[يوسف : 12] أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
12 - (أرسله معنا غداً) إلى الصحراء (يرتع ويلعب) بالنون والياء فيهما ينشط ويتسع (وإنا له لحافظون)
قال أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة : يرتع ويلعب ، بكسر العين من يرتع ، وبالياء في يرتع ويلعب ، على معنى : يفتعل ، من الرعي : ارتعيت فأنا أرتعي ، كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى : أرسله معنا غداً يرتع الإبل ويلعب ، "وإنا له لحافظون" .
وقرأ ذلك عامة قرأة أهل الكوفة : "أرسله معنا غدا يرتع ويلعب" ، بالياء في الحرفين جميعاً ، وتسكين العين ، من قولهم : رتع فلان في ماله ، إذا لها فيه ونعم ، وأنفقه في شهواته . ومن ذلك قولهم في مثل من الأمثال : القيد والرتعة ، ومنه قول القطامي :
‌أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المئة الرتاعا
وقرأ بعض أهل البصرة : يرتع ، بالنون ونلعب ، بالنون فيهما جميعاً ، وسكون العين من نرتع .
حدثني أحمد بن يوسف قال ، حدثنا القاسم قال ، حدثنا حجاج ، عن هرون قال : كان أبو عمرو يقرأ : نرتع ونلعب : بالنون . قال : فقلت لأبي عمرو : كيف يقولون نلعب ، وهم أنبياء ؟ قال : لم يكونوا يومئذ أنبياء .
قال أبو جعفر : وأولى في ذلك عندي بالصواب ، قراءة من قرأه في الحرفين كليهما بالياء ، وبجزم العين في يرتع ، لأن القوم إنما سألوا أباهم إرسال يوسف معهم ،وخدعوه بالخبر عن مسألتهم إياه ذلك ، عما ليوسف في إرساله معهم من الفرح والسرور والنشاط بخروجه إلى الصحراء وفسحتها ولعبه هنالك ، لا بالخبر عن أنفسهم .
وبذلك أيضاً جاء تأويل أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "أرسله معنا غدا يرتع ويلعب " ، يقول : يسعى وينشط .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس : "يرتع ويلعب" ، قال : يلهو وينشط ويسعى .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "أرسله معنا غدا يرتع ويلعب" ، قال : ينشط ويلهو .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، بنحوه .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "يرتع ويلعب" ، قال : يسعى ويلهو .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك قوله : "يرتع ويلعب" ، قال : يتلهى ويلعب .
قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي : "أرسله معنا غدا يرتع ويلعب" ، يلهو .
قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن شيبان ، عن قتادة : "أرسله معنا غدا يرتع ويلعب" ، قال : ينشط ويلعب .
حدثني الحارث قال ، حدثنا نعيم بن ضمضم العامري قال : سمعت الضحاك بن مزاحم في قوله : "أرسله معنا غدا يرتع ويلعب" ، قال: يسعى وينشط .
وكأن الذين يقرأون ذلك : يرتع ويلعب ، بكسر العين من يرتع يتأولونه على الوجه الذي :
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ، قال : يرعى غنمه ، وينظر ويعقل ، فيعرف الرجل .
وكان مجاهد يقول في ذلك ، بما :
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : نرتع يحفظ بعضنا بعضاً ، نتكالأ ، نتحارس .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : نرتع ، قال : يحفظ بعضنا بعضاً ، نتكالأ .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ـ وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، بنحوه .
قال أبو جعفر : فتأويل الكلام : أرسله معنا غداً نلهو ونلهب وننعم وننشط في الصحراء ، ونحن حافظوه من أن يناله شيء يكرهه أو يؤذيه .
" أرسله معنا غدا " إلى الصحراء. " يرتع ويلعب " ( غداً) ظرف، والأصل عند سيبويه غدو، وقد نطق به على الأصل، قال النضر بن شميل: ما بين الفجر وصلاة الصبح يقال له غدوة، وكذا بكرة. ( نرتع ونلعب) بالنون وإسكان العين قراءة أهل البصرة. والمعروف من قراءة أهل مكة. ( نرتع) بالنون وكسر العين. وقراءة أهل الكوفة. ( يرتع ويلعب) بالياء وإسكان العين. وقراءة أهل المدينة بالياء وكسر العين، القراءة الأولى من قول العرب رتع الإنسان والبعير إذا أكلا كيف شاءا، والمعنى: نتسع في الخصب، وكل مخصب راتع، قال:
فارعي فزارة لا هناك المرتع
وقال آخر:
ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت فإنما هي إقبال وإدبار
وقال آخر:
أكفراً بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا
أي الراتعة لكثرة المرعى. وروى معمر عن قتادة ( ترتع) تسعى، قال النحاس : أخذه من قوله: ( إنا ذهبنا نستبق) لأن المعنى: نستبق في العدو إلى غاية بعينها، وكذا ( يرتع) بإسكان العين، إلا أنه ليوسف وحده صلى الله عليه وسلم. و ( يرتع) بكسر العين من رعي الغنم، أي ليتدرب بذلك ويترجل، فمرة يرتع، ومرة يلعب لصغره. وقال القتبي ( نرتع) نتحارس ونتحافظ، ويرعى بعضنا بعضاً، من قولك: رعاك الله، أي حفظك. ( ونلعب) من اللعب وقيل لأبي عمرو بن العلاء: كيف قالوا ( ونلعب) وهم أنبياء؟ فقال: لم يكونوا يومئذ أنبياء. وقيل: المراد باللعب المباح من الانبساط، لا اللعب المحظور الذي هو ضد الحق، ولذلك لم ينكر يعقوب قولهم ( ونلعب). ومنه قوله عليه السلام: " فهلاً بكراً تلاعبها وتلاعبك ". وقرأ مجاهد وقتادة: ( يرتع) على معنى يرتع مطيته، فحذف المفعول، ( ويلعب) بالرفع على الاستئناف، والمعنى: هو ممن يلعب. " وإنا له لحافظون " من كل ما تخاف عليه. ثم يحتمل أنهم كانوا يخرجون ركباناً، ويحتمل أنهم كانوا رجالة. وقد نقل أنهم حملوا يوسف على أكتافهم ما دام يعقوب يراهم، ثم لما غابوا عن عينه طرحوه ليعدو معهم إضراراً به.
