[العصر : 3] إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
3 - (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فليسوا في خسران (وتواصوا) أوصى بعضهم بعضا (بالحق) الإيمان (وتواصوا بالصبر) على الطاعة وعن المعصية
وقوله : " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " يقول : إلا الذين صدقوا الله وحدوه ، وأقروا له بالواحدانية والطاعة ، وعملوا الصالحات ، وأدوا ما لزمهم من فرائضه ، واجتنبوا ما نهاهم عنه من معاصيه . و استثنى الذين آمنموا عن الإنسان ، لأن الإنسان بمعنى الجمع ، لا بمعنى الواحد .
وقوله : " وتواصوا بالحق " يقول : وأوصى بعضهم بعضاً بلزوم العمل بما أنزل الله في كتابه من أمره واجتناب ما نهى عنه فيه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وتواصوا بالحق " والحق : كتاب الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " وتواصوا بالحق " قال الحق كتاب الله .
حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : ثنا خطاب بن عثمان ، قال :ثنا عبد الرحمن بن سنان أبو روح السكوني ، حمصي لقيته بإرينية ، قال : سمعت الحسن في " وتواصوا بالحق " قال الحق : كتاب الله .
وقوله : " وتواصوا بالحق " يقول : وأوصى بعضهم بعضاً بالصبر على العمل بطاعة الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وتواصوا بالحق " قال : الصبر : طاعة الله .
حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : ثنا خطاب بن عثمان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سنان أبو روح قال : سمعت الحسن يقول في قوله " وتواصوا بالصبر "قال : الصبر : طاعة الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر عن الحسن " وتواصوا بالصبر "قال : الصبر : طاعة الله .


قوله تعالى:" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر "
قوله تعالى:" إلا الذين آمنوا " استثناء من الإنسان، إذ هو بمعنى الناس على الصحيح.
قوله تعالى:" وعملوا الصالحات" أي أدوا الفرائض المفترضة عليهم، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. "قال أبي بن كعب:
قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (والعصر) ثم قلت: ماتفسيرها يا نبي الله ؟ قال: (والعصر) قسم من الله، أقسم ربكم بآخر النهار: " إن الإنسان لفي خسر" : أبو جهل " إلا الذين آمنوا " : أبو بكر،" وعملوا الصالحات" عمر. " وتواصوا بالحق" عثمان " وتواصوا بالصبر" علي رضي الله عنهم أجمعين. وهكذا خطب ابن عباس على المنبر موقوفاً عليه " . ومعنى " وتواصوا" أي تحابوا، أوصى بعضهم بعضاً، وحث بعضهم بعضاً. " بالحق" أي بالتوحيد، كذا روى الضحاك عن ابن عباس. قال قتادة: (بالحق) أي بالقرآن. وقال السدي ، الحق هنا هو الله عز وجل " وتواصوا بالصبر" على طاعة الله عز وجل، الصبر عن معاصيه. وقد تقدم. والله أعلم.
العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر, وقال مالك عن زيد بن أسلم : هو العشي, والمشهور الأول فأقسم تعالى بذلك على أن الإنسان لفي خسر أي في خسارة وهلاك "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" فاستثنى من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم "وتواصوا بالحق" وهو أداء الطاعات, وترك المحرمات "وتواصوا بالصبر" أي على المصائب والأقدار وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر. آخر تفسير سورة العصر, ولله الحمد والمنة.
3- "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" أي جمعوا بين الإيمان بالله والعمل الصالح، فإنهم في ربح لا في خسر، لأنهم عملوا للآخرة ولم تشغلهم أعمال الدنيا عنها، والاستثناء متصل ومن قال: إن المراد بالإنسان الكافر فقط، فيكون منقطعاً، ويدخل تحت هذا الاستثناء كل مؤمن ومؤمنة، ولا وجه لما قيل من أن المراد الصحابة أو بعضهم، فإن اللفظ عام لا يخرج عنه أحد عن يتصف بالإيمان والعمل الصالح "وتواصوا بالحق" أي وصى بعضهم بعضاً بالحق الذي يحق القيام به، وهو الإيمان بالله والتوحيد، والقيام بما شرعه الله، واجتناب ما نهى عنه. قال قتادة: بالحق: أي بالقرآن، وقيل بالتوحيد، والحمل على العموم أولى "وتواصوا بالصبر" أي بالصبر عن معاصي الله سبحانه والصبر على فرائضه. وفي جعل التواصي بالصبر قريناً للتواصي بالحق دليل على عظيم قدره وفخامة شرفه، ومزيد ثواب الصابرين على ما يحق الصبر عليه "إن الله مع الصابرين" وأيضاً التواصي بالصبر مما يندرج تحت التواصي بالحق، فإفراده بالذكر وتخصيصه بالنص عليه من أعظم الأدلة الدالة على إنافته على خصال الحق، ومزيد شرفه عليها، وارتفاع طبقته عنها.
وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "والعصر" قال: الدهر. وأخرج ابن جرير عنه قال: هو ساعة من ساعات النهار. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال: هو ما قبل مغيب الشمس من العشي. وأخرج الفريابي وأبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ والعصر، ونوائب الدهر، إن الإنسان لفي خسر، وإنه فيه إلى آخر الدهر. وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه كان يقرأ:والعصر إن الإنسان لفي خسر، وإنه لفيه إلى آخر الدهراهـ.
3- "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات"، فإنهم ليسوا في خسر، "وتواصوا"، أوصى بعضهم بعضاً، "بالحق"، بالقرآن، قاله الحسن وقتادة، وقال مقاتل: بالإيمان والتوحيد. "وتواصوا بالصبر"، على أداء الفرائض وإقامة أمر الله. وروى ابن عون عن إبراهيم قال: أراد أن الإنسان إذا عمر في الدنيا وهرم، لفي نقص وتراجع إلا المؤمنين، فإنهم يكتب لهم أجورهم ومحاسن أعمالهم التي كانوا يعملونها في شبابهم وصحتهم، وهي مثل قوله: " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ".
3-" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا ففازوا بالحياة الأبدية والسعادة السرمدية . " وتواصوا بالحق " الثابت الذي لا يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل " وتواصوا بالصبر " عن المعاصي أو على الحق ، أو ما يبلو الله به عباده . وهذا من عطف الخاص على العام للمبالغة إلا أن يخص العمل بم يكون مقصوراً على كماله ، ولعله سبحانه وتعالى أنما ذكر سبب الربح دون الخسران اكتفاء ببيان المقصود ، وإشعاراً بأن ما عدا إما عد يؤدي إلى خسر ونقص حظ ، أو تكرماً فإن الإبهام في جانب الخسر كرم . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة والعصر غفر الله له وكان ممن تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " .
3. Save those who believe and do good works, and exhort one another to truth and exhort one another to endurance.
3 - Except such as have Faith, and do righteous deeds, and (join together) in the mutual teaching of Truth, and of Patience and Constancy.