[هود : 114] وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ
114 - (وأقم الصلاة طرفي النهار) الغداة والعشي أي : الصبح والظهر والعصر (وزلفاً) جمع زلفة أي طائفة (من الليل) المغرب والعشاء (إن الحسنات) كالصلوات الخمس (يذهبن السيئات) الذنوب الصغائر ، نزلت فيمن قبَّل أجنبية فأخبره النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال أَلِيَ هذا ؟ فقال : "لجميع أمتي كلهم" رواه الشيخان (ذلك ذكرى للذاكرين) عظة للمتعظين
وروى الشيخان عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امراة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال الرجل ألي هذه قال لجميع أمتي كلهم
وأخرج الترمذي وغيره عن أبي اليسر قال أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت إن في البيت أطيب منه فدخلت معي البيت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا وأطرق طويلا حتى أوحى الله إليه وأقم الصلاة طرفي النهار إلى قوله للذاكرين وورد نحوه من حديث أبي أمامة ومعاذ ابن جبل وابن عباس وبريده وغيرهم وقد استوفيت أحاديثهم في ترجمان القرآن
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : "وأقم الصلاة" ، يا محمد ، يعني : صل ، "طرفي النهار" ، يعني : الغداة والعشي .
واختلف أهل التأويل في التي عنيت بهذه الآية من صلوات العشي ، بعد إجماع جميعهم على أن التي عينت من صلاة الغداة ، الفجر .
فقال بعضهم : عنيت بذلك صلاة الظهر والعصر . قالوا : وهما من صلاة العشي .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : الفجر ، وصلاتي العشي ، يعني الظهر والعصر .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد في قوله : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : صلاة الفجر ، وصلاة العشي .
حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن أفلح بن سعيد قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : فطرفا النهار ، الفجر والظهر والعصر .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدنثا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : "طرفي النهار" ، الفجر والظهر والعصر .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : الفجر والظهر والعصر .
وقال آخرون : بل عنى بها صلاة المغرب .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، يقول : صلاة الغداة ، وصلاة المغرب .
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا يحيى ، عن عوف ، عن الحسن : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : صلاة الغداة والمغرب .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، الصبح والمغرب .
وقال آخرون : عنى بها صلاة العصر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبدة بن سليمان ،عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : صلاة الفجر والعصر .
قال ، حدثنا زيد بن حباب ، عن أفلح بن سعيد القبائي ، عن محمد بن كعب : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال ، الفجر و العصر .
حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا أبو رجاء ،عن الحسن في قوله : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : صلاة الصبح وصلاة العصر .
حدثني الحسين بن علي الصدائي قال ، حدثنا ابي قال ، حدثنا مبارك ، عن الحسن قال : قال الله لنبيه : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : "طرفي النهار" ، الغداة والعصر .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، يعني صلاة العصر والصبح .
حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، الغداة والعصر .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن حباب ، عن أفلح بن سعيد ، عن محمد بن كعب : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، الفجر والعصر .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا قرة ، عن الحسن : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، قال : الغداة والعصر .
وقال بعضهم : بل عنى بطرفي النهار ،الظهر والعصر ، وبقلوه : "زلفا من الليل" ، المغرب العشاء والصبح .
قال ابو جعفر: وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هي صلاة المغرب ، كما ذكرنا عن ابن عباس .
وإنما قلنا : هو أولى بالصواب ، لإجماع الجميع على أن صلاة احد الطرفين من ذلك صلاة الفجر ، و هي تصلى قبل طلوع الشمس ، فالواجب ، إذ كان ذلك من جميعهم إجماعاً ، أن تكون صلاة الطرف الآخر المغرب ، لأنها تصلى بعد غروب الشمس . ولو كان واجباً أن يكون مراداً بصلاة أحد الطرفين قبل غروب الشمس ، وجب أن يكون مراداً بصلاة الطرف الآخر بعد طلوعها . وذلك ما لا نعلم قائلاً قاله ، إلا من قال : عني بذلك صلاة الظهر والعصر . وذلك قول لا يخيل فساده ، لأنهما إلى أن يكونا جميعاً من صلاة أحد الطرفين ، أقرب منهما إلى أن يكونا من صلاة طرفي النهار . وذلك أن الظهر لا شك أنها تصلى بعد مضي نصف النهار في النصف الثاني منه ،فمحال أن تكون من طرف النهار الأول ، وهي في طرفه الآخر .
فإذا كان لا قائل من أهل العلم يقول : عني بصلاة طرفي النهار الأول صلاة بعد طلوع الشمس ، وجب أن يكون غير جائز أن يقال : عني بصلاة طرف النهار الآخر صلاة قبل غروبها .
وإذا كان ذلك كذلك ، صح ما قلنا في ذلك من القول ، وفسد ما خالفه .
وأما قوله : "وزلفا من الليل" ، فإنه يعني : ساعات من الليل .
وهي جمع زلفة ، و الزلفة ، الساعة ، والمنزلة ، والقربة . وقيل : إنما سميت المزدلفة و جمع ، من ذلك ، لأنها منزل بعد عرفة ، وقيل سميت بذلك ، لازدلاف آدم من عرفة إلى حواء وهي بها ، ومنه قول العجاج في صفة بعير :
ناج طواه الأين مما وجفا طي الليالي زلفا فزلفا
واختلفت القرأة في قرأة ذلك .
فقرأته عامة قرأة المدينة والعراق : "وزلفا" ، بضم الزاي وفتح اللام .
وقرأه بعض أهل المدينة بضم الزاي واللام ، كأنه وجهه إلى أنه واحد ، وأنه بمنزلة الحلم .
