[يونس : 58] قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
58 - (قل بفضل الله) الإسلام (وبرحمته) القرآن (فبذلك) الفضل والرحمة (فليفرحوا هو خير مما يجمعون) من الدنيا بالياء والتاء
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " قل "، يا محمد ، لهؤلاء المكذبين بك وبما أنزل إليك من عند ربك، " بفضل الله "، أيها الناس، الذي تفضل به عليكم، وهو الإسلام، فبينه لكم، ودعاكم إليه، " وبرحمته "، التي رحمكم بها، فأنزلها إليكم، فعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتابه، وبصركم بها معالم دينكم، وذلك القرآن، " فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "، يقول: فإن الإسلام الذي دعاهم إليه، والقرآن الذي أنزله عليهم، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وأموالها وكنوزها.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي بن الحسن الأزدي قال، حدثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري في قوله: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا "، قال: " بفضل الله "، القرآن، " وبرحمته "، أن جعلكم من أهله.
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل، عن منصور، عن هلال بن يساف: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا "، قال: بالإسلام الذي هداكم، وبالقرآن الذي علمكم.
حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا ابن يمان قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف: " قل بفضل الله وبرحمته "، قال: بالإسلام والقرآن، " فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "، من الذهب والفضة.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف في قوله: " قل بفضل الله وبرحمته "، قال: ((فضل الله))، الإسلام، و((رحمته))، القرآن.
حدثني علي بن سهل قال، حدثنا زيد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف في قوله: " قل بفضل الله وبرحمته "، قال: الإسلام والقرآن.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا، حدثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، مثله.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن هلال، مثله.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة : " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا "، أما فضله فالإسلام، وأما رحمته فالقرآن.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن : " قل بفضل الله وبرحمته "، قال: فضله الإسلام، ورحمته القرآن.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " قل بفضل الله وبرحمته "، قال: القرآن.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " وبرحمته "، قال: القرآن.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله: " هو خير مما يجمعون "، قال: الأموال وغيرها.
حدثنا علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " قل بفضل الله وبرحمته "، يقول: فضله الإسلام، ورحمته القرآن.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن هلال: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا "، قال: بكتاب الله، وبالإسلام، " هو خير مما يجمعون ".
وقال آخرون: بل ((الفضل))، القرآن، و((الرحمة))، الإسلام.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "، قال: " بفضل الله "، القرآن، " وبرحمته "، حين جعلهم من أهل القرآن.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا جعفر بن عون قال، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: ((فضل الله))، القرآن، و((رحمته))، الإسلام.
حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك ، قوله: " قل بفضل الله وبرحمته "، قال: " بفضل الله "، القرآن، " وبرحمته "، الإسلام.
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا "، قال: كان أبي يقول: فضله القرآن، ورحمته الإسلام.
واختلفت القرأة في قراءة قوله: " فبذلك فليفرحوا ".
فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: " فليفرحوا " بالياء " هو خير مما يجمعون " بالياء أيضاً، على التأويل الذي تأولناه، من أنه خبر عن أهل الشرك بالله. يقول: فبالإسلام والقرآن الذي دعاهم إليه، فليفرح هؤلاء المشركون، لا بالمال الذي يجمعون، فإن الإسلام والقرآن خير من المال الذي يجمعون وكذلك:
حدثت عن عبد الوهاب بن عطاء، عن هرون، عن أبي التياح: " فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "، يعني الكفار.
وروي عن أبي بن كعب في ذلك ما:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أسلم المنقري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: ((فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون))، بالتاء.
حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن الأجلح، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بن كعب، مثل ذلك.
وكذلك كان الحسن البصري يقول: غير أنه فيما ذكر عنه كان يقرأ قوله: " هو خير مما يجمعون "، بالياء، الأول على وجه الخطاب، والثاني على وجه الخبر عن الغائب.
وكان أبو جعفر القارىء، فيما ذكر عنه، يقرأ ذلك نحو قراءة أبي، بالتاء جميعاً.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرأة الأمصار من قراءة الحرفين جميعاً بالياء: " فليفرحوا هو خير مما يجمعون "، لمعنيين:
أحدهما: إجماع الحجة من القرأة عليه.
والثاني: صحته في العربية، وذلك أن العرب لا تكاد تأمر المخاطب باللام والتاء، وإنما تأمره فتقول: ((افعل ولا تفعل)).
وبعد، فإني لا أعلم أحداً من أهل العربية إلا وهو يستردىء أمر المخاطب باللام، ويرى أنها لغة مرغوب عنها، غير الفراء ، فإنه كان يزعم أن اللام في الأمر هي البناء الذي خلق له، واجهت به أم لم تواجه، إلا أن العرب حذفت اللام من فعل المأمور المواجه، لكثرة الأمر خاصةً في كلامهم، كما حذفوا التاء من الفعل. قال: وأنت تعلم أن الجازم والناصب لا يقعان إلا على الفعل الذي أوله الياء والتاء والنون والألف، فلما حذفت التاء ذهبت اللام، وأحدثت الألف في قولك: ((اضرب)) و((افرح))، لأن الفاء ساكنة، فلم يستقم أن يستأنف بحرف ساكن، فأدخلوا ألفاً خفيفةً يقع بها الابتداء، كما قال: " اداركوا " [الأعراف: 38]. و" اثاقلتم " [التوبة: 38].
