[يونس : 9] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
9 - (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم) يرشدهم (ربهم بإيمانهم) به بأن يجعل لهم نوراً يهتدون به يوم القيامة (تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات "، إن الذين صدقوا الله ورسوله، " وعملوا الصالحات "، وذلك العمل بطاعة الله والانتهاء إلى أمره، " يهديهم ربهم بإيمانهم "، يقول: يرشدهم ربهم يإيمانهم به، إلى الجنة كما:
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم "، بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن المؤمن إذا خرج من قبرة صور له عمله في صورة حسنة، فيقول له: ما أنت؟ فوالله إني لأراك أمرأ صدق! فيقول: أنا عملك! فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة. وأما الكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وشارة سيئة، فيقول: ما أنت؟ فوالله إني لأراك امرأ سوء! فيقول: أنا عملك! فينطلق به حتى يدخله النار ".
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " يهديهم ربهم بإيمانهم "، قال: يكون لهم نوراً يمشون به.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
... قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله. وقال ابن جريج : " يهديهم ربهم بإيمانهم "، قال: يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة، يعارض صاحبه ويبشره بكل خير، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك! فيجعل له نوراً من بين يديه حتى يدخله الجنة، فذلك قوله: " يهديهم ربهم بإيمانهم ". والكافر يمثل لهم عمله في صورة سيئة وريح منتنة، فيلازم صاحبه ويلازه حتى يقذفه في النار.
وقال آخرون: معنى ذلك: بإيمانهم، يهديهم ربهم لدينه. يقول: بتصديقهم هداهم.
ذكر من قال ذلك:
... .
وقوله: " تجري من تحتهم الأنهار "، يقول: تجري من تحت هؤلاء المؤمنين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم، أنهار الجنة، " في جنات النعيم "، يقول: في بساتين النعيم، الذي نعم الله به أهل طاعته والإيمان به.
فإن قال قائل: وكيف قيل: " تجري من تحتهم الأنهار "، وإنما وصف جل ثناؤه أنهار الجنة في سائر القرآن أنها تجري تحت الجنات؟ وكيف يمكن الأنهار أن تجري من تحتهم، إلا أن يكونوا فوق أرضها والأنهار تجري من تحت أرضها؟ وليس ذلك من صفة أنهار الجنة، لأن صفتها أنها تجري على وجه الأرض في غير أخاديد؟
قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبت، وإنما معنى ذلك: تجري من دونهم الأنهار إلى ما بين أيديهم في بساتين النعيم، وذلك نظير قول الله: " قد جعل ربك تحتك سريا " [مريم: 24]. ومعلوم أنه لم يجعل ((السري)) تحتها وهي عليه قاعدة - إذ كان ((السري))، هو الجدول - وإنما عنى به: جعل دونها بين يديها، وكما قال جل ثناؤه مخبراً عن قيل فرعون: " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي "، [الزخرف: 51]، بمعنى: من دوني، بين يدي.
قوله تعالى: "إن الذين آمنوا" أي صدقوا. "وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم" أي يزيدهم هداية، كقوله: "والذين اهتدوا زادهم هدى" [محمد:17]. وقيل: يهديهم ربهم بإيمانهم إلى مكان تجري من تحتهم الأنهار. وقال أبو روق: يهديهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة. وقال عطية: يهديهم يثيبهم ويجزيهم. وقال مجاهد: يهديهم ربهم بالنور على الصراط إلى الجنة، يجعل لهم نوراً يمشون به. ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقوي هذا أنه قال:
"يتلقى المؤمن عمله في أحسن صورة فيؤنسه ويهديه ويتلقى الكافر عمله في أقبح صورة فيوحشه ويضله". هذا معنى الحديث. وقال ابن جريج: يجعل عملهم هادياً لهم. الحسن: يهديهم يرحمهم.
قوله تعالى: "تجري من تحتها الأنهار" قيل: في الكلام واو محذوفة، أي وتجري من تحتهم، أي من تحت بساتينهم. وقيل: من تحت أسرتهم، وهذا أحسن في النزهة والفرجة.
هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وامتثلوا ما أمروا به فعملوا الصالحات بأنه سيهديهم بإيمانهم, يحتمل أن تكون الباء ههنا سببية فتقديره بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة على الصراط المستقيم حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة, ويحتمل أن تكون للاستعانة كما قال مجاهد في قوله: "يهديهم ربهم بإيمانهم" قال: يكون لهم نوراً يمشون به, وقال ابن جريج في الاية: يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره يعارض صاحبه ويبشره بكل خير فيقول له: من أنت ؟ فيقول: أنا عملك فيجعل له نوراً من بين يديه حتى يدخله الجنة فذلك قوله تعالى: "يهديهم ربهم بإيمانهم" والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيلزم صاحبه ويلازه حتى يقذفه في النار, وروي نحوه عن قتادة مرسلاً فالله أعلم, وقوله: " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " أي هذا حال أهل الجنة. قال ابن جريج أخبرت بأن قوله: "دعواهم فيها سبحانك اللهم" قال: إذا مر بهم الطير يشتهونه قالوا سبحانك اللهم وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه فيسلم عليهم فيردون عليه فذلك قوله: "وتحيتهم فيها سلام" قال فإذا أكلوا حمدوا الله فذلك قوله: "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".
وقال مقاتل بن حيان: إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم "سبحانك اللهم" قال فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم مع كل خادم صحفة من ذهب فيها طعام ليس في الأخرى قال فيأكل منهن كلهن, وقال سفيان الثوري: إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيء قال "سبحانك اللهم" وهذه الاية فيها شبه من قوله: "تحيتهم يوم يلقونه سلام" الاية. وقوله: " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما " وقوله: "سلام قولاً من رب رحيم" وقوله: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم " الاية, وقوله "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين" هذا فيه دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبداً, المعبود على طول المدى, ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره وفي ابتداء كتابه وعند ابتداء تنزيله حيث يقول تعالى: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب" "الحمد لله الذي خلق السموات والأرض" إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها وأنه المحمود في الأولى والاخرة في الحياة الدنيا وفي الاخرة وفي جميع الأحوال ولهذا جاء في الحديث: إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس. وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تزايد نعم الله عليهم فتكرر وتعاد وتزداد فليس لها انقضاء ولا أمد فلا إله إلا هو ولا رب سواه.
وأما حال الذين يؤمنون به فقد بينه سبحانه بقوله: 9- "إن الذين آمنوا" أي فعلوا الإيمان الذي طلبه الله منهم بسبب ما وقع منهم من التفكر والاعتبار فيما تقدم ذكره من الآيات "وعملوا الصالحات" التي يقتضيها الإيمان، وهي ما شرعه الله لعباده المؤمنين "يهديهم ربهم بإيمانهم" أي يرزقهم الهداية بسبب هذا الإيمان المضموم إليه العمل الصالح فيصلون بذلك إلى الجنة، وجملة "تجري من تحتهم الأنهار" مستأنفة أو خبر ثان أو في محل نصب على الحال. ومعنى من تحتهم من تحت بساتينهم أو من بين أيديهم لأنهم على سرر مرفوعة. وقوله: "في جنات النعيم" متعلق بتجري أو بيهديهم أو خبر آخر أو حال من الأنهار.
9-قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم "، فيه إضمار، أي: يرشدهم ربهم بإيمانهم إلى جنة، "تجري من تحتهم الأنهار". قال مجاهد: يهديهم عل الصراط إلى الجنة، يجعل لهم نورا يمشون به.
وقيل: "يهديهم" معناه يثيبهم ويجزيهم.
وقيل: معناه بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه، أي: بتصديقهم هداهم "تجري من تحتهم الأنهار" أي: بين أيديهم كقوله عز وجل: "قد جعل ربك تحتك سرياً" (مريم-24) لم يرد به أنه تحتها وهي قاعدة عليه، بل أراد بين يديها.
وقيل: تجري من تحتهم أي: بأمرهم، "في جنات النعيم".
9."إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم"بسبب إيمانهم إلى سلوك سبيل يؤدي إلى الجنة، أو لإدراك الحقائق كما قال عليه الصلاة والسلام "من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم " أو لما يريدونه في الجنة ، ومفهوم الترتيب وإن دل على أن سبب الهدية هو الإيمان العمل الصالح كالتتمة والريف ." تجري من تحتهم الأنهار" استئناف أو خبر ثان أوحال من الضير المنصوب على المعنى الأخير، وقوله : " في جنات النعيم "خبر أو حال أخرى منه ، أو من" الأنهار"أو متعلق بـ"تجري"أو بيهدي .
9. Lo! those who believe and do good works, their Lord guideth them by their faith. Rivers will flow beneath them in the Gardens of Delight,
9 - Those who believe, and work righteousness, their Lord will guide them because of their faith: beneath them will flow rivers in gardens of bliss.