وقرأه بعض المكيين : وزلفا ، بضم الزاي وتسكين اللام .
قالأبو جعفر : وأعجب القراءات في ذلك إلى أن أقرأها : "وزلفا" ، بضم الزاي وفتح اللام ، على معنى جمع زلفة ، كما تجمع غرفة غرف و حجرة حجر .
وإنما اخترت قراءة ذلك كذلك ، لأن صلاة العشاء الآخرة إنما تصلى بعد مضي زلف من الليل ، وهي التي عنيت عندي بقوله : "وزلفا من الليل" .
وبنحو الذي قلنا في قوله : "وزلفا من الليل" ، قال جماعة من اهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : "وزلفا من الليل" ، قال : ساعات من الليل ، صلاة العتمة .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : "زلفا من الليل" ، يقول : صلاة العتمة .
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا يحيى ، عن عوف ، عن الحسن : "وزلفا من الليل" ، قال : العشاء .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن سفيان ، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال ، كان ابن عباس يعجبه التأخير بالعشاء ، ويقرأ : "وزلفا من الليل" .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "وزلفا من الليل" ، قال : ساعة من الليل ، صلاة العتمة .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله :"وزلفا من الليل" ، العتمة . وما سمعت أحداً من فقهائنا ومشايخنا يقول العشاء ، ما يقولون إلا العتمة .
وقال قوم : الصلاة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامتها زلفا من الليل ، صلاة المغرب والعشاء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، وابن وكيع ـ واللفظ ليعقوب ـ قالا ،حدثنا ابن علية قال ، حدثنا ابو رجاء ، عن الحسن : "وزلفا من الليل" ، قال : هما زلفتان من الليل ، صلاة المغرب ، وصلاة العشاء .
حدثنا ابن حميد ، وابن وكيع قالا ، حدثنا جرير ، عن أشعث ، عن الحسن في قوله : "وزلفا من الليل" ، قال : المغرب والعشاء .
حدثني الحسن بن علي قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا مبارك ، عن الحسن ، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، قال : زلفا من الليل ، المغرب والعشاء ، "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هما زلفتا الليل ، المغرب والعشاء" .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : "وزلفا من الليل" ، قال : المغرب والعشاء .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا المثنى قال حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن المبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : قد بين الله مواقيت الصلاة في القرآن ، قال : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) ، قال : دلوكها ، إذا زالت عن بطن السماء ، وكان لها في الأرض فيء . وقال : "أقم الصلاة طرفي النهار" ، الغداة والعصر ، "وزلفا من الليل" ، المغرب والعشاء . قال : "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هما زلفتا الليل ، المغرب والعشاء" .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : "وزلفا من الليل" ، قال: يعني صلاة المغرب صلاة العشاء .
حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن افلح بن سعيد قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : "زلفا من الليل" ، المغرب والعشاء .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن حباب ، عن أفلح بن سعيد ، عن محمد بن كعب ، مثله .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي : "وزلفا من الليل" ، المغرب والعشاء .
حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك ، عن عاصم بن سليمان ، عن الحسن قال : زلفتا الليل ، المغرب والعشاء .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : "وزلفا من الليل" ، قال : المغرب والعشاء .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عاصم ، عن الحسن : "وزلفا من الليل" ، قال : المغرب والعشاء .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن جويبر ، عن الضحاك : "وزلفا من الليل" ، قال : المغرب والعشاء .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن الحسن : "زلفا من الليل" ، صلاة المغرب والعشاء .
وقوله : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، يقول تعالى ذكره : إن الإنابة إلى طاعة الله والعمل بما يرضيه ، يذهب آثام معصية الله ، ويكفر الذنوب .
ثم اختلف أهل التأويل في "الحسنات" ، التي عنى الله في هذا الموضع ، اللاتي يذهبن السيئات .
فقال بعضهم : هن الصلوات الخمس المكتوبات .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، عن أبي محمد بن الحضرمي قال حدثنا كعب في هذا المسجد قال : والذي نفس كعب بيده ، إن الصلوات الخمس ، لهن الحسنات التي يذهبن السيئات ، كما يغسل الماء الدرن .
حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن أفلح قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول في قوله : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : هن الصلوات الخمس .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : الصلوات الخمس .
قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد : "إن الحسنات" ، الصلوات .
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا يحيى ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابو أسامة ، جميعاً ، عن عوف ، عن الحسن "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن قال : الصلوات الخمس .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : الصلوات الخمس .
قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن سعيد الجريري قال ، حدثني أبو عثمان ، عن سلمان قال : والذي نفسي بيده ، إن الحسنات التي يمحو الله بهن السيئات ، كما يغسل الماء الدرن ، الصلوات الخمس .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا حفص بن غياث ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : الصلوات الخمس .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مزيدة بن زيد ،عن مسروق : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : الصلوات الخمس .
حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، وعبد الله بن أبي زياد القطواني قالا ، حدثنا عبد الله بن يزيد قال ، أخبرنا حيوة قال ، أخبرنا أبو عقيل زهرة بن معيد القرشي من بني تيم من رهط أبي بكر الصديق رضي الله عنه : أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان رحمة الله عليه يقول : "جلس عثمان يوماً وجلسنا معه ، فجاءه المؤذن ، فدعا عثمان بماء في إناء ، أظنه سيكون فيه قدر مد ، فتوضأ ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ،ثم قال : من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلاة الظهر ، غفر له ما كان بينه وبين صلاة الصبح ، ثم صلى العصر ، غفر له ما بينه وبين صلاة الظهر ، ثم صلى المغرب غفر له ما بينه وبين صلاة العصر ، ثم صلى العشاء ، غفر له ما بينه وبين صلاة المغرب ، ثم لعله يبيت ليلته يتمرغ ، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح ، غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء ، وهن الحسنات يذهبن السيئات" .
