[هود : 5] أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
5 - ونزل كما رواه البخاري عن ابن عباس فيمن كان يستحيي أن يتخلى أو يجامع فيفضي إلى السماء وقيل في المنافقين (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) أي الله (ألا حين يستغشون ثيابهم) يتغطَّون بها (يعلم) تعالى (ما يسرون وما يعلنون) فلا يغني استخفاؤهم (إنه عليم بذات الصدور) أي بما في القلوب
ك روى البخاري عن ابن عباس في قوله ألا إنهم يثنون صدورهم قال كان أناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا بفروجهم إلى السماء وان يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم
وأخرج ابن جرير وغيره عن عبد الله بن شداد قال كان أحدهم إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ثنى صدره لكيلا يراه فنزلت
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة قوله: " ألا إنهم يثنون صدورهم ". فقرأته عامة قرأة الأمصار: " ألا إنهم يثنون صدورهم "، على تقدير ((يفعلون)) من ((ثنيت))، و((الصدور)) منصوبة.
واختلف قارئوا ذلك كذلك في تأويله.
فقال بعضهم: ذلك كان من فعل بعض المنافقين، كان إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم غطى وجهه، وثنى ظهره.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن حصين، عن عبد الله بن شداد في قوله: " ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم "، قال: كان أحدهم إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بثوبه على وجهه، وثنى ظهره.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قوله: " ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه "، قال: من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: كان المنافقون إذا مروا به، ثنى أحدهم صدره، ويطأطىء رأسه. فقال الله: " ألا إنهم يثنون صدورهم "، الآية.
حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن حصين قال: سمعت عبد الله بن شداد يقول في قوله: " يثنون صدورهم "، قال: كان أحدهم إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى بثوبه، كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: بل كانوا يفعلون ذلك جهلاً منهم بالله، وظناً أن الله يخفى عليه ما تضمره صدورهم إذا فعلوا ذلك.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " يثنون صدورهم "، قال: شكاً وامتراءً في الحق، ليستخفوا من الله إن استطاعوا.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " يثنون صدورهم "، شكاً وامتراءً في الحق، " ليستخفوا منه "، قال: من الله إن استطاعوا.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " يثنون صدورهم "، قال: تضيق شكاً.
حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " يثنون صدورهم "، قال: تضيق شكاً وامتراءً في الحق. قال: " ليستخفوا منه "، قال: من الله إن استطاعوا.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج . عن مجاهد بنحوه.
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا هوذة قال، حدثنا عوف، عن الحسن في قوله: " ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم "، قال: من جهالتهم به، قال الله: " ألا حين يستغشون ثيابهم "، في ظلمة الليل، في أجواف بيوتهم، " يعلم "، تلك الساعة، " ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ".
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين: " ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم " قال: كان أحدهم يحني ظهره، ويستغشي بثوبه.
وقال آخرون: إنما كانوا يفعلون ذلك لئلا يسمعوا كتاب الله.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة : " ألا إنهم يثنون صدورهم "، الآية، قال: كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى: " ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون "، وذلك أخفى ما يكون ابن آدم، إذا حنى صدره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى ذلك عليه.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة : " يستغشون ثيابهم "، قال: أخفى ما يكون الإنسان إذا أسر في نفسه شيئاً وتغطى بثوبه، فذلك أخفى ما يكون، والله يطلع على ما في نفوسهم والله يعلم ما يسرون وما يعلنون.
وقال آخرون: إنما هذا إخبار من الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن المنافقين الذين كانوا يضمرون له العداوة والبغضاء، ويبدون له المحبة والمودة، أنهم معه وعلى دينه. يقول جل ثناؤه: الا إنهم يطوون صدورهم على الكفر ليستخفوا من الله. ثم أخبر جل ثناؤه أنه لا يخفى عليه سرائرهم وعلانيتهم.
وقال آخرون: كانوا يفعلون ذلك إذا ناجى بعضهم بعضاً.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه "، قال: هذا حين يناجي بعضهم بعضاً. وقرأ: " ألا حين يستغشون ثيابهم "، الآية.
وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: ((ألا إنهم تثنوني صدورهم))، على مثال: ((تحلولي الثمرة))، ((تفعوعل)).
حدثنا... قال، حدثنا أبو أسامة، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقرأ: ((ألا إنهم تثنوني صدورهم))، قال: كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم، كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول، سمعت ابن عباس يقرؤها: ((ألا إنهم تثنوني صدورهم)) قال: سألته عنها فقال: كان ناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يصيبوا فيفضوا إلى السماء.