وهذا الذي اعتل به الفراء ، عليه لا له. وذلك أن العرب إن كانت قد حذفت اللام في المواجه وتركتها، فليس لغيرها إذا نطق بكلامها أن يدخل فيه ما ليس منه، ما دام متكلماً بلغتها. فإن فعل ذلك، كان خارجاً عن لغتها. وكتاب الله الذي أنزله على محمد بلسانها، فليس لأحد أن يتلوه إلا بالأفصح من كلامها، وإن كان معروفاً بعض ذلك من لغة بعضها، فكيف بما ليس بمعروف من لغة حي ولا قبيلة منها، وإنما هو دعوى لا تثبت بها حجة ولا صحة.
قوله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته" قال أبو سعيد الخدري وابن عباس رضي الله عنهما: فضل الله القرآن، ورحمته الإسلام. وعنهما أيضاً: فضل الله القرآن، ورحمته أن جعلكم من أهله، وعن الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة: فضل الله الإيمان، ورحمته القرآن، على العكس من القول الأول. وقيل: غير هذا. "فبذلك فليفرحوا" إشارة إلى الفضل والرحمة، والعرب تأتي بذلك للواحد والاثنين والجمع.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ فبذلك فلتفرحوا بالتاء، وهي قراءة يزيد بن القعقاع ويعقوب وغيرهما، وفي الحديث.
لتأخذوا مصافكم. والفرح لذة في القلب بإدراك المحبوب. وقد ذم الفرح في مواضع، كقوله: "لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين" [القصص: 76] وقوله: "إنه لفرح فخور" [هود: 10] ولكنه مطلق. فإذا قيد الفرح لم يكن ذماً، لقوله، "فرحين بما آتاهم الله من فضله" [آل عمران: 170] وههنا قال تبارك وتعالى: "فبذلك فليفرحوا" أي بالقرآن والإسلام فليفرحوا، فقيد. قال هارون: وفي حرف أبي فبذلك فافرحوا. قال النحاس: سبيل الأمر أن يكون باللام ليكون معه حرف جازم كما أن مع النهي حرفاً، إلا أنهم يحذفون من الأمر للمخاطب استغناء بمخاطبته، وربما جاءوا به على الأصل، منه "فبذلك فليفرحوا". "هو خير مما يجمعون" يعني في الدنيا. وقراءة العامة بالياء في الفعلين، وروي عن ابن عامر أنه قرأ فليفرحوا بالياء تجمعون بالتاء، خطاباً للكافرين. وروي عن الحسن أنه قرأ بالتاء في الأول، و يجمعون بالياء على العكس. وروى أبان عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من هداه الله للإسلام وعلمه القرآن ثم شكا الفاقة كتب الله الفقر بين عينيه إلى يوم تلقاه -ثم تلا- "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"".
يقول تعالى ممتناً على خلقه بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريم: "يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم" أي زاجر عن الفواحش "وشفاء لما في الصدور" أي من الشبه والشكوك وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس, وهدى ورحمة أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى, وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه, كقوله تعالى: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً" وقوله: "قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء" الاية, وقوله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا" أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا, فإنه أولى ما يفرحون به "هو خير مما يجمعون" أي من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة, كما قال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الاية, وذكر بسنده عن بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو, سمعت أيفع بن عبد الكلاعي يقول: لما قدم خراج العراق إلى عمر رضي الله عنه, خرج عمر ومولى له فجعل عمر يعد الإبل فإذا هي أكثر من ذلك, فجعل عمر يقول الحمد لله تعالى, ويقول مولاه هذا والله من فضل الله ورحمته, فقال عمر: كذبت ليس هذا, هو الذي يقول الله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته" الاية, وهذا مما يجمعون, وقد أسنده الحافظ أبو القاسم الطبراني, فرواه عن أبي زرعة الدمشقي عن حيوة بن شريح عن بقية فذكره.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل الخطاب معه بعد خطابه للناس على العموم، فقال: 58- "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا" المراد بالفضل من الله سبحانه: هو تفضله على عباده في الآجل والعاجل بما لا يحيط به الحصر، والرحمة: رحمته لهم. وروي عن ابن عباس أنه قال فضل الله: القرآن، ورحمته: الإسلام. وروي عن الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة أن فضل الله: الإيمان، ورحمته: القرآن. والأولى: حمل الفضل والرحمة على العموم، ويدخل في ذلك ما في القرآن منهما دخولاً أولياً، وأصل الكلام: قل بفضل الله وبرحمته فليفرحوا، ثم حذف هذا الفعل لدلالة الثاني في قوله: "فبذلك فليفرحوا" عليه، قيل: والفاء في هذا الفعل المحذوف داخلة في جواب شرط مقدر كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فليخصوا فضل الله ورحمته بالفرح. وتكرير الباء في برحمته للدلالة على أن كل واحد من الفضل والرحمة سبب مستقل في الفرح، والفرح: هو اللذة في القلب بسبب إدراك المطلوب، وقد ذم الله سبحانه الفرح في مواطن كقوله: "لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين" وجوزه في قوله: "فرحين بما آتاهم الله من فضله" وكما في هذه الآية، ويجوز أن تتعلق الباء في "بفضل الله وبرحمته" بقوله: "جاءتك"، والتقدير: جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته فبذلك: أي فبمجيئها فليفرحوا، وقرأ يزيد بن القعقاع ويعقوب فلتفرحوا بالفوقية، وقرأ الجمهور بالتحتية، والضمير في هو خير راجع إلى المذكور من الفضل والرحمة، أو إلى المجيء على الوجه الثاني، أو إلى اسم الإشارة في قوله: "فبذلك" والمعنى: أن هذا خير لهم مما يجمعونه من حطام الدنيا. وقد قرئ بالتاء الفوقية في "يجمعون" مطابقة للقراءة بها في " ولا تفرحوا ". وقد تقرر في العربية أن لام الأمر تحذف مع الخطاب إلا في لغة قليلة جاءت هذه القراءة عليها، وقرأ الجمهور بالمثناة التحتية في يجمعون كما قرأوا في "فليفرحوا". وروي عن ابن عامر أنه قرأ بالفوقية في "يجمعون"، والتحتية في " فليفرحوا ".