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ، حدثنا أبو زرعة قال ، حدثنا حيوة قال ، حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد ، أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان قال :جلس عثمان بن عفان يوماً على المقاعد ، فذكر نحوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قال : وهن الحسنات : "إن الحسنات يذهبن السيئات" .
حدثنا ابن البرقي قال ، حدثنا ابن أبي مريم قال ، أخبرنا نافع بن يزيد ، ورشدين بن سعد ، قالا ، حدثنا زهرة بن معبد قال : سمعت الحارث مولى عثمان بن عفان يقول : جلس عثمان بن عفان يوماً على المقاعد ، ثم ذكر نحو ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قال : وهن الحسنات :"إن الحسنات يذهبن السيئات" .
حدثنا ابن سيار القزاز قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان النهدي قال : كنت مع سلمان تحت شجرة ، فأخذ غصناً من أغصانها يابساً فهرة حتى تحات ورقه ، ثم قال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كنت معه تحت شجرة ، فأخذ غصناً من أغصانها يابساً فهزه حتى تحات ورقه ، ثم قال : ألا تسألني لم أفعل هذا يا سلمان ؟ فقلت : ولم تفعله ؟ فقال : إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلى الصلوات الخمس ، تحاتت خطاياه كما تحات هذا الورق . ثم تلا هذه الآية : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، إلى آخر الآية .
وقال آخرون : هو قول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك ، عن منصور ، عن مجاهد : "إن الحسنات يذهبن السيئات" ، قال : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب في ذلك ، قول من قال في ذلك : هن الصلوات الخمس ، لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترها عنه أنه قال : "مثل الصلوات الخمس مثل نهر جار على باب أحدكم ، ينغمس فيه كل يوم خمس مرات ، فماذا يبقين من درنه ؟" ، وأن ذلك في سياق أمر الله بإقامة الصلوات ، والوعد على إقامتها الجزيل من الثواب عقيبها ، أولى من الوعد على ما لم يجر له ذكر من صالحات سائر الأعمال ، إذا خص بالقصد بذلك بعض دون بعض .
وقوله : "ذلك ذكرى للذاكرين" ، يقول تعالى ذكره : هذه الذي أوعدت عليه من الركون إلى الظلم ، وتهددت فيه ، والذي وعدت فيه من إقامة الصلوات اللواتي يذهبن السيئات ، تذكرة ذكرت بها قوماً يذكرون وعد الله ، فيرجون ثوابه ووعيده ، فيخافون عقابه ، لا من قد طبع على قلبه ، فلا يجيب داعياً ، ولا يسمع زاجراً .
وذكر أن هذه الآية نزلت بسبب رجل نال من غير زوجته ولا ملك يمينه بعض ما يحرم عليه ، فتاب من ذنبه ذلك .
ذكر الرواية بذلك :
حدثنا هناد بن السري قال ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، والأسود قالا ، قال عبد الله بن مسعود : "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني عالجت امرأة في بعض اقطار المدينة ، فأصبت منها ما دون أن أمسها ، فأما هذا ، فاقض في ما شئت ! فقال عمر :لقد سترك الله لو سترت على نفسك ! قال : ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً . فقام الرجل فانطلق ، فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً فدعاه ، فلما أتاه قرأ عليه : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" ، فقال رجل من القوم : هذا له يا رسول الله خاصة ؟ قال : بل للناس كافة" .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، والأسود ، عن عبد الله قال : "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني لقيت امرأة في البستان ، فضممتها إلي ، وباشرتها ، وقبلتها ، وفعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها . فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الاية : "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" ، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه ، فقال عمر : يا رسول الله ، أله خاصة ،أم للناس كافة ؟ قال : لا بل للناس كافة" ، ولفظ الحديث لابن وكيع .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، أنه سمع إبراهيم بن يزيد يحدث ، عن علقمة ، والأسود ، عن ابن مسعود قال : "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني وجدت امرأة في بستان ، ففعلت بها كل شيء ، غير أني لم أجامعها ، قبلتها ، ولزمتها ، ولم أفعل غير ذلك ، فافعل بي ما شئت . فلم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً . فذهب الرجل ، فقال عمر : لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه ! فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره فقال : ردوه علي ! فردوه ، فقرأه عليه : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" ، قال : فقال معاذ بن جبل : أله وحده ،يا نبي الله ، أم للناس كافة ؟ فقال : بل للناس كافة" .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا ابو عوانة ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، والأسود ، عن عبد الله قال : "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أخذت امرأة في البستان فأصبت منها كل شيء ، غير أني لم أنكحها ، فاصنع بي ما شئت ! فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما ذهب دعاه فقرأ عليه هذه الآية : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ،" الآية .
حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي قال ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب قال ، سمعت إبراهيم يحدث ، عن خاله الأسود ، عن عبد الله: "أن رجلاً لقي امرأة في بعض طرق المدينة ، فأصاب منها ما دون الجماع ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فنزلت : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" ، فقال معاذ بن جبل : يا رسول الله ، لهذا خاصة ، أو لنا عامة ؟ قال : بل لكم عامة" .
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا شعبة قال ، أنبأني سماك قال ، سمعت إبراهيم يحدث ، عن خاله ، عن ابن مسعود : "إن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لقيت امرأة في حش بالمدينة ، فأصبت منها ما دون الجماع ، نحوه" .