وروي عن ابن عباس في تأويل ذلك قول آخر، وهو ما:
حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، أخبرت عن عكرمة: أن ابن عباس قرأ: ((ألا إنهم تثنوني صدورهم))، وقال ابن عباس: ((تثنوني صدورهم))، الشك في الله، وعمل السيئات " يستغشون ثيابهم "، يستكبر أو يستكن من الله، والله يراه، يعلم ما يسرون وما يعلنون.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قرأ: ((ألا إنهم تثنوني صدورهم))، قال عكرمة: ((تثنوني صدورهم))، قال: الشك في الله، وعمل السيئات، فيستغشي ثيابه، ويستكن من الله، والله يراه، ويعلم ما يسرون وما يعلنون.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، ما عليه قرأة الأمصار، وهو: " ألا إنهم يثنون صدورهم "، على مثال ((يفعلون))، و((الصدور))، نصب، بمعنى: يحنون صدورهم ويكنونها، كما:
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " يثنون صدورهم "، يقول: يكنون.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " ألا إنهم يثنون صدورهم "، يقول: يكتمون ما قلوبهم، " ألا حين يستغشون ثيابهم "، يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " ألا إنهم يثنون صدورهم "، يقول: ((تثنوني صدورهم)).
قال أبو جعفر: وهذا التأويل الذي تأوله الضحاك على مذهب قراءة ابن عباس، إلا أن الذي حدثنا هكذا ذكر القراءة في الرواية.
قال أبو جعفر: فإذا كانت القراءة التي ذكرنا أولى القراءتين في ذلك بالصواب، لإجماع الحجة من القرأة عليها، فأولى التأويلات بتأويل ذلك، تأويل من قال: إنهم كانوا يفعلون ذلك جهلاً منهم بالله أنه يخفى عليه ما تضمره نفوسهم، أو تناجوه بينهم.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالآية، لأن قوله: " ليستخفوا منه "، بمعنى: ليستخفوا من الله، وأن ((الهاء)) في قوله، " منه "، عائدة على اسم ((الله))، ولم يجر لمحمد ذكر قبل، فيجعل من ذكره صلى الله عليه وسلم، وهي في سياق الخبر عن ((الله)). فإذ كان ذلك كذلك، كانت بأن تكون من ذكر الله أولى. وإذا صح أن ذلك كذلك، كان معلوماً أنهم لم يحدثوا أنفسهم أنهم يستخفون من الله، إلا بجهلهم به. فأخبرهم جل ثناؤه أنه لا يخفى عليه سر أمورهم وعلانيتها على أي حال كانوا، تغشوا بالثياب، أو ظهروا بالبراز، فقال: " ألا حين يستغشون ثيابهم "، يعني: يتغشون ثيابهم، يتغطونها ويلبسون.
يقال منه: ((استغشى ثوبه، تغشاه))، قال الله: " واستغشوا ثيابهم "، [نوح: 7]، وقالت الخنساء:
أرعى النجوم وما كلفت رعيتها وتارةً أتغشى فضل أطماري
" يعلم ما يسرون "، يقول جل ثناؤه: يعلم ما يسر هؤلاء الجهلة بربهم، الظانون أن الله يخفى عليه ما أضمرته صدورهم إذا حنوها على ما فيها، وثنوها، وما تناجوه بينهم فأخفوه، " وما يعلنون "، سواء عنده سرائر عباده وعلانيتهم " إنه عليم بذات الصدور "، يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم بكل ما أخفته صدور خلقه، من إيمان وكفر، وحق وباطل، وخير وشر، وما تستجنه مما لم تجنه بعد، كما:
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " ألا حين يستغشون ثيابهم "، يقول: يغطون رؤوسهم.
قال أبو جعفر: فاحذروا أن يطلع عليكم ربكم وأنتم مضمرون في صدوركم الشك في شيء من توحيده، أو أمره أو نهيه، أو فيما ألزمكم الإيمان به والتصديق، فتهلكوا باعتقادكم ذلك.