وقد أخرج الطبراني وأبو الشيخ عن أبي الأحوص قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: إن أخي يشتكي بطنه، فوصف له الخمر، فقال: سبحانه الله! ما جعل الله في رجس شفاء، إنما الشفاء في شيء من القرآن والعسل، فهما شفاء لما في الصدور وشفاء للناس. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال: "إن الله جعل القرآن شفاء لما في الصدور، ولم يجعله شفاء لأمراضكم". وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتكي صدري، فقال:إقرأ القرآن، يقول الله: شفاء لما في الصدور". وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن واثلة بن الأسقع "أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجع حلقه قال: عليك بقراءة القرآن والعسل، فالقرآن شفاء لما في الصدور، والعسل شفاء من كل داء". وأخرج أبو داود والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتاء يعني الفوقية، وقد روي نحو هذا من غير هذه الطريق. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل بفضل الله وبرحمته" قال: "بفضل الله القرآن، وبرحمته أن جعلكم من أهله". وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء مثله من قوله. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري مثله. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال: بكتاب الله وبالإسلام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عنه قال: فضله الإسلام، ورحمته القرآن. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عنه أيضاً قال: بفضل الله القرآن، وبرحمته حين جعلهم من أهله. وقد روي عن جماعة من التابعين نحو هذه الروايات المتقدمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس هو خير مما يجمعون من الأموال والحرث والأنعام.
58-قوله تعالى:"قل بفضل الله وبرحمته"، قال مجاهد وقتادة: فضل الله: الإيمان، ورحمته: القرآن.
وقال أبو سعيد الخدري: فضل الله القرآن، ورحمته أن جعلنا من أهله.
وقال ابن عمر: فضل الله: الإسلام، ورحمته: تزيينه في القلب.
وقال خالد بن معدان: فضل الله: الإسلام، ورحمته: السنن.
وقيل: فضل الله: الإيمان، ورحمته: الجنة.
"فبذلك فليفرحوا"، أي: ليفرح المؤمنون أن جعلهم الله من أهله، "هو خير مما يجمعون"، أي: مما يجمعه الكفار من الأموال. وقيل: كلاهما خبر عن الكفار.
وقرأ أبو جعفر وابن عامر: "فليفرحوا" بالياء، و تجمعون بالتاء، وقرأ يعقوب كلاهما بالتاء مختلف عنه خطابا للمؤمنين.
58."قل بفضل الله وبرحمته"بإنزال القرآن، والباء متعلقة بفعل يفسره قوله:"فبذلك فليفرحوا"فإن اسم الإشارة بمنزلة الضمير تقديره بفضل الله وبرحمته فليعتنوا أو فليفرحوا فبذلك فليفرحوا ،وفائدة ذلك التكرير التأكيد والبيان بعد الإجمال وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح أو بفعل دل عليه"قد جاءتكم"، وذلك إشارة إلى مصدره أي فبمجيئها فليفرحوا والفاء بمعنى الشرط كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فيهما فليفرحوا أو للربط بما قبلها،، والدلالة على أن مجيء الكتاب الجامع بين هذه الصفات موجب للفرح وتكريرها للتأكيد كقوله:
وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعــي
وعن يعقوب(فلتفرحوا)بالتاء على الأصل المرفوض ،وقد روي مرفوعا ويؤيده أنه قرء (فافرحوا)."هو خير مما يجمعون"من حطام الدنيا فإنها إلى الزوال قريب وهو ضمير ذلك .وقرأ ابن عامر تجمعون بالتاء على معنى فيذلك فليفرح المؤمنون فهو خير مما تجمعونه أيها المخاطبون.
58. Say: In the bounty of Allah and in His mercy: therein let them rejoice. It is better than what they hoard.
58 - Say: in the bounty of God. and in his mercy, in that let them rejoice: that is better than the (wealth) they hoard.