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم البغدادي قال ، حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن خاله ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
حدثني أبو السائب قال ، حدثنا ابو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم قال : "جاء فلان بن معتب ،رجل من الأنصار ، فقال : يا رسول الله ، دخلت علي امرأة فنلت منها ما ينال الرجل من أهل ، إلا أني لم أواقعها ؟ فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيبه ، حتى نزلت هذه الآية : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" ، الآية ، فدعاه فقرأها عليه" .
حدثني يعقوب وابن وكيع قالا ، حدثنا ابن علية ، وحدثنا حميد بن مسعدة قال ، حدثنا بشر بن المفضل ، وحدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، جميعاً ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود : "أن رجلاً أصاب من امرأة شيئاً لا أدري ما بلغ ، غير أنه ما دون الزنا ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فنزلت : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" ، فقال الرجل : ألي هذه يا رسول الله ؟ قال : لمن أخذ بها من أمتي ، أو : لمن عمل بها" .
حدثني أبو كريب وابن وكيع قالا ، حدثنا قبيصة ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن ابي عثمان قال : كنت مع سلمان ، فأخذ غصن شجرة يابسة فحته ، وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من توضأ فأحسن الوضوء ، تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق! ثم قال : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل "، إلى آخر الآية" .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا أبو أسامة ،وحسين الجعفي ، عن زائدة قال ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ قال : "أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، ما ترى في رجل لقي امرأة لا يعرفها ،فليس يأتي الرجل من امرأته شيئاً إلا وقد أتاه منها ، غير أن لم يجامعها ؟ فأنزل الله هذه الآية ، "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضأ ثم صل . قال معاذ : قلت : يا رسول الله ، أله خاصة ، أم للمؤمنين عامة ؟ قال : بل للمؤمنين عامة" .
حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : "أن رجلاً أصاب من امرأة ما دون الجماع ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن ذلك ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أو أنزلت : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، الآية ، فقال معاذ : يا رسول الله ، أله خاصة ، أم للناس عامة ؟ قال : هي للناس عامة" .
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا أبو داود قال ، حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن عمير قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه .
حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثني عمرو بن الحارث قال ، حدثني عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي قال ، حدثنا سليم بن عامر : أنه سمع أبا أمامة يقول : "إن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أقم في حد الله ، مرة واثنتين . فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقيمت الصلاة ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أين هذا القائل : اقم في حد الله ؟ قال : أنا ذا ! قال : هل أتممت الوضوء وصليت معنا آنفا ؟ قال : نعم ! قال : فإنك من خطيئتك كما ولدتك أمك ، فلا تعد ! وأنزل الله حينئذ على رسوله : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، الآية" .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثني جرير ، عن عبد الملك ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، "عن معاذ بن جبل : أنه كان جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل فقال : يا رسول الله ، رجل أصاب من امرأة ما لا يحل له ،لم يدع شيئاً يصيبه الرجل من امرأته إلا أتاه ، إلا أنه لم يجامعها ؟ قال : يتوضأ وضوءاً حسناً ثم يصلي . فأنزل الله هذه الآية : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، الآية . فقال معاذ : هي له ، يا رسول الله ، خاصة أم للمسلمين عامة ؟ قال : بل للمسلمين عامة" .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة : "أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذكر امرأة وهو جالس مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنه لحاجة ، فأذن له ، فذهب يطلبها فلم يجدها ، فأقبل الرجل يريد أن يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بالمطر ، فوجد المرأة جالسة على غدير ، فدفع في صدرها وجلس بين رجليها ، فصار ذكره مثل الهدبة ، فقام نادماً حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بما صنع ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : استغفر ربك ، وصل أربع ركعات ، قال : وتلا عليه : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، الآية" .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن عثمان بن موهب ، عن موسى بن طلحة ، "عن ابي اليسر بن عمر الأنصاري قال : أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمراً ، فقلت : إن في البيت تمراً أجود من هذا ! فدخلت ، فأهويت إليها فقبلتها . فأتيت ابا بكر فسألته ، فقال : استر على نفسك ، وتب واستغفر الله ! فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أخلفت رجلاً غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا ! حتى ظننت أني من أهل النار ، حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ ! قال : فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ، فنزل جبريل ، فقال : اين أبو اليسر ؟ فجئت ، فقرأ علي : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، إلى "ذكرى للذاكرين" ، قال إنسان : له يا رسول الله ، خاصة ، أم للناس عامة ؟ قال : للناس عامة" .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ،عن قتادة : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فال : يا نبي الله ، هلكت ! فأنزل الله : "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن سليمان التيمي قال : "ضرب رجل على كفل امرأة ، ثم أتى أبا بكر وعمر رحمة الله عليهما . فكلما سأل رجلاً منهما عن كفارة ذلك قال : أمغزية هي ماد ؟ قال : نعم ! قال : لا أدري ! ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك ، فقال : أمغزية هي ؟ قال : نعم ! قال : لا أدري !" حتى أنزل الله : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن قيس بن سعد ، عن عطاء في قول الله : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، "أن امرأة دخلت على رجل يبيع الدقيق ، فقبلها ، فأسقط في يده ، فأتى عمر فذكر ذلك له ، فقال : اتق الله ، ولا تكن امرأة غاز ؟ فقال الرجل : هي امرأة غاز ! فذهب إلى أبي بكر ، فقال مثل ما قال عمر ، فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً ، فقال له كذلك ، ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبهم" ، فأنزل الله : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، الصلوات المفروضات ، "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، أخبرني عطاء بن أبي رباح قال : أقبلت امرأة حتى جاءت إنساناً يبيع الدقيق لتبتاع منه ، فدخل بها البيت ، فلما خلا له قبلها . قال : فسقط في يديه ، فانطلق إلى ابي بكر فذكر ذلك له ، فقال : أبصر ، لا تكونن امرأة رجل غاز ! فبينما هم على ذلك ، نزل في ذلك : "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل" ، قيل لـ عطاء : المكتوبة هي ؟ قال : نعم ، هي المكتوبة ، فقال ابن جريج . وقال عبد الله بن كثير : هي المكتوبات ، قال ابن جريج ، عن يزيد بن رومان : أن رجلاً من نبي غنم ، دخلت عليه امرأة فقبلها ، ووضع يده على دبرها ، فجاء إلى أبي بكر رضي الله عنه ، ثم إلى عمر رضي الله عنه ، ثم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية : "أقم الصلاة" ، إلى قوله : "ذلك ذكرى للذاكرين" ، فلم يزل الرجل الذي قبل المرأة يذكر . فذلك قوله : "ذكرى للذاكرين" .

فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار " لم يختلف أحد من أهل التأويل في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة، و خصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان، وإليها يفزع في النوائب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وقال شيوخ الصوفية: إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضاً ونفلاً، قال ابن العربي : وهذا ضعيف، فإن الأمر لم يتناول ذلك إلا واجباً لا نفلاً، فإن الأوراد معلومة، وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة، وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم، وليس ذلك في قوة بشر.
الثانية: قوله تعالى " طرفي النهار " قال مجاهد الطرف الأول صلاة الصبح، والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر، واختاره ابن عطية. وقيل: الطرفان الصبح والمغرب، قاله ابن عباس والحسن. وعن الحسن أيضاً: الطرف الثاني العصر وحده، وقاله قتادة و الضحاك . وقيل: الطرفان الظهر والعصر. والزلف المغرب والعشاء والصبح، كأن هذا القائل راعى جهر القراءة. وحكى الماوردي أن الطرف الأول صلاة الصبح باتفاق.
قلت: وهذا الاتفاق ينقصه القول الذي قبله. ورجح الطبري أن الطرفين الصبح والمغرب، وأنه ظاهر، قال ابن عطية: ورد عليه بأن المغرب لا تدخل فيه لأنها من صلاة الليل. قال ابن العربي: والعجب من الطبري الذي يرى أن طرفي النهار الصبح والمغرب وهما طرفا الليل! فقلب القوس ركوة، وحاد عن البرجاس غلوة، قال الطبري : والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح، فدل على أن الطرف الآخر المغرب، ولم يجمع معه على ذلك أحد.
قلت: هذا تحامل من ابن العربي في الرد، وأنه لم يجمع معه على ذلك أحد، وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح، وقد وقع الاتفاق - إلا من شذ - بأن من أكل أو جامع بعد طلوع الفجر متعمداً أن يومه ذلك يوم فطر، وعليه القضاء والكفارة، وما ذلك إلا وما بعد طلوع الفجر من النهار، فدل على صحة ما قاله الطبري في الصبح، وتبقى عليه المغرب والرد عليه فيه ما تقدم. والله أعلم.
الثالثة: قوله تعالى: " وزلفا من الليل " أي في زلف من الليل، والزلف الساعات القريبة بعضها من بعض، ومنه سميت المزدلفة، لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة. وقرأ ابن القعقاع وابن أبي إسحاق وغيرهما ( وزلفا) بضم اللام جمع زليف، لأنه قد نطق بزليف، ويجوز أن يكون واحده ( زلفة) لغة، كبسرة وبسر، في لغة من ضم السين. وقرأ ابن محيصن ( وزلفاً) من الليل بإسكان اللام، والواحدة زلفة تجمع جمع الأجناس التي هي أشخاص كدرة ودر وبرة وبر. وقرأ مجاهد وابن محيصن أيضاً ( زلفى) مثل قربى. وقرأ الباقون ( وزلفا) بفتح اللام كغرفة وغرف. قال ابن الأعرابي : الزلف الساعات، واحدها زلفة. وقال قوم: الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس، فعلى هذا يكون المراد بزلف الليل صلاة العتمة، قاله ابن عباس. وقال الحسن: المغرب والعشاء. وقيل: المغرب والعشاء الصبح، وقد تقدم. وقال الأخفش : يعني صلاة الليل ولم يعين.
الرابعة: قوله تعالى: " إن الحسنات يذهبن السيئات " ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين إلى أن الحسنات ها هنا هي الصلوات الخمس وقال مجاهد: الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، قال ابن عطية: وهذا على جهة المثال في الحسنات، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات، لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما اجتنبت الكبائر ". قلت: سبب النزول يعضد قول الجمهور، نزلت في رجل من الأنصار، قيل: هو أبو اليسر بن عمرو. وقيل: اسمه عباد، خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج. " روى الترمذي عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت. فقال له عمر: لقد سترك الله! لو سترت على نفسك، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شئياً فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فدعاه، فتلا عليه: " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " إلى آخر الآية، فقال رجل من القوم: هذا له خاصة؟ قال: لا بل للناس كافة. قال الترمذي : حديث حسن صحيح. وخرج أيضاً عن ابن مسعود أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة حرام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن كفارتها فنزلت: " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات " فقال الرجل: إلي هذه يا رسول الله؟ فقال: لك ولمن عمل بها من أمتي ". قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. " وروي عن أبي اليسر قال: أتتني امرأة تبتاع تمراً فقلت: إن في البيت تمراً أطيب من هذا، فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحداً فلم أصبر، فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحداً فلم أصبر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: أخلفت غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا. حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة، حتى ظن أنه من أهل النار. قال: وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ". قال أبو اليسر: فأتيته فقرأها علي رسول الله صلى الله عليه سلم فقال أصحابه: يا رسول الله! ألهذا خاصة أم للناس عامة.فقال: بل للناس عامة" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وقيس بن الربيع ضعفه وكيع وغيره، وقد " روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه، وأقيمت صلاة العصر فلما فرغ منها نزل جبريل عليه السلام عليه بالآية فدعاه فقال له: أشهدت معنا الصلاة؟ قال نعم، قال: اذهب فإنها كفارة لما فعلت " و " روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا عليه هذه الآية قال له: قم فصل أربع ركعات ". والله أعلم. وخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من حديث ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لم أر شيئاً أحسن طلباً ولا أسرع إدراكاً من حسنة حديثة لذنب قديم، " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين "".