تم الجزء الحادي عشر من المجلد السادس
ويليه إن شاء الله الجزء الثاني عشر من المجلد السابع
وأوله: القول في تأويل قوله تعالى: " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " هود: 6
قوله تعالى: " ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه " أخبر عن معاداة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ويظنون أنه تخفى على الله أحوالهم. " يثنون صدورهم " أي يطوونها على عداوة المسلمين ففيه هذا الحذف، قال ابن عباس: يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة، ويظهرون خلافه. نزلت في الاخنس بن شريق، وكان رجلاً حلو الكلام حلو المنطق، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب، وينطوي له بقبله على ما يسوء. وقال مجاهد: " يثنون صدورهم " شكاً وامتراء. وقال الحسن: يثنونها على ما فيها من الكفر. وقيل: نزلت في بعض المنافقين، كان إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره، وطأطأ رأسه وغطى وجه، لكيلا يراه النبي صلى الله عليه وسلم فيدعوه إلى الإيمان، حكى معناه عن عبد الله بن شداد فالهاء في ( منه) تعود على النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: قال المنافقون إذا غلقنا أبوابنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا؟ فنزلت الآية. وقيل: إن قوماً من المسلمين كانوا يتنسكون بستر أبدانهم ولا يكشفونها تحت السماء، فبين الله تعالى أن التنسك ما اشتملت عليه قلوبهم من معتقد، وأظهروه من قول وعمل. وروي ابن جرير عن محمد بن عباد بن جعفر قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: ( ألا إنهم تثنوني صدورهم ليستخفوا منه) قال: كانوا لا يجامعون النساء، ولا يأتون الغائط وهم يفضون إلى السماء، فنزلت هذه الآية. وروي غير محمد بن عباد عن ابن عباس: ( ألا إنهم تثنوي صدورهم) بغير نون بعد الواو، في وزن تنطوي، ومعنى ( تثنوي) والقراءتين الأخريين متقارب، لأنها لا تثنوي حتى يثنوها. وقيل: كان بعضهم ينحني على بعض يساره في الطعن على المسلمين، وبلغ من جهلهم أن توهموا أن ذلك يخفى على الله تعالى. " ليستخفوا " أي ليتواروا عنه، أي عن محمد أو عن الله.
" ألا حين يستغشون ثيابهم " أي يغطون رؤوسهم بثيابهم. قال قتادة: أخفى ما يكون العبد إذا حنى ظهره، واستغشى ثوبه، وأضمر في نفسه همه.
قال ابن عباس كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء بفروجهم وحال وقاعهم فأنزل الله هذه الاية, رواه البخاري من طريق ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر أن ابن عباس قرأ ألا إنهم تثنوني صدورهم, الاية فقلت: يا أبا العباس ما تثنوني صدورهم ؟ قال: الرجل كان يجامع امرأته فيستحي أو يتخلى فيستحي فنزلت: " ألا إنهم يثنون صدورهم ". وفي لفظ آخر له قال ابن عباس: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم ثم قال: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو قال قرأ ابن عباس: " ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم ".
قال البخاري وقال غيره عن ابن عباس "يستغشون" يغطون رؤوسهم, وقال ابن عباس في رواية أخرى في تفسير هذه الاية: يعني به الشك في الله وعمل السيئات وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهم أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك فأخبرهم الله تعالى أنهم حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل "يعلم ما يسرون" من القول " وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور " أي يعلم ما تكن صدورهم من النيات والضمائر والسرائر, وما أحسن ما قال زهير بن أبي سلمى في معلقته المشهورة:
فلا تكتمن الله ما في قلوبكم ليخفى ومهما يكتم الله يعلم
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ليوم حساب أو يعجل فينقم
فقد اعترف هذا الشاعر الجاهلي بوجود الصانع وعلمه بالجزئيات وبالمعاد وبالجزاء وبكتابة الأعمال في الصحف ليوم القيامة, وقال عبد الله بن شداد: كان أحدهم إذا مر برسول الله ثنى عنه صدره وغطى رأسه فأنزل الله ذلك, وعود الضمير إلى الله أولى لقوله: "ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون" وقرأ ابن عباس ألا إنهم تثنوني صدورهم برفع الصدور على الفاعلية وهو قريب المعنى.
