريج ، عن مجاهد : "فلما أن جاء البشير" ، قال : هو يهوذا بن يعقوب .
قال سفيان : وكان ابن مسعود يقرأ : وجاء البشير من بين يدي العير .
حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك : "فلما أن جاء البشير" ، قال : البريد ، فهو يهوذا بن يعقوب .
قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال : قال يوسف : "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين" ، قال يهوذا : أنا ذهبت بالقميص ملطخاً بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب ، وأنا أذهب اليوم بالقميص وأخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته . فهو كان البشير .
حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا ابو أحمد قال ، حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك : "فلما أن جاء البشير" ، قال : البريد .
قال أبو جعفر : وكان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يقول : "أن" في قوله :"فلما أن جاء البشير" ، وسقوطها ، بمعنى واحد . وكان يقول : هذا في لما و حتى ، خاصة . ويذكر أن العرب تدخلها فيهما أحياناً وتسقطها أحياناً ، كما قال جل ثناءه : ( ولما أن جاءت رسلنا ) ، وقال في موضع آخر :( ولما جاءت رسلنا ) ، وقال : هي صلة ، لا موضع لها في هذين الموضعين . يقال : حتى كان كذا وكذا ، أو حتى أن كان كذا وكذا .
وقوله : "ألقاه على وجهه" ، يقول : ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب ، كما :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه .
وقوله : "فارتد بصيرا" ، يقول : رجع وعاد مبصراً بعينيه ، بعد ما قد عمي ،"قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون" ، يقول جل وعز : قال يعقوب لمن كان بحضرته حينئذ من ولده : ألم اقل لكم ، يا بني ، إني أعلم من الله أنه سيرد علي يوسف ويجمع بيني وبينه ؟ وكنتم لا تعلمون أنتم من ذلك ما كنت أعلمه ، لأن رؤيا يوسف كانت صادقة ، وكان الله قد قضى أن أخر أنا وأنتم له سجوداً ، فكنت موقناً بقضائه .
قوله تعالى: " فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه " أي على عينيه. " فارتد بصيرا " ( أن) زائدة، والبشير قيل هو شمعون. وقيل: يهوذا قال: أنا أذهب بالقميص اليوم كما ذهبت به ملطخاً بالدم، قاله ابن عباس. وعن السدي أنه قال لإخوته: قد علمتم أني ذهبت إليه بقميص الترحة فدعوني أذهب إليه بقميص الفرحة. وقال يحيى بن يمان عن سفيان: لما جاء البشير إلى يعقوب قال له: على أي دين تركت يوسف؟ قال: على الإسلام، قال: الآن تمت النعمة، وقال الحسن: لما ورد البشير على يعقوب لم يجد عنده شيئاً يثيبه به، قال: والله ما أصبت عندنا شيئاً، وما خبزنا شيئاً منذ سبع ليال، ولكن هون الله عليك سكرات الموت.
قلت: وهذا الدعاء من أعظم ما يكون من الجوائز، وأفضل العطايا والذخائر. ودلت هذه الآية على جواز البذل والهبات عند البشائر. وفي الباب حديث كعب بن مالك - الطويل - وفيه: ( فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته) وذكر الحديث، وقد تقدم بكماله في قصة الثلاثة الذي خلفوا، وكسوة كعب ثوبيه للبشير مع كونه ليس له غيرهما دليل على جواز مثل ذلك إذا ارتجى حصول ما يستبشر به، وهو دليل على جواز إظهار الفرح بعد زوال الغم والترح. ومن هذا الباب جواز حذاقة الصبيان، وإطعام الطعام فيها، وقد نحر عمر بعد حفظه سورة ( البقرة) جزوراً. والله أعلم.
قوله تعالى: " قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون " ذكرهم قوله: " إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ".