الخامسة: دلت الآية مع هذه الأحاديث على أن القبلة الحرام واللمس الحرام لا يجب فيهما الحد، وقد يستدل به على أن لا حد ولا أدب على الرجل والمرأة وإن وجدا في ثوب واحد، وهو اختيار ابن المنذر، لأنه لما ذكر اختلاف العلماء في هذه المسألة ذكر هذا الحديث مشيراً إلى أنه لا يجب عليهما شيء، وسيأتي ما للعلماء في هذا في النور إن شاء الله تعالى.
السادسة: ذكر الله سبحانه في كتابه الصلاة بركوعها وسجودها وقيامها وقراءتها وأسمائها فقال: ( أقم الصلاة) الآية. وقال: " أقم الصلاة لدلوك الشمس " ( الإسراء: 78) الآية. وقال: " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون " ( الروم: 17: 18). وقال: " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " ( طه: 130). وقال: " اركعوا واسجدوا " ( الحج: 77). وقال: " وقوموا لله قانتين " ( البقرة: 238). وقال: " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا " ( الأعراف: 204) على ما تقدم. وقال: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " ( الإسراء: 110) أي بقراءتك، وهذا كله مجمل أجمله في كتابه، وأحال على نبيه في بيانه، فقال جل ذكر: " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم " ( النحل: 44) فبين صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة، وعدد الركعات والسجدات، وصفة جميع الصلوات فرضها وسننها، وما لاتصح الصلاة إلا به من الفرائض وما يستحب فيها من السنن والفضائل، فقال في صحيح البخاري : " صلوا كما رأيتموني أصلى ". ونقل ذلك عنه الكافة عن الكافة، على ما هو معلوم، ولم يمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى بين جميع ما بالناس الحاجة إليه، فكمل الدين، وأوضح السبيل، قال الله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ( المائدة: 3).
قوله تعالى: " ذلك ذكرى للذاكرين " أي القرآن موعظة وتوبة لمن اتعظ وتذكر، وخص الذاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بالذكرى. والذكرى مصدر جاء بألف التأنيث.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "وأقم الصلاة طرفي النهار" قال يعني الصبح والمغرب وكذا قال الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم, وقال الحسن في رواية وقتادة والضحاك وغيرهم هي الصبح والعصر وقال مجاهد: هي الصبح في أول النهار والظهر والعصر من آخره "وزلفاً من الليل" قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم يعني صلاة العشاء وقال الحسن في رواية ابن المبارك عن مبارك بن فضالة عنه "وزلفاً من الليل" يعني المغرب والعشاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هما زلفتا الليل المغرب والعشاء" وكذا قال مجاهد ومحمد بن كعب وقتادة والضحاك إنها صلاة المغرب والعشاء, وقد يحتمل أن تكون هذه الاية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء فإنه إنما كان يجب من الصلاة صلاتان: صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها, وفي أثناء الليل قيام عليه وعلى الأمة ثم نسخ في حق الأمة وثبت وجوبه عليه ثم نسخ عنه أيضاً في قول والله أعلم.
وقوله: "إن الحسنات يذهبن السيئات" يقول إن فعل الخيرات يكفر الذنوب السالفة كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: كنت إذا سمعت من رسول الله حديثاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه وإذا حدثني عنه أحد استحلفته فإذا حلف لي صدقته, وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم يذنب ذنباً فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر له " وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان أنه توضأ لهم كوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وقال: "من توضأ وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه" وروى الإمام أحمد وأبو جعفر ابن جرير من حديث أبي عقيل زهرة بن معبد أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول: جلس عثمان يوما وجلسنا معه فجاءه المؤذن فدعا عثمان بماء في إناء أظنه سيكون فيه قدر مد فتوضأ ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ثم قال "من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ما بينه وبين صلاة الصبح ثم صلى العصر غفر له ما بينه وبين صلاة الظهر ثم صلى المغرب غفر له ما بينه وبين صلاة العصر ثم صلى العشاء غفر له ما بينه وبين صلاة المغرب ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء وهن الحسنات يذهبن السيئات" وفي الصحيح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهراً غمراً يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيئاً ؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: كذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الذنوب والخطايا " وقال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو الطاهر وهارون ابن سعيد قالا: حدثنا ابن وهب عن أبي صخر أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر" وقال الإمام أحمد حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد أن أبارهم السمعي كان يحدث أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إن كل صلاة تحط ما بين يديها من خطيئة" وقال أبو جعفر بن جرير حدثنا محمد بن عوف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جعلت الصلوات كفارات لما بينهن" فإن الله قال "إن الحسنات يذهبن السيئات".