لما تواطأوا على أخذه وطرحه في البئر كما أشار به عليهم أخوهم الكبير روبيل, جاءوا أباهم يعقوب عليه السلام فقالوا: ما بالك "لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون" وهذه توطئة ودعوى, وهم يريدون خلاف ذلك لما له في قلوبهم من الحسد لحب أبيه له "أرسله معنا" أي ابعثه معنا " غدا يرتع ويلعب " وقرأ بعضهم بالياء "يرتع ويلعب" قال ابن عباس: يسعى وينشط, وكذا قال قتادة والضحاك والسدي وغيرهم "وإنا له لحافظون" يقولون: ونحن نحفظه ونحوطه من أجلك.
12- "أرسله معنا غداً" أي إلى الصحراء التي أرادوا الخروج إليها، وغدا ظرف، والأصل عند سيبويه غدوة. قال النضر بن شميل: ما بين الفجر وطلوع الشمس، يقال له غدوة، وكذا يقال له بكرة "يرتع ويلعب" هذا جواب الأمر. قرأ أهل البصرة وأهل مكة وأهل الشام بالنون وإسكان العين كما رواه البعض عنهم. وقرأوا أيضاً بالاختلاس، وقرأ الباقون بالنون وكسر العين، والقراءة الأولى مأخوذة من قول العرب رتع الإنسان أو البعير: إذا أكل كيف شاء، أو المعنى: نتسع في الخصب، وكل مخصب راتع: قال الشاعر
فارعى فزارة لا هنـــاك المرتع
ومنه قول الشاعر:
ترتفع ما رتعت حتى إذا ادكرت فإنما هي إقبـــــال وإدبــــار
والقراءة الثانية مأخوذة من رعي الغنم. وقرأ مجاهد وقتادة " يرتع ويلعب " بالتحتية فيهما، ورفع يلعب على الاستئناف، والضمير ليوسف. وقال القتيبي: معنى نرتع نتحارس ونتحافظ ويرعى بعضنا بعضاً، من قولهم رعاك الله: أي حفظك، ونلعب من اللعب. قيل لأبي عمرو بن العلاء: كيف قالوا ونلعب وهم أنبياء؟ فقال: لم يكونوا يومئذ أنبياء، وقيل المراد به اللعب المباح من الأنبياء، وهو مجرد الانبساط، وقيل هو اللعب الذي يتعلمون به الحرب ويتقوون به عليه كما في قولهم: "إنا ذهبنا نستبق" لا اللعب المحظور الذي هو ضد الحق، ولذلك لم ينكر يعقوب عليهم لما قالوا ونلعب، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لجابر "فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك".
12-"أرسله معنا غدا"، إلى الصحراء، "يرتع ويلعب"، قرأأبو عمرو، وابن عامر، بالنون فيهما وجزم العين من نرتع، وقرأ أهل الكوفة بالياء فيهما وجزم العين من "يرتع" يعني يوسف، وقرأ يعقوب: نرتع بالنون ويلعب بالياء.
والرتع هو الاتساع في الملاذ. يقال: رتع فلان في ماله إذا أنفقه في شهواته، يريد ونتنعم ونأكل ونشرب ونلهو وننشط.
وقرأ أهل الحجاز: "يرتع" بكسر العين، وهو يفتعل من الرعي.
ثم ابن كثير قرأ بالنون فيهما أي: نتحارس ويحفظ بعضنا بعضا.
وقرأ أبو جعفر و نافع بالياء إخبارا عن يوسف، أي: يرعى الماشية كما نرعى نحن.
"وإنا له لحافظون" /.
12."أرسله معنا غداً" إلى الصحراء."يرتع"نتسع في أكل الفواكه ونحوها من الرتعة وهي الخصب . "ويلعب"بالاستباق والانتضال.وقرأ ابن كثير نرتع بكسر العين على أنه من ارتعى يرتعي ونافع بالكسر والياء فيه وفي "يلعب " وقرأالكوفيون ويعقوب بالياء والسكون على إسناد الفعل إلى يوسف . وقرئ "يرتع"من أرتع ماشيته و"يرتع"بكسر العين و"يلعب"بالرفع على الابتداء ."وإنا له لحافظون"من أن يناله مكروه.
12. Send him with us tomorrow that he may enjoy himself and play. And lo! we shall take good care of him.
12 - Send him with us tomorrow to enjoy himself and play, and we shall take every care of him.