قال ابن عباس والضحاك: "البشير" البريد. وقال مجاهد والسدي: كان يهوذا بن يعقوب, قال السدي: إنما جاء به لأنه هو الذي جاء بالقميص وهو ملطخ بدم كذب, فأحب أن يغسل ذلك بهذا, فجاء بالقميص فألقاه على وجه أبيه فرجع بصيراً, وقال لبنيه عند ذلك "ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون" أي أعلم أن الله سيرده إلي, وقلت لكم: "إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون" فعند ذلك قالوا لأبيهم مترفقين له: "يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين * قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم" أي من تاب إليه تاب عليه, قال ابن مسعود وإبراهيم التيمي وعمرو بن قيس وابن جريج وغيرهم: أرجأهم إلى وقت السحر. وقال ابن جرير: حدثني أبو السائب, حدثنا ابن إدريس, سمعت عبد الرحمن بن إسحاق يذكر عن محارب بن دثار قال: كان عمر رضي الله عنه يأتي المسجد فيسمع إنساناً يقول: اللهم دعوتني فأجبت, وأمرتني فأطعت, وهذا السحر فاغفر لي. قال فاستمع الصوت, فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود, فسأل عبد الله عن ذلك, فقال: إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله "سوف أستغفر لكم ربي" وقد ورد في الحديث أن ذلك كان ليلة الجمعة, كما قال ابن جرير أيضاً: حدثني المثنى, حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أيوب الدمشقي, حدثنا الوليد, أنبأنا ابن جريج عن عطاء, وعكرمة عن ابن عباس, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "سوف أستغفر لكم ربي" يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة, وهو قول أخي يعقوب لبنيه "وهذا غريب من هذا الوجه, وفي رفعه نظر, والله أعلم".
قالوا له ذلك لأنه لم يكن قد بلغهم قدوم البشير 96- "فلما أن جاء البشير" قال المفسرون البشير: هو يهوذا بن يعقوب قال لإخوته: أنا جئته بالقميص ملطخاً بالدم، فأعطني اليوم قميصك لأخبره أنك حي، فأفرحه كما أحزنته "ألقاه على وجهه" أي ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، أو ألقاه يعقوب على وجه نفسه "فارتد بصيراً" الارتداد: انقلاب الشيء إلى حال قد كان عليها، والمعنى: عاد ورجع إلى حالته الأولى من صحة بصره "قال ألم أقل لكم" أي قال يعقوب لمن كان عنده من أهله الذين قال لهم: "إني لأجد ريح يوسف": ألم أقل لكم هذا القول فقلتم ما قلتم، ويكون قوله: "إني أعلم من الله ما لا تعلمون" كلاماً مبتدأ لا يتعلق بالقول، ويجوز أن تكون جملة "إني أعلم من الله ما لا تعلمون" مقول القول، ويريد بذلك أخبارهم بما قاله سابقاً "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون".
96-" فلما أن جاء البشير "، وهو المبشر عن يوسف، قال ابن مسعود: جاء البشير بين يدي العير.
قال ابن عباس: هو يهوذا.
قال السدي: قال يهوذا: أنا ذهبت بالقميص ملطخا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب، فأنا أذهب إليه اليوم بالقميص فأخبره أن ولده حي فأفرحه كما أحزنته.
قال ابن عباس: حمله يهوذا وخرج حافيا حاسرا يعدو ومعه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها حتى أتى أباه، وكانت المسافة ثمانين فرسخا.
وقيل: البشير مالك بن ذعر.
"ألقاه على وجهه"، يعني: ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، " فارتد بصيرا ". فعاد بصيرا بعد ما كان عمي وعادت إليه قوته بعد الضعف، وشبابه بعد الهرم وسروره بعد الحزن.
"قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون"، من حياة يوسف وأن الله يجمع بيننا.
وروى أنه قال للبشير: كيف تركت يوسف؟ قال: إنه ملك مصر، فقال يعقوب: ما أصنع بالملك على أي دين تركته؟ قال: على دين الإسلام، قال: الآن تمت النعمة.
96."فلما أن جاء البشير"يهوذا.روي: أنه قال كما أحزنته بحمل قميصه الملطخ بالدم إليه فأفرحه بحمل هذا إليه. "ألقاه على وجهه"طرح البشير القميص على وجه يعقوب عليه السلام أو يعقوب نفسه."فارتد بصيراً"عاد بصيراً لما انتعش فيه من القوة . "قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون"من حياة يوسف عليه الصلاة والسلام ، وإنزال الفرح .وقيل إني أعلم كلام مبتدأ والمقول "لا تيأسوا من روح الله".أو "إني لأجد ريح يوسف".
96. Then, when the bearer of glad tidings came, he laid it on his face and he became a seer once more. He said: Said I not unto you that I know from Allah that which ye know not?
96 - Then when the bearer of the good news came, he cast (the shirt) over his face, and he forthwith regained clear sight. he said: did I not say to you, I know from God that which ye know not?