وقال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" فقال الرجل يا رسول الله ألي هذا ؟ قال: "لجميع أمتي كلهم" هكذا رواه في كتاب الصلاة وأخرجه في التفسير عن مسدد عن يزيد بن زريع بنحوه ورواه مسلم وأحمد وأهل السنن إلا أبا داود من طرق عن أبي عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مل به. ورواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وهذا لفظه من طرق عن سماك بن حرب أنه سمع إبراهيم بن يزيد يحدث عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك فافعل بي ما شئت فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فذهب الرجل. فقال عمر: لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه, فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره ثم قال: "ردوه علي" فردوه عليه فقرأ عليه "أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" فقال معاذ وفي رواية عمر يا رسول الله أله وحده أم للناس كافة ؟ قال: "بل للناس كافة" وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد حدثنا أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه" قال: قلنا: وما بوائقه يا نبي الله ؟ قال: "غشه وظلمه ولا يكسب عبد مالاً حراماً فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولكن يمحو السيء بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث" وقال ابن جرير: حدثنا أبو السائب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان فلان ابن معتب رجلاً من الأنصار فقال يا رسول الله دخلت علي امرأة فنلت منها ما ينال الرجل من أهله إلا أني لم أواقعها فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيبه حتى نزلت هذه الاية "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" فدعاه رسول الله فقرأها عليه وعن ابن عباس أنه عمرو بن غزية الأنصاري التمار وقال مقاتل هو أبو نفيل عامر بن قيس الأنصاري وذكر الخطيب البغدادي أنه أبو اليسر كعب بن عمرو. وقال الإمام أحمد حدثنا يونس وعفان قالا: حدثنا حماد يعني ابن سلمة عن علي بن زيد قال عفان أنبأنا علي بن يزيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن رجلاً أتى عمر فقال إن امرأة جاءت تبايعه فأدخلتها الدولج فأصبت منها ما دون الجماع, فقال ويحك لعلها مغيبة في سبيل الله ؟ قال أجل, قال فائت أبا بكر فسله. قال فأتاه فسأله فقال لعلها مغيبة في سبيل الله ؟ فقال مثل قول عمر ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مثل ذلك قال "فلعلها مغيبة في سبيل الله" ونزل القرآن "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" إلى آخر الاية, فقال يا رسول الله لي خاصة أم للناس عامة ؟ فضرب يعني عمر صدره بيده وقال لا ولا نعمة عين بل للناس عامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق عمر" وروى الإمام أبو جعفر بن جرير من حديث قيس بن الربيع عن عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبي اليسر كعب بن عمرو الأنصاري قال أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمراً فقلت إن في البيت تمراً أجود من هذا فدخلت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت عمر فسألته فقال اتق الله واستر على نفسك ولا تخبرن أحداً فلم أصبر حتى أتيت أبا بكر فسألته فقال اتق الله واستر على نفسك ولا تخبرن أحداً قال فلم أصبر حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال "أخلفت رجلاً غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا" حتى ظننت أني من أهل النار حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة فنزل جبريل فقال أبو اليسر فجئت فقرأ علي رسول الله "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" فقال إنسان: يا رسول الله له خاصة أم للناس عامة ؟ قال "للناس عامة" وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل أنه كان قاعداً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له فلم يدع شيئاً الرجل يصيبه من امرأته إلا قد أصاب منها غير أنه لم يجامعها ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "توضأ وضوءاً حسناً ثم قم فصل" فأنزل الله عز وجل هذه الاية يعني قوله: "وأقم الصلاة طرفي النهار" فقال معاذ أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ قال: "بل للمسلمين عامة" ورواه ابن جرير من طرق عن عبد الملك بن عمير به. وقال عبد الرزاق حدثنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذكر امرأة وهو جالس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه لحاجة فأذن له فذهب يطلبها فلم يجدها فأقبل الرجل يريد أن يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بالمطر فوجد المرأة جالسة على غدير فدفع في صدرها وجلس بين رجليها فصار ذكره مثل الهدبة فقام نادماً حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنع فقال له: "استغفر ربك وصل أربع ركعات" قال: وتلا عليه "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل" الاية.
وقال ابن جرير: حدثني عبد الله بن أحمد بن سيبويه حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثني عمرو بن الحارث حدثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي عن سليم بن عامر أنه سمع أبا أمامة يقول إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أقم في حد الله ـ مرة أو اثنتين ـ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقيمت الصلاة فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال: "أين هذا الرجل القائل أقم في حد الله ؟" قال: أنا ذا. قال: أتممت الوضوء وصليت معنا آنفاً ؟ قال: نعم. قال: "فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد" وأنزل الله على رسول الله "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا علي بن زيد عن أبي عثمان قال كنت: مع سلمان الفارسي تحت شجرة فأخذ منها غصناً يابساً فهزه حتى تحات ورقه ثم قال: أبا عثمان ألا تسألني لم أفعل هذا قلت ولم تفعله ؟ قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق. وقال: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا معاذ "أتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" وقال أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن أشياخه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أوصني, قال: "إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها" قال: قلت: يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله ؟ قال: "هي أفضل الحسنات" وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا هذيل بن إبراهيم الجماني حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الزهري عن ولد سعد بن أبي وقاص عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قال عبد لا إله إلا الله في ساعة من ليل أو نهار إلا طلست ما في الصحيفة من السيئات حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات" عثمان بن عبد الرحمن يقال له الوقاصي فيه ضعف. وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا بشر بن آدم وزيد بن أخرم قالا حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا مستور بن عباد عن ثابت عن أنس أن رجلاً قال: يا رسول الله ما تركت من حاجة ولا داجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟" قال: بلى. قال "فإن هذا يأتي على ذلك" تفرد به من هذا الوجه مستور.