ثم أخبر الله سبحانه بأن هذا الإنذار والتحذير والتوعد لم ينجع فيهم، ولا لانت له قلوبهم، بل هم مصرون على العناد مصممون على الكفر، فقال مصدراً لهذا الإخبار بكلمة التنبيه الدالة على التعجب من حالهم، وأنه أمر ينبغي أن يتنبه له العقلاء ويفهموه 5- "ألا إنهم يثنون صدورهم" يقال: ثنى صدره عن الشيء: إذا ازور عنه وانحرف منه، فيكون في الكلام كناية عن الإعراض، لأن من أعرض عن الشيء ثني عنه صدره وطوى عنه كشحه، وقيل معناه: يعطفون صدورهم على ما فيها من الكفر والإعراض عن الحق، فيكون في الكلام كناية عن الإخفاء لما يعتقدونه من الكفر كما كان دأب المنافقين. والوجه الثاني أولى، ويؤيده قوله: "ليستخفوا منه" أي ليستخفوا من الله فلا يطلع عليه رسوله والمؤمنين، أو ليستخفوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كرر كلمة التنبيه مبيناً للوقت الذي يثنون فيه صدورهم فقال: "ألا حين يستغشون ثيابهم" أي يستخفون في وقت استغشاء الثياب، وهو التغطي بها، وقد كانوا يقولون إذا أغلقنا أبوابنا واستغشينا ثيابنا وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا؟ وقيل: معنى حين يستغشون: حين يأوون إلى فراشهم ويتدثرون بثيابهم، وقيل: إنه حقيقة وذلك أن بعض الكفار كان إذا مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وولى ظهره واستغشى ثيابه لئلا يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجملة "يعلم ما يسرون وما يعلنون" مستأنفة لبيان أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء، لأن الله سبحانه يعلم ما يسرونه في أنفسهم أو في ذات بينهم وما يظهرونه، فالظاهر والباطن عنده سواء، والسر والجهر سيان، وجملة "إنه عليم بذات الصدور" تعليل لما قبلها وتقرير له، وذات الصدور هي الضمائر التي تشتمل عليها الصدور، وقيل هي القلوب، والمعنى: إنه عليم بجميع الضمائر، أو عليم بالقلوب وأحوالها في الإسرار والإظهار، فلا يخفى عليه شيء من ذلك.
5-قوله تعالى: "ألا إنهم يثنون صدورهم"، قال ابن عباس: نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب، ونطوي بقلبه على ما يكره.
قوله: "يثنون صدورهم" أي: يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة.
قال عبد الله بن شداد:نزلت في بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره، وطأطأ رأسه، وغطى وجهه كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال قتادة: كانوا يحنون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره.
وقيل: كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه. ويقول: هل يعلم الله ما في قلبي.
وقال السدي: يثنون أي: يعرضون بقلوبهم، من قولهم: ثنيت عناني. وقيل: يعطفون، ومنه ثني الثوب.
وقرأ ابن عباس: يثنوني على وزن يحلولي جعل الفعل للمصدر، ومعناه المبالغة في الثني.
"ليستخفوا منه"، أي: من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال مجاهد: ليستخفوا من الله إن استطاعوا، "ألا حين يستغشون ثيابهم"، يغطون رؤوسه بثيابهم، "يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور"، قال الأزهري: معنى الآية من أولها إلى آخرها: إن الذين أضمروا عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخفى علينا حالهم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد ابن إسماعيل، حدثنا الحسن بن محمد بن صباح حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: "ألا إنهم يثنون صدورهم"، فقال: سألته عنها قال: كان أناس يستحبون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.
5."ألا إنهم يثنون صدورهم"يثنونها عن الحق وينحرفون عنه ،أو يعطفونها على الكفر وعداوة النبي صلى لله عليه وسلم ، أو يولون ظهورهم. وقرئ يثنوني بالياء والتاء من اثنوني ،وهو بناء مبالغة وتثنون ، وأصله تثنونن من الثن وهو الكلأ الضعيف أراد به ضعف قلوبهم أو مطاوعة صدورهم للثني ، و تثنئن من اثنأن كابياض بالهمزة و تثنوي "ليستخفوا منه"من الله بسرهم فلا يطلع رسوله والمؤمنين عليه.قيل إنها نزلت في طائفة من المشركين قالوا: إذا أرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمد كيف يعلم. وقيل نزلت في المنافقين وفيه نظر إذ الآية مكية والنفاق حدث بالمدينة . " ألا حين يستغشون ثيابهم" ألا حين يأوون إلى فراشهم ويتغطون بثيابهم." يعلم ما يسرون"في قلوبهم ."وما يعلنون"بأفواههم يستوي في علمه سرهم وعلنهم فكيف يخفى عليه ما عسى يظهرونه."إنه عليم بذات الصدور"بالأسرار ذاب الصدور أو بالقلوب وأحوالها.
5. Lo! now they fold up their breasts that they may hide (their thoughts) from Him. At the very moment when they cover themselves with their clothing, Allah knoweth that which they keep hidden and that which they proclaim. Lo! He is Aware of what is in the breasts (of men).
5 - Behold they fold up their hearts, that they may lie hid from him ah even when they cover themselves with their garments, he knoweth what they conceal, and what they reveal: for he knoweth