[الناس : 1] قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
1 - (قل أعوذ برب الناس) خالقهم ومالكهم خصوا بالذكر تشريفا لهم ومناسبة للاستعاذة من شر الموسوس في صدورهم
ك وأخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا شديدا فأتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه ما ترى قال طب قال وما طب قال سحر قال ومن سحره قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال أين هو قال في بئر آل فلان تحت صخرة في كرية فأتوا الركية فانزحوا ماءها وارفعوا الصخرة ثم خذوا الكرية وأحرقوها فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر في نفر فأتوا الركية فإذا ماؤها مثل ماء الحناء فنزحوا الماء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الكرية وأحرقوها فإذا فيها وتر فيه أحدى عشرة عقدة وأنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس لأصله شاهد في الصحيح بدون نزول السورتين وله شاهد بنزولهما
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال صنعت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأصابه من ذلك وجع شديد فدخل عليه أصحابه فظنوا أنه لما به فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما فخرج إلى أصحابه صحيحا
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد استجير " برب الناس * ملك الناس " وهو ملك جميع الخلق : إنسهم وجنهم ، وغير ذلك ، إعلاماً منه بذلك من كان يعظم الناس تعظيم المؤمنين ربهم ، أنه ملك من يعظمه ، وأن ذلك في ملكه وسلطانه ، تجري عليه قدرته ، وأنه أولى بالتعظيم ، وأحق بالتعبد له ممن يعظمه ، ويتعبد له ، من غير من الناس .
مثل (( الفلق )) لأنها إحدى المعوذتين وروى الترمذي عن عقبة بن عامر الجهمي : " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد أنزل الله علي آيات لم ير مثلهن " قل أعوذ برب الناس " إلى آخر السورة و " قل أعوذ برب الفلق " إلى آخر السورة . " قال هذا حديث حسن صحيح . ورواه مسلم.
قوله تعالى:" قل أعوذ برب الناس" أي مالكهم ومصلح أمورهم.وإنما ذكر أنه رب الناس، وإن كان رباً لجميع الخلق لأمرين: أحدهما: لأن الناس معظمون، فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا. الثاني: لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم، فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيد منهم.
تفسير سورة الناس
بسم الله الرحمـن الرحيم
هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل: الربوبية والملك والإلهية, فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه فجميع الأشياء مخلوقة له مملوكة عبيد له, فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات من شر الوسواس الخناس, وهو الشيطان الموكل بالإنسان, فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ولا يألوه جهداً في الخيال, والمعصوم من عصمه الله.
وقد ثبت في الصحيح أنه "ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينه قالوا: وأنت يا رسول الله ؟ قال: نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير", وثبت في الصحيح عن أنس في قصة زيارة صفية للنبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف, وخروجه معها ليلاً ليردها إلى منزلها, فلقيه رجلان من الأنصار, فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا: سبحان الله يا رسول الله. فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً ـ أو قال شراً", وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن بحر حدثنا عدي بن أبي عمارة حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس, وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس" غريب.
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره فقلت تعس الشيطان, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت: تعس الشيطان تعاظم وقال: بقوتي صرعته وإذا قلت: باسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب وغلب " , تفرد به أحمد إسناده جيد قوي, وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب, وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب. وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا كان في المسجد جاءه الشيطان فالتبس به كما يلتبس الرجل بدابته, فإذا سكن له زنقه أو ألجمه" قال أبو هريرة رضي الله عنه: وأنتم ترون ذلك أما المزنوق فتراه مائلاً كذا لا يذكر الله, وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل, تفرد به أحمد . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: "الوسواس الخناس"
قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم, فإذا سها وغفل وسوس,فإذا ذكر الله خنس, وكذا قال مجاهد وقتادة وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه : ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح, فإذا ذكر الله خنس. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: "الوسواس" قال: هو الشيطان يأمر فإذا أطيع خنس.
وقوله تعالى: "الذي يوسوس في صدور الناس" هل يختص هذا ببني آدم كما هو الظاهر أو يعم بني آدم والجن ؟ فيه قولان ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليباً, وقال ابن جرير : وقد استعمل فيهم رجال من الجن فلا بدع في إطلاق الناس عليهم. وقوله تعالى: "من الجنة والناس" هل هو تفصيل لقوله: "الذي يوسوس في صدور الناس" ثم بينهم فقال: "من الجنة والناس" وهذا يقوي القول الثاني وقيل لقوله: "من الجنة والناس" تفسير للذي يوسوس في صدور الناس من شياطين الإنس والجن كما قال تعالى: "وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً".
وكما قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا المسعودي حدثنا أبو عمر الدمشقي , حدثنا عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال: "يا أبا ذر هل صليت ؟ قلت: لا قال: قم فصل قال: فقمت فصليت ثم جلست فقال: يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن قال: فقلت يا رسول الله وللإنس شياطين ؟ قال: نعم قال: فقلت يا رسول الله الصلاة ؟ قال: خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر قلت يا رسول الله فالصوم قال: فرض مجزىء وعند الله مزيد قلت: يا رسول الله فالصدقة ؟ قال: أضعاف مضاعفة قلت: يا رسول الله فأيها أفضل, قال: جهد من مقل أو سر إلى فقير قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول ؟ قال: آدم . قلت: يا رسول الله ونبياً كان ؟ قال: نعم نبي مكلم قلت: يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال : ثلثمائة وبضعة عشر جماً غفيراً وقال مرة : خمسة عشر قلت: يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم, قال :آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم"".
ورواه النسائي من حديث أبي عمر الدمشقي به وقد أخرج هذا الحديث مطولاً جداً أبو حاتم بن حبان في صحيحه بطريق آخر ولفظ آخر مطول جداً. فا لله أعلم. وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" ورواه أبو داود والنسائي من حديث منصور زاد النسائي والأعمش كلاهما عن ذر به.
هي ست آيات
والخلاف في كونها مكية أو مدنية كالخلاف الذي تقدم في سورة الفلق. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أنزل بمكة "قل أعوذ برب الناس". وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال: أنزل بالمدينة "قل أعوذ برب الناس" وقد قدمن افي سورة الفلق ما ورد في سبب نزول هذه السورة وما ورد في فضلها فارجع إليه.
قرأ الجمهور 1- "قل أعوذ" بالهمزة. وقرئ بحذفها ونقل حركتها إلى اللام. وقرأ الجمهور بترك الإمالة في "الناس"، وقرأ الكسائي بالإمالة. ومعنى "رب الناس": مالك أمرهم ومصلح أحوالهم، وإنما قال رب الناس مع أنه رب جميع مخلوقاته للدلالة على شرفهم، ولكون الاستعاذة وقعت من شر ما يوسوس في صدورهم.
1- "قل أعوذ برب الناس".
1-" قل أعوذ " وقرئ في السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتهما إلى اللام . " برب الناس " لما كانت الاستعاذة في السورة المتقدمة من المضار البدنية وهي تعم الإنسان وغيره والاستعاذة في هذه السورة من الأضرار التي تعرض للنفوس البشرية وتخصها،عمم الإضافة ثم وخصصها بالناس ها هنا فكأنه قيل : أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك أمورهم ويستحق عبادتهم .
Surah 114. Al-Nas
1. Say: I seek refuge in the Lord of mankind,
SURA 114: NAS
1 - Say: I seek refuge with the Lord and Cherisher of Mankind,