قوله: 114- "وأقم الصلاة طرفي النهار" لما ذكر الله سبحانه الاستقامة خص من أنواعها إقامة الصلاة لكونها رأس الإيمان، وانتصاب طرفي النهار على الظرفية، والمراد صلاة الغداة والعشي، وهما الفجر والعصر، وقيل الظهر موضع العصر. وقيل الطرفان الصبح والمغرب، وقيل هما الظهر والعصر. ورجح ابن جرير أنهما الصبح والمغرب، قال: والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح، فدل على أن الطرف الآخر المغرب "وزلفاً من الليل" أي في زلف من الليل، والزلف: الساعات القريبة بعضها من بعض، ومنه سميت المزدلفة لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة. وقرأ ابن القعقاع وأبو إسحاق وغيرهما "زلفاً" بضم اللام جمع زليف، ويجوز أن يكون واحده زلفة. وقرأ ابن محيصن بإسكان اللام. وقرأ مجاهد نفي مثل فعلي. وقرأ الباقون زلفاً بفتح اللام كغرفة وغرف. قال ابن الأعرابي: الزلف الساعات واحدتها زلفة. وقال قوم: الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس. قال الأخفش: معنى زلفاً من الليل: صلاة الليل "إن الحسنات يذهبن السيئات" أي إن الحسنات على العموم، ومن جملتها بل عمادها الصلاة يذهبن السيئات على العموم، وقيل: المراد بالسيئات: الصغائر، ومعنى يذهبن السيئات: يكفرنها حتى كأنها لم تكن، والإشارة بقوله: "ذلك ذكرى للذاكرين" إلى قوله: "فاستقم" وما بعده، وقيل: إلى القرآن ذكرى للذاكرين: أي موعظة للمتعظين.
114- قوله عز وجل: "وأقم الصلاة طرفي النهار"، أي: الغداة والعشي: يعني: صلاة الصبح والمغرب، قال مجاهد: طرفا النهار صلاة الصبح والظهر والعصر. "وزلفاً من الليل"، صلاة المغرب والعشاء.
وقال مقاتل: صلاة الفجر والظهر طرف، وصلاة العصر والمغرب طرف، وزلفا من الليل، يعني: صلاة العشاء.
وقال الحسن: طرفا النهار. الصبح والعصر، وزلفا من الليل: المغرب والعشاء. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: طرفا النهار الغداة والعشي، يعني صلاة الصبح والمغرب.
قوله: "وزلفاً من الليل" أي: ساعاته واحدتها زلفة وقرأ أبو جعفر زلفاً بضم اللام.
"إن الحسنات يذهبن السيئات"، يعني: إن الصلوات الخمس يذهبن الخطيئات.
روي أنها نزلت في أبي اليسر، قال: "أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت لها إن في البيت تمرا أطيب منه فدخلت معي البيت، فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت أبا بكر رضي الله عنه فذكرت ذلك له فقال: استر على نفسك وتب، فأتيت عمر رضي الله عنه فذكر ذلك له، فقال: استر على نفسك وتب، فلم أصبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا، حتى ظن أنه من أهل النار؟ فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل"، الآية، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألهذا خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل للناس عامة".
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا قتيبة بن سعيد حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود رضي الله عنه "أن رجلا أصاب من امرأة قبله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالى "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات"، قال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: لجميع أمتي كلهم".
وأخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أنبأنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني أبو طاهر، وهارون بن سعيد الأيلي: قالا: حدثنا ابن وهب، عن أبي صخر، أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".
وأخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا محمد الحسين بن أحمد المخلدي، أنبأنا العباس محمد بن إسحاق السراج، أنبأنا قتيبة، أنبأنا الليث وبكر بن مضر، عن ابن الهادي، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا. قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا".
قوله عز وجل: "ذلك"، أي: ذلك الذي ذكرنا. وقيل: هو إشارة إلى القرآن، "ذكرى"عظة "للذاكرين" أي: لمن ذكره.
114." وأقم الصلاة طرفي النهار "غدوة وعشية وانتصابه على الظرف لأنه مضاف إليه ، "وزلفاً من الليل "وساعات منه قريبة من النهار ، فإنه من أزلفه إذا قربه وهو جمع زلفة، وصلاة الغداة صلاة الصبح لأنها أقرب الصلاة من أول النهار ، وصلاة العشية صلاة العصر ، وقيل الظهر والعصر لأن ما بعد الزوال عشي وصلاة الزلف المغرب والعشاء.وقرئ زلفاً بضمتين وضمة وسكون كبسر وبسر في بسرة و"زلفى"بمعنى زلفة كقربى وقربة . "إن الحسنات يذهبن السيئات "يكفرنها ،وفي الحديث"إن الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما ما اجتنبت الكبائر " وفي سبب النزول "أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني قد أصبت من امرأة غير أني لم آتها فنزلت" "ذلك "إشارة إلى قوله "فاستقم "وما بعده وقيل إلى القرآن ."ذكرى للذاكرين"عظة للمتعظين.
114. Establish worship at the two ends of the day and in some watches of the night. Lo! good deeds annul ill deeds. This is a reminder for the mindful.
114 - And establish regular prayers at the two ends of the day and at the approaches of the night: for those things that are good remove those that are evil: be that the word of remembrance to those who remember (their Lord):