[يوسف : 73] قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ
73 - (قالوا تالله) قسم فيه معنى التعجب (لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين) ما سرقنا قط
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال إخوة يوسف : "تالله" ، يعني : والله . أ
وهذه التاء في "تالله" ، إنما هي واو قلبت تاء ، كما فعل ذلك في التوراة وهي من وريت ، و التراث ، وهي من ورثت ، و التخمة ، وهي من الوخامة ، قلبت الواو في ذلك كله تاءً ، والواو في هذه الرحوف كلها من الأسماء ، وليست كذلك في "تالله" ، لأنها إنما هي واو القسم . وإنما جعلت تاء لكثرة ما جرى على ألسن العرب في الأيمان في قولهم : والله ، فخصت في هذه الكلمة بأن قلبت تاء . ومن قال ذلك في اسم الله فقال : "تالله" ، لم يقل : تالرحمن و تالرحيم ، ولا مع شيء من أسماء الله ، ولا مع شيء مما يقسم به ، ولا يقال ذلك إلا في "تالله" وحده .
وقوله : "لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض" ، يقول : لقد علمتم ما جئنا لنعصي الله في أرضكم .
كذلك كان يقول جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس في قوله : "قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض" ، يقول : ما جئنا لنعصي في الأرض .
فإن قال قائل : وما كان علم من قيل له : "لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض" ، بأنهم لم يجيئوا لذلك ، حتى استجاز قائلوا ذلك أن يقولوه ؟
قيل : استجازوا أن يقولوا ذلك ، لأنهم ، فيما ذكر ، ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم ، فقالوا : لو كنا سراقا ، لم نرد عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا .
وقيل : إنهم كانوا قد عرفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون أحداً ، ولا يتناولون ما ليس لهم ، فقالوا ذلك حين قيل لهم : "إنكم لسارقون" .
قوله تعالى: " قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض " يروى أنهم كانوا لا ينزلون على أحد ظلماً، ولا يرعون زرع أحد، وأنهم جمعوا على أفوه إبلهم الأكمة لئلا تعيث في زروع الناس. ثم قال: " وما كنا سارقين " يروى أنهم ردوا البضاعة التي كانت في رحالهم، أي فمن رد ما وجد فكيف يكون سارقاً؟!
لما اتهمهم أولئك الفتيان بالسرقة, قال لهم إخوة يوسف " تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين " أي لقد تحققتم وعلمتم منذ عرفتمونا, لأنهم شاهدوا منهم سيرة حسنة أنا "ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين" أي ليست سجايانا تقتضي هذه الصفة, فقال لهم الفتيان "فما جزاؤه" أي السارق إن كان فيكم "إن كنتم كاذبين" أي: أي شيء يكون عقوبته إن وجدنا فيكم من أخذه ؟ "قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين" وهكذا كانت شريعة إبراهيم عليه السلام, أن السارق يدفع إلى المسروق منه, وهذا هو الذي أراد يوسف عليه السلام, ولهذا بدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه, أي فتشها قبله تورية, "ثم استخرجها من وعاء أخيه" فأخذه منهم بحكم اعترافهم والتزامهم, وإلزاماً لهم بما يعتقدونه, ولهذا قال تعالى: "كذلك كدنا ليوسف" وهذا من الكيد المحبوب المراد الذي يحبه الله ويرضاه, لما فيه من الحكمة والمصلحة المطلوبة.
وقوله: "ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك" أي لم يكن له أخذه في حكم ملك مصر قاله الضحاك وغيره, وإنما قيض الله له أن التزم له إخوته بما التزموه, وهو كان يعلم ذلك من شريعتهم, ولهذا مدحه الله تعالى فقال: "نرفع درجات من نشاء" كما قال تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم" الاية, "وفوق كل ذي علم عليم" قال الحسن البصري: ليس عالم إلا فوقه عالم حتى ينتهي إلى الله عز وجل, وكذا روى عبد الرزاق عن سفيان الثوري, عن عبد الأعلى الثعلبي, عن سعيد بن جبير, قال: كما عند ابن عباس فحدث بحديث عجيب, فتعجب رجل فقال: الحمد لله فوق كل ذي علم عليم, فقال ابن عباس: بئس ما قلت: الله العليم فوق كل عالم, وكذا روى سماك عن عكرمة, عن ابن عباس "وفوق كل ذي علم عليم" قال: يكون هذا أعلم من هذا, وهذا أعلم من هذا, والله فوق كل عالم, وهكذا قال عكرمة, وقال قتادة: وفوق كل ذي علم عليم, حتى ينتهي العلم إلى الله, منه بدىء, وتعلمت العلماء, وإليه يعود, وفي قراءة عبد الله, وفوق كل عالم عليم.
73- "قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض" التاء بدل من واو القسم عند الجمهور، وقيل من الباء، وقيل أصل بنفسها، ولا تدخل إلا على هذا الاسم الشريف دون سائر أسمائه سبحانه، وقد دخلت نادراً على الرب، وعلى الرحمن، والكلام على هذا مستوفى في علم الإعراب، وجعلوا المقسم عليه هو علم يوسف وأصحابه بنزاهة جانبهم وطهارة ذيلهم عن التلوث بقذر الفساد في الأرض الذي من أعظم أنواعه السرقة، لأنهم قد شاهدوا منهم في قدومهم عليه المرة الأولى، وهذه المرة من التعفف والزهد عما هو دون السرقة بمراحل ما يستفاد منه العلم الجازم بأنهم ليسوا بمن يتجارأ على هذا النوع العظيم من أنواع الفساد، ولو لم يكن من ذلك إلا ردهم لبضاعتم التي وجدوها في رحالهم. والمراد بالأرض هنا أرض مصر، ثم أكدوا هذه الجملة التي أقسموا بالله عليها بقولهم "وما كنا سارقين" لزيادة التبري مما قرفوهم به والتنزه عن هذه النقيصة الخسيسة والرذيلة الشنعاء.
73-"قالوا"، يعني: إخوة يوسف، "تالله" أي: والله، وخصت هذه الكلمة بأن أبدلت الواو فيها بالتاء في اليمين دون سائر أسماء الله تعالى. "لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض"، لنسرق في أرض مصر.
فإن قيل: كيف قالوا لقد علمتم؟ ومن أين علموا ذلك؟.
قيل: قالوا لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض، فإنا منذ قطعنا هذا الطريق لم نرزأ أحدا شيئا فاسألوا عنا من مررنا به، وهل ضررنا أحدأ.
وقيل: لأنهم ردوا البضاعة التى جعلت في رحالهم، قالوا: فلوا كنا سارقين ما رددناها.
وقيل: قالوا ذلك لأنهم كانوا معروفين بأنهم لا يتناولون ما ليس لهم، وكانوا إذا دخلوا مصر كمموا أفواه دوابهم لكيلا تتناول شيئا من حروث الناس.
"وما كنا سارقين".
73."قالوا تالله"قسم فيه معنى التعجب ، التاء بدل من الباء مختصة باسم الله تعالى:"لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين" استشهدوا بعلمهم على براءة أنفسهم لما عرفوا منهم في كرتي مجيئهم ومداخلتهم للملك مما يدل على فرط أمانتهم كرد البضاعة التي دخلت في رحالهم وكعم الدواب لئلا تتناول زرعاً أو طعاماً لأحد.
73. They said: By Allah, well ye know we came not to do evil in the land, and are no thieves.
73 - (The brother) said: by God well ye know that we came not to make mischief in the land, and we